مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغش :استفحال الظاهرة ..ينذر بالخطر
نشر في رأي يوم 01 - 07 - 2009

يواصل 533 ألفاً و736 طالباً وطالبة بدأوا مطلع الأسبوع الماضي أداء امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي الحالي 2008م/ 2009م، توزعوا على 4 آلاف و 646 مركزاً امتحانياً.
وذكر وزير التربية والتعليم الدكتور عبد السلام الجوفي أن « هناك 312 ألفاً و 550 طالباً وطالبة في الشهادة الأساسية موزعين على 3 آلاف و 136 مركزاً إمتحانياً، و221 ألفاً و 186 طالباً وطالبة في الشهادة الثانوية موزعين على ألف و 510 مراكز إمتحانية، بينهم 176 ألفاً و744 طالباً وطالبة قسم علمي موزعين على ألف و 39 مركزاً إمتحانياً، و44 ألفاً و442 طالباً وطالبة قسم أدبي موزعين على 471 مركزاً إمتحانياً».
ليس هذا ما يهمنا وإنما ما بينته التقارير الميدانية المرفوعة إلى وزارة التربية والتعليم خلال أول أربعة أيام من سير عملية الامتحانات للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م، فقد أكدت حدوث 452 حالة غش، وتجمهر حول المراكز، وهروب بدفتر الإجابة وتمزيق لها، ورفض دخول الامتحانات، واعتداء وإطلاق نار، وانتحال شخصية، واقتحام مراكز, منها 123 حالة تجمهر و95 حالة هروب بدفتر الإجابة و78 انتحال شخصية و60 حالة غش و27 حالة اعتداء و32 حالة رفض دخول الامتحانات.
وأوضح التقرير الذي قدمه وزير التربية والتعليم إلى مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي، أمس الثلاثاء، حول سير عملية الامتحانات في مختلف المراكز الامتحانية للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م تسجيل 87 حالة تجمهر حول المراكز و50 حالة غش و31 انتحال شخصية و13 اعتداء.
مشيراً إلى حدوث سبع حالات فوضى ومشاغبة و4 حالات هروب بدفتر الإجابة وأربع حالات اقتحام مراكز, فيما سجلت ثلاث حالات تمزيق لدفاتر الإجابة وحالتين إطلاق نار، وحالة واحدة رفض دخول طالب الامتحان وحالة تدخل في أعمال الامتحانات.
ورغم ذلك فقد نوه التقرير إلى أن المؤشرات الأولية لسير الامتحانات تؤكد أن الامتحانات تسير بشكل جيد في أجواء مريحة وهادئة، وأن التقارير الامتحانية خلال الثلاثة الأيام الأولى تشير إلى استقرار في الجوانب الأمنية، وأن التنسيق قائم بين إدارات الأمن ووزارة التربية والتعليم مع وجود بعض الإشكالات التي لا تؤثر على سير الامتحانات وتعكس حالات فردية.
ولفت إلى أن عدد المتقدمين لامتحان الشهادة الأساسية بلغ 312 ألفاً و550 طالباً وطالبة في مقابل 314 ألفاً و489 طالباً وطالبة في العام الدراسي 2007/2008 م يؤدون الامتحانات في 3136 مركزاً.
وما أوردته وكالة الأنباء الحكومية بعد أيام من بدء عملية الاختبارات عن إيقاف وزارة التربية والتعليم لمدير مركز امتحاني بتهمة تتعلق بالغش وتسريب الامتحانات وبيعها للطلاب, وما ذكره التقرير الإحصائي التالي عن نزاهة الاختبارات، يضعنا أمام تنامي ظاهرة لم تعد مقتصرة فقط على حالات هنا أو هنا، بل تحولت إلى ثقافة مجتمعية تعصف بالقيم المجتمعية وبالعملية التعليمية برمتها وتضعها في خانة مظلمة.
من يغوي من؟
قد يتساءل بعضكم: أين دور المراقب في اللجان و دور رئيس المركز الإمتحاني ؟؟ ولكن ماذا أقول.. لا استطيع أن أقول إلا « الله يعيننا على هذه الحالة التي أصبحنا فيها ...، وخصوصاً أننا أصبحنا في مجتمع مادي، يتعامل مع المادة بشكل واسع، ولماذا هذا،، لست أدري،، يتساءل أحدهم، وهو محق.
مع توجه أكثر من نصف مليون طالب وطالبة إلى المدارس الإعدادية والثانوية لأداء الامتحانات تتعدد الوسائل وتتجدد الأفكار التي يخترعها الطلاب لكيفية الاستحواذ على اللجان الرقابية بالمال والإغراء وحق القات لكي يسمحوا لهم أن يغشوا، فتظهر الأقلام الليزرية والأوراق المطوية بداخل الأقلام ,إلى ما هنالك من ابتكارات الغش المتعددة,
كما أنه لم يعد خافياً أن الفساد وصل برؤساء لجان امتحانية إلى السماح للطلاب بالغش العلني في مقابل أموال يتلقونها حتى صرنا نجيد بالرحمة لمسئول امتحانات أو مراقب سمح بذلك الأمر من باب الرحمة لاغير.
تعريف أكاديمي
يقول الدكتور عبدالله عوبل: الغش سلوك انحرافي, من حيث هو خرق لقواعد السلوك والقيم التي تتبادلها الجماعة البشرية، والغش يضر بمصالح هذه الجماعة، ويفسد أخلاق الغشاش ويدمر مستقبله ويسقطه من حساب الجماعة. ولا يعود الفرد عضواً طبيعياً في جماعته إلا إذا تخلص من هذا السلوك القبيح. وللجماعة طريقتها في معالجة السلوك الانحرافي من خلال نظام الحوافز والعقوبات.
والغش كسلوك انحرافي ليس جديداً, بل هو قديم قدم الإنسان نفسه وضمن صراع ثنائيات الخير والشر. لذلك فقد حرمته الأديان السماوية والقوانين الوضعية ورصدت له عقوبات في السماء كما رصدت له عقوبات في الأرض. وتكمن خطورة الغش ان له أضرارا مادية مباشرة على مصالح الآخرين وحقوقهم وحياتهم. وأضرار أخلاقية لأنه خروج على قيم المجتمع وأضرار تتعلق بتدمير الذات الإنسانية واحتقار قدراتها على الإبداع والاختراع والمنافسة. فمن الغش في مواد البناء الذي يمكن أن تكون نتيجته انهيار عمارة على رؤوس سكانها , إلى الغش في الامتحانات الذي يدمر قدرة الطالب في السعي إلى المعرفة وحرمان المجتمع من طاقته الإبداعية والمنتجة وجميع المعارف والتكنولوجيا التي يحتاجها للتنمية.. فتتوقف التنمية ويسقط المجتمع في براثن الفقر والأمية والجهل والتخلف.
لا أحد يعلم متى تسرب الغش من المجتمع إلى النظام التعليمي بحكم العلاقة بين المجتمع والمدرسة. غير إن النظام التعليمي يكون بناؤها من القوة ما يسمح بتحصينها من تسرب الظواهر السلبية من المجتمع إلى المدرسة, وعندما يكون بناء النظام التعليمي هشاً يسهل اختراقه، لذلك فإن الاستنتاج الأول في هذا الميدان هو وجود استجابات داخلية في النظام التعليمي يسمح بتزايد حالات الغش.. أما تدخل المجتمع قسراً لفرض الظاهرة المخلة بقيمه فتلك جريمة بشعة تعبر عن قابلية المجتمع للفساد مع قلة تأثير الوازع الديني وعدم قدرة رجال الدين والمجتمع المتدين على خلق النموذج الأخلاقي ..كما لم تقدم المواطنة الحقة نفسها كنموذج للمواطن الصالح .. وفشل الحكومة والطبقة السياسية في تبني قيم إيجابية وممارستها على أرض الواقع.
بالعكس يكتشف الأطفال أن المجتمع يكذب عليهم: أنهم يكتشفون الهوة بين الأقوال والأفعال: أن المجتمع كله يغش ويكذب, يشاهدون التلفزيون ويستمعون إلى خطاب يجعل من البحر طحيناً ويرون الواقع مختلفاً. هكذا حالهم مع الباعة في السوق يغشون، وفي البيت يكذب الوالدان كل على الآخر، وهكذا.
ويضيف الدكتور عوبل: القبول الاجتماعي لمبدأ الغش يمنحه قيمة معتبرة من قبل أولياء الأمور في المناطق الريفية القبلية والمساهمة في تلقين الأطفال الغش من قبل فاعلين اجتماعيين هم بعض المشائخ أو الوجهاء وبعض الأهالي وبعض ممثلي السلطات وبعض التربويين، إدارات مدرسية ومعلمين ومراقبين، أحياناً مزودين بدعاوى بعضها يقصد النجاح بأي ثمن وبعضها مشفوعة بفتاوى دينية، ليست قائمة على «من غشنا ليس منا»، بل إن الغش حلال في علوم الغرب وآدابه وحرام في علوم الدين الإسلامي واللغة العربية.
وحول طرق النجاة والخلاص من الغش يرى الدكتور عوبل معه تربويون أنه يكمن في ثلاثة حلول، يتعلق الأول بإصلاح النظام التعليمي وتخليص طرق التدريس من التلقين أن يكون مقدمة للخلاص من هذه الظاهرة, خصوصاً حينما يكون المنهج ملائماً لسن الطلاب، ويتوافق ومعارف المعلم، ولا يجعل من الحشو للمعلومات غايته, بل يترك فراغاً للتدريبات والمهارات العملية.
والأمر التالي استبدال طرق التقويم التقليدية بطرق حديثة, بحيث يمكن للطالب أن يعتمد على عقله في الفهم والتفكير؛ أي أن المطلوب ليس استجرار أعمى للمعلومات التي حصل عليها بل أن يعبر عن فهم عميق في موضوع الدرس أو الامتحان.
والأمر الثالث يكمن في تنمية وعي المجتمع والإدراك بأن مكانة الفرد في المجتمع ليس فقط بالحصول على الشهادة, بل بالمعارف والمهارات التي يمتلكها، فإذا كانت اليوم التعيينات تخضع للمحسوبية والمكانات الاجتماعية التقليدية, فإن المستقبل سوف يكون مفتوحاً ومشجعاً للمنتجين وأصحاب المهارات والمؤهلات العالية.
ليس هذا ما يهمنا وإنما ما بينته التقارير الميدانية المرفوعة إلى وزارة التربية والتعليم خلال أول أربعة أيام من سير عملية الامتحانات للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م، فقد أكدت حدوث 452 حالة غش، وتجمهر حول المراكز، وهروب بدفتر الإجابة وتمزيق لها، ورفض دخول الامتحانات، واعتداء وإطلاق نار، وانتحال شخصية، واقتحام مراكز, منها 123 حالة تجمهر و95 حالة هروب بدفتر الإجابة و78 انتحال شخصية و60 حالة غش و27 حالة اعتداء و32 حالة رفض دخول الامتحانات.
وأوضح التقرير الذي قدمه وزير التربية والتعليم إلى مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي، أمس الثلاثاء، حول سير عملية الامتحانات في مختلف المراكز الامتحانية للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م تسجيل 87 حالة تجمهر حول المراكز و50 حالة غش و31 انتحال شخصية و13 اعتداء.
مشيراً إلى حدوث سبع حالات فوضى ومشاغبة و4 حالات هروب بدفتر الإجابة وأربع حالات اقتحام مراكز, فيما سجلت ثلاث حالات تمزيق لدفاتر الإجابة وحالتين إطلاق نار، وحالة واحدة رفض دخول طالب الامتحان وحالة تدخل في أعمال الامتحانات.
ورغم ذلك فقد نوه التقرير إلى أن المؤشرات الأولية لسير الامتحانات تؤكد أن الامتحانات تسير بشكل جيد في أجواء مريحة وهادئة، وأن التقارير الامتحانية خلال الثلاثة الأيام الأولى تشير إلى استقرار في الجوانب الأمنية، وأن التنسيق قائم بين إدارات الأمن ووزارة التربية والتعليم مع وجود بعض الإشكالات التي لا تؤثر على سير الامتحانات وتعكس حالات فردية.
ولفت إلى أن عدد المتقدمين لامتحان الشهادة الأساسية بلغ 312 ألفاً و550 طالباً وطالبة في مقابل 314 ألفاً و489 طالباً وطالبة في العام الدراسي 2007/2008 م يؤدون الامتحانات في 3136 مركزاً.
وما أوردته وكالة الأنباء الحكومية بعد أيام من بدء عملية الاختبارات عن إيقاف وزارة التربية والتعليم لمدير مركز امتحاني بتهمة تتعلق بالغش وتسريب الامتحانات وبيعها للطلاب, وما ذكره التقرير الإحصائي التالي عن نزاهة الاختبارات، يضعنا أمام تنامي ظاهرة لم تعد مقتصرة فقط على حالات هنا أو هنا، بل تحولت إلى ثقافة مجتمعية تعصف بالقيم المجتمعية وبالعملية التعليمية برمتها وتضعها في خانة مظلمة.
من يغوي من؟
قد يتساءل بعضكم: أين دور المراقب في اللجان و دور رئيس المركز الإمتحاني ؟؟ ولكن ماذا أقول.. لا استطيع أن أقول إلا « الله يعيننا على هذه الحالة التي أصبحنا فيها ...، وخصوصاً أننا أصبحنا في مجتمع مادي، يتعامل مع المادة بشكل واسع، ولماذا هذا،، لست أدري،، يتساءل أحدهم، وهو محق.
مع توجه أكثر من نصف مليون طالب وطالبة إلى المدارس الإعدادية والثانوية لأداء الامتحانات تتعدد الوسائل وتتجدد الأفكار التي يخترعها الطلاب لكيفية الاستحواذ على اللجان الرقابية بالمال والإغراء وحق القات لكي يسمحوا لهم أن يغشوا، فتظهر الأقلام الليزرية والأوراق المطوية بداخل الأقلام ,إلى ما هنالك من ابتكارات الغش المتعددة,
كما أنه لم يعد خافياً أن الفساد وصل برؤساء لجان امتحانية إلى السماح للطلاب بالغش العلني في مقابل أموال يتلقونها حتى صرنا نجيد بالرحمة لمسئول امتحانات أو مراقب سمح بذلك الأمر من باب الرحمة لاغير.
تعريف أكاديمي
يقول الدكتور عبدالله عوبل: الغش سلوك انحرافي, من حيث هو خرق لقواعد السلوك والقيم التي تتبادلها الجماعة البشرية، والغش يضر بمصالح هذه الجماعة، ويفسد أخلاق الغشاش ويدمر مستقبله ويسقطه من حساب الجماعة. ولا يعود الفرد عضواً طبيعياً في جماعته إلا إذا تخلص من هذا السلوك القبيح. وللجماعة طريقتها في معالجة السلوك الانحرافي من خلال نظام الحوافز والعقوبات.
والغش كسلوك انحرافي ليس جديداً, بل هو قديم قدم الإنسان نفسه وضمن صراع ثنائيات الخير والشر. لذلك فقد حرمته الأديان السماوية والقوانين الوضعية ورصدت له عقوبات في السماء كما رصدت له عقوبات في الأرض. وتكمن خطورة الغش ان له أضرارا مادية مباشرة على مصالح الآخرين وحقوقهم وحياتهم. وأضرار أخلاقية لأنه خروج على قيم المجتمع وأضرار تتعلق بتدمير الذات الإنسانية واحتقار قدراتها على الإبداع والاختراع والمنافسة. فمن الغش في مواد البناء الذي يمكن أن تكون نتيجته انهيار عمارة على رؤوس سكانها , إلى الغش في الامتحانات الذي يدمر قدرة الطالب في السعي إلى المعرفة وحرمان المجتمع من طاقته الإبداعية والمنتجة وجميع المعارف والتكنولوجيا التي يحتاجها للتنمية.. فتتوقف التنمية ويسقط المجتمع في براثن الفقر والأمية والجهل والتخلف.
لا أحد يعلم متى تسرب الغش من المجتمع إلى النظام التعليمي بحكم العلاقة بين المجتمع والمدرسة. غير إن النظام التعليمي يكون بناؤها من القوة ما يسمح بتحصينها من تسرب الظواهر السلبية من المجتمع إلى المدرسة, وعندما يكون بناء النظام التعليمي هشاً يسهل اختراقه، لذلك فإن الاستنتاج الأول في هذا الميدان هو وجود استجابات داخلية في النظام التعليمي يسمح بتزايد حالات الغش.. أما تدخل المجتمع قسراً لفرض الظاهرة المخلة بقيمه فتلك جريمة بشعة تعبر عن قابلية المجتمع للفساد مع قلة تأثير الوازع الديني وعدم قدرة رجال الدين والمجتمع المتدين على خلق النموذج الأخلاقي ..كما لم تقدم المواطنة الحقة نفسها كنموذج للمواطن الصالح .. وفشل الحكومة والطبقة السياسية في تبني قيم إيجابية وممارستها على أرض الواقع.
بالعكس يكتشف الأطفال أن المجتمع يكذب عليهم: أنهم يكتشفون الهوة بين الأقوال والأفعال: أن المجتمع كله يغش ويكذب, يشاهدون التلفزيون ويستمعون إلى خطاب يجعل من البحر طحيناً ويرون الواقع مختلفاً. هكذا حالهم مع الباعة في السوق يغشون، وفي البيت يكذب الوالدان كل على الآخر، وهكذا.
ويضيف الدكتور عوبل: القبول الاجتماعي لمبدأ الغش يمنحه قيمة معتبرة من قبل أولياء الأمور في المناطق الريفية القبلية والمساهمة في تلقين الأطفال الغش من قبل فاعلين اجتماعيين هم بعض المشائخ أو الوجهاء وبعض الأهالي وبعض ممثلي السلطات وبعض التربويين، إدارات مدرسية ومعلمين ومراقبين، أحياناً مزودين بدعاوى بعضها يقصد النجاح بأي ثمن وبعضها مشفوعة بفتاوى دينية، ليست قائمة على «من غشنا ليس منا»، بل إن الغش حلال في علوم الغرب وآدابه وحرام في علوم الدين الإسلامي واللغة العربية.
وحول طرق النجاة والخلاص من الغش يرى الدكتور عوبل معه تربويون أنه يكمن في ثلاثة حلول، يتعلق الأول بإصلاح النظام التعليمي وتخليص طرق التدريس من التلقين أن يكون مقدمة للخلاص من هذه الظاهرة, خصوصاً حينما يكون المنهج ملائماً لسن الطلاب، ويتوافق ومعارف المعلم، ولا يجعل من الحشو للمعلومات غايته, بل يترك فراغاً للتدريبات والمهارات العملية.
والأمر التالي استبدال طرق التقويم التقليدية بطرق حديثة, بحيث يمكن للطالب أن يعتمد على عقله في الفهم والتفكير؛ أي أن المطلوب ليس استجرار أعمى للمعلومات التي حصل عليها بل أن يعبر عن فهم عميق في موضوع الدرس أو الامتحان.
والأمر الثالث يكمن في تنمية وعي المجتمع والإدراك بأن مكانة الفرد في المجتمع ليس فقط بالحصول على الشهادة, بل بالمعارف والمهارات التي يمتلكها، فإذا كانت اليوم التعيينات تخضع للمحسوبية والمكانات الاجتماعية التقليدية, فإن المستقبل سوف يكون مفتوحاً ومشجعاً للمنتجين وأصحاب المهارات والمؤهلات العالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.