عجز الأمم المتحدة في قضية محمد قحطان.. وصفة فشل لاتفاق السلام    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل.. إن بي سي: الإعلان عن وفاة الرئيس الإيراني وعدد من المسؤولين بسقوط المروحية خلال ساعات    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    - البرلماني حاشد يتحدث عن قطع جوازه في نصف ساعة وحرارة استقبال النائب العزي وسيارة الوزير هشام    قيادات الدولة تُعزي رئيس برلمانية الإصلاح النائب عبدالرزاق الهجري في وفاة والده    تعز.. وقفة احتجاجية لأمهات المختطفين للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهن من سجون المليشيا    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وفاة وإصابة عشرة أشخاص من أسرة واحدة بحادث مروري بمأرب    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    صحيفة إماراتية تكشف عن "مؤامرة خبيثة" لضرب قبائل طوق صنعاء    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ الجفري: علينا معالجة الجذور التي أدت إلى هذه الأزمة وليس معالجة
نشر في رأي يوم 01 - 09 - 2009

متكاملاً- الذي أجراه مدير مكتب صحيفة الخليج بصنعاء الزميل صادق ناشر مع الاستاذ عبد الرحمن علي الجفري رئيس الحزب . وبالرغم من التأكيد على نشر الحوار كاملاً وارساله من مكتب الخليج بصنعاء متكاملاً، فإن صحيفة الخليج، أخذت مقاطع كبيرة من الحوار.
"الخليج": هناك أزمة يعيشها اليمن هذه الأيام، سواء في صعدة أو في الجنوب، فهل لكم أن تلخصون لنا رؤيتكم لطبيعة المشهد القائم؟
- عبدالرحمن الجفري: إذا نظر أي شخص للمشهد القائم في البلاد اليوم بعمق دون تعصب لجهة أو لموقف سياسي أو لمذهب ديني أو عرقي سيرى أن الوضع كارثي، لدرجة أصل فيه أحياناً إلى قناعة من أن ما يحدث هو عبارة عن هروب من علاج جذور المشاكل في البلاد، وهو ما يجعل الإنسان يصاب بالرعب من أن البلاد مقبلة على كوارث.
وفي اطار المشهد العام فإننا نبدو كسياسيين، سواء كنا في منظومة الحكم أو خارجها، غير قادرين على إيجاد حل، مع أننا قادرون عليه، لكن هذا التسويف في معالجة المشاكل التي تواجه البلاد سيقودنا إلى كارثة، لهذا فإنني أعتقد أن الوقت للمعالجة أصبح يضيق شيئاً فشيئاً على الجميع.
ونحن لا نحاول هنا أن نحمل مسؤولية ما يحدث لجهة معينة أو لأشخاص معينين، رغم أن هناك من يتحمل المسؤولية بصورة أكبر لأن له قرار أوسع وقدرة أكبر في الحلول، لكن دعنا نقول –مجازاً– أننا كلنا مسؤولون عن ما يجري اليوم، بمن فيه المواطن البسيط، على الأقل بقول كلمة صدق.
صعدة الآن تغرق في حمام دم، ولا أريد هنا تحميل أحد المسؤولية فيما يجري، لكن كانت لنا رؤية منذ البداية، مفادها أن رفع السلاح في وجه السلطة غير مقبول، كما أنه ليس مقبولاً أن تضرب السلطة بعنف أيّاً من المواطنين لطرحه رأي أو تبالغ في العنف للرد على عنف، فقراءة التاريخ عندنا وعند غيرنا يقول إنه لا يمكن حسم أي حروب أو مشاكل داخلية بالحروب، صحيح قد يمكن حسمها مرحلياً بالقوة وأن يقام الاستقرار، لكن لا يمكن الحفاظ على هذا الاستقرار إلى النهاية لأن طبيعة القوة متغيرة، فالقوة يعتريها الضعف فيفسح المجال لظهور المشاكل من جديد، لأنك لا تحارب مستعمراً حتى تقول له اخرج من ارضي، بل إنها حروب داخلية.
إن لم يتم تدارك القتال في صعدة وإيقافه بأية طريقة فإن جراحه قد تشمل كل دار في اليمن، وهنا الخوف الكبير، لأنه يُغذى بالنتانة – أي العصبية الذي وصفه سيدنا رسول الله ب"المنتنة".
الكلام عن مسلم، ومسلم على أساس عنصري هو منتن، والحديث عن قحطاني وعدناني، هاشمي وغير هاشمي.. هذا سفه لا يجوز، أنا أقول لكل هاشمي في هذا البلد، وأنا هاشمي وأعتز، لكن علي أن أدرك أن هذه ميزة ومنحة من الله، ولم أحصل عليها بجهد ولا باستحقاق، ولم أبذل فيها جهد، الله أمر بحب بيت رسول الله للإنتماء إلى رسول الله وليس لتمييزه عن أو على الناس، إذاً أشكر ربك على هذه النعمة التي منحك إياها، واستخدامها في كيف أن تكون خادماً للناس، فالذين يمنحهم الله مكانة أو شرف الإنتماء لرسوله عليهم أن يدركوا أن وظيفتهم أن يكونوا "نعال" الخلق وليسوا متسيدين عليهم.. و"النعل" وظيفته أن يحمي من حر الشمس والشوك والأذى...إلخ.. وهذه وظيفة من ينتسبون إلى رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم–.. وأدوات أداء هذه الوظيفة العلم والتعليم، التواضع، الخدمة للناس، إصلاح ذات البين، نشر المحبة والمودة والتعاون مع الجميع والبذل للجميع، والإحسان إلى المسيء...إلخ؛ فالصراع على السلطة على أساس عنصري أو مذهبي أو أي شيء آخر من هذا القبيل هو كارثة في أي بلد يحل بها ومرفوض في بلدنا.

"الخليج": أين نجد حزب الرابطة مما يحدث اليوم في بلادنا؟
- عبدالرحمن الجفري: أنا لا أرى دوراً عملياً لأحد في حل المشاكل والسلبيات في المشهد القائم، لا سلطة ولا غير سلطة، لا صغير ولا كبير إلا بالكلام.. نحن ندعي أننا في حزب الرابطة على الأقل نبهنا على الإشكال القائم منذ اليوم الأول لتحقيق الوحدة العام 1991م في كيف نخرج من المآزق القادمة، وقلنا في أول اجتماع للأحزاب بمجلس الرئاسة أن البلد قادمة على صراع، وجاء هذا الحديث في وقت كان الناس لايزالون منتشين بيوم إعلان دولة الوحدة والجميع في حب، وطالبنا رئيس الدولة ونائبه بالإستقالة من حزبيهما (المؤتمر الشعبي العام والحزب الإشتراكي)، وقلنا لهما أن البلد قادمة على صراع ووجودكما في هذين المركزين يغذي هذا الصراع، مما سيؤدي إلى فتن في البلاد، لكن وجودكما خارج دائرة هذا الصراع يجعلكما حكمين، لكن لم يستمعا إلينا.
طرحنا بعد ذلك مبادرات متتالية من ضمنها أسس وثيقة العهد والإتفاق والقائمة النسبية ونظام المجلسين التشريعيين وغيرها، وكلها آليات، ووضعنا اللامركزية منذ البداية لأننا نعتقد أنها مفتاح الآليات وجذرها، واللامركزية درجات وإن لم نطرحها في البدء بإسم "الفدرالية"، وفي عام 1997م قدما مشروعاً لقانون الحكم المحلي في ندوة بصنعاء ضمت كافة الأحزاب تقريباً، وهذا المشروع لو قرأته فإنه يتبنى الفدرالية، كل الحكاية أننا لم نطرح مفردة "فدرالية"، لأننا نقدر مدى تفهم الناس في ذلك الوقت لهذه المفردات، ونحن مدركون أنهم لو قرأوا المشروع بدون مفردة "فدرالية" فلن يرفضه أحد، الأحزاب اجتمعت تسعة أشهر في مكتب الرابطة لمناقشة المشروع، فعدلوه وأخرجوا منه مشروعاً مسخاً، بل أن مشروع السلطة أفضل.
إذاً نحن حاولنا على الأقل أن نشخص جذر المشكلة، وحاولنا، وقد نكون مخطئين فيما خرجنا به من محاولات، أن نقترح حلاً للعلاج.. جذر المشكلة في نظرنا هي غياب المواطنة السوية، والمواطنة السوية هي أوسع من المواطنة المتساوية، فالمتساوية تشمل حقوقاً وواجبات كلها مادية.. أما السوية فإنها تشمل، بالإضافة إلى الحقوق والواجبات، المعنويات والفكر والقيم والتعامل مع المذاهب والتعامل مع الأفكار بحرية دون تصادم أو إقصاء.
وقلنا أن المواطنة السوية ترتكز على ثلاثة أعمدة رئيسية، وهي:
أولاً: العدالة في توزيع الثروة والسلطة والعدالة بين الناس عموماً والمجتمع وفئاته.
ثانياً: الديمقراطية المحققة للتوازن والشراكة الحقيقية في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين كافة فئات الوطن ومناطقه، لأننا إذا تغاضينا عن التعامل معها تحت مبرر الخوف من الإنفصال فسيأتي الانفصال الذي نخشاه، بل انفصالات، لكن التعامل معها من ناحية ايجابية ستكون أساساً ومدماكاً لا يسمح بتفكك الوحدة.
ثالثاً: التنمية الشاملة.
وتساءلنا ما الذي يحقق هذا الهدف (المواطنة السوية)، وبعد دراسة كاملة ومعمقة وجدنا أن الدولة المركبة هي التي تحققها بمعنى الفدرالية.. نحن لدينا نظام دولة ونظام حكم، نظام الدولة هو إما نظام بسيط أو نظام الدولة المركبة أو "نص نص"، وهذا غير مجد.. فنظام الدولة المركبة "الفدرالية" هو الذي يحقق المواطنة السوية.. وابحث في أنظمة الدنيا كلها، إذا وجدت وحدة قامت على توحد كيانين أو أكثر بناءً على نظام الدولة البسيطة (المركزية)، ولاتزال دولة قائمة إلى اليوم فسنسلم بهذا النظام، لكن لا يوجد في العالم أي نوع من أنواع الوحدة قائمة بين كيانين أو أكثر وتاريخهم انقسامي مثل تاريخ اليمن واستمرت إلى اليوم.
الوحدة التي قامت بين مصر وسوريا، ولو أنها سُميت "متحدة"، فهي في حقيقة الأمر كانت وحدة بنظام الدولة البسيطة، حتى عبدالناصر بعظمته والمد القومي بزخمه لم يستطع أن يحافظ على هذه الوحدة لأنها قامت في غياب المواطنة السوية، في ظل دولة مركزية قائمة على نظام الدولة البسيطة.
إذا اتفقنا على هذا (أي نظام الدولة المركبة –الفدرالية–) فسيسهل بعد ذلك مناقشة شكل النظام، سواء كان رئاسياً أو برلمانياً، القائمة النسبية أو غيرها.. كل هذا نحن نطالب به، لكن يسهل الإتفاق عليه إن اتفقنا على نظام الدولة.. وسندرك بعد ذلك أن صراعنا هذا على أدوات غير ذي جدوى وحتى لو اتفقنا على هذه الآليات والأدوات فكل ذلك لا جدوى منه دون الإتفاق على الجذر، الهدف الغائب، المواطنة السوية ومفتاح تحقيقها الفدرالية.
"الخليج": بالنسبة للتحالفات السياسية القائمة اليوم، لماذا لا نجد الرابطة غير مصطف إلى أي طرف من الأطراف السياسية في البلاد؟
- عبدالرحمن الجفري: نحن لا نرفض أن نصطف مع أحد، لكننا نعتقد من قراءتنا، أن المشهد السياسي اليوم يجعل من الخطورة جداً قيام اصطفافات "مترسية"، لأنها ستزيد من تعقد المشهد، وتزيد من حدة الصراعات، وتكون عاملاً من عوامل التفجير للصراع، والمرحلة التي تمر بها البلد مرحلة خطيرة.
الاصطفاف المتضاد خطير جداً، قد أقبل به في الظروف السياسية العادية وفي الصراع السياسي الطبيعي الذي لا يشكّل خطورة على البلاد.. ممكن نصطف كمعارضة أو مع السلطة أو جزء منّا مع السلطة وجزء آخر ضدها.. لكن في هذه المرحلة يجب أن يكون هناك اصطفافاً وطنياً لحل الأزمات من منظور بناء النظام المانع لتوليد الأزمات، ولا يُستثنى منه أحد، وأن يتم عبر حوار لمعالجة جذر المشلكة وتحقيق الهدف للوصول إلى الحلول التي تخرجنا من الأزمة القائمة وتمنع إعادة انتاجها.
نحن تحاورنا مع السلطة لفترة طويلة، ومع الإخوان في اللقاء المشترك أكثر من مرة، لكننا لم ننضم مع أحد.. مع اللقاء المشترك قلنا نناقش كل شيء، أرسلنا إليهم رسالة في الأول من شهر ابريل هذا العام وطرحنا فيها أسساً للحوار، ولم يردوا علينا إلا قبل اسبوع أو عشرة أيام، وللأسف لم يشر الرد إلى ما طرحناه لهم في الرسالة.
لهذا فإن أي حوار يجب أن يكون متفقاً عليه من قبل الجميع، لا يمكنني كحزب رابطة أن أتفاهم مع السلطة "ضد" المعارضة فنحن معارضة، كما لا يمكنني كحزب معارض التفاهم مع بقية أحزاب المعارضة "ضد" السلطة، هذا ليس وقت مناكفات.. وبإمكاننا أن نتفاهم مع طرف أو كل الأطراف ضد الأزمات وجذورها عوامل انتاجها وإعادة انتاجها.
"الخليج": ما تعليقكم على ما يدور من حوار اليوم بين أحزاب اللقاء المشترك تحديداً والسلطة فيما بقية الأحزاب مستبعدة؟
- عبدالرحمن الجفري: منذ سنوات وهم يتحاورون أو يتفاوضون حول الأدوات والآليات لكن وتيرته ترتفع قبل الإنتخابات والأزمات، وعندما تغيب الأزمة أو الانتخابات يغيب الحوار بين الطرفين.. هذا حوار مع أحزاب مجلس النواب وليس مع كافة الأحزاب الوطنية في الساحة ولا حتى مع أحزاب المشترك كلها، وفي كل الأحوال شيء جيد أن يتحاور الناس.
أزمة الجنوب
"الخليج": برأيكم ما الذي حرك الشارع في الجنوب اليوم؟
- عبدالرحمن الجفري: الشارع في الجنوب متحرك من البداية، لكنه لم يكن ظاهراً، نحن لا ننكر أن الدولة تعاملت بعد حرب عام1994م بشكل لائق مع الناس، صحيح أنه حدثت أعمال نهب وفيد بعد الحرب، لكن على الأقل لم يتم الاعتداء على الناس، وأنا اعتبر هذه الخطوة ايجابية، كان يمكن للدولة أن تبني على هذا لكسب الناس، لكن فجأة بدأ التحول في التعامل مع الناس بنفس الأسلوب القديم، هذا لم يأتِ فجأة، بل جاء بشكل تدريجي فزادت التراكمات ورأينا حزباً جديداً يتشكل في البلد إسمه "حزب خليك بالبيت"، ضم المدنيين والعسكريين على السواء.
وللأسف فإن السلطة لاتزال مستمرة في هذه السياسة وتتعامل بها، وهذا المنطق يعمق المشكلة ويجذرها أكثر في النفوس، وأخطر المشاكل هي التي تؤثر على النفوس، فالمشاكل التي نختلف فيها من أجل مصالح مادية أو مراكز حكومية أمرها سهل، فهي ستُحل، لكن أن تُعامل بأنك من الجهة الفلانية وغيرك من جهة ثانية فهذه الكارثة بعينها.. التمييز في المعاملة أمر مدمر لكل الأواصر.
الناس في الجنوب بدءوا يطالبون بحقوق كانت معقولة، ثم بدءوا بالاعتصامات والتظاهرات لكنهم قوبلوا بكلام لا يليق، فوصفوا بالمرتزقة، وأنهم فقاقيع لا يساوون شيئاً، وهذا أثار حنق الجميع، وأرادوا أن يثبتوا أنهم رجال وليسوا مجرد فقاقيع، كما تصفهم السلطة.
أذكر أنه عندما بدأت هذه التطورات اتصلت بأحد قياداتهم الرئيسية، وأنا أعرف معظمهم، وكان ذلك قبل أن يعلنوا عن مطالب الانفصال، كانوا يطرحون سقفاً عالياً في الحقوق العادية، فقال لي "اطلب الباطل يأتيك الحق"، يعني ذلك أنه كانت عندهم نية صادقة.. لا يجب أن يستهان بهم فقرروا السير فيما هم سائرون فيه اليوم وهذا شيء طبيعي، وإن اختلفنا مع ما يطرحون سياسياً إلا أن الذي دفعهم لذلك هو القهر والغبن وغياب المواطنة السوية.. وهكذا تطورت الأمور واستمرت الاستهانة بالأحداث إلى اليوم.
"الخليج": ألا تخشون من فقدان شعبية الرابطة في الجنوب، وهي أقدم الأحزاب السياسية في البلاد؟
- عبدالرحمن الجفري: نحن خسرنا قليلاً، هذا لا ننكره، لكننا نفضل أن نُقتل ونُسحل في الشوارع على أن نقود الناس إلى متاهة لا نهاية لها، أو أن نركب موجة عواطفهم وندفع بهم ليُقتلوا وهم يصفقون لنا.. حرمة الدماء عظيمة فإذا كان هناك من يوجد في السلطة ولا يقدّر هذه الحرمة فنحن نقدّرها.. وظيفة القيادي في أي بلد ألا يكون منقاداً إلى رغبات الناس وعواطفها، وإنما منقاد إلى حاجات الناس، الرغبات والعواطف الفوارة تأتي بأفعال أو كلام قد يجانبه الصواب في ساعة غضب، فهل قد سمعت مثلاً أن أحداً يطلق زوجته وهو يضحك؟.
وظيفة القيادات أن تنقاد إلى حاجات الناس وتقودهم إليها، لا أن تنقاد وراء رغباتهم وعواطفهم الناتجة عن غضب أو عن قهر، نحن نقر بوجود قهر لدى الناس، وقد نعذرهم في ردود أفعالهم، لكن لا يعني هذا أننا نبررها، إنما هناك أسباب، فنحن قد نخسر مؤقتاً، لكنني أعتقد أنه على المدى القريب أو المتوسط سيدرك الناس أننا كنا نسير على الطريق الصحيح لخدمتم وصون كرامتهم وحقوقهم وأننا معهم ولا نزايد أو نستغل معاناتهم.
قادة الخارج
"الخليج": بمناسبة الحديث عن قيادات الخارج،هل لازالت لكم صلة بقيادات الخارج برأيك من دعوات مما يطرحه البيض من دعوات فك الارتباط؟
- عبدالرحمن الجفري: إن كنت تقصد بالصلة من الناحية الإنسانية؛ فنحن لا نقطع مع أحد وحتى الصلة السياسية لا بد أن نسمع منهم ويسمعوا منّا ولن أقبل إلا أن يكون علنياً، إنما الآن لا صلة سياسية بعد ما ُطرح "فك الإرتباط" من قِبل الأخ حيدر العطاس ثم عمل بيان مع مجموعة من القيادات المهمة في الخارج ومن ضمنهم الأستاذ عبدالله الاصنج وغيره لإستعادة دولة الجنوب وعاصمتها عدن ثم جاء البيض وأعلن فك الارتباط.
وفي الحقيقة لم أستطع أن أفهم المعنى من مصطلح "فك الارتباط"، فك الارتباط هو في الأصل بين نقيضين توحدا، فك الارتباط بين اثنين أو أكثر وليس واحداً، اليمن أصبح دولة واحدة ثم لا يوجد أحد فينا لا علي عبدالله صالح ولا البيض لا غيرهما يملك قرار فك الارتباط، لا يوجد توكيل لأحد على أحد لإعلان ذلك، مع احترامي للأخ البيض، فما بيني وبينه من العلاقات الانسانية إلا كل خير، وما بيني وبين الأخ حيدر العطاس إلا كل خير، وقد سمعت أن الأخوين علي ناصر والعطاس أعلنا مؤخراً بياناً جيداً، وهو يتوافق مع ما طرحناه بالنسبة لبعض الإجراءات وهو إخلاء المدن من المعسكرات والإفراج عن المعتقلين وإجراء حوار لأن القوة لا تحافظ على الوحدة، وكلامهما في هذا الإتجاه صحيح.
"الخليج": هل تعتبرون حديث العطاس الأخير خطوة تراجعية عن مشروع "فك الارتباط"؟
- ليس عيباً على أي سياسي أن يراجع موقفه، بالعكس أنا اعتبرها ميزة.. السياسي الذي يملك الشجاعة لأن يتراجع عن رأيه إذا وجد أنه ليس صحيحاً، أمر لا يعيبه.. بل على العكس هذا فيه شجاعة، العطاس عكس ما يُشاع عنه بأنه ضعيف وأنه غير جرئ، العطاس شجاع في الرأي، بصرف النظر عن صواب ما يطرح أو عدم صوابه في نظرك.
"الخليج": كيف هي علاقاتكم مع السلطة، هل هي مع الرئيس مباشرة أم هي مع المؤسسة الحاكمة؟
- عبدالرحمن الجفري: صدقني لا أعلم، نحن تحاورنا مع الإخوة في القيادة السياسية للمؤتمر الشعبي والسلطة تسعة أو عشرة أشهر، وكان من السلطة كبارها ممثلة بالدكتور عبدالكريم الإرياني والأستاذ عبدالعزيز عبدالغني ومن الرابطة كنا نحو خمسة قياديين، وقد اتفقنا على جميع القضايا الاقتصادية والاجتماعية ولم نتفق اتفاقاً نهائياً على أية قضية سياسية، فقد قررنا منذ البداية أن لا نعلن عن أي خلافات في الحوار لأن هدفنا الوصول إلى اتفاق وليس المناكفات.
كان عندنا أمل كبير أن نصل إلى شيء للبلد وليس لنا، وفي النهاية قبل حوالي سنتين اتفقنا اتفاقاً نهائياً بعد صلاة الجمعة في رمضان قبل الماضي على أكثر القضايا السياسية الهامة، وهي نظام الحكم، نظام الدولة، أو كما قال الرئيس حكم لا مركزي كامل الصلاحيات تقام فيه حكومات محلية، والذي هي الفدرالية، الذي قاله الرئيس في عدن في 3 ديسمبر 2006م هو فيدرالية كاملة، دولة مركبة قال إنه لن يأتي عام 2010م إلا وقد تحولت الصلاحيات إلى المحليات كاملة وتحولت إلى حكومات محلية تنتقل إليها جميع الصلاحيات ماعدا السيادية، هذه فدرالية، ولا أحد يقدر يقول لي إنها ليست فدرالية، هذا كلام الرئيس.. ثم أصدر الرئيس مبادرته بعد ثلاثة أيام من اتفاقنا.. وأيدناها ثم بعد شهرين تمت دعوتنا إلى حوار جديد كان الأخ رئيس الوزراء السابق عبدالقادر باجمال يرأس فريق السلطة والمؤتمر، وإذا بالحوار يبدأ من المربع صفر.. فقلنا لسنا على استعداد أن نناقش قضايا سبق واتفقنا حولها.. فقالوا لقد غيرنا رأي الرئيس.. ثم التقينا مع دولة الأخ نائب الرئيس والأخ الشيخ سلطان البركاني وطرحنا رؤيتنا.. في اللامركزية الكاملة والشراكة...إلخ، وبعد يومين مددوا مجلس النواب باتفاق مع المشترك.
أنا أرجو من الأخ الرئيس أن يعجل في اتخاذ خطوات لإنقاذ البلد بإعتماد الفيدرالية، وسنوافق على أن يتبنى الرئيس تلك الحلول الصحيحة ومن غير حوارات على أن يعلنها وينفذها بحق من طرف واحد إذا كان الحوار لا يؤمن به بعض المحيطين به..
البلد مقبلة على صراعات منتنة، لذلك نحن نقبل إذا تبنى فخامته طرحنا لأن جذور المشكلة هي عدم قيام المواطنة السوية بمرتكزاتها الثلاثة ومفتاح حلها هي الفدرالية يتفضل الأخ الرئيس بتنفيذها، ونحن معه، والخائفون على مراكزهم ومصالحهم في السلطة نقول لهم كفاية يا إخواننا، ما معكم يكفيكم، نقبل أن تستمروا تحكمون، لكن أوقفوا النهب، هل هناك أكثر من هذا؟ يا إخواننا البلد مقبلة على خطر أكبر منّا وأكبر من الحزب الحاكم وأكبر من الرئيس ومن السلطة.
والرئيس هو الآن في مرحلة تاريخية، وأنا أقولها صادقاً وعن مودة، فإما أن يسجل شيئاً في التاريخ غير الذي كان في الماضي في سلبياته وايجابياته، وهو قادر والفرصة سانحة، وإما أن يسجل شيء للتاريخ ولكن بصورة مغايرة، وهو أيضاً قادر والفرصة سانحة، والنقيضان ممكن أن يقوم بأي منهما، لكننا نفضل أن يقوم بالشيء الإيجابي، وفي هذه الحالة سنكون جميعاً شركاء في بناء بلادنا.. أو تستمر الحالة كما هي وسنكون جميعاً شركاء في إنقاذ بلادنا.. والله من وراء القصد.
"الخليج": أين وصلت مبادرة حزب رابطة أبناء اليمن "رأي"، وما ردود الفعل حولها؟
- عبدالرحمن الجفري: وصلت إلى كل من يهتم ويتابع المشهد السياسي في بلادنا.. سواء على المستوى المحلي أو غير المحلي.. وتلقينا سيل من المباركات والتأييد لها حتى من قيادات كبيرة في جميع الأحزاب بما فيها قيادات في المؤتمر الشعبي العام وكثير من الشخصيات المستقلة والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني ومشائخ القبائل والتكوينات مثل تحالف مأرب والجوف وحراك الصحراء...إلخ.. ولا أعني أنهم أيدوها بصورة رسمية بإسم أحزابهم.. عدا حزب التجمع الوحدوي اليمني الذي أعلن رسمياً تأييده لنظام الدولة المركبة الفدرالية.. بل إن مصطلحات ومفردات مثل "الدولة المركبة" و"الفدرالية" و"القائمة النسبية".. و"النظام التشريعي بمجلسين "و"الإصلاحات الشاملة".. و"الشراكة" و"التوازن" و"المواطنة"...إلخ مما حوته أدبياتنا سواء مشروع قانون الحكم المحلي 1997م أو برنامجنا عام 92-1993م أو مشروعنا الوطني للإصلاحات الشاملة 7/11/2005م أو رؤيتنا في 17 يناير 2008م أو مبادرتنا في 8 يونيو الماضي.. كلها أصبحت لا يخلو منها أي خطاب سياسي.. كذلك فإن الإخوة في اللجنة التحضيرية للحوار المنبثقة عن اللقاء التشاوري طرحت في رؤيتها خيارات تصدرها خيار "الفدرالية" ثم الحكم المحلي كامل الصلاحيات ثم الحكم المحلي واسع الصلاحيات.. مما يدل أن أطراف في اللقاء التشاوري قد تبنّوا مبادرتنا خاصة ما يتعلق بالدولة المركبة "الفدرالية".. كذلك عدد من أهم القيادات في الخارج أصبحت ترى فيها الحل لبناء الدولة وحل الأزمات والمانع لإعادة انتاجها.. ويبقى النقاش حول ما إذا كانت فدرالية لإقليمين أو أكثر..
أما على المستويات خارج اليمن فقد شعرنا باهتمام معظم المهتمين بما يجري في بلادنا وعكس ذلك تناول أهم وسائل الإعلام المرئية والمقروءة للمبادرة تناولاً ايجابياً.. ونعتقد أنها تقترب من أن تصبح رأياً عاماً.. فهي مفتاح المواطنة السوية وعلاج لكل التشظيات التي توشك أن تعصف بالوطن.
"الخليج": رددت وسائل إعلام أن وساطة عربية وإقليمية بغطاء امريكي.. ما مدى صحة ما تردد؟
- عبدالرحمن الجفري: لا شك أن لبلادنا موقعاً وتاريخاً ومستقبلاً يشكل أهمية بالغة لأمن المنطقة ولأمن النقل البحري الآمن والمستقر لأهم مادة استراتيجية تهم العالم وهي النفط.. لذلك فإن الجميع يسعى لأمن واستقرار اليمن.. وبالتالي لن يُترك اليمن عرضة لأن تعصف به الأزمات الداخلية.. والجميع يسعى لمساعدة أبناء اليمن للتغلب على أزماتهم وبناء دولتهم المستقرة.. وعلينا أن نساعد أنفسنا ونقبل بمساعدة الأشقاء والأصدقاء لنا للخروج من المآزق التي وضعنا أنفسنا فيها وهي مآزق هيأت وتهيء المناخات التي تسمح لجهات التخريب والتطرف بأن تجد في بلادنا مرتعاً لها.. وذلك شكل ويشكل حالة مقلقة في المنطقة وتعرض مصالحها ومصالح عالمية للخطر وبالتالي فإن مسعاهم لمساعدة بلادنا –لتحقيق الاستقرار الداخلي من خلال معالجة جذور الأزمات من خلال مفاتيح الحل– سيكون صادقاً وجاداً.. وما لم نستجب ودون تلكؤ أو تسويف أو ترقيع فإننا سنصل –لا سمح الله– إلى ما قاله الأخ الرئيس قبل عدة سنوات "إذا لم نحلق لأنفسنا فسيحلقون لنا".. والأسلم أن نستخدم أمواسنا لحلاقة نظيفة ومعقمة.. فذلك خير من أمواس عامة تجرحنا وتدمي رؤوسنا.. لم يعد أمامنا كثير من الوقت للمماحكات والمكايدات وترف الحديث حول الآليات الأدوات والتقاسم والمساومات.. نسال الله اللطف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.