قلت ما يجب أن يقال    الرشيد يطيح بأهلي تعز ويبلغ نهائي بطولة بيسان    الرشيد يصل نهائي بيسان ، بعد الفوز على الاهلي بهدف نظيف، وسط زخم جماهيري وحضور شعبي الاول من نوعة منذ انطلاق البطولة    حزب الله يدعو السعودية لفتح صفحة جديدة ويؤكد التزامه باجراء انتخابات آيار 2026    الفريق السامعي يدين اغتيال مدير صندوق النظافة بتعز افتهان المشهري    شرطة تعز تعلن القبض على متهم بقتل مدير صندوق النظافة والتحسين    مسيرات حاشدة بمأرب نصرة لغزة وتنديدا باستمرار جرائم الإبادة    القسام توقع آليات لقوة صهيونية في كمين نوعي شمال غزة    إصلاح المتون والزاهر والمطمة بالجوف يحتفل بالذكرى ال35 للتأسيس    تعز.. اعتصام واحتجاجات نسائية للمطالبة بضبط قتلة المشهري وتقديمهم للعدالة    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ عبد الله أحمد القاضي    بن حبريش: نصف أمّي يحصل على بكلاريوس شريعة وقانون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع " التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون"    رئيس الاتحاد الأفريقي للكرة الطائرة تكرم محمد صالح الشكشاكي خلال بطولة أفريقيا للشباب بالقاهرة    الرشيد يتأهل إلى نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    العليمي أصدر مئات القرارات في الظلام.. حان الوقت لفتح الملفات    متفوقاً على ميسي.. هالاند يكتب التاريخ في دوري الأبطال    طوفان بشري بصنعاء يؤكد ثباته مع غزة ويرفض الخذلان رغم الجرائم    نتنياهو يطرد أردوغان من سوريا    أين ذهبت السيولة إذا لم تصل الى الشعب    مانشستر سيتي يتفوق على نابولي وبرشلونة يقتنص الفوز من نيوكاسل    الربيزي يُعزي في وفاة المناضل أديب العيسي    محافظة الجوف: نهضة زراعية غير مسبوقة بفضل ثورة ال 21 من سبتمبر    الأرصاد يخفض الإنذار إلى تحذير وخبير في الطقس يؤكد تلاشي المنخفض الجوي.. التوقعات تشير إلى استمرار الهطول    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    جائزة الكرة الذهبية.. موعد الحفل والمرشحون    البوندسليجا حصرياً على أثير عدنية FM بالشراكة مع دويتشه فيله    لماذا تراجع "اليدومي" عن اعترافه بعلاقة حزبه بالإخوان المسلمين    جنوبيا.. بيان الرئاسي مخيب للآمال    صندوق النظافة بتعز يعلن الاضراب الشامل حتى ضبط قتلة المشهري    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    مسيّرة تصيب فندقا في فلسطين المحتلة والجيش الاسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ ومسيّرة ثانية    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    إشهار جائزة التميز التجاري والصناعي بصنعاء    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    الوفد الحكومي برئاسة لملس يطلع على تجربة المدرسة الحزبية لبلدية شنغهاي الصينية    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    بتمويل إماراتي.. افتتاح مدرسة الحنك للبنات بمديرية نصاب    تعز.. احتجاجات لعمال النظافة للمطالبة بسرعة ضبط قاتل مديرة الصندوق    موت يا حمار    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ العيسي بوفاة نجل شقيقه ويشيد بدور الراحل في المقاومة    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس الماضي    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغش :استفحال الظاهرة ..ينذر بالخطر
نشر في رأي يوم 01 - 07 - 2009

يواصل 533 ألفاً و736 طالباً وطالبة بدأوا مطلع الأسبوع الماضي أداء امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي الحالي 2008م/ 2009م، توزعوا على 4 آلاف و 646 مركزاً امتحانياً.
وذكر وزير التربية والتعليم الدكتور عبد السلام الجوفي أن « هناك 312 ألفاً و 550 طالباً وطالبة في الشهادة الأساسية موزعين على 3 آلاف و 136 مركزاً إمتحانياً، و221 ألفاً و 186 طالباً وطالبة في الشهادة الثانوية موزعين على ألف و 510 مراكز إمتحانية، بينهم 176 ألفاً و744 طالباً وطالبة قسم علمي موزعين على ألف و 39 مركزاً إمتحانياً، و44 ألفاً و442 طالباً وطالبة قسم أدبي موزعين على 471 مركزاً إمتحانياً».
ليس هذا ما يهمنا وإنما ما بينته التقارير الميدانية المرفوعة إلى وزارة التربية والتعليم خلال أول أربعة أيام من سير عملية الامتحانات للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م، فقد أكدت حدوث 452 حالة غش، وتجمهر حول المراكز، وهروب بدفتر الإجابة وتمزيق لها، ورفض دخول الامتحانات، واعتداء وإطلاق نار، وانتحال شخصية، واقتحام مراكز, منها 123 حالة تجمهر و95 حالة هروب بدفتر الإجابة و78 انتحال شخصية و60 حالة غش و27 حالة اعتداء و32 حالة رفض دخول الامتحانات.
وأوضح التقرير الذي قدمه وزير التربية والتعليم إلى مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي، أمس الثلاثاء، حول سير عملية الامتحانات في مختلف المراكز الامتحانية للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م تسجيل 87 حالة تجمهر حول المراكز و50 حالة غش و31 انتحال شخصية و13 اعتداء.
مشيراً إلى حدوث سبع حالات فوضى ومشاغبة و4 حالات هروب بدفتر الإجابة وأربع حالات اقتحام مراكز, فيما سجلت ثلاث حالات تمزيق لدفاتر الإجابة وحالتين إطلاق نار، وحالة واحدة رفض دخول طالب الامتحان وحالة تدخل في أعمال الامتحانات.
ورغم ذلك فقد نوه التقرير إلى أن المؤشرات الأولية لسير الامتحانات تؤكد أن الامتحانات تسير بشكل جيد في أجواء مريحة وهادئة، وأن التقارير الامتحانية خلال الثلاثة الأيام الأولى تشير إلى استقرار في الجوانب الأمنية، وأن التنسيق قائم بين إدارات الأمن ووزارة التربية والتعليم مع وجود بعض الإشكالات التي لا تؤثر على سير الامتحانات وتعكس حالات فردية.
ولفت إلى أن عدد المتقدمين لامتحان الشهادة الأساسية بلغ 312 ألفاً و550 طالباً وطالبة في مقابل 314 ألفاً و489 طالباً وطالبة في العام الدراسي 2007/2008 م يؤدون الامتحانات في 3136 مركزاً.
وما أوردته وكالة الأنباء الحكومية بعد أيام من بدء عملية الاختبارات عن إيقاف وزارة التربية والتعليم لمدير مركز امتحاني بتهمة تتعلق بالغش وتسريب الامتحانات وبيعها للطلاب, وما ذكره التقرير الإحصائي التالي عن نزاهة الاختبارات، يضعنا أمام تنامي ظاهرة لم تعد مقتصرة فقط على حالات هنا أو هنا، بل تحولت إلى ثقافة مجتمعية تعصف بالقيم المجتمعية وبالعملية التعليمية برمتها وتضعها في خانة مظلمة.
من يغوي من؟
قد يتساءل بعضكم: أين دور المراقب في اللجان و دور رئيس المركز الإمتحاني ؟؟ ولكن ماذا أقول.. لا استطيع أن أقول إلا « الله يعيننا على هذه الحالة التي أصبحنا فيها ...، وخصوصاً أننا أصبحنا في مجتمع مادي، يتعامل مع المادة بشكل واسع، ولماذا هذا،، لست أدري،، يتساءل أحدهم، وهو محق.
مع توجه أكثر من نصف مليون طالب وطالبة إلى المدارس الإعدادية والثانوية لأداء الامتحانات تتعدد الوسائل وتتجدد الأفكار التي يخترعها الطلاب لكيفية الاستحواذ على اللجان الرقابية بالمال والإغراء وحق القات لكي يسمحوا لهم أن يغشوا، فتظهر الأقلام الليزرية والأوراق المطوية بداخل الأقلام ,إلى ما هنالك من ابتكارات الغش المتعددة,
كما أنه لم يعد خافياً أن الفساد وصل برؤساء لجان امتحانية إلى السماح للطلاب بالغش العلني في مقابل أموال يتلقونها حتى صرنا نجيد بالرحمة لمسئول امتحانات أو مراقب سمح بذلك الأمر من باب الرحمة لاغير.
تعريف أكاديمي
يقول الدكتور عبدالله عوبل: الغش سلوك انحرافي, من حيث هو خرق لقواعد السلوك والقيم التي تتبادلها الجماعة البشرية، والغش يضر بمصالح هذه الجماعة، ويفسد أخلاق الغشاش ويدمر مستقبله ويسقطه من حساب الجماعة. ولا يعود الفرد عضواً طبيعياً في جماعته إلا إذا تخلص من هذا السلوك القبيح. وللجماعة طريقتها في معالجة السلوك الانحرافي من خلال نظام الحوافز والعقوبات.
والغش كسلوك انحرافي ليس جديداً, بل هو قديم قدم الإنسان نفسه وضمن صراع ثنائيات الخير والشر. لذلك فقد حرمته الأديان السماوية والقوانين الوضعية ورصدت له عقوبات في السماء كما رصدت له عقوبات في الأرض. وتكمن خطورة الغش ان له أضرارا مادية مباشرة على مصالح الآخرين وحقوقهم وحياتهم. وأضرار أخلاقية لأنه خروج على قيم المجتمع وأضرار تتعلق بتدمير الذات الإنسانية واحتقار قدراتها على الإبداع والاختراع والمنافسة. فمن الغش في مواد البناء الذي يمكن أن تكون نتيجته انهيار عمارة على رؤوس سكانها , إلى الغش في الامتحانات الذي يدمر قدرة الطالب في السعي إلى المعرفة وحرمان المجتمع من طاقته الإبداعية والمنتجة وجميع المعارف والتكنولوجيا التي يحتاجها للتنمية.. فتتوقف التنمية ويسقط المجتمع في براثن الفقر والأمية والجهل والتخلف.
لا أحد يعلم متى تسرب الغش من المجتمع إلى النظام التعليمي بحكم العلاقة بين المجتمع والمدرسة. غير إن النظام التعليمي يكون بناؤها من القوة ما يسمح بتحصينها من تسرب الظواهر السلبية من المجتمع إلى المدرسة, وعندما يكون بناء النظام التعليمي هشاً يسهل اختراقه، لذلك فإن الاستنتاج الأول في هذا الميدان هو وجود استجابات داخلية في النظام التعليمي يسمح بتزايد حالات الغش.. أما تدخل المجتمع قسراً لفرض الظاهرة المخلة بقيمه فتلك جريمة بشعة تعبر عن قابلية المجتمع للفساد مع قلة تأثير الوازع الديني وعدم قدرة رجال الدين والمجتمع المتدين على خلق النموذج الأخلاقي ..كما لم تقدم المواطنة الحقة نفسها كنموذج للمواطن الصالح .. وفشل الحكومة والطبقة السياسية في تبني قيم إيجابية وممارستها على أرض الواقع.
بالعكس يكتشف الأطفال أن المجتمع يكذب عليهم: أنهم يكتشفون الهوة بين الأقوال والأفعال: أن المجتمع كله يغش ويكذب, يشاهدون التلفزيون ويستمعون إلى خطاب يجعل من البحر طحيناً ويرون الواقع مختلفاً. هكذا حالهم مع الباعة في السوق يغشون، وفي البيت يكذب الوالدان كل على الآخر، وهكذا.
ويضيف الدكتور عوبل: القبول الاجتماعي لمبدأ الغش يمنحه قيمة معتبرة من قبل أولياء الأمور في المناطق الريفية القبلية والمساهمة في تلقين الأطفال الغش من قبل فاعلين اجتماعيين هم بعض المشائخ أو الوجهاء وبعض الأهالي وبعض ممثلي السلطات وبعض التربويين، إدارات مدرسية ومعلمين ومراقبين، أحياناً مزودين بدعاوى بعضها يقصد النجاح بأي ثمن وبعضها مشفوعة بفتاوى دينية، ليست قائمة على «من غشنا ليس منا»، بل إن الغش حلال في علوم الغرب وآدابه وحرام في علوم الدين الإسلامي واللغة العربية.
وحول طرق النجاة والخلاص من الغش يرى الدكتور عوبل معه تربويون أنه يكمن في ثلاثة حلول، يتعلق الأول بإصلاح النظام التعليمي وتخليص طرق التدريس من التلقين أن يكون مقدمة للخلاص من هذه الظاهرة, خصوصاً حينما يكون المنهج ملائماً لسن الطلاب، ويتوافق ومعارف المعلم، ولا يجعل من الحشو للمعلومات غايته, بل يترك فراغاً للتدريبات والمهارات العملية.
والأمر التالي استبدال طرق التقويم التقليدية بطرق حديثة, بحيث يمكن للطالب أن يعتمد على عقله في الفهم والتفكير؛ أي أن المطلوب ليس استجرار أعمى للمعلومات التي حصل عليها بل أن يعبر عن فهم عميق في موضوع الدرس أو الامتحان.
والأمر الثالث يكمن في تنمية وعي المجتمع والإدراك بأن مكانة الفرد في المجتمع ليس فقط بالحصول على الشهادة, بل بالمعارف والمهارات التي يمتلكها، فإذا كانت اليوم التعيينات تخضع للمحسوبية والمكانات الاجتماعية التقليدية, فإن المستقبل سوف يكون مفتوحاً ومشجعاً للمنتجين وأصحاب المهارات والمؤهلات العالية.
ليس هذا ما يهمنا وإنما ما بينته التقارير الميدانية المرفوعة إلى وزارة التربية والتعليم خلال أول أربعة أيام من سير عملية الامتحانات للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م، فقد أكدت حدوث 452 حالة غش، وتجمهر حول المراكز، وهروب بدفتر الإجابة وتمزيق لها، ورفض دخول الامتحانات، واعتداء وإطلاق نار، وانتحال شخصية، واقتحام مراكز, منها 123 حالة تجمهر و95 حالة هروب بدفتر الإجابة و78 انتحال شخصية و60 حالة غش و27 حالة اعتداء و32 حالة رفض دخول الامتحانات.
وأوضح التقرير الذي قدمه وزير التربية والتعليم إلى مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي، أمس الثلاثاء، حول سير عملية الامتحانات في مختلف المراكز الامتحانية للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م تسجيل 87 حالة تجمهر حول المراكز و50 حالة غش و31 انتحال شخصية و13 اعتداء.
مشيراً إلى حدوث سبع حالات فوضى ومشاغبة و4 حالات هروب بدفتر الإجابة وأربع حالات اقتحام مراكز, فيما سجلت ثلاث حالات تمزيق لدفاتر الإجابة وحالتين إطلاق نار، وحالة واحدة رفض دخول طالب الامتحان وحالة تدخل في أعمال الامتحانات.
ورغم ذلك فقد نوه التقرير إلى أن المؤشرات الأولية لسير الامتحانات تؤكد أن الامتحانات تسير بشكل جيد في أجواء مريحة وهادئة، وأن التقارير الامتحانية خلال الثلاثة الأيام الأولى تشير إلى استقرار في الجوانب الأمنية، وأن التنسيق قائم بين إدارات الأمن ووزارة التربية والتعليم مع وجود بعض الإشكالات التي لا تؤثر على سير الامتحانات وتعكس حالات فردية.
