أشعر بالأسى .. " قبل واثر الملتقى الثاني لقصيدة النثر"..لا أحد يسلم من أحد ..الجميع ضد الجميع .. صراع عبثي يثير اللعنة وأكثر ..مراكمة لا معقولة لهستيريا القرف والبؤس .. ينسون أنهم شعراء ويستعيدون الداحسيات القديمة .. جعلوني كئيباً وجوهر سلوكياتهم لا يعبر عن رؤيا قصيدة النثر كما ينبغي.. نفايات أحزاب ..بيانات وتصريحات موبوءة ..متحمسون للضجيج الذي لا يترك أثراً نبيلاً ..كبرياء زائفة بلا شأن أخلاقي حقيقي .. إنهم يمتهنون أرواحهم الإبداعية بتصفية حسابات الأيديولوجيا "بنت الكلب"..إنهم وفي أقل الخسائر يديرون الفعل الثقافي كما لو أنهم يترامون بمنافض .. مسحورون بشهوة المكائد للأسف ويكتسبون مهارة التفسخ.. مصابون بعصاب الحتميات السيئ ولا ينتجون أي معنى مختلف.. ينكشفون جيداً على ضغائنهم كما يتشوهون لأنهم لا يستبطنون المعرفة الحقة بل ويزيدون عن حاجة القصيدة الآن . .هذا الوعي الجائر يجب أن نقف في تضاد مباشر مع نخاسيه والمأخوذين به .. الوعي الرديء الذي ينفي التآلف لأنه بالتصادم يتوطن .. طبعاً كل تلك الصراعات لا تعني قصيدة النثر في شيء..كل تلك القيم الطائشة لا تؤسس لجدوى فنية منتظرة ..لكنها اللعبة البائسة من الرطانات اللفظية العقيمة التي مازالت تتناسل . .استحضارات مهينة لهشاشة ماتركه السبعينيون من صدى رث..عراكات ثقافية قاحلة ومتواليات، شتائم لاتجلب شرفاً بأي حال من الأحوال.. فوق ذلك يبدو جموحهم غامض للعسف والعسف الآخر حتى فيما بينهم ..و الأسوأ أن يقوموا بتصدير كوابيسهم ناحيتنا ولو بأثر نفسي على الأقل . على أن عدوانهم سافرٌ ضد محبتنا لهم .. لكن: هل صار التسامح معطلاً إلى هذا الحد ويحتاج إلى صيانة عاجلة ؟ إنه المنطق الذي بحزازات واستعداءات لئيمة بالتأكيد .. أو بتوصيف أدق إنه المناخ الفاتك والباعث للرعب .. فيما بمفردات التخوين السياسي يكشرون عن أنيابهم المصقولة جداً ليقوموا بافتراس ذواتهم بتلك الأنياب متعمدين . حانقون مأزومون ..يستجيبون لشهوة الإبادة الجماعية للأحلام النظيفة وبشكل عجيب..كما لا يتعالون على تفاهة المواقف التي يجب أن تكون عابرة لأنهم لا يعملون على ترسيخ الحاجة الماسة للأدب الخلاق .. باختصارٍ يفتنهم التلاسن غير الإبداعي بشكل مثير للاحتجاج ..وعليه فإنني احتج إذ ليست تلك روح قصيدة النثر معرفياً ولا ضميرها الثقافي ..لكنهم يصرون على جعل الجمال شحيحاً للأسف وأيضاً استلاب جوانيتهم برافعة الصدام غير الذكي مع المؤسسة واعني على نحو شعاراتي منمط لايستنهض الجماليات بقدر مايبقي على حالة الاستهلاك السياسي ..بينما هفواتهم في الحوار تجعلنا حزانى للغاية نحن الذين تشرفنا بالمشاركة في فعاليات الملتقى وباعتزاز كبير قبل أن تصدمنا حدية بياناتهم المضادة التي عكست حالة من الاهتراء اللغوي والانحدار الذي لايليق ..تماماً كما لو أن الوعي الأرقى الذي كنا ننتظر التعويل عليه في النهوض الإبداعي ليس أكثر من ثكنات وخنادق مضمرة وأصولية للتنابز وحضيض الاحتراب - حسب تعبير الصديق الشاعر محيي الدين جرمة . وإذن : أين المفاهيم الجديدة لحيوية ألفة الاختلاف في الروح المبدعة ؟ لماذا نتخلص من العواطف الإنسانية الحميمة ونضطهد النقاء على نحو مقزز ؟ كيف يمكن تحديد الموقف من المؤسسة بصورة تتجاوز النزوع إلى الاجترار اللفظي غير العقلاني ؟ هل ينقصنا أن نحرس التهكم الشرير من بعضنا البعض مولعين بالشمولية ومستخفين بفكرة التعايش هكذا؟ وقبلاً : متى سنصير أكثر انفتاحاً على الوسائل الجوهرية للإبداع المعاصر بدلاً من همجية التطرف الذي لا يمت إلى اتجاهات الفكر الحديث عموماً ؟ في الأخير: تظل المراجعة سمة مثلى للتجاوز والمستقبلية ..ولقد كان على أولئك الأعزاء أن يتخففوا من ذهنية النفي ومثبطات المركزية في الأنا خصوصاً كيما يتنازلوا من اجل قيمة الحدث ومقاصده في انطباعات المتلقين .. فلا صراعات واستيهامات سالبة وفردانية وجارحة..ولكن لمايعزز توحيد الحلم المشترك بقصيدة نثر تتسع للسمو المفاهيمي.. قصيدة مصفاة من شوائب الخذلانات والرهانات الخاسرة .. ايثارية المعطيات وبوعي متطلع .. تنتصر على خطاب المؤسسة بالجماليات كما لاتنطوي على اضمارات المعنى البائد أو الضيق وبالتالي لاتنتج سوى الحب .