شددت مبادرة رابطة أبناء اليمن (رأي) على ضرورة الأخذ بالنظام الاتحادي الفيدرالي كخطوة أساسية لحل المشاكل والأزمات المستعصية في البلاد والحفاظ على وحدة الوطن وسلامته. إن البعد العملي الذي ترمي إليه هذه المبادرة ليس خافياً على العيون وخاصة عند من هم أعلم بالعلة الأساسية لليمن، فاليمن بعد فجر مايو1990م تغيرت ملامحه ومعطياته وتوسعت احتياجاته وتغيرت أيضاً الخريطة السياسية وطبيعة الصراعات والمتصارعين، ولعل أبرزها الاتفاق على النظام الديمقراطي والانتقال إلى مرحلة التداول السلمي للسلطة وحكم الشعب نفسه بنفسه وحكم المؤسسات والفصل بين السلطات والحكم المحلي، وأصبحت الديمقراطية هي الضامنة لسلامة النهج السياسي ومسار الحكم في اليمن.. وهو ما كان ولكن بعد اندلاع حرب صيف 94م شهدت البلاد تراجعاً ضمنياً عن تلك المسلمات والضمانات، وأخذ الواقع صورة قريبة من النظام الشمولي المتفرد في الحكم والقرار، ولم تمر فترة طويلة حتى برزت للأعيان اختلال المعادلة التوازنية للوحدة وخرجت عن مضامين العدالة والمساواة الديمقراطية والتنمية، ظلت السلطة والنظام الحاكم تكابر وتصر على عدم وجود الاختلالات ومع تغاضي السلطة عن حقيقة المشكلة زاد من تعقيدها بعد أن وجدت بعض القوى المتنفذة فرصتها للقضاء على ما تبقى من آمال الشعب في وحدته الوطنية، وفجأة طفحت روائح تلك الممارسات الخاطئة والسلوكيات الفيدية وسياسات المنتصر والمهزوم في سماء الوطن لينفجر الغضب الشعبي في أعماق من نالتهم نيران تلك الأخطاء القاتلة لتتحول بعدها القضية ما بين عدالة مفقودة وهزيمة محسوسة ودعوات متطرفة مع وضد الوحدة. ما حدث وما يحدث في العديد من المحافظات اليمنية من هياجانات واعتصامات ومظاهرات ومصادمات ما هي إلا نتيجة لتغييب قضية رئيسية و هي سلطة الشعب والمشاركة في القرار وتوسيع دوائر الإقصاء والتهميش ساهم في ذلك سلطة مركزية قوية ومجالس محلية كسيحة فاقدة الصلاحيات، ومن هنا تنبع أهمية طرح مبادرة حزب (رأي) الأخيرة والتي شخصت العلة وطرحت الحلول المناسبة لضرورة الأخذ بالنظام الاتحادي الفيدرالي واللامركزية وإحداث نقلة نوعية للتوجه صوب تفعيل نظام حكم محلي كامل الصلاحيات حفاظاً على رمانّة المعادلة وإعطاء الشعب الفرصة لحكم نفسه بنفسه.