عندما تملك القدرة على العطاء ولكنك لا تستطيع أن تعطيه للناس عندها ماذا يكون شعورك؟ لم أكن أعرف مأساة فقدان القدرة على العطاء وأنا أملكه إلا عندما أحسست بذلك، وتمزقت مشاعر قلبي مما أحسست به، إنه لشعور جد حزين، شعور يجعلك محبط المشاعر والأحاسيس؛ لأنك إن ملكت الدنيا وما فيها وأنت فاقد القدرة على العطاء برأيي (كأنك لا تملك شيئاً) وبالمقابل لو لم تكن تملك أي شيء سوى قدرتك على العطاء والبذل لملكت الدنيا وما فيها، ربما أكون مبالغة ولربما أنعت بأني لا أدرك ما أقول! إلا أنني أؤكد وأجزم أن من ذاق حلاوة العطاء بصرف النظر عن كونه مادياً أو معنوياً وبصرف النظر عن كون المعطي غنياً أم فقيراً، شاباً أم شيخاً، فتاة أم امرأة، لكان ممن يؤيد ما سطرته حروفي ونسجته أقلامي. إن حلاوة العطاء والبذل لا تأتي من قلوب منكرة أو قاسية ولا قلوب ميتة أو بخيلة أو لها علاقة بحب الدنيا وملذاتها ذاك أن أعظم لذة يجدها الإنسان هي لذة العطاء والبذل، صدقوني إني لا أبالغ فيما أقول، حيث إن العطاء ليس فقط بالمال، إن له طرقاً شتى، منها العطاء بالجهد والوقت والمال والكلام، بل يصل إلى أبسط شيء وهو العطاء بالابتسامة، فهل تكلفتك هذه البسمة أشياء ثمينة؟؟ ولكي تكون الصورة واضحة أكثر أطرح بين أيديكم هذا السؤال وهو: لماذا من يبذل العطاء بكل أشكاله أو بعضها يعيش حيناً من الدهر؟ وبمعنى آخر لماذا يطول عمر من يبذل حياته للناس؟ هل لك أن تخبرني أيها العاقل بإجابة شافية لما طُرح عليك؟ فكر وتعدى ذلك بأن تكتب وقبل أن تضع قلمك اسأل نفسك هل أنا من هؤلاء الناس الذين علموا الحكمة من وجودهم؟ سأجعل هذا السؤال خاصاً فيك أيها القارئ، ولك أن تتأمل فيه كما تريد، لذا لن أجيب في هذه المرة بل سأجعلها للمرة القادمة، فأرجوك أن تمر مرور الحكماء وحاور وناقش وقل رأيك الذي هو ملكك أنت، فأنت حر، فلا ترضى أبداً بالعبودية والرق وأي عبودية أشد من سلطة الهوى على الإنسان!!!! إن العطاء ليس بالشيء الهين أو السهل، نعم فعلى الرغم من أن العطاء لا يكلفك شيئاً مادياً، ولعل الوقت والجهد هو أبلغ وأهم من المال وبرغم أنه يخيل لمن يراه شيء ليس بالعسير فأنا أقول: لا، فيا ترى لماذا العطاء شيء صعب؟ وهذا يفسر لنا لماذا أكثر الناس لا تبذل العطاء. عزيزي القارئ إن الإنسان الذي لا يملك العطاء لنفسه ولا لأهله فأنى له أن يبذلها للآخرين وهنا يتجلى لنا سؤال آخر وهو: كيف يكون عطاء الإنسان لنفسه، وهل هناك فعلاً عطاء للنفس...!!!!