طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين التحقيق في مزاعم انتهاكات قوانين الحرب في جولة القتال الأخيرة، وتحميل الجناة المسؤولية. وقالت في تقريرها الذي أعلنته بمؤتمر صحفي اليوم في دبي، إن الحكومة اليمنية والحوثيين اتفقا على هدنة - هي السادسة منذ بدء الحرب عام 2004 – لكن الاتفاق خلا من أي أحكام خاصة بالمساءلة. ويوثّق تقرير هيومن رايتس " الذي جاء في 54 صفحة, احتمالات قيام القوات الحكومية بشن تفجيرات وعمليات قصف مدفعي عشوائية على مناطق للمدنيين، مما ألحق خسائر بصفوف المدنيين"، متهمة الحوثيين بإرتكاب أعمال إعدام بمعزل عن القضاء ونشرت عناصرها بشكل غير قانوني وسط مناطق سكانية. وفيما أتهم التقرير الحوثيين القيام بأعمال سلب ونهب واستخدام "الدروع البشرية"، ومنع المدنيين من الفرار من مناطق الحرب، حتى التماساً للعلاج الطبي، إتهم طرفي الحرب في صعدة باستخدام الأطفال في القتال، في خرق للقانون الدولي – حد تعبيره. وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لقد حان الوقت لوضع حد لحالة الإفلات من العقاب التي تُقابل بها معاناة المدنيين في شمال اليمن". معتبرا "الهدنة الأخيرة فرصة لتعزيز حماية المدنيين بالتحقيق في جرائم الحرب المزعومة وعبر ضمان إنصاف الضحايا". تقرير رايتس الذي نشر تحت عنوان ( كل شيء هادئ على الجبهة الشمالية؟ : انتهاكات قوانين الحرب التي لم يتم التحقيق فيها أثناء حرب اليمن مع المتمردين الحوثيين)، استند إلى مقابلات ل هيومن رايتس ووتش في اليمن أجريت في أكتوبر من العام الماضي مع مدنيين شهدوا القتال في سبع مناطق في شمالي محافظة صعدة ومحافظة عمران ومقابلات مع العاملين بالمساعدات الإنسانية. وأكد التقرير بأن القصف المدفعي بين طرفي الحرب في صعدة والغارات الجوية الحكومية في جولة القتال السادسة أواسط أغسطس/آب 2009، أسفرت عن مقتل مئات المدنيين وإصابة آخرين، وفي بعض الحالات دمر القتال قرى بأكملها. وأضاف : "ولأن الحكومة قيّدت من القدرة على بلوغ مناطق النزاع، فقد كان من المستحيل على هيومن رايتس ووتش تقييم الضرر اللاحق بمواقع الحوادث التي وصفها الشهود، مما يعني ضرورة فتح تحقيقات أخرى للتوصل لصورة أوضح للانتهاكات المزعومة، على حد قول هيومن رايتس ووتش". ودعت رايتس، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى إعداد بعثة لمراقبة حقوق الإنسان والكتابة عنها في اليمن، داعية في السياق ذاته مانحي وحلفاء اