- الاتحاد الرياضي للشركات في صنعاء يقر برنامج أنشطته للفترة القادمة    انتشال جثة شاب مات غرقا بسد التشليل في ذمار    - ظاهرة غير مسبوقة: حجاج يمنيون يُثيرون استياء جيرانهم والمجتمع.. ما السبب؟*    بنك الكريمي يوضح حول قرار مركزي صنعاء بايقاف التعامل معه    - وزير خارجية صنعاء يلتقي بمسؤول أممي ويطالبه بالاعتراف بحكومة صنعاء \r\n*الأوراق* تنشر عددًا من الأسباب التي    إيران: ارتفاع عدد الشهداء الرياضيين جراء العدوان الصهيوني إلى 32    حزب الله يدين العدوان الأمريكي على إيران    ذمار.. المداني والبخيتي يدشّنان حصاد القمح في مزرعة الأسرة    الأساليب التي يتبعها الإحتلال في حرب الخدمات وهبوط سعر العملة المحلية    وكلاء الغاز في تعز ينفذون مسيرة شاحنات تنديدا باحتجاز مقطوراتهم بلحج    إعادة فتح طريق عقبة ثرة يثير خلافات بين قيادات عسكرية وامنية بأبين    مخاوف أمريكية كبيرة من الانتقام الإيراني    ارتفاع ملحوظ في الكميات المطرية وتوقعات باستمرار الهطول على 10 محافظات    51 شهيدا في غزة بينهم 7 من منتظري المساعدات خلال 24 ساعة    الجيش الإسرائيلي يعلن استعادة ثلاثة جثامين لمختطفين إسرائيليين من غزة    بعد حكمهم لسوريا.. الإرهابيين يفجرون كنسية مار الياس بدمشق    تحت غطاء الحريات.. حلف الهضبة في مواجهة القانون وغضب الرأي العام    اجتماع يناقش أوضاع مشاريع المياه والصرف الصحي في البيضاء    ريال أوفييدو يعود إلى «لاليغا» بعد 24 عاماً    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفيرة بريطانيا ومسؤولي البنك الدولي آخر المستجدات السياسية وأزمة الكهرباء    كهرباء ساحل حضرموت: 200 ميجاوات حجم العجز بتوليد التيار    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الدكتور الأفندي بوفاة شقيقه    "عدن التي أحببتُها" بلا نازحين.!    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    كشف أثري جديد بمصر    إشهار الإطار المرجعي والمهام الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    فئة من الأشخاص عليها تجنب الفراولة    الحديدة و سحرة فرعون    الكثيري يدعو البيئة لتعزيز التنسيق مع المنظمات الدولية    الدولار في عدن 3000    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    أيش ذا يا عم علي.. ليش ذا؟    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (3)    أول موجة إيرانية بعد العدوان الأمريكي    العليمي وبن بريك والمعبقي يصادرون موارد الصناديق الإيرادية الجنوبية    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    السلبية تسيطر على ريفر بليت ومونتيري    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    بتواطؤ حوثي.. مسلحون يحرقون منزلاً في محافظة إب بعد نهبه    الدفاعات الإيرانية تدمر 12 طائرة مسيرة صهيونية في همدان    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    الترجي التونسي يهدي العرب أول انتصار في كأس العالم للأندية 2025    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    البحسني يكشف عن مشروع صندوق حضرموت الإنمائي    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة أدبية في نص (كابوس) للأديب زياد السعودي
نشر في 14 أكتوبر يوم 01 - 07 - 2013


الماء المنهمر من سماءٍ سوداء
ما إن يلامس الارض حتى يتخذ ملامح السبخة المشوبة بالطين
تصاعدات الطين التي تذعن لطرق زخات المطر تبدو مخيفة تتشكل بهلامية
وتنزاح يمنةً ويسرة ، على صغرها كان يراها كمخلوقات غريبة تزجره
بنظرات تحمل أسئلة مرعبة فوق احتمالات شعوره بالسكينة والأمان
طالما أن : المطر / البرد / الطين ...ثالوث يغتصب ذلك الشعور.
يزحف كبقية ليل يتكئ على جذع بلوط مهمل غير آبهٍ بذلك الثالوث
يبحث في محيطه عن لا شيء !!
فهو لا يدري عما يبحث ..
ثمة قوة ما تجبره على البحث في محيطه
على يمينه بقعة اختفت منها تشكلات الطين الهلامية
رغم سقوطها تحت ذات الوابل من المطر
يزحف نحوها يزيح الطين بيديه بهستيريا
ثمة جثة بدأت تظهر أجزاؤها
يتجه إلى موضع رأس الجثة
ينبش .. يزيل الطين
يحفن بعض الماء النظيف
يغسل الوجه المختفي تحت تموهات الطين
ليتعرف أو ليحاول أن يتعرف على هوية صاحب الجثة ..
تتضح المعالم شيئا فشيئا
ليكتشف أنها : جثته هو
يهرب إلى الجذع هلعاً !!!
يستجمع شجاعته
يعود إلى الجثة فلا يجدها فيتساءل من الذي
هرب إلى الجذع هلعاً ؟!!
القراءة:
الفضاء الأول الذي نستقبل فيه النص هو فضاء الموت ( جثة ) عبر استهلالية يفتحنا عليها العنوان ( كابوس)
منذ البداية نحن في فضاء من زاوية رؤية أخرى لا تنتمي إلى مادية الشيء إنها ( تنتمي إلى عالم الحلم) كابوس والكابوس يقطن هذا الفضاء اللامادي غير المحسوس إلا في صورة الذهن الذي تنحى عن الوعي بالأشياء
. ولكن
هذا الكابوس ينفلت من قبضة الحلم، ويمترس حضوره بالقوة وبالفعل على أرضية الواقع.
نقرأ:
(الماء المنهمر من سماءٍ سوداء
ما إن يلامس الارض حتى يتخذ ملامح السبخة المشوبة بالطين )
مفردة (جثة) إذن ستؤثث الخط التصاعدي لنسق ( البناء) بناء عمارة الحكي
ويعلن العنوان المدخل المريب القاتم ، الذي يفتحنا على أفق ثقيل ويشي بالكثير
يهيئنا العنوان ( كابوس) لاستقبال (الجثة )
ولذلك سطرناه بداية فاتحة استقبال وتهيئة لما سيحدث، والمفردة اللغوية المعجمية في هذه القصة مولدة للمعنى، فحين يكون الماء وليد السواد ، فلابد للنهايات أن تكون موتا.
نقرأ:
تصاعدات الطين التي تذعن لطرق زخات المطر ، تبدو مخيفة تتشكل بهلامية
إن الطين يقتات على سوادية الماء المنهمر
وفي تضاد يؤسس معادلة التسلسل الجميل بناء في هذه العمارة ، فالماء يغدو قاتلا ...والماء في الأصل والمألوف والمعروف ، والذي يجب أن يكون الماء مولداً للحياة { وجعلنا من الماء كل شيء حي } قرآن كريم
إذن كيف يمتحي من غير أصله ؟؟ كيف يمحو نفس الحياة ويناصر الموت؟؟
ذكرني هذا بقصيد السياب أنشودة المطر :
أتعلمين أي حزنٍ يبعث المطر؟
وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع؟
بلا انتهاء- كالدم المراق، كالجياع كالحب كالأطفال كالموتى
المطر حزن وماؤه لا يبعث حياة
لذلك نجد الرواي - المتحدث في ضمير القصة (كابوس) لا يحتمل موجة الأسئلة التي تشحنها في قلبه الصغير تلك السحابات لزخات مطر مخيفة..
من حقه أن يخاف هذا المطر ، الذي ينهمر من سماء سوداء ، ومن حق الفؤاد أن لا يأتزر بفرح فالمطر لا ينتمي إلى المطر الذي تنجبه السناء السابعة..
(فؤاد لا تسليه مدام)
نلاحظ تدوير الفكرة بشكل رائع هنا ، حيث سنعود كثيرا إلى بداية الحلقة ، حلقة البناء والبداية.
تتسع الفكرة وتمشي بنا عمقا ثم تعود لتربط أو لنقل بدقة أكثر : تمتح من جوانيات وعمق هذا الماء ف تؤسس للنهاية
( فن القصة القصيرة ، يحتاج إلى قدر كبير من التأمل والتركيز) محمد خضير
إذا كان الشعراء يشربون ويتنفسون الشعر ، فإن الكتابة مع المبدع الزياد في فضاء السرد هنا ، تجعل المتلقي يتنفسها من كل الزوايا وعبر كل النوافذ.
و نتساءل
هل الخوف هو هروب سلبي من واقع معاش تؤسسه لغة ماء سوداء؟ أم مساءلة الذات التي تختار النهاية الموشومة بالردى ؟ أم هو انفصال عن ا الواقع لأجل حياة أفضل وأحسن؟؟
ربما..
فتيمة الموت هنا موظفة بشكل يعطي بطاقة تحرير للذات نفسها ، من قيود يسطرها هذا الكابوس ، ويحفر بها خريطة غريبة للأرض والإنسان
تيمة الموت هنا تسائل الحياة.
نقرأ:
{يزحف كبقية ليل يتكئ على جذع بلوط مهمل غير آبهٍ بذلك الثالوث
يبحث في محيطه عن لا شيء !!
فهو لا يدري عما يبحث }
تجيب القصة على التساؤل السابق بأنه ليس هروبا بل مواجهة لان العدمية الأبيقورية التي تنتهجها الجثة ، كمدخل للنهايات وكعنصر مفاجأة غير محبب للذات ، تميتها المركزية ( الواقع ) ولذلك وجب مواجهته هذا الواقع {{ عندما تكون الحقيقة عاجزة إلى درجة لا تستطيع معها الدفاع عن النفس فان عليها أن تتحول إلى الهجوم }} بريخت
والهجوم هنا المواجهة
إننا ننفصل عن الذات * أنا * الضمير المتحدث في خطاب الحكاية ونتوحد في البراني
نقرأ:
{ثمة قوة ما تجبره على البحث في محيطه}
هذه القوة تنتقل إلينا نحن المتلقي فنبحث عما تخفيه أسرار هذا المحيط المبتل بالوشم الأسود * ماء منهمر من سماء سوداء*
{ تتضمن شهوة الكتابة رفضا للحياة } سارتر
فهل هذا الرفض هو ما أسس حقيقة الحكاية وارتماء الذات في ظلمة النهايات؟؟
أم الكابوس يحذر من عدم المواجهة ؟ أم هو السبيل الوحيد للانعتاق من أرضية تبللها زخات مطر لا تنتج؟؟
كل هذه الأسئلة مفتوحة على قراءات أخرى ربما تكون أغنى من لحظتي هاته
لغة قوية ومشبعة بالدلالات
قصة ( تحترق بالأسئلة ) من خلال السهل الممتنع
ففي تقنية البناء هنا نجد السهل الممتنع ،وهذا السهل الممتنع ( يشم ولا يدرك ) نحسه قريبا في البناء وسهلا ، لكنه عميق حين نتمفصل في شرايين الحكاية..
حيث تأخذ لعبة السرد والكتابة ، تأخذ عمقها وشرعيتها وتحقق القصة القصيرة ما أشار إليه محمد خضيري في ما ذكرته سابقا وهو النحت القصة هنا منحوتة بجدية وبرزانة
فالخطاب مع مبدعنا الزياد ينتهج أفقاً واسعاً للقراءات وتداخلها مع عملية الإبداع( لحظة المخاض/ فيجعل المتلقي مسهما في هذه العملية وبالتالي منتجا معه)
رائع جداً هذا الأفق الذي يتخلى عن أنانية الكاتب
إنها قصة ( معجونة بطينة الواقع وطينة الذات وطينة اللغة )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.