هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    ترامب يعلن تنفيذ عدوان أمريكي على 3 مواقع نووية في إيران    التلفزيون الايراني يعلن عن هجوم امريكي على منشآت نووية واسرائيل تتحدث عن تنسيق وضربة قوية    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    ترامب يعلق مجددا على استهداف إيران    الدفاعات الإيرانية تدمر 12 طائرة مسيرة صهيونية في همدان    بتواطؤ حوثي.. مسلحون يحرقون منزلاً في محافظة إب بعد نهبه    الحرس الثوري يطلق الموجة 19 من الطائرات الانتحارية نحو الكيان    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    الرزامي يهاجم حكومة الرهوي: الركود يضرب الاسواق ومعاناة الناس تتفاقم وانتم جزء من العدوان    ما وراء حرائق الجبال!!    تدشين الدورة الآسيوية لمدربي كرة القدم المستوى "C" بالمكلا    محافظ تعز يبحث مع مسؤول أممي أزمة المياه والحلول الممكنة    حملة لازالة البساطين والعشوائيات في باب اليمن    برعاية طارق صالح.. الإعلان عن المخيم المجاني الثاني لجراحة حول العين في المخاء    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 55,908 شهيدا و 131,138 مصابا    نجم مانشستر سيتي في طريقه للدوري التركي    الرهوي يشيد بجهود وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية    الطوارئ الإيرانية: إصابة 14 من طواقم الإسعاف وتضرر 7 سيارات جراء العدوان الصهيوني    إحباط عملية تفجير غربي إيران واعتقال عنصر مرتبط بالموساد    ليفاندوفسكي يحدد وجهته بعد حقبة برشلونة    وزيرالكهرباء ومحافظ المحويت يناقشان أوضاع مشاريع المياه والصرف الصحي    تشيلسي يقترب من إبرام صفقة مؤجلة    الشغدري يتفقّد مشاريع خدمية في دمت بالضالع    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 21 يونيو/حزيران 2025    الترجي التونسي يهدي العرب أول انتصار في كأس العالم للأندية 2025    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    بين حروف الرازحي.. رحلة الى عمق النفس اليمني    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    البحسني يكشف عن مشروع صندوق حضرموت الإنمائي    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    مليشيا درع الوطن تنهب المسافرين بالوديعة    علي ناصر يؤكد دوام تآمره على الجنوب    توقعات أوروبية باستمرار الجفاف باليمن حتى منتصف يوليو    هجوم إيراني فجر السبت والنيران تتصاعد في موقع وسط تل أبيب    نكبة الجنوب بدأت من "جهل السياسيين" ومطامع "علي ناصر" برئاسة اليمن الكبير    بقيادة كين وأوليسيه.. البايرن يحلق إلى ثمن النهائي    الأحوال الجوية تعطل 4 مواجهات مونديالية    حشوام يستقبل الأولمبي اليمني في معسر مأرب    صنعاء .. موظفو اليمنية يكشفون عن فساد في الشركة ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة جحاف    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    الأمم المتحدة تقلّص خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تراجع كبير في التمويل    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    فعاليتان للإصلاحية المركزية ومركز الحجز الاحتياطي بإب بيوم الولاية    جماعة الإخوان الوجه الحقيقي للفوضى والتطرف.. مقاولو خراب وتشييد مقابر    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    الصبر مختبر العظمة    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن والتأجج بين الأمل بالحوار واليأس من الواقع المزري
نشر في الوسط يوم 24 - 12 - 2013

لعلنا، بادئ ذي بدء، بحاجة إلى التأكيد على حقيقة بأنه ما من يمني مخلص إلا ويتمنى لبلده الخير والأمن والأمان والتقدم والازهار، وإنما ينشأ التباين والاختلاف بين الافراد المنشغلين بالهم الوطني العام والقوى والكيانات والمكونات السياسية والاجتماعية الوطنية في الرؤى والبرامج والمعالجات، إما بفعل زوايا رؤية كل منهم إزاء مشكلات الواقع وأزماته وأمراضه، أو بسبب حسابات ومصالح وارتباطات وولاءات البعض الآخر، أو رغبة البعض الثالث في الهيمنة والاستئثار بالسلطة والثروة والقوة على حساب تهميش أو إقصاء الآخرين، حيث تصبح تلك التباينات والاختلافات في الرؤى والمصالح والولاءات والارتباطات مهدد ومقوضة لأمن واستقرار ووحدة النسيج الوطني للبلاد ومقومات وجودها وكيانها السياسي، إذا غيبت أو انعدمت عقلية الوفاق والتوافق والتعايش المشترك بين الجميع على قاعدة المشتركات الوطنية العامة المرضية للجميع والناتجة عن التنازلات الموضوعية الضرورية من قبل الجميع لصالح الوطن وحاضره ومستقبله .. وهي عقلية وقاعدة أساسية لا يمكن تصور إمكانية نشوء وقيام النظم السياسية( الدول) القوية المستقرة والحضارات الإنسانية المزدهرة إلا بهما ومن خلالهما، حيث أنهما تشكلان ضرورة حتمية وحياتية لكافة الشعوب والأمم في كل مراحل مسيرتها الوطنية عامة، وخلال فترات الاضطراب والتحولات الحاسمة والمخاطر الجسيمة التي تعترضها خاصة، كوسيلة ناجحة وفعاله للمواجهة والنهوض من الكبوات والإنطلاق مجددا نحو آفاق المستقبل الأفضل الأكثر إشراقا ومنعة وعزة..
وكأي بلد من بلدان الدنيا، بلادنا اليمن، التي شهدت مسيرتها الوطنية ، منذ سنوات عديدة خلت، سلسلة متصاعدة من الانتكاسات والتراجعات وانتشار مظاهر الفوضى والانحلال والنكوص عن المشروع الوطني النهضوي بفعل فساد وتخلف سلطة الحكم وسوء إدارتها وتسييرها لشئون البلاد والعباد، وصولا بها إلى حافة الهاوية والانهيار على مختلف الصعد والمجالات، من فساد سرطاني مستشر وواسع النطاق والعمق، والانتشار المريع لحالات الفقر والإفقار المنظم والمتعمد، والتدهور المخيف في مستوى الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية ، وغياب الأمن والأمان والطمأنينه العامة لدى الغالبية الساحقة من المواطنين، وإفراغ المشروع الوطني النهضوي الشامل من كل مضامينه وغاياته الوطنية وتحويله إلى مشروع أسري عائلي مناطقي متخلف وبائس، إقول إن بلادنا اليمن، وهذا حالها اليوم ، وقد وصلت إلى مفترق حاسم بين أن تكون أو لا تكون، هي بأمس الحاجة إلى إرادة صلبة وراسخة بضرورة النهوض والانطلاق، مجددا نحو إعادة بناء حياتها ومستقبلها من جديد ، متسلحة بوحدة وطنية شعبية، تجمع وتعبئ وتحشد كل القوى والامكانيات والطاقات الكامنة والهائلة وفقا لعقلية وقاعدة الوفاق والتوافق والعيش المشترك ،ليس مع مراكز القوى والنفوذ التقليدية المتخلفة التي أثبتت فشلها التاريخي ودمرت مقومات وأسس دولتنا الوطنية ومشروعها الإيجابي المشرق وأوصلت البلاد إلى مرحلة الانهيار الشامل ، وإنما مع قوى الشعب الجديدة والحية صاحبة المصلحة الحقيقية في الإصلاح والتغيير الشامل ، حتى لا تكرر تجربة الالتفاف على ثورتها الشعبية السلمية العظيمة وإجهاض مسيرتها وإحباط مدها التغييري الثوري الهادر، وعلى شعبنا اليمني أن يدرك ، تمام الإدراك، بأن عملية نهوضه وانطلاقه الحضاري الثوري الشامل والملح اليوم والضروري والحتمي لا يمكن أن يتحقق ويبلغ أهدافه وغاياته كاملة إلا بالاعتماد والاستناد إلى قيادة وإدارة وتوجيه القوى الثورية الشبابية الحية والنقية والمؤمنة بالتغيير الشامل و الجذري والممتلئة إرادة وحماسا ، والمستعدة للبذل والعطاء والتضحية بلا حدود وصولا إلى الانتصار الحاسم ..
إن القيادات السياسية للأحزاب والقوى العسكرية والقبلية التي قفزت على الثورة الشعبية السلمية العظيمة ثورة فبراير 2011م وركبت موجتها وإفرغتها من محتواها ومضامينها الثورية الشاملة واستغلتها لعقد صفقة صلح باهتة بائسة مع السلطة الحاكمة الأسرية العشائرية الفاسدة والمتخلفة التي قامت الثورة لإسقاطها وإقامة دولتنا الوطنية الحديثة الديمقراطية الجديدة على أنقاضها، قد وصلت إلى طريق مسدود وأثبتت عجزها وفشلها وعقم رؤاها وبرنامجها في إحداث التغيير الجذري والشامل، الذي قدم الشعب من أجله تضحيات جسيمة، واستطاعت السلطة الحاكمة المتخلفة، برموزها وقواها ومؤسساتها القائمة، أن تجعل منها مجرد قوى تابعة ورجع صدى ومقيدة الحركة بقراراتها ومواقفها ونفوذها وتأثيراتها، التي اكتسبت شرعية متجددة منحتها لها صفقة الصلح السياسي الباهتة والبائسة، وأدخلتها ، وأدخلت البلاد معها، في دوامة عاصفة من الفوضى والشلل والاختلالات الأمنية ومرارة الأحوال الاقتصادية والمعيشية الرهيبة على نحو هو اسوأ مما كانت عليه قبل الثورة الشعبية، ولعل ما يدور داخل أروقة وأعمال ومناقشات (( مؤتمر الحوار الوطني)) إلا أحد الأدلة والبراهين على ما نذهب إليه هنا، من حيث اضطراب أعماله وتباين رؤى مكوناته ومواقفهم والانسحابات المتتالية لبعض مكوناته، وخاصة حول(( القضية الجنوبية)) و(( مشكلة صعدة)) منظورا إلى كل ذلك تفاقم واتساع نطاق المواجهات المسلحة في محافظات، (( صعدة)) و((عمران)) و((حجه)) وغيرها وسط تجييش وحشد طائفي مذهبي مناطقي من مختلف المحافظات الشمالية والجنوبية معا! وقيام بعض مراكز القوى المتنفذة داخل الحكم بتنفذ تلك المواجهات وتأجج نيرانها بالأسلحة والأموال، وما شهدته مؤخرا محافظة(( حضرموت))خاصة وسائر المحافظات الجنوبية من (( هبة شعبية)) واسعة وقوية عنوانها الرئيسي(( استعادة دولة الجنوب)) !وهي أحداث فرضت تحريك جمود التوصل إلى حل للقضية الجنوبية بفعل فشل المتحاورين في (( مؤتمر الحوار الوطني)) ولجانه وعجزهم عن التوصل إلى حل، وكالعادة، تطلب الامر إعطاء(( تحكيم قبلي)) من مكونات الحوار للمبعوث الأممي الشيخ جمال بن عمر للفصل أو الحكم في موضوع الخلاف، والحقيقة أن الأخير لم يقصر فيما طلب منه حيث بدا أنه بذل جهودا مضنية وخرج بوثيقة طويلة وشديدة التفصيل والتعقيد معا لحل القضية الجنوبية وقضية أقاليم الدولة الاتحادية اليمنية الجديدة، وهما محل اختلاف المتحاورين المستحكم ، والواقع أن وثيقة الشيخ جمال بن عمر الطويلة جدا وشديدة التفصيل والتعقيد، فيما استطعت استخلاصه وفهمه منها، اتسمت ببراعة ملحوظة، عبر متاهات ودهاليز التفضيل البالغ والصياغات الدقيقة للالفاظ، في تقويم القضيتين، القضية الجنوبية وأقاليم الدولة وترحيل الحسم فيهما لمراحل قادمة ، وتمكنت، باستدعاء المنهج(( السوفسطائي)) من إيراد وتأكيد الشئ ونقيضه في آن معا! ولست مزمع،هاهنا، على الدخول في مناقشة تحليلية تفصيلية للوثيقة تحاشيا للتطويل ، خاصة والأخ والصديق العزيز جمال عامر يعتب علي التطويل في المقالات، وهو محق في ذلك، ولكني ساكتفي بالإشارة إلى بعض النقاط الواردة فقط على سبيل المثال..
فالوثيقة تؤكد على أن (( الدولة اليمنية الجديدة اتحادية مؤلفة من أقاليم عدة تشكل من المحافظات الموجودة وغيرها. لكنها تعود في فقرة أخرى لاحقة إلى القول: (( تدرس الالية، بحسن نية، الاقتراحات المقدمة في اللجنة المصغرة لفريق القضية الجنوبية لجنة ( 8+8) حول دولة اتحادية من خمسة أقاليم أو ستة أو أكثر ودولة اتحادية من إقليمين، وأي اقتراح بديل يراعي المعايير، والمقصود بالإقليمين هنا الجنوب والشمال على ماكانا عليه قبل الوحدة! وعلى جانب آخر تقول الوثيقة(( وفيها نلتزم حل القضية الجنوبية في إطار دولة موحدة ،على أساس اتحادي وديمقراطي جديد وفق مبادئ دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية))، وتؤكد في فقرة أخرى (( يصاغ دستور جديد يقضي أن الإرادة الشعبية والمساواة والتزام أعلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان أساس سلطة وشرعية الدولة الاتحادية على جميع المستويات)) لكن الوثيقة تنص، بعد ذلك بالقول (( خلال الدورة الانتخابية الأولى، بعد تبني الدستور الاتحادي، يمثل الجنوب بنسبة خمسين في المائة في كافة الهياكل القيادية في الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بما فيها الجيش والأمن، التي يتم منها التعيين منها بموجب قرارات يصدرها رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء ، ويمثل الجنوب كذلك بنسبة خمسين في المائة في مجلس النواب،ثم تاتي الفقرة: ويجب معالجة عدم المساواة في الخدمة المدنية والقوات المسلحة والأمن على المستوى المركزي عبر قوانين ومؤسسات وبما يضمن إلغاء التمييز وتكأفؤ الفرص لجميع اليمنيين))!! وتواصل في فقرة أخرى (( ومن أجل معالجة تفاوت التمثيل في التوظيف يكون للجنوبيين أولوية في شغل الوظائف الشاغرة والتأهيل والتدريب في الخدمة المدنية والقوات المسلحة والأمن))! وتعود الوثيقة بعد ذلك إلى التأكيد: ((لما بعد الدورة الانتخابية الأولى، ينص الدستور الاتحادي على اليات تنفيذية وقضائية وبرلمانية من أجل حماية المصالح الحيوية للجنوب، وتمثيلا خاصة يقوم على (معادلة المساحة والسكان) وعدم إمكان إجراء تعديل في الدستور يخص الجنوب أو يغير شكل الدولة إلا عبر موافقة أغلبية ممثلي الجنوب في مجلس النواب))! اكتفي بايراد الاقتباسات ، أعلاه، كأمثلة محدودة، من بين كثير من الامثلة، التي توضح المنهج غير البناء الذي اعتمدته الوثيقة في سلق وتنويم مشكلات وأزمات جوهرية حساسة وترحيلها، مع كل وجهات النظر المتناقضة إزاءها إلى مستقبل يكتنفه الشك والغموض، وتأكيد الشيئ ونقيضه في آن معا لاسترضاء المكونات المتباينة، هذا من جانب، ومن جانب آخر وقوعها من حيث علمت أم لم تعلم في تصادم مع الأسس والمعايير والقوانين والمواثيق الدولية الخاصة بالحقوق وخاصة الأسس والمعايير المتعارف عليها، عالميا، في بناء الدولة وطبيعة وظائفها وقواعد تنظيم علاقاتها ، وعلى وجه الخصوص انزلاقها إلى اعتماد قواعد وأحكام تكرس أو تصيغ الدولة بسمات عدم المساواة والتمييز العنصري والجهوي بين مواطنيها في الحقوق والواجبات ، واعتماد معايير في كيفية وأسس بناء الدولة، لم سيبق أن قالت أو عملت بها أية دولة من الدول الحديثة في العالم أجمع على نحو ما أكدته الوثيقة بالقول: ( وتمثيلا، والمقصود هنا الجنوب ، يقوم على معادلة المساحة والسكان)) وقصر إمكانية تعديل دستور البلد على جزء من مواطني الدولة : (( وعدم إمكان إجراء تعديل في الدستور يخص الجنوب او يغير شكل الدولة)) إلا عبر موافقة أغلبية ممثلي الجنوب في مجلس النواب( وليس اغلبية اعضاء البرلمان ككل)! وبهذا ،وغيره، تكون الوثيقة قد ناقضت ونسفت كل المواثيق والمعاهدات الدولية والقانون الإنساني الدولي برمته، رغم أن مصممها يمثل الأمم المتحدة!!
والواقع أن وثيقة المبعوث الأممي في حل القضية الجنوبية ومسألة الأقاليم مليئة بالشراك المفخخة والألغام الموقوته، وهي من حيث أرادت تبريد وتسكين مشكلة قائمة وخطيرة، فإنها ستنفجر حتما مشاكل مقبلة أكبر حجما وأشد خطورة وهولا..
إن نقطة ضعف الوثيقة الرئيسية يكمن في كونها لم تستطع، أو حتى تقترب من إدراك طبيعة وواقع وأبعاد القضية الجنوبية وأن أكثر من تسعين في المائة من مواطني الجنوب مجمعون ومصممون على هدف واحد وهو استعادة دولتهم ورفضهم القبول بأي شكل من أشكال دولة الوحدة للأسف الشديد، وأن الحل الأمثل والأسلم، ولعله الوحيد، العودة إلى شعب الجنوب واستفتائه استفتاء حرا نزيها شفافا، ليقرر مصيره بين البقاء ضمن دولة يمنية اتحادية واحدة، أو استعادة دولته من جديد، وعلينا جميعا احترام وتنفيذ رغبته وإرادته الحرة السلمية الديمقراطية وبدون هذا السبيل فنحن ، فيما يبدو، مقبلون على مزيد من سفك الدماء وإزهاق الأرواح وتدمير بلادنا، شمالا وجنوبا، بأيدينا وبرؤانا الجامدة المتصلبة وعنادنا الأحمق البليد.. تلك هي المشكلة.. وذاك هو الحل أمام كل الذين يستشعرون جسامة المسئولية وضغط الضمير والحرص على سلامة حاضرنا ومستقبل أجيالنا سواء أكان الجنوب جنوبا والشمال شمالا أو كان الشمال والجنوب يمنا واحدا، فالمستقبل افاقه رحبة وواسعة ومشبعة بخيارات وبدائل ورؤى أكثر إيجابية وبها تفوق رؤانا الحالية وعقلياتنا الراهنة بما لا يقارن، فلنحفظ ما يبقى لنا الحاضر أقل الما وسوداوية عسى أجيالنا القادمة تشيد صروح المستقبل على قواعد الإخاء والأواصر العميقة والسلام والحق والعدل والتقدم ليس ليمننا فحسب بل ولوطننا العربي الكبير ..
والله تعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل
عبدالله سلام الحكيمي
بريطانيا شيفلد 23ديسمبر 2013م
لعلنا، بادئ ذي بدء، بحاجة إلى التأكيد على حقيقة بأنه ما من يمني مخلص إلا ويتمنى لبلده الخير والأمن والأمان والتقدم والازهار، وإنما ينشأ التباين والاختلاف بين الافراد المنشغلين بالهم الوطني العام والقوى والكيانات والمكونات السياسية والاجتماعية الوطنية في الرؤى والبرامج والمعالجات، إما بفعل زوايا رؤية كل منهم إزاء مشكلات الواقع وأزماته وأمراضه، أو بسبب حسابات ومصالح وارتباطات وولاءات البعض الآخر، أو رغبة البعض الثالث في الهيمنة والاستئثار بالسلطة والثروة والقوة على حساب تهميش أو إقصاء الآخرين، حيث تصبح تلك التباينات والاختلافات في الرؤى والمصالح والولاءات والارتباطات مهدد ومقوضة لأمن واستقرار ووحدة النسيج الوطني للبلاد ومقومات وجودها وكيانها السياسي، إذا غيبت أو انعدمت عقلية الوفاق والتوافق والتعايش المشترك بين الجميع على قاعدة المشتركات الوطنية العامة المرضية للجميع والناتجة عن التنازلات الموضوعية الضرورية من قبل الجميع لصالح الوطن وحاضره ومستقبله .. وهي عقلية وقاعدة أساسية لا يمكن تصور إمكانية نشوء وقيام النظم السياسية( الدول) القوية المستقرة والحضارات الإنسانية المزدهرة إلا بهما ومن خلالهما، حيث أنهما تشكلان ضرورة حتمية وحياتية لكافة الشعوب والأمم في كل مراحل مسيرتها الوطنية عامة، وخلال فترات الاضطراب والتحولات الحاسمة والمخاطر الجسيمة التي تعترضها خاصة، كوسيلة ناجحة وفعاله للمواجهة والنهوض من الكبوات والإنطلاق مجددا نحو آفاق المستقبل الأفضل الأكثر إشراقا ومنعة وعزة..
