المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الحوثيون يلفظون أنفاسهم الأخيرة: 372 قتيلاً خلال 4 أشهر    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    الرسائل السياسية والعسكرية التي وجهها الزُبيدي في ذكرى إعلان عدن التاريخي    17 مليون شخص يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي باليمن.. النقد الدولي يحذر من آثار الهجمات البحرية    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    الرئيس الزبيدي: نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    من يسمع ليس كمن يرى مميز    معاداة للإنسانية !    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغش :استفحال الظاهرة ..ينذر بالخطر
نشر في رأي يوم 01 - 07 - 2009

يواصل 533 ألفاً و736 طالباً وطالبة بدأوا مطلع الأسبوع الماضي أداء امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي الحالي 2008م/ 2009م، توزعوا على 4 آلاف و 646 مركزاً امتحانياً.
وذكر وزير التربية والتعليم الدكتور عبد السلام الجوفي أن « هناك 312 ألفاً و 550 طالباً وطالبة في الشهادة الأساسية موزعين على 3 آلاف و 136 مركزاً إمتحانياً، و221 ألفاً و 186 طالباً وطالبة في الشهادة الثانوية موزعين على ألف و 510 مراكز إمتحانية، بينهم 176 ألفاً و744 طالباً وطالبة قسم علمي موزعين على ألف و 39 مركزاً إمتحانياً، و44 ألفاً و442 طالباً وطالبة قسم أدبي موزعين على 471 مركزاً إمتحانياً».
ليس هذا ما يهمنا وإنما ما بينته التقارير الميدانية المرفوعة إلى وزارة التربية والتعليم خلال أول أربعة أيام من سير عملية الامتحانات للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م، فقد أكدت حدوث 452 حالة غش، وتجمهر حول المراكز، وهروب بدفتر الإجابة وتمزيق لها، ورفض دخول الامتحانات، واعتداء وإطلاق نار، وانتحال شخصية، واقتحام مراكز, منها 123 حالة تجمهر و95 حالة هروب بدفتر الإجابة و78 انتحال شخصية و60 حالة غش و27 حالة اعتداء و32 حالة رفض دخول الامتحانات.
وأوضح التقرير الذي قدمه وزير التربية والتعليم إلى مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي، أمس الثلاثاء، حول سير عملية الامتحانات في مختلف المراكز الامتحانية للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م تسجيل 87 حالة تجمهر حول المراكز و50 حالة غش و31 انتحال شخصية و13 اعتداء.
مشيراً إلى حدوث سبع حالات فوضى ومشاغبة و4 حالات هروب بدفتر الإجابة وأربع حالات اقتحام مراكز, فيما سجلت ثلاث حالات تمزيق لدفاتر الإجابة وحالتين إطلاق نار، وحالة واحدة رفض دخول طالب الامتحان وحالة تدخل في أعمال الامتحانات.
ورغم ذلك فقد نوه التقرير إلى أن المؤشرات الأولية لسير الامتحانات تؤكد أن الامتحانات تسير بشكل جيد في أجواء مريحة وهادئة، وأن التقارير الامتحانية خلال الثلاثة الأيام الأولى تشير إلى استقرار في الجوانب الأمنية، وأن التنسيق قائم بين إدارات الأمن ووزارة التربية والتعليم مع وجود بعض الإشكالات التي لا تؤثر على سير الامتحانات وتعكس حالات فردية.
ولفت إلى أن عدد المتقدمين لامتحان الشهادة الأساسية بلغ 312 ألفاً و550 طالباً وطالبة في مقابل 314 ألفاً و489 طالباً وطالبة في العام الدراسي 2007/2008 م يؤدون الامتحانات في 3136 مركزاً.
وما أوردته وكالة الأنباء الحكومية بعد أيام من بدء عملية الاختبارات عن إيقاف وزارة التربية والتعليم لمدير مركز امتحاني بتهمة تتعلق بالغش وتسريب الامتحانات وبيعها للطلاب, وما ذكره التقرير الإحصائي التالي عن نزاهة الاختبارات، يضعنا أمام تنامي ظاهرة لم تعد مقتصرة فقط على حالات هنا أو هنا، بل تحولت إلى ثقافة مجتمعية تعصف بالقيم المجتمعية وبالعملية التعليمية برمتها وتضعها في خانة مظلمة.
من يغوي من؟
قد يتساءل بعضكم: أين دور المراقب في اللجان و دور رئيس المركز الإمتحاني ؟؟ ولكن ماذا أقول.. لا استطيع أن أقول إلا « الله يعيننا على هذه الحالة التي أصبحنا فيها ...، وخصوصاً أننا أصبحنا في مجتمع مادي، يتعامل مع المادة بشكل واسع، ولماذا هذا،، لست أدري،، يتساءل أحدهم، وهو محق.
مع توجه أكثر من نصف مليون طالب وطالبة إلى المدارس الإعدادية والثانوية لأداء الامتحانات تتعدد الوسائل وتتجدد الأفكار التي يخترعها الطلاب لكيفية الاستحواذ على اللجان الرقابية بالمال والإغراء وحق القات لكي يسمحوا لهم أن يغشوا، فتظهر الأقلام الليزرية والأوراق المطوية بداخل الأقلام ,إلى ما هنالك من ابتكارات الغش المتعددة,
كما أنه لم يعد خافياً أن الفساد وصل برؤساء لجان امتحانية إلى السماح للطلاب بالغش العلني في مقابل أموال يتلقونها حتى صرنا نجيد بالرحمة لمسئول امتحانات أو مراقب سمح بذلك الأمر من باب الرحمة لاغير.
تعريف أكاديمي
يقول الدكتور عبدالله عوبل: الغش سلوك انحرافي, من حيث هو خرق لقواعد السلوك والقيم التي تتبادلها الجماعة البشرية، والغش يضر بمصالح هذه الجماعة، ويفسد أخلاق الغشاش ويدمر مستقبله ويسقطه من حساب الجماعة. ولا يعود الفرد عضواً طبيعياً في جماعته إلا إذا تخلص من هذا السلوك القبيح. وللجماعة طريقتها في معالجة السلوك الانحرافي من خلال نظام الحوافز والعقوبات.
والغش كسلوك انحرافي ليس جديداً, بل هو قديم قدم الإنسان نفسه وضمن صراع ثنائيات الخير والشر. لذلك فقد حرمته الأديان السماوية والقوانين الوضعية ورصدت له عقوبات في السماء كما رصدت له عقوبات في الأرض. وتكمن خطورة الغش ان له أضرارا مادية مباشرة على مصالح الآخرين وحقوقهم وحياتهم. وأضرار أخلاقية لأنه خروج على قيم المجتمع وأضرار تتعلق بتدمير الذات الإنسانية واحتقار قدراتها على الإبداع والاختراع والمنافسة. فمن الغش في مواد البناء الذي يمكن أن تكون نتيجته انهيار عمارة على رؤوس سكانها , إلى الغش في الامتحانات الذي يدمر قدرة الطالب في السعي إلى المعرفة وحرمان المجتمع من طاقته الإبداعية والمنتجة وجميع المعارف والتكنولوجيا التي يحتاجها للتنمية.. فتتوقف التنمية ويسقط المجتمع في براثن الفقر والأمية والجهل والتخلف.
لا أحد يعلم متى تسرب الغش من المجتمع إلى النظام التعليمي بحكم العلاقة بين المجتمع والمدرسة. غير إن النظام التعليمي يكون بناؤها من القوة ما يسمح بتحصينها من تسرب الظواهر السلبية من المجتمع إلى المدرسة, وعندما يكون بناء النظام التعليمي هشاً يسهل اختراقه، لذلك فإن الاستنتاج الأول في هذا الميدان هو وجود استجابات داخلية في النظام التعليمي يسمح بتزايد حالات الغش.. أما تدخل المجتمع قسراً لفرض الظاهرة المخلة بقيمه فتلك جريمة بشعة تعبر عن قابلية المجتمع للفساد مع قلة تأثير الوازع الديني وعدم قدرة رجال الدين والمجتمع المتدين على خلق النموذج الأخلاقي ..كما لم تقدم المواطنة الحقة نفسها كنموذج للمواطن الصالح .. وفشل الحكومة والطبقة السياسية في تبني قيم إيجابية وممارستها على أرض الواقع.
بالعكس يكتشف الأطفال أن المجتمع يكذب عليهم: أنهم يكتشفون الهوة بين الأقوال والأفعال: أن المجتمع كله يغش ويكذب, يشاهدون التلفزيون ويستمعون إلى خطاب يجعل من البحر طحيناً ويرون الواقع مختلفاً. هكذا حالهم مع الباعة في السوق يغشون، وفي البيت يكذب الوالدان كل على الآخر، وهكذا.
ويضيف الدكتور عوبل: القبول الاجتماعي لمبدأ الغش يمنحه قيمة معتبرة من قبل أولياء الأمور في المناطق الريفية القبلية والمساهمة في تلقين الأطفال الغش من قبل فاعلين اجتماعيين هم بعض المشائخ أو الوجهاء وبعض الأهالي وبعض ممثلي السلطات وبعض التربويين، إدارات مدرسية ومعلمين ومراقبين، أحياناً مزودين بدعاوى بعضها يقصد النجاح بأي ثمن وبعضها مشفوعة بفتاوى دينية، ليست قائمة على «من غشنا ليس منا»، بل إن الغش حلال في علوم الغرب وآدابه وحرام في علوم الدين الإسلامي واللغة العربية.
وحول طرق النجاة والخلاص من الغش يرى الدكتور عوبل معه تربويون أنه يكمن في ثلاثة حلول، يتعلق الأول بإصلاح النظام التعليمي وتخليص طرق التدريس من التلقين أن يكون مقدمة للخلاص من هذه الظاهرة, خصوصاً حينما يكون المنهج ملائماً لسن الطلاب، ويتوافق ومعارف المعلم، ولا يجعل من الحشو للمعلومات غايته, بل يترك فراغاً للتدريبات والمهارات العملية.
والأمر التالي استبدال طرق التقويم التقليدية بطرق حديثة, بحيث يمكن للطالب أن يعتمد على عقله في الفهم والتفكير؛ أي أن المطلوب ليس استجرار أعمى للمعلومات التي حصل عليها بل أن يعبر عن فهم عميق في موضوع الدرس أو الامتحان.
والأمر الثالث يكمن في تنمية وعي المجتمع والإدراك بأن مكانة الفرد في المجتمع ليس فقط بالحصول على الشهادة, بل بالمعارف والمهارات التي يمتلكها، فإذا كانت اليوم التعيينات تخضع للمحسوبية والمكانات الاجتماعية التقليدية, فإن المستقبل سوف يكون مفتوحاً ومشجعاً للمنتجين وأصحاب المهارات والمؤهلات العالية.
ليس هذا ما يهمنا وإنما ما بينته التقارير الميدانية المرفوعة إلى وزارة التربية والتعليم خلال أول أربعة أيام من سير عملية الامتحانات للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م، فقد أكدت حدوث 452 حالة غش، وتجمهر حول المراكز، وهروب بدفتر الإجابة وتمزيق لها، ورفض دخول الامتحانات، واعتداء وإطلاق نار، وانتحال شخصية، واقتحام مراكز, منها 123 حالة تجمهر و95 حالة هروب بدفتر الإجابة و78 انتحال شخصية و60 حالة غش و27 حالة اعتداء و32 حالة رفض دخول الامتحانات.
وأوضح التقرير الذي قدمه وزير التربية والتعليم إلى مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي، أمس الثلاثاء، حول سير عملية الامتحانات في مختلف المراكز الامتحانية للشهادتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008/2009م تسجيل 87 حالة تجمهر حول المراكز و50 حالة غش و31 انتحال شخصية و13 اعتداء.
مشيراً إلى حدوث سبع حالات فوضى ومشاغبة و4 حالات هروب بدفتر الإجابة وأربع حالات اقتحام مراكز, فيما سجلت ثلاث حالات تمزيق لدفاتر الإجابة وحالتين إطلاق نار، وحالة واحدة رفض دخول طالب الامتحان وحالة تدخل في أعمال الامتحانات.
ورغم ذلك فقد نوه التقرير إلى أن المؤشرات الأولية لسير الامتحانات تؤكد أن الامتحانات تسير بشكل جيد في أجواء مريحة وهادئة، وأن التقارير الامتحانية خلال الثلاثة الأيام الأولى تشير إلى استقرار في الجوانب الأمنية، وأن التنسيق قائم بين إدارات الأمن ووزارة التربية والتعليم مع وجود بعض الإشكالات التي لا تؤثر على سير الامتحانات وتعكس حالات فردية.
ولفت إلى أن عدد المتقدمين لامتحان الشهادة الأساسية بلغ 312 ألفاً و550 طالباً وطالبة في مقابل 314 ألفاً و489 طالباً وطالبة في العام الدراسي 2007/2008 م يؤدون الامتحانات في 3136 مركزاً.
وما أوردته وكالة الأنباء الحكومية بعد أيام من بدء عملية الاختبارات عن إيقاف وزارة التربية والتعليم لمدير مركز امتحاني بتهمة تتعلق بالغش وتسريب الامتحانات وبيعها للطلاب, وما ذكره التقرير الإحصائي التالي عن نزاهة الاختبارات، يضعنا أمام تنامي ظاهرة لم تعد مقتصرة فقط على حالات هنا أو هنا، بل تحولت إلى ثقافة مجتمعية تعصف بالقيم المجتمعية وبالعملية التعليمية برمتها وتضعها في خانة مظلمة.
من يغوي من؟
قد يتساءل بعضكم: أين دور المراقب في اللجان و دور رئيس المركز الإمتحاني ؟؟ ولكن ماذا أقول.. لا استطيع أن أقول إلا « الله يعيننا على هذه الحالة التي أصبحنا فيها ...، وخصوصاً أننا أصبحنا في مجتمع مادي، يتعامل مع المادة بشكل واسع، ولماذا هذا،، لست أدري،، يتساءل أحدهم، وهو محق.
مع توجه أكثر من نصف مليون طالب وطالبة إلى المدارس الإعدادية والثانوية لأداء الامتحانات تتعدد الوسائل وتتجدد الأفكار التي يخترعها الطلاب لكيفية الاستحواذ على اللجان الرقابية بالمال والإغراء وحق القات لكي يسمحوا لهم أن يغشوا، فتظهر الأقلام الليزرية والأوراق المطوية بداخل الأقلام ,إلى ما هنالك من ابتكارات الغش المتعددة,
كما أنه لم يعد خافياً أن الفساد وصل برؤساء لجان امتحانية إلى السماح للطلاب بالغش العلني في مقابل أموال يتلقونها حتى صرنا نجيد بالرحمة لمسئول امتحانات أو مراقب سمح بذلك الأمر من باب الرحمة لاغير.
تعريف أكاديمي
يقول الدكتور عبدالله عوبل: الغش سلوك انحرافي, من حيث هو خرق لقواعد السلوك والقيم التي تتبادلها الجماعة البشرية، والغش يضر بمصالح هذه الجماعة، ويفسد أخلاق الغشاش ويدمر مستقبله ويسقطه من حساب الجماعة. ولا يعود الفرد عضواً طبيعياً في جماعته إلا إذا تخلص من هذا السلوك القبيح. وللجماعة طريقتها في معالجة السلوك الانحرافي من خلال نظام الحوافز والعقوبات.
والغش كسلوك انحرافي ليس جديداً, بل هو قديم قدم الإنسان نفسه وضمن صراع ثنائيات الخير والشر. لذلك فقد حرمته الأديان السماوية والقوانين الوضعية ورصدت له عقوبات في السماء كما رصدت له عقوبات في الأرض. وتكمن خطورة الغش ان له أضرارا مادية مباشرة على مصالح الآخرين وحقوقهم وحياتهم. وأضرار أخلاقية لأنه خروج على قيم المجتمع وأضرار تتعلق بتدمير الذات الإنسانية واحتقار قدراتها على الإبداع والاختراع والمنافسة. فمن الغش في مواد البناء الذي يمكن أن تكون نتيجته انهيار عمارة على رؤوس سكانها , إلى الغش في الامتحانات الذي يدمر قدرة الطالب في السعي إلى المعرفة وحرمان المجتمع من طاقته الإبداعية والمنتجة وجميع المعارف والتكنولوجيا التي يحتاجها للتنمية.. فتتوقف التنمية ويسقط المجتمع في براثن الفقر والأمية والجهل والتخلف.
لا أحد يعلم متى تسرب الغش من المجتمع إلى النظام التعليمي بحكم العلاقة بين المجتمع والمدرسة. غير إن النظام التعليمي يكون بناؤها من القوة ما يسمح بتحصينها من تسرب الظواهر السلبية من المجتمع إلى المدرسة, وعندما يكون بناء النظام التعليمي هشاً يسهل اختراقه، لذلك فإن الاستنتاج الأول في هذا الميدان هو وجود استجابات داخلية في النظام التعليمي يسمح بتزايد حالات الغش.. أما تدخل المجتمع قسراً لفرض الظاهرة المخلة بقيمه فتلك جريمة بشعة تعبر عن قابلية المجتمع للفساد مع قلة تأثير الوازع الديني وعدم قدرة رجال الدين والمجتمع المتدين على خلق النموذج الأخلاقي ..كما لم تقدم المواطنة الحقة نفسها كنموذج للمواطن الصالح .. وفشل الحكومة والطبقة السياسية في تبني قيم إيجابية وممارستها على أرض الواقع.
بالعكس يكتشف الأطفال أن المجتمع يكذب عليهم: أنهم يكتشفون الهوة بين الأقوال والأفعال: أن المجتمع كله يغش ويكذب, يشاهدون التلفزيون ويستمعون إلى خطاب يجعل من البحر طحيناً ويرون الواقع مختلفاً. هكذا حالهم مع الباعة في السوق يغشون، وفي البيت يكذب الوالدان كل على الآخر، وهكذا.
ويضيف الدكتور عوبل: القبول الاجتماعي لمبدأ الغش يمنحه قيمة معتبرة من قبل أولياء الأمور في المناطق الريفية القبلية والمساهمة في تلقين الأطفال الغش من قبل فاعلين اجتماعيين هم بعض المشائخ أو الوجهاء وبعض الأهالي وبعض ممثلي السلطات وبعض التربويين، إدارات مدرسية ومعلمين ومراقبين، أحياناً مزودين بدعاوى بعضها يقصد النجاح بأي ثمن وبعضها مشفوعة بفتاوى دينية، ليست قائمة على «من غشنا ليس منا»، بل إن الغش حلال في علوم الغرب وآدابه وحرام في علوم الدين الإسلامي واللغة العربية.
وحول طرق النجاة والخلاص من الغش يرى الدكتور عوبل معه تربويون أنه يكمن في ثلاثة حلول، يتعلق الأول بإصلاح النظام التعليمي وتخليص طرق التدريس من التلقين أن يكون مقدمة للخلاص من هذه الظاهرة, خصوصاً حينما يكون المنهج ملائماً لسن الطلاب، ويتوافق ومعارف المعلم، ولا يجعل من الحشو للمعلومات غايته, بل يترك فراغاً للتدريبات والمهارات العملية.
والأمر التالي استبدال طرق التقويم التقليدية بطرق حديثة, بحيث يمكن للطالب أن يعتمد على عقله في الفهم والتفكير؛ أي أن المطلوب ليس استجرار أعمى للمعلومات التي حصل عليها بل أن يعبر عن فهم عميق في موضوع الدرس أو الامتحان.
والأمر الثالث يكمن في تنمية وعي المجتمع والإدراك بأن مكانة الفرد في المجتمع ليس فقط بالحصول على الشهادة, بل بالمعارف والمهارات التي يمتلكها، فإذا كانت اليوم التعيينات تخضع للمحسوبية والمكانات الاجتماعية التقليدية, فإن المستقبل سوف يكون مفتوحاً ومشجعاً للمنتجين وأصحاب المهارات والمؤهلات العالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.