وقال رئيس الوزراء أثناء مشاركته اليوم في حفل افتتاح الندوة العلمية التي ينظمها مركز الدراسات والبحوث بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل شيخ الأحرار الحكيمي، قال" لقد علمونا أولئك المناضلين الأحرار دروساً بالغة في الحكمة واليقين والصلابة والإباء وفي الثورة والعطاء ".. وأضاف" ما أروعها لحظات نجتمع فيها اليوم صادقين مع أنفسنا وأفئدتنا وعقولنا ، صافين مع أذهاننا ، لأننا جأنا بإرادة نحو أمتلاء حقيقي للوطنية والثورة والسلام". ونوه رئيس الوزراء الى التاريخ النضالي للشيخ عبدالله الحكيمي الذي جمع بين صفات الفكر الإسلامي والصوفي المجدد والصحفي الرائد والسياسي المكافح من اجل الحق والعدل والسلام.. ووصفه بالرائد النهضوي وانه مدرسة بأكملها. وتناول الاخ عبدالقادر باجمال الأبعاد السياسية والإنسانية والتنويرية المبكرة التي اتسمت به شخصية شيخ الأحرار الحكيمي تجاه العديد من القضايا الوطنية والقومية والدولية .. موضحاً انه وغيره من الرواد الأوائل من المهاجرين اليمنيين قد أبدعوا في صياغة علاقة إنسانية راقية وفي تقديم الصورة الناصعة والنقية للإسلام وقيمه السمحة.. مؤكداً انهم وبسيرتهم العطرة قد صنعوا حضارة ومجد عظيم وانه ينبغي علينا ان نفخر بهم وان نتعلم من الدروس التي خلفوها لنا وفي مقدمتهم شيخ الاحرار عبدالله الحكيمي. وكان الدكتور عبد العزيز المقالح رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني ، رئيس اللجنة التحضيرية للندوة القى كلمة أكد فيها ان ما نقوم به اليوم ، وما كان يجب ان نقوم به منذ وقت طويل ، ليس سوى قراءة اولى لمشروع التحديث والتنوير والثورة الذي حاول الرواد وناضلوا من اجله ودخلوا السجون وسكنوا المنافي وفي طليعتهم المحتفى به في هذه الندوة الداعية الصوفي الثوري المناضل الشيخ عبدالله الحكيمي ، اول صوت يرتفع بالحرية ويطرح ماكان يعاني منه الناس في بلاد اليمن من ظلم وتعسف وطغيان. واستعرض الدكتور المقالح مسيرة الشيخ الحكيمي التنويرية التي اتصفت بالهدوء الذي كان يخفي غضبا عاصفا من خلال رسائله ومقالاته المحذرة من العواقب الوخيمة على الحكم الكهنوتي وعلى الشعب ، والتي كانت تقارن بين ما وصل اليه العالم وما يعانيه المواطنين اليمنيين من حالة استلاب وتخلف وعبودية هو أسوأ من الاحتلال . واستشهد المقالح بنماذج من رسائل الحكيمي ومقالاته التي صورت واقع اليمن البائس ابان الحكم الكهنوتي ، ومنها رسالة وجهها للرئيس المصري محمد نجيب عقب قيام ثورة 23يوليو 1952. فيما تطرقت كلمة المناضل الكبير الوالد عبدالسلام صبره التى ألقاها نيابة عنه المفكر المعروف عبد الباري طاهر إلى مناقب الفقيد الحكيمي وتضحياته بكل غال ونفيس في مقارعة الظلم والكهنوت ودعواته للإمام إلى رفع الظلم عن أبناء الشعب اليمني، وإعطائهم حقوقهم في ضوء أمانة الحكام من خلال نشر التعليم والخدمات الصحية والمواصلات بكل أنواعها وغيرها من الواجبات التي على الحكام القيام بها . وقال صبرة " الا ان تلك الدعوات الصادقة والمخلصة لم تلق من الامام إلا الردود العنيفة والجائرة التي تجسدت بسجن العديد من الأحرار في الداخل ومضايقة ومطاردة الكثير منهم في الخارج ". وأشار إلى ان الشيخ الحكيمي كان يغير أسلوبه في النضال انطلاقا من معطيات الواقع ومتغيراته ، فبعد أن أدرك أن النصيحة لم تعد نافعة بدأ يخاطب الشعب عن طريق بعض الصحف ويذكره بحقوقه وواجباته الدينية والإنسانية وكيف يواجه الظالمين ويرفضهم ويقاومهم .. مدللا على ذلك بان الحكيمي، بعد ثورة 48 وإصابة الناس بهول النكسة ، اصدر صحيفة السلام بكارديف والتي استمر بها يصول ويجول ويصور الظلم والظالمين مشهدا العالم العربي والإسلامي ومن يرى فيهم النصير من دول العالم مواجهاً الأخطار والمصائب الرهيبة داعيا إلى العدل . وأكد ان هذا الأمر دفع السلطات البريطانية إلى تضييق الخناق عليه وسجنه في عدن بعد عودته من بريطانيا. وقال المناضل عبد السلام صبرة : لقد كان الشيخ عبدالله الحكيمي رحمه الله عملاقاً فيما قدمه وأنجزه سواء في المجال السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي وهو ثالث الزبيري والنعمان وله دوره الكبير في إنشاء الجمعية اليمانية الكبرى والمشاركة في صحيفة صوت اليمن التي كانت مقالاته هو وزملاؤه تبث الأمل في نفوس الأحرار وتصك أذان الحكام الطغاة. وألقى الدكتور أحمد محمد الاصبحي الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام ، كلمة الأحزاب والتنظيمات السياسية والتي اشار فيها الى إن عقد الندوة الوطنية الخاصة بالذكرى الخمسين لرحيل الفقيد المناضل عبدالله بن علي الحكيمي يمثل فرصة لتسليط الضوء على مرحلة من ادق مراحل النضال ضد الاستبداد الأمامي والاستعمار البريطاني. وقال " على الرغم من عذابات تلك المرحلة وشدة معاناتها وكثرة إخطارها ، فقد شكلت مرحلة صقل للحركة الوطنية ومصهرا للكشف عن نقاوة معادن المناضلين الذين إزدادوا ألقاً في النضال ووهجًا في الثورة ". واستعرض الدكتور الاصبحي الأدوار المتميزة للشيخ الحكيمي في حركة الأحرار اليمنيين منذ إعلانها في عدن عام 1944م وحتى وفاته في 4أغسطس 1954م ، بالإضافة إلى مأثرة الفكرية الثائرة وحركته النضالية الدؤوبة ودعوته الى الوسطية والاعتدال.. مشيرا إلى ان شيخ الأحرار اليمنيين ظل بعد فشل ثورة 1948 الدستورية حاملا لراية النضال الوطني ، لاتلين له قناة ، يصدع بالحق الوطني في بلاد المهجر ، ينشر قضية الشعب وكفاحه ضد الاستبداد والتخلف عبر إصداره صحيفة السلام بكارديف. من جانبه اعتبر الاخ محبوب علي نقيب الصحافيين اليمنيين ، نائب رئيس اتحاد الصحفيين العرب ، ان الاحتفاء بالذكرى الخمسين لوفاة الحكيمي يمثل تكريما للرعيل الاول من رواد الصحافة اليمنية في المهجر. وقال:" لقد علمنا أولئك الرواد ان الصحافة قضية ورسالة وان السفر ليس نزهة والوطن ليس حقيبة". واشار نقيب الصحفيين الى ان الحكيمي واحد من اؤلئك الرواد، حيث نذر نفسه وقلبه وعقله وماله من اجل إعلاء راية الكلمة الحرة وربط مصيره مع قضية شعبه، وقدم نفسه من خلال صحيفة السلام من كارديف في بريطانيا الى عدن التي أصدرها الشيخ الحكيمي خلال الفترة 1948-1952م ، ولاقى ربه في أغسطس 1954بلا رصيد مالي سوى هذا الكنز الوفير من الحب والإرث والتراث والذكرى العطرة. فيما أكد الأديب زين السقاف في كلمة اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين ان المناضل الحكيمي مثل نهضة امة عظيمة وتطلع شعبها الى الحرية ولانعتاق من التخلف معملا القتل في الجهل والجهالة.. مشيرا إلى ان الشيخ الحكيمي عبر عن طموح شعب وأدب أمة ، ودخل العصر من كل جوانبه ، وكان يجيب على أسئلة العصر والحياة متنسما عبق الحرية والتطلع الى المستقبل في محاربة الظلم ولاضطهاد وهو ما جعله منارا للناس في مهجره. واستعرض لقاءات الحكيمي بعدد من المفكرين والعلماء في عصره لشرح قضايا اليمن ومعاناة أبناءه ، ليس على المستوى العربي فحسب ، وأنما على المستوى العالمي. واعتبر السقاف الشيخ الحكيمي نبراسا يقتضي من الأجيال الاهتداء بقيمه النبيلة وسعة صدره في حب وطنه وأمته. كما القى الاخ أمين الوائلي كلمة الزاوية الصوفية العلاوية بامانة العاصمة ، اشار فيها الى أن فترة السنوات الخمس التي قضاها الشيخ الحكيمي في (مستغام) الجزائرية لدى الشيخ الصوفي الجليل أحمد مصطفى العلاوي ، هي التي ابدعت في تشكيل الشخصية الكلية والنهائية للحكيمي. وقال " إذا كان قد استقر لدى الناس ان التصوف إنعزال وانسحاب عن الحياة فان الشيخ الحكيمي يقدم لنا مثالا بالغ الاهمية على حقيقة التصوف الصافية مبنى ومعنى من خلال نظرته التكاملية للتصوف والثورة ".. مشيرا الى ان اكتمال التصوف بالفعل الثوري يبدو جليا لدى الحكيمي الذي فجر فيه التصوف ثورة روحية عالية الاثر بالغة التأثير . وثمن محي الدين عبدالله علي الحكيمي باسم اسرة الشيخ عبدالله الحكيمي جهود مركز الدراسات والبحوث اليمني في أحياء مثل هذه المناسبات المرتبطة بمرحلة من مراحل النضال الوطني وابراز دور رواد الحركة الوطنية .. مشيراً إلى أن هذه هي الندوة الثالثة التي يقيمها المركز عن حياة وفكر ونضال الشيخ الحكيمي رحمه الله.. معتبرا هذه الاحتفائية تمثل عرفانا لكفاح كل رواد الحركة الوطنية اليمنية الذين اناروا لنا طريق الثورة والوحدة . حضر الجلسة الافتتاحية للندوة الاخوة القاضي عبد السلام صبرة ،ومحسن العيني ، ويحي الراعي نائب رئيس مجلس النواب ، والدكتور عبد الوهاب راوح وزير التعليم العالي والبحث العلمي ، وخالد الرويشان وزير الثقافة والسياحة ، وعدد من اعضاء مجلسي النواب والشورى ، والادباء والمثقفين ورواد الحركة الوطنية. وكان الاخ عبد القادر باجمال رئيس مجلس الوزراء افتتح معرضا يضم عدد من الصور والوثائق التي تؤرخ لمسيرة الحركة الوطنية التي كان الحكيمي احد اقطابها ، ودور شيخ الاحرار اليمنيين في مناهضة الاستبداد الامامي والتسلط الاستعماري . هذا وقد بدأ المشاركون في الندوة الوطنية التي ينظمها مركز الدراسات والبحوث بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل شيخ الاحرار الحكيمي بمناقشة اوراق العمل المقدمة للندوة في جلسة اليوم حيث تناولت الورقة الاولى (الفكر السياسي والاجتماعي لدي الحكيمي) للباحث فيصل الحذيفي ، وعقب عليها الدكتور عبدالله فارع عزيزي ، فيما تناولت ورقة العمل الثانية المقدمة من الدكتور قائد محمد طربوش (الافكار القانونية عند الحكيمي) من خلال دراسة مقارنة بين مسودة مشروع الدستور المؤقت والميثاق الوطني المقدس . وقد عقب على هذه الورقة الدكتور محمد سعيد مغرم . فيما استعرض الباحث عبد الباري طاهر من خلال ورقة العمل الثالثة بعنوان " الحكيمي والعالم العربي " لقاءات الحكيمي بالمفكرين والساسة العرب لشرح القضية اليمنية وما تتطلبه من مؤازرة . وعقب على هذه الورقة الأستاذ زين السقاف. وقد أثريت أوراق العمل بالنقاش الجاد والموضوعي من قبل المشاركين والذي عكس حرص الجميع على التأصيل للحركة الوطنية اليمنية بكل جزئياتها وتفاصيلها من خلال رموزها والذي يمثل الشيخ الحكيمي احد روادها.