وكأي بلد من بلدان الدنيا، بلادنا اليمن، التي شهدت مسيرتها الوطنية ، منذ سنوات عديدة خلت، سلسلة متصاعدة من الانتكاسات والتراجعات وانتشار مظاهر الفوضى والانحلال والنكوص عن المشروع الوطني النهضوي بفعل فساد وتخلف سلطة الحكم وسوء إدارتها وتسييرها لشئون البلاد والعباد، وصولا بها إلى حافة الهاوية والانهيار على مختلف الصعد والمجالات، من فساد سرطاني مستشر وواسع النطاق والعمق، والانتشار المريع لحالات الفقر والإفقار المنظم والمتعمد، والتدهور المخيف في مستوى الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية ، وغياب الأمن والأمان والطمأنينه العامة لدى الغالبية الساحقة من المواطنين، وإفراغ المشروع الوطني النهضوي الشامل من كل مضامينه وغاياته الوطنية وتحويله إلى مشروع أسري عائلي مناطقي متخلف وبائس، إقول إن بلادنا اليمن، وهذا حالها اليوم ، وقد وصلت إلى مفترق حاسم بين أن تكون أو لا تكون، هي بأمس الحاجة إلى إرادة صلبة وراسخة بضرورة النهوض والانطلاق، مجددا نحو إعادة بناء حياتها ومستقبلها من جديد ، متسلحة بوحدة وطنية شعبية، تجمع وتعبئ وتحشد كل القوى والامكانيات والطاقات الكامنة والهائلة وفقا لعقلية وقاعدة الوفاق والتوافق والعيش المشترك ،ليس مع مراكز القوى والنفوذ التقليدية المتخلفة التي أثبتت فشلها التاريخي ودمرت مقومات وأسس دولتنا الوطنية ومشروعها الإيجابي المشرق وأوصلت البلاد إلى مرحلة الانهيار الشامل ، وإنما مع قوى الشعب الجديدة والحية صاحبة المصلحة الحقيقية في الإصلاح والتغيير الشامل ، حتى لا تكرر تجربة الالتفاف على ثورتها الشعبية السلمية العظيمة وإجهاض مسيرتها وإحباط مدها التغييري الثوري الهادر، وعلى شعبنا اليمني أن يدرك ، تمام الإدراك، بأن عملية نهوضه وانطلاقه الحضاري الثوري الشامل والملح اليوم والضروري والحتمي لا يمكن أن يتحقق ويبلغ أهدافه وغاياته كاملة إلا بالاعتماد والاستناد إلى قيادة وإدارة وتوجيه القوى الثورية الشبابية الحية والنقية والمؤمنة بالتغيير الشامل و الجذري والممتلئة إرادة وحماسا ، والمستعدة للبذل والعطاء والتضحية بلا حدود وصولا إلى الانتصار الحاسم ..
إن القيادات السياسية للأحزاب والقوى العسكرية والقبلية التي قفزت على الثورة الشعبية السلمية العظيمة ثورة فبراير 2011م وركبت موجتها وإفرغتها من محتواها ومضامينها الثورية الشاملة واستغلتها لعقد صفقة صلح باهتة بائسة مع السلطة الحاكمة الأسرية العشائرية الفاسدة والمتخلفة التي قامت الثورة لإسقاطها وإقامة دولتنا الوطنية الحديثة الديمقراطية الجديدة على أنقاضها، قد وصلت إلى طريق مسدود وأثبتت عجزها وفشلها وعقم رؤاها وبرنامجها في إحداث التغيير الجذري والشامل، الذي قدم الشعب من أجله تضحيات جسيمة، واستطاعت السلطة الحاكمة المتخلفة، برموزها وقواها ومؤسساتها القائمة، أن تجعل منها مجرد قوى تابعة ورجع صدى ومقيدة الحركة بقراراتها ومواقفها ونفوذها وتأثيراتها، التي اكتسبت شرعية متجددة منحتها لها صفقة الصلح السياسي الباهتة والبائسة، وأدخلتها ، وأدخلت البلاد معها، في دوامة عاصفة من الفوضى والشلل والاختلالات الأمنية ومرارة الأحوال الاقتصادية والمعيشية الرهيبة على نحو هو اسوأ مما كانت عليه قبل الثورة الشعبية، ولعل ما يدور داخل أروقة وأعمال ومناقشات (( مؤتمر الحوار الوطني)) إلا أحد الأدلة والبراهين على ما نذهب إليه هنا، من حيث اضطراب أعماله وتباين رؤى مكوناته ومواقفهم والانسحابات المتتالية لبعض مكوناته، وخاصة حول(( القضية الجنوبية)) و(( مشكلة صعدة)) منظورا إلى كل ذلك تفاقم واتساع نطاق المواجهات المسلحة في محافظات، (( صعدة)) و((عمران)) و((حجه)) وغيرها وسط تجييش وحشد طائفي مذهبي مناطقي من مختلف المحافظات الشمالية والجنوبية معا! وقيام بعض مراكز القوى المتنفذة داخل الحكم بتنفذ تلك المواجهات وتأجج نيرانها بالأسلحة والأموال، وما شهدته مؤخرا محافظة(( حضرموت))خاصة وسائر المحافظات الجنوبية من (( هبة شعبية)) واسعة وقوية عنوانها الرئيسي(( استعادة دولة الجنوب)) !وهي أحداث فرضت تحريك جمود التوصل إلى حل للقضية الجنوبية بفعل فشل المتحاورين في (( مؤتمر الحوار الوطني)) ولجانه وعجزهم عن التوصل إلى حل، وكالعادة، تطلب الامر إعطاء(( تحكيم قبلي)) من مكونات الحوار للمبعوث الأممي الشيخ جمال بن عمر للفصل أو الحكم في موضوع الخلاف، والحقيقة أن الأخير لم يقصر فيما طلب منه حيث بدا أنه بذل جهودا مضنية وخرج بوثيقة طويلة وشديدة التفصيل والتعقيد معا لحل القضية الجنوبية وقضية أقاليم الدولة الاتحادية اليمنية الجديدة، وهما محل اختلاف المتحاورين المستحكم ، والواقع أن وثيقة الشيخ جمال بن عمر الطويلة جدا وشديدة التفصيل والتعقيد، فيما استطعت استخلاصه وفهمه منها، اتسمت ببراعة ملحوظة، عبر متاهات ودهاليز التفضيل البالغ والصياغات الدقيقة للالفاظ، في تقويم القضيتين، القضية الجنوبية وأقاليم الدولة وترحيل الحسم فيهما لمراحل قادمة ، وتمكنت، باستدعاء المنهج(( السوفسطائي)) من إيراد وتأكيد الشئ ونقيضه في آن معا! ولست مزمع،هاهنا، على الدخول في مناقشة تحليلية تفصيلية للوثيقة تحاشيا للتطويل ، خاصة والأخ والصديق العزيز جمال عامر يعتب علي التطويل في المقالات، وهو محق في ذلك، ولكني ساكتفي بالإشارة إلى بعض النقاط الواردة فقط على سبيل المثال..
فالوثيقة تؤكد على أن (( الدولة اليمنية الجديدة اتحادية مؤلفة من أقاليم عدة تشكل من المحافظات الموجودة وغيرها. لكنها تعود في فقرة أخرى لاحقة إلى القول: (( تدرس الالية، بحسن نية، الاقتراحات المقدمة في اللجنة المصغرة لفريق القضية الجنوبية لجنة ( 8+8) حول دولة اتحادية من خمسة أقاليم أو ستة أو أكثر ودولة اتحادية من إقليمين، وأي اقتراح بديل يراعي المعايير، والمقصود بالإقليمين هنا الجنوب والشمال على ماكانا عليه قبل الوحدة! وعلى جانب آخر تقول الوثيقة(( وفيها نلتزم حل القضية الجنوبية في إطار دولة موحدة ،على أساس اتحادي وديمقراطي جديد وفق مبادئ دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية))، وتؤكد في فقرة أخرى (( يصاغ دستور جديد يقضي أن الإرادة الشعبية والمساواة والتزام أعلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان أساس سلطة وشرعية الدولة الاتحادية على جميع المستويات)) لكن الوثيقة تنص، بعد ذلك بالقول (( خلال الدورة الانتخابية الأولى، بعد تبني الدستور الاتحادي، يمثل الجنوب بنسبة خمسين في المائة في كافة الهياكل القيادية في الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بما فيها الجيش والأمن، التي يتم منها التعيين منها بموجب قرارات يصدرها رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء ، ويمثل الجنوب كذلك بنسبة خمسين في المائة في مجلس النواب،ثم تاتي الفقرة: ويجب معالجة عدم المساواة في الخدمة المدنية والقوات المسلحة والأمن على المستوى المركزي عبر قوانين ومؤسسات وبما يضمن إلغاء التمييز وتكأفؤ الفرص لجميع اليمنيين))!! وتواصل في فقرة أخرى (( ومن أجل معالجة تفاوت التمثيل في التوظيف يكون للجنوبيين أولوية في شغل الوظائف الشاغرة والتأهيل والتدريب في الخدمة المدنية والقوات المسلحة والأمن))! وتعود الوثيقة بعد ذلك إلى التأكيد: ((لما بعد الدورة الانتخابية الأولى، ينص الدستور الاتحادي على اليات تنفيذية وقضائية وبرلمانية من أجل حماية المصالح الحيوية للجنوب، وتمثيلا خاصة يقوم على (معادلة المساحة والسكان) وعدم إمكان إجراء تعديل في الدستور يخص الجنوب أو يغير شكل الدولة إلا عبر موافقة أغلبية ممثلي الجنوب في مجلس النواب))! اكتفي بايراد الاقتباسات ، أعلاه، كأمثلة محدودة، من بين كثير من الامثلة، التي توضح المنهج غير البناء الذي اعتمدته الوثيقة في سلق وتنويم مشكلات وأزمات جوهرية حساسة وترحيلها، مع كل وجهات النظر المتناقضة إزاءها إلى مستقبل يكتنفه الشك والغموض، وتأكيد الشيئ ونقيضه في آن معا لاسترضاء المكونات المتباينة، هذا من جانب، ومن جانب آخر وقوعها من حيث علمت أم لم تعلم في تصادم مع الأسس والمعايير والقوانين والمواثيق الدولية الخاصة بالحقوق وخاصة الأسس والمعايير المتعارف عليها، عالميا، في بناء الدولة وطبيعة وظائفها وقواعد تنظيم علاقاتها ، وعلى وجه الخصوص انزلاقها إلى اعتماد قواعد وأحكام تكرس أو تصيغ الدولة بسمات عدم المساواة والتمييز العنصري والجهوي بين مواطنيها في الحقوق والواجبات ، واعتماد معايير في كيفية وأسس بناء الدولة، لم سيبق أن قالت أو عملت بها أية دولة من الدول الحديثة في العالم أجمع على نحو ما أكدته الوثيقة بالقول: ( وتمثيلا، والمقصود هنا الجنوب ، يقوم على معادلة المساحة والسكان)) وقصر إمكانية تعديل دستور البلد على جزء من مواطني الدولة : (( وعدم إمكان إجراء تعديل في الدستور يخص الجنوب او يغير شكل الدولة)) إلا عبر موافقة أغلبية ممثلي الجنوب في مجلس النواب( وليس اغلبية اعضاء البرلمان ككل)! وبهذا ،وغيره، تكون الوثيقة قد ناقضت ونسفت كل المواثيق والمعاهدات الدولية والقانون الإنساني الدولي برمته، رغم أن مصممها يمثل الأمم المتحدة!!
والواقع أن وثيقة المبعوث الأممي في حل القضية الجنوبية ومسألة الأقاليم مليئة بالشراك المفخخة والألغام الموقوته، وهي من حيث أرادت تبريد وتسكين مشكلة قائمة وخطيرة، فإنها ستنفجر حتما مشاكل مقبلة أكبر حجما وأشد خطورة وهولا..
إن نقطة ضعف الوثيقة الرئيسية يكمن في كونها لم تستطع، أو حتى تقترب من إدراك طبيعة وواقع وأبعاد القضية الجنوبية وأن أكثر من تسعين في المائة من مواطني الجنوب مجمعون ومصممون على هدف واحد وهو استعادة دولتهم ورفضهم القبول بأي شكل من أشكال دولة الوحدة للأسف الشديد، وأن الحل الأمثل والأسلم، ولعله الوحيد، العودة إلى شعب الجنوب واستفتائه استفتاء حرا نزيها شفافا، ليقرر مصيره بين البقاء ضمن دولة يمنية اتحادية واحدة، أو استعادة دولته من جديد، وعلينا جميعا احترام وتنفيذ رغبته وإرادته الحرة السلمية الديمقراطية وبدون هذا السبيل فنحن ، فيما يبدو، مقبلون على مزيد من سفك الدماء وإزهاق الأرواح وتدمير بلادنا، شمالا وجنوبا، بأيدينا وبرؤانا الجامدة المتصلبة وعنادنا الأحمق البليد.. تلك هي المشكلة.. وذاك هو الحل أمام كل الذين يستشعرون جسامة المسئولية وضغط الضمير والحرص على سلامة حاضرنا ومستقبل أجيالنا سواء أكان الجنوب جنوبا والشمال شمالا أو كان الشمال والجنوب يمنا واحدا، فالمستقبل افاقه رحبة وواسعة ومشبعة بخيارات وبدائل ورؤى أكثر إيجابية وبها تفوق رؤانا الحالية وعقلياتنا الراهنة بما لا يقارن، فلنحفظ ما يبقى لنا الحاضر أقل الما وسوداوية عسى أجيالنا القادمة تشيد صروح المستقبل على قواعد الإخاء والأواصر العميقة والسلام والحق والعدل والتقدم ليس ليمننا فحسب بل ولوطننا العربي الكبير ..
والله تعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل
عبدالله سلام الحكيمي
بريطانيا شيفلد 23ديسمبر 2013م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.