أسامة علي أحمد شاعر يتجول في مناخات القصيدة عاقداً على خصرها زنار الفجر الجميل. ودونما أن تدري عزيزي القارئ - ولك مطلق الحرية - تختار الأمكنة والدلالات الشعرية الكثيفة المتشابكة الغصون . إنه على ثقة مطلقة بحسن القيادة, وبلطفٍ يجعل القصائد مطواعة تنحني على سرج فارس الأحلام بلا سؤال يطرح وجهة الوصول. لطيف, أنيق, قوي .. صهيلُ القصيدة عالمُه, من هنا إلى هناك يحوم كالربان في سبيل الخلاص من كهوف الموج والمد الطويل له خيامُه القلقةُ في مواجهة الريح عند البراري .. لا يحب اعتناق القصور الفيروزية.. شطآنه حرة لولبية بين العمودية والتفعيلة والقصائد الحرة أقسم ألا يعبر المنافي المصطنعات الترتيب حلو مثل شكل قصيدته حين تقرر النزول لساحة الحضور لأجراسه رنين وضربُ طبول.. صور رائعة تحلو لك عزيزي القارئ ********** يقول الشاعر: ((هذي قصورُ الشعر شيء بين أطراف الوسادة والنعاس لحيظة نشوى تخيطُ الريش ثوباً لي وتطلقني حنيناً في مجرات السماع تعيدني صوتاً ملوكياً وترسمني على جُدر الوسامة *** وقد أعودُ فأرسم الأشجار ظلاً للحمائم لستُ أملكُ غير هذي الصفحة البيضاء والقلم النديم ودفقة الحلم التي انكسرت على شط الحقيقة كم جنحتُ غسلتُ وجهي بالغناء وكم صدقتُ زحمتُ ليلي بالجنون وبالظنون وبالكتابة والرتابة والكآبة والسآمة *** بيتي قديم عند شط النيل في وهم الخريطة ربما في شارعٍ من دون لافتةٍ ومكتوب على جدرانه بالفحم -عفواً ربما اندثرت- أُسامة)) توهمتُها حمامةً تنام في جوف القصيدة وتوقظني على خلخالٍ يرن فيا لهذا الجنون الذي يوقظ في أعماقنا الشعر الجميل أكلما هاج وماج أبدع في نحت أعضاء القصيدة ، هذه الأنثى الغائبة الحاضرة ؟ فأي خزاف أنت أيها الشاعر الرقيق الحواس لتلبس قميصاً من ريش أبيض لاينتمي لقطن أو حرير قز تهاديت على عش الحمائم مسالماً حاملاً بين جناحيك أدواتك المتفردة وكأن المواعيد ليست لها , وكأن المحتفين مشغولون بحضورها ... الأفق والبدر ونحن الثلاثة ! إذاً لابد لك ولحمائمك ولقصائدك المشغولات من ريش النعام لابد: من شجرٍ كثيفٍ في الظلام . وأنا من خلف هذا الضجيج المهيب المولع العجيب أهنئك.. وأقول : بكلمتين خيالك يخطف أبصارنا: ب (نساء يهمسن العطر كما الأزهار يقرعن دفوف الضوء كما الأقمار) إن لم تكن شاعراً فذاً فلم كل هذي النجوم تساقطُ على سريرتك ، معلنة الخضوع والخشوع في محراب قصيدتك السمراء ؟ يا للوسامة يا أسامة.... يا من يطعم أسماك القصيدة من فاكهة السماء منضداً قشرة التفاح بالشعر البهي وجنون الانتشاء فلتعتزل هذا التواضع في محطات انتظارك إن شأنك قامة مشدودة نحو السماء شأنك قامة مشغولة في حروف من نضار وخيولك أنت من يتهجى صمتها بالفضيلة والنثار أشتاق خيلك في الجموح المصطفى بل أحب الشعر فيك طاعن بل طالع من صدر نهار وأحب خيلك مدلهماً على سحب القصائد تاركاً خلف الجموح جموحاً من لهيب ونار . *شاعرة ومخرجة سورية