ولفت إلى أن عدد المتقدمين لامتحان الشهادة الأساسية بلغ 312 ألفاً و550 طالباً وطالبة في مقابل 314 ألفاً و489 طالباً وطالبة في العام الدراسي 2007/2008 م يؤدون الامتحانات في 3136 مركزاً.
وما أوردته وكالة الأنباء الحكومية بعد أيام من بدء عملية الاختبارات عن إيقاف وزارة التربية والتعليم لمدير مركز امتحاني بتهمة تتعلق بالغش وتسريب الامتحانات وبيعها للطلاب, وما ذكره التقرير الإحصائي التالي عن نزاهة الاختبارات، يضعنا أمام تنامي ظاهرة لم تعد مقتصرة فقط على حالات هنا أو هنا، بل تحولت إلى ثقافة مجتمعية تعصف بالقيم المجتمعية وبالعملية التعليمية برمتها وتضعها في خانة مظلمة.
من يغوي من؟
قد يتساءل بعضكم: أين دور المراقب في اللجان و دور رئيس المركز الإمتحاني ؟؟ ولكن ماذا أقول.. لا استطيع أن أقول إلا « الله يعيننا على هذه الحالة التي أصبحنا فيها ...، وخصوصاً أننا أصبحنا في مجتمع مادي، يتعامل مع المادة بشكل واسع، ولماذا هذا،، لست أدري،، يتساءل أحدهم، وهو محق.
مع توجه أكثر من نصف مليون طالب وطالبة إلى المدارس الإعدادية والثانوية لأداء الامتحانات تتعدد الوسائل وتتجدد الأفكار التي يخترعها الطلاب لكيفية الاستحواذ على اللجان الرقابية بالمال والإغراء وحق القات لكي يسمحوا لهم أن يغشوا، فتظهر الأقلام الليزرية والأوراق المطوية بداخل الأقلام ,إلى ما هنالك من ابتكارات الغش المتعددة,
كما أنه لم يعد خافياً أن الفساد وصل برؤساء لجان امتحانية إلى السماح للطلاب بالغش العلني في مقابل أموال يتلقونها حتى صرنا نجيد بالرحمة لمسئول امتحانات أو مراقب سمح بذلك الأمر من باب الرحمة لاغير.
تعريف أكاديمي
يقول الدكتور عبدالله عوبل: الغش سلوك انحرافي, من حيث هو خرق لقواعد السلوك والقيم التي تتبادلها الجماعة البشرية، والغش يضر بمصالح هذه الجماعة، ويفسد أخلاق الغشاش ويدمر مستقبله ويسقطه من حساب الجماعة. ولا يعود الفرد عضواً طبيعياً في جماعته إلا إذا تخلص من هذا السلوك القبيح. وللجماعة طريقتها في معالجة السلوك الانحرافي من خلال نظام الحوافز والعقوبات.
والغش كسلوك انحرافي ليس جديداً, بل هو قديم قدم الإنسان نفسه وضمن صراع ثنائيات الخير والشر. لذلك فقد حرمته الأديان السماوية والقوانين الوضعية ورصدت له عقوبات في السماء كما رصدت له عقوبات في الأرض. وتكمن خطورة الغش ان له أضرارا مادية مباشرة على مصالح الآخرين وحقوقهم وحياتهم. وأضرار أخلاقية لأنه خروج على قيم المجتمع وأضرار تتعلق بتدمير الذات الإنسانية واحتقار قدراتها على الإبداع والاختراع والمنافسة. فمن الغش في مواد البناء الذي يمكن أن تكون نتيجته انهيار عمارة على رؤوس سكانها , إلى الغش في الامتحانات الذي يدمر قدرة الطالب في السعي إلى المعرفة وحرمان المجتمع من طاقته الإبداعية والمنتجة وجميع المعارف والتكنولوجيا التي يحتاجها للتنمية.. فتتوقف التنمية ويسقط المجتمع في براثن الفقر والأمية والجهل والتخلف.
لا أحد يعلم متى تسرب الغش من المجتمع إلى النظام التعليمي بحكم العلاقة بين المجتمع والمدرسة. غير إن النظام التعليمي يكون بناؤها من القوة ما يسمح بتحصينها من تسرب الظواهر السلبية من المجتمع إلى المدرسة, وعندما يكون بناء النظام التعليمي هشاً يسهل اختراقه، لذلك فإن الاستنتاج الأول في هذا الميدان هو وجود استجابات داخلية في النظام التعليمي يسمح بتزايد حالات الغش.. أما تدخل المجتمع قسراً لفرض الظاهرة المخلة بقيمه فتلك جريمة بشعة تعبر عن قابلية المجتمع للفساد مع قلة تأثير الوازع الديني وعدم قدرة رجال الدين والمجتمع المتدين على خلق النموذج الأخلاقي ..كما لم تقدم المواطنة الحقة نفسها كنموذج للمواطن الصالح .. وفشل الحكومة والطبقة السياسية في تبني قيم إيجابية وممارستها على أرض الواقع.
بالعكس يكتشف الأطفال أن المجتمع يكذب عليهم: أنهم يكتشفون الهوة بين الأقوال والأفعال: أن المجتمع كله يغش ويكذب, يشاهدون التلفزيون ويستمعون إلى خطاب يجعل من البحر طحيناً ويرون الواقع مختلفاً. هكذا حالهم مع الباعة في السوق يغشون، وفي البيت يكذب الوالدان كل على الآخر، وهكذا.
ويضيف الدكتور عوبل: القبول الاجتماعي لمبدأ الغش يمنحه قيمة معتبرة من قبل أولياء الأمور في المناطق الريفية القبلية والمساهمة في تلقين الأطفال الغش من قبل فاعلين اجتماعيين هم بعض المشائخ أو الوجهاء وبعض الأهالي وبعض ممثلي السلطات وبعض التربويين، إدارات مدرسية ومعلمين ومراقبين، أحياناً مزودين بدعاوى بعضها يقصد النجاح بأي ثمن وبعضها مشفوعة بفتاوى دينية، ليست قائمة على «من غشنا ليس منا»، بل إن الغش حلال في علوم الغرب وآدابه وحرام في علوم الدين الإسلامي واللغة العربية.
وحول طرق النجاة والخلاص من الغش يرى الدكتور عوبل معه تربويون أنه يكمن في ثلاثة حلول، يتعلق الأول بإصلاح النظام التعليمي وتخليص طرق التدريس من التلقين أن يكون مقدمة للخلاص من هذه الظاهرة, خصوصاً حينما يكون المنهج ملائماً لسن الطلاب، ويتوافق ومعارف المعلم، ولا يجعل من الحشو للمعلومات غايته, بل يترك فراغاً للتدريبات والمهارات العملية.
والأمر التالي استبدال طرق التقويم التقليدية بطرق حديثة, بحيث يمكن للطالب أن يعتمد على عقله في الفهم والتفكير؛ أي أن المطلوب ليس استجرار أعمى للمعلومات التي حصل عليها بل أن يعبر عن فهم عميق في موضوع الدرس أو الامتحان.
والأمر الثالث يكمن في تنمية وعي المجتمع والإدراك بأن مكانة الفرد في المجتمع ليس فقط بالحصول على الشهادة, بل بالمعارف والمهارات التي يمتلكها، فإذا كانت اليوم التعيينات تخضع للمحسوبية والمكانات الاجتماعية التقليدية, فإن المستقبل سوف يكون مفتوحاً ومشجعاً للمنتجين وأصحاب المهارات والمؤهلات العالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.