منذ الوهلة الأولى لانطلاق مؤتمر الحوار الوطني وأنا اتابع بشوق كلمات القوى المشاركة عسى أن تكون تركت التفكير المظلم والسوداوي الماضي وفتحت صفحة جديدة حاملة مشروعاً وطنياً يحقق ما يمكن تحقيقه من طموحات وتطلعات أبناء اليمن ، تابعت عسى أن يخيب ظني وأجد هذه القوى تتحدث بحب وإخلاص عن مستقبل وطن غيبوه في دهاليز السياسة ومطابخها تاركةً خلفها عقلية التقاسم والمحاصصة لمقدرات وخيرات البلد شماله وجنوبه . ومع سياسة الإقصاء للكثير من مكونات الساحة اليمنية من المشاركة في الحوار وبالأخص شريحة الشباب الذين تعاملت معهم هذه القوى كوقود تدفئة وطريق معبد لتحقيق المشروع الحزبي والمناطقي على حساب المشروع الثوري والوطني الكبير فقد غلب على كلمات هذه القوى المصلحة البحتة للحزب أو المذهب ..إلخ ولم يكن للوطن الجريح بأفعالهم الدنيئة في السابق مساحة في عقليات وتفكير المتحاورين وإن وجدت بعض المصطلحات الوطنية بهدف التطعيم ولفت الأنظار عن مشاريعهم الخفية التي يحملونها في محاولة لفرضها كأمر واقع يجب التسليم به . ما يمكن قوله الآن أنه من المعيب والمخزي أن ينتج الاستبداد نفسه مرة أخرى وأن يرسم مستقبل اليمن وفق توجيهات خارجية بحتة فأغلب المتحاورين هم جزء لا يتجزأ من نظام استبدادي مظلم خرج اليمنيون لإسقاطه في ثورة 2011م ولم يكن لينتج نفسه لولا مساعدة قوى اعتبرت نفسها جزاً من الحراك الثوري وهي منه براء ، ساهمت في إعادة شرعية النظام لتستعيد معه دورتها الدموية لمواصلة الطريق الإقصائي وتكريس ثقافة التقاسم والمحاصصة وان كان هناك بعض الوطنيين في الحوار فهو من اجل التطعيم لا غير . ومن هنا أجزم أن الحوار الوطني اليوم مهدد بالانحلال والتلاشي خاصةً بعد أن رأت بعض القوى أن التيار يسير في الاتجاه المعاكس لمخططاتها الضيقة والأحادية ، مما يحتم العمل على مؤتمر حوار شعبي يعمل لتصحيح الانحراف لدى مؤتمر الحوار الحالي ويعمل جاهداً على تصويب مسار هذه القوى بما يحقق الدولة اليمنية ووحدة الأرض والانسان وإسقاط المشاريع التي تستهدف الأرض والعقد الاجتماعي الواحد وتعزز من النفوذ الخارجي الغربي المتطرف الذي لا يعنيه سوى مصلحته وتنفيذ مشروعه في تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ.