في العام 1989، عندما بدأت الفوارق الأيدلوجية والسياسية والتي فرقت أنحاء كثيرة من العالم بالسقوط، وعندما ارتفعت حينها الأصوات المطالبة بالحرية من برلين وحتى جوهانسبرج، واجه الشعب اليمني حينها خيارا هاما. وقد تراجعت بعض بلدان العالم حينها خلف جدران القمع والريبة خوفا من التغيير. ورأت بلدان أخرى في المصالح الضيقة والكراهيات القديمة فرصة استغلتها لمكاسبها الخاصة. أما اليمنيون في جنوباليمن وشماله فقد سلكوا طريقاً آخر، واختاروا الوحدة والحرية. إن الطريق نحو الديمقراطية ونحو اقتصاد مفتوح لم يكن سهلا، فقد واجهت اليمن تحديات شديدة وخيارات صعبة على الصعيدين المحلي والدولي. غير أنه بات جليا التزام اليمنيين لتحقيق النمو والرقي لبلدهم مستغلين ما لديهم من طاقات كامنة. لقد ظلت اليمن شريكا قويا للولايات المتحدة في محاربة الإرهاب، إدراكا منها بالخطر الذي يشكله التطرف على المجتمعات الحرة جمعاء. وبانخراطها للعمل مع الشركاء الإقليمين والمجتمع الدولي للسيطرة على الاتجار بالأسلحة الخطرة، صار بإمكان اليمن الإسهام بشكل أكبر في تعزيز الأمن داخليا وإقليمياً. ومنذ تحقيق الوحدة، ظلت اليمن مساندا للإصلاح الديمقراطي في المنطقة، من خلال إجراء انتخابات تنافسية وتشجيع الطرح المفتوح في الصحافة. مع ذلك فالوقت لم يحن بعد لترضى اليمن عن ما حققته بل لتستمر في السعي قدما نحو تعزيز حقوق الإنسان وتوسيع الحريات. وكجزء من هذا السعي، فقد تبنت اليمن أهداف صندوق تحدي الألفية وتعهدت بتدشين إصلاحات أكثر أهمية لمحاربة الفساد وتعزيز حكم القانون. وعندما تصبح المساواة والعدل هما المعيار الأساسي أمام القانون، فسيدرك جميع اليمنيين أن لديهم الفرصة لتحقيق النجاح. إن هذه الإصلاحات تعد أساسية لدعم التقدم الديمقراطي والمستقبل الاقتصادي لليمن. ومع تعزيز حكم القانون، فإن المستثمرين، كانوا محليين أو أجانب، سيدركون أن اليمن مكانا مناسبا للاستثمار. وسيخلق هذا الاستثمار فرص عمل أكثر وأهم وسيحقق نموا اقتصاديا. لقد رأى هذا البلد الفوائد التي يمكن أن تعود بها القرارات الاقتصادية المسؤولة. وفي أوقات حاسمة، تمكنت اليمن من السيطرة على التضخم وتحقيق استقرار العملة وبالاستمرار في اتخاذ إصلاحات اقتصادية صعبة ومتابعة اتفاقيات التجارة الحرة مع منظمة التجارة العالمية ومجلس التعاون الخليجي والولاياتالمتحدة فإن اليمن سيحصد فوائد الاقتصاد العالمي. إن الولاياتالمتحدة والمانحين الدوليين الآخرين يقفون جنبا إلى جنب مع اليمن في الجهود الهادفة إلى تحسين معيشة جميع اليمنيين. ومن خلال ما تقوم به الوكالة الأمريكية للتنمية، ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية، والبرامج الأمريكية الأخرى، فقد ارتفع عدد الأطفال الملتحقين بالمدارس، وتحسنت ظروف الرعاية الصحية لأشد المحتاجين لها وأتسع دور المرأة في المجتمع كما أن هناك فرصا اقتصادية جديدة للمزارعين وأصحاب المشاريع الصغيرة. إنني على ثقة من أن هذه التغيرات ستعمل مؤكدا على تحويل حياة الناس وإن ببطء نحو الأفضل مساعدة إياهم ليصبحوا مواطنين نشطين وناجحين في مجتمع ديناميكي. لقد اتخذت اليمن القرار الصائب في العام 1990، محققة الوحدة والحرية والديمقراطية. وبمناسبة الاحتفال السنوي بالوحدة فإننا نهنئ الشعب اليمني مساندين إياه في تعزيز القيم التي تجمع الشعوب الحرة جمعاء في رباط واحد.