في الوطن العربي، يخرج المواطنون من عامٍ أحمق إلى عامٍ صفيق، وينتهي الشوط الأول من حياتهم بيد السلطة، والشوط الثاني بيد المعارضة؛ على قاعدة: من مشنقة إلى مشنقة فرج!!.. يُودع الناس عاماً ويستقبلون آخر، والأمور هي هي.. صفقات بين السُلطات الحاكمة والسُلطات المعارضة، وتناوبٌ لموائد الارتزاق.. "الخبر نفس الخبر"، ولا جديد تحت الشمس ولا فوق الخيل.. الجميع يعمل وفقاً للسياق الثابت.. يمضي عام على إثر عامٍ وذاكرة التاريخ المعاصر تكتظ بأبرز أحداث الفواجع والكوارث.. تعصف بنا رياح الصغير، وزوابع الإعلام!!.. هستيريا التنظير تطغى على المشاهد بأسرها، وهلوسة التغيير تقضي نحبها في أدراج أمناء عموم الأحزاب والتنظيمات.. الأغلب أن أحزابنا وتنظيماتنا السياسية تنبع من اشتغالات أفرادها لا من تضحيات قياداتها.. الإقطاعيون في كل وادٍ يهيمون، وكالشُعراء يقولون ما لا يفعلون، وينتظرون أن تحترق الجماهير لتضيء نجوميتهم.. يريدون من الجماهير أن تقلب أنظمة الحكم ليتربعوا على كراسي الكهنوت!!.. يخرُ عامٌ على وجهه، ويقبل عامٌ جديد فاغراً فاهاً أوسع ليبتلع الزمانُ الإنسان، وليكون العالم على موعدٍ مع الأخبار العاجلة والتوقعات غير المعقولة.. لا فرق بين عامٍ أحمق وعامٍ صفيق، ولا بين سنةٍ عجفاء وسنةٍ شوهاء.. لا فرق بين عربي وعربي إلا بدرجة إلى درجتين من التخلف.. الحمد الله، لا أحد أفضل من أحد!!.. في الشرق إيران، وفي الغرب أمريكا، ووسط المشرق والمغرب إسرائيل،، وحول هذه الخارطة دوامة من الأشلاء العربية، تهتف تارة بالموت لأمريكا وتارة بالموت لإسرائيل، وتارة بحياة ما تبقى من الجينات القحطانية والعدنانية!! هذه البقعة من الأرض.. هذه الرقعة من الجغرافيا.. هذه البلاد العربية، تضيق ذرعاً بنا... في هذه البقعة مشكلة ما تشبه مشكلة البقعة التي حل اسمي مكانها في قائمة مندوبي المؤتمر الفرعي التاسع لاتحاد الأدباء، والكتاب.. بقعة جعلت الأستاذ كمال البرتاني والأستاذتين نادية مرعي وسماح الشغدري، جعلتهم يظنون بالاسم الظنونا!!.. يبدو أننا جميعاً يا أساتذة يا كرام في بقعة من الدهون تُلفِّع أفكارنا!!.. نودع عاماً من الإحباط، ونستقبل عهداً من التشاؤم، كالعادة.. ما الداعي إذن لأن نسجل انطباعاتنا عما جرى ذات عامٍ، مادام أن مثل ذلك سيجري عما قريبٍ؟!!.. نحن فقط نحتفظ أو نحاول أن نحتفظ بالقليل من ماء الوجه وبما تبقى من عقولنا!!..