سياسيون وصحفيون وكتاب ومشائخ يبدون مترددين في المسألة الأمنية بين رغبتين.. فمن جهة يرغبون في ضمان أمنهم الشخصي ويريدون أن يسود الأمن والاستقرار وأن تقمع الجريمة في المجتمع، وفي الجهة الثانية يقفون في طابور واحد يشغبون في المسألة الأمنية ويشنعون على منفذي القانون لدرجة أن الحملات الأمنية توصف بحملات القمع والتنكيل، ويسمون رجال الشرطة الممسكين بالمتهم "خاطفون"، ويطلقون على النقاط الأمنية وصف "عسكرة الحياة المدنية". الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية والمعقدة في البلاد تفاقم الجرائم، وتمثل تهديداً للأمن والاستقرار، ولكن التحديات المتولدة من هذين المجالين مقدور عليها بمؤسسة أمنية قوية وبشراكة المجتمع المدني معها، وفي اعتقادي أن أقوى مؤسسة أمنية لن تكون فعَّالة لجهة قمع الجريمة وحماية أمن الفرد والمجتمع في أوضاع سياسية متأزمة.. خاصة عندما توجد في أطراف الأزمة نزعات ميول لتسييس المسائل أو القضايا الأمنية. إليكم بعض الأمثلة.. مثيروا الكراهية والعاملون في المشروع المناطقي أو الانفصالي أرتكبوا أكثر من 300جريمة قطع طريق، وأقاموا أكثر من 600مسيرة ومظاهرة، سادتها مظاهر عنف كالنهب، والتخريب والقتل.. ومع ذلك تصر فعاليات وشخصيات سياسية وثقافية واجتماعية أن القوم يمارسون "موال سلمي"، ويسمون المقبوض عليهم "معتقلين سياسيين" مطلوب الإفراج عنهم.. وهذا يحدث مراراً.. ويبقى هناك مجني عليهم بلا جناة.. ويتحدثون عن أن الأمن القومي قتل أمرأة وطفلاً هنا وأطلق النار على سجناء مساكين دون مبرر!! وعندما يشكل مجلس النواب لجنة لتقصي الحقائق وتعود اللجنة بتقرير يقول إن المرأة توفيت وفاة طبيعية وأن الطفل ثلاث سنوات- مات جراء سقوطه في حفرة، وأن السجناء دبروا عملية فرار واستخدموا لذلك أدوات عنف، فإذا بهم يشككون في البرلمان ويطعنون في ذمة لجنة تقصي الحقائق.. حتى المتهمين بقتل القبيطة الثلاثة وقتل وسرقة ونهب أخرين أثناء مسيرات "الحراك" يقال عنهم مدسوسين من السلطة لتشويه "النضال السلمي"... وأن كل هذا التسييس خطر على الجميع، فهو يشوه أداء المؤسسة الأمنية ويحمي المجرمين، ويضحي بحقوق الضحايا ويغري المنحرفين!