معروف للقاصي والداني أن حزب «رأي» هو حزب الوسطية والعقلانية، ومن اطلع على دستوره القديم الذي أقره عند نشأته الأولى بداية خمسينات القرن الماضي وبرنامجه الحالي، وكل الوثائق التي صدرت عنه حتى الوقت الحاضر يدرك حقيقة ذلك، تلك الوثائق وبالذات الحديثة منها قد طرأت عليها العديد من التعديلات تماشياً مع متطلبات المرحلة الحالية بعد أن أصبحت الديمقراطية نهجاً سليماً وصائباً بعد قيام الوحدة المباركة عام 1990م، ومع أن هذا النهج ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض بأنها سوف تتحقق خلال فترة قصيرة أو أثناء وجودهم على قيد الحياة خاصة في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية متخلفة وثقافة وموروث المجتمع القبلي المتخلف، مجتمع مثقل بكم هائل من المشكلات والصعوبات، وحلولها ومعالجاتها تحتاج إلى وقت طويل من الصبر والمثابرة والإخلاص الوطني، بعيداً عن المزايدة والقفز على الواقع وحرق المراحل، ونقول لمثل هؤلاء البعض كما قال الشاعر الراحل الكبير حسين أبو بكر المحضار: يا حامل الأثقال خففها شوي.. ذا حمل ما ينشال .. عادها قدامك صخور وجبال، هذا أولاً، وثانياً نقول لهم أقرأوا واستوعبوا رؤى وأطروحات ووثائق وأدبيات «رأي»، تجدون فيها البلسم الشافي الذي يعالج جميع مشاكل وأمراض الواقع اليمني في الوقت الحاضر والمستقبل، فهي معلنة وموجودة في متناول اليد، وخاصة تلك الوثائق والقرارات التي خرج بها المؤتمر العام التاسع للحزب الذي عقد مؤخراً في مدينة عدن وخاصة رؤيته في ما يتعلق بالإصلاح والتغيير التي تعبر تعبيراً صادقاً عن طموحات وأمنيات المواطن اليمني داخل اليمن وخارجه. فحزب «رأي» لا يؤمن بمصارعة الثيران في السياسة التي يدعو لها البعض في الوقت الحاضر والتي أثبت وعلى مدى أربعة عقود مضت بأنها قد أدت إلى العديد من الخلافات والصراعات ودورات العنف الموسمية وإلى خسائر مادية وبشرية هائلة دائماً ما تعيد حركة الدوران إلى الخلف لتصل من جديد إلى نقطة البدء، وكأنك يا زيد ما غزيت، كل ما تم إنجازه في سنوات تم تدميره في ساعات، وذلك نتيجة لمن يتخذ من مصارعة الثيران نهجاً ثابتاً في سياسته. فإلى متى تسير على هذا النهج وذلك الطريق المدمر، ولم تأخذ بكل الدروس والعبر التي مرت خلال العقود الأربعة الماضية من عمر الثورة والجمهورية أو حتى الاستفادة من تجارب غيرنا في هذا الكوكب الذي نعيش فيه جميعاً. لقد آن الأوان للقوى الحية من أحزاب وتنظيمات ومنظمات واتحادات مهنية أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية في ظل الوحدة والديمقراطية، والسير على طريق الإصلاح العام والشامل، وإخراج اليمن والشعب اليمني من أوضاعه المعيشية وغلاء الأسعار القاسية، الشعب الذي لم يعد يطيق مزيداً من العناء والمآسي وقساوة الحياة في جميع المتطلبات الضرورية، التي أصبحت شبه معدومة لدى الغالبية من المواطنين الذين يعيشون حالة ما تحت خط الفقر، مع العلم أن كل الخطابات والوعود لا يمكن أن تملأ البطون الفارغة، والتي أثبتت عدم جدواها، ولا الكتابات ولا الصحف التي تشحن المواطن كل يوم بمزيد من التأزم وزرع الفتن والأحقاد والكراهية وتجعله مشدوداً ومتوتراً ممتلئاً بالأحقاد والثارات والانتقام وأحلام اليقظة لا تفيد نفعاً.