كم كنت أتمنى لو أنني في محل الأخ الأستاذ عباس المساوي، الذي استضافه الدكتور فيصل القاسم في برنامجه المشاكس: «الاتجاه المعاكس» ليواجه المدعو عبده النقيب، إذن لما خرجت عن السيطرة، ولما دفعت المذيع والطرف الآخر إلى تحويل الموضوع وتجيير الأسئلة لصالح أصحاب الفتنة، الذين يكفيهم من الغنيمة في الوقت الراهن على الأقل أن يعطوا مسائلهم المزعومة معنى ويشرعنوا للخروج على الفنون ويسوقوا لثقافة الخوارج والروافض. ماذا لو أن أحد الناضجين مع احترامنا لأنصاف العقلاء تصدى للحوار في البرنامج بدلاً من المواجهة غير المتكافئة بين أنصاف الأكفاء؟! أين المثقفون والمفكرون والساسة والعلماء من قضايا الوطن الكبرى؟! لقد بدا الأخ المساوي، وكما لو أنه لا يقارع الحجة بالحجة والرأي بالرأي، وإنما يريد أن يسجل حضوراً شخصياً من خلال تسجيل المواقف الكلامية في البرنامج!! ونحن نقدر له تصديه للدفاع عن «الوحدة» ونثمن نيته الخالصة إن شاء الله، ولكننا كنا نطمح إلى مجابهته لدعاوي نقيب المرتزقة مجابهة منطقية عقلانية بعيدة عن التشنج والانفعال والإجابات المرتجلة. عندما يأتي أحدهم ليتكلم عن اليمن وهو في متاهات الدنيا يبصر اليمن عن جنب ويستطلع أحداثها من وراء حجب فإنه لن يقدم الصورة الحقيقية لما يجري في البلاد.. إن الجمهورية اليمنية شأنها شأن دول العالم كله تعيش تفاصيل مراحلها التاريخية المعاصرة، وحقيق على أهل الأرض أجمعين أن يعترفوا لليمن بحقها في الوحدة التي تحمل مسؤولياتها اليمانون دون أن يكون لدولة من دول الجوار أي فضل أو دور في إرساء دعائمها.. إن هذه الوحدة ملكنا وحدنا، وهي قضاؤنا وقدرنا وخيارنا نحن، وراضون بها ومقتنعون بأحوالنا المعيشية مادمنا أمة واحدة، فإن نكون موحدين فقراء خير لنا من أن نكون ميسورين فرقاء.. لا نطلب من أحد أن يعيننا على النوائب بالمصائب لو أن إقليماً في إحدى دول الجوار أراد الانفصال لقلنا: لا؛؛ لأننا نعرف معنى تآلف الأخ وأخيه، بل لو أن إقليماً متاخماً لنا أراد الانفصال والانضمام إلى اليمن (!!) لقلنا أيضاً لا؟؟ لأننا نعرف أن انضمامه إلينا مع انفصاله عن عاصمة بلاده فتنة،، بخلاف ما لو أن هذه الدولة أو تلك دخلت مع بلادنا في وحدة أو تكتل إقليمي أو ما أشبة ذلك.. على جميع المأزومين ومرضى النفوس أن يتحرروا من أوهامهم ويعالجوا أخطاء السلطة إن وجدت في الأطر الشرعية والقانونية، وفي ظل دولة الوحدة لا غير. أما أن يريدوا أن تجري الرياح بما تشتهي سفائنهم التائهة فلا وألف لا.. إننا نعلم علم اليقين أن للدجالين أعواناً وأنصاراً، كما أن للحق أعواناً وأنصاراً؛ ولن نكون إلا أعوان الحق وأنصار الله فالوطن من أقصاه إلى أقصاه واحد كما أن الله واحد، شاء من شاء وأبى من أبى.. وإن زعيماً وحدوياً يحكمنا حتى ألف سنة إلا خمسين عاماً لخير لنا من دولتين يحكم كل واحدةٍ منها رئيس جماعة أو زعيم جهة أو سلطان شيطان ما أنزل الله به من سلطان. اليمن، بلد يتعايش فيه المواطنون البسطاء مع المواطنين الأثرياء، مع الأشقاء العرب، مع الأصدقاء الأجانب، مع المولدين، مع النازحين، مع الناس أجمعين؛ بعكس كثيرٍ من الدول والتي تطوف فيها الحراسات الأمنية القصور والفنادق من جميع الاتجاهات الرئيسية والفرعية حتى لا يرى عوام الناس بوابات تلك القصور والفنادق إلا من مسافة عشرات الكيلومترات بنواظير متطورة رقمياً!!.. من حق اليمانين أن يقيموا أودهم ويداووا جراحهم، ولكن بأنفسهم دون إملاءات الإعلام التابع للأرستقراطيين والثيوقراطيين، وصدق الله العظيم: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين). (لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون).