سياسيون ومثقفون كبار وفيهم أساتذة جامعات، يرددون مقالات غير صحيحة لمجرد أنهم ألفوها، ويعلنون عن أراء ليس لأنهم يثقون بها، بل لأنها ترضي فرداً أو مجموعة معينة من الأفراد. عند كبار الصوفيين "هناك درجة في الترقي الإيماني اسمها "الفناء"؛ أي أن يصل إلى مرحلة الاندماج مع واجب الوجود، أو أن تذهب عنه الصفات البشرية لتحل محلها صفات الألوهية ما عدا صفات الذات مثل "الله".. وأولئك السياسيون والمثقفون والأكاديميون ليسوا من أهل التصوف، ولكنهم "يفنون" أنفسهم ويذيبون ذواتهم مع وثنيات سياسية وثقافية ويعبدون المألوف ويبذلون كرامتهم لشخص مهم أو ثري، وشعارهم "كل شيء هالك إلا وجهه"! ولولا أن بعض هؤلاء لهم سماعون للكذب يصدقونهم لما استحقوا منا هذا التعليق، فهم عندما يتحدثون ويكتبون عن حركة التحرر أو الحركة الوطنية وتراثها يشيرون إلى هذه الحركة التي بدأت في ثلاثينيات القرن العشرين، وهم بذلك يقصدون اليمن كله بينما في الحقيقة الأمر يتعلق بالحركة الوطنية في شمال اليمن فقط.. أما إذا كان الأمر يتعلق بالحركة الوطنية في اليمن فتاريخها المعاصر يرجع إلى ما قبل نشأتها في الشمال بمئة عام، حيث نشأت في الجنوب أولاً وذلك أول ساعات اليوم الذين وصلت فيه طلائع المستعرين إلى عدن عام1835م، فأولئك الذين تصدوا لتلك الطلائع ومن استشهد في ذلك اليوم هم أبناء الحركة الوطنية وهم أبناء ثورة سبتمبر التي يقال خطأ أن ثورة أكتوبر بنتها! ولأن وثيقة أحزاب المشترك حول الحوار والإنقاذ صنعت على مزاج شخص مشهور وبتمويله يأتي سياسيون ومثقفون وأساتذة جامعات، تحت شعار "كل شيء هالك إلا وجه صاحبنا" ليدمجوا مقالات عن هذه "الوثيقة" التي لم يسبق إليها أحد من العالمين، ويقولون إنها من العظمة في كل شيء بحيث تجبّ ما قبلها، وكل الوثائق والمبادرات التي سبقتها وعبر التاريخ الطويل للحركة الوطنية أصبحت بعد هذه الوثيقة "بلا معنى وصفر على الشمال.. طيب يا جماعة.. أين وضعتم الدستور المقوس وأدبيات حزب رابطة أبناء الجنوب سابقاً ووثيقة توحيد الفصائل في الجنوب في الجبهة القومية، والميثاق الوطني، ووثيقة العهد ووثائق ومبادرات حزب رابطة أبناء اليمن "رأي"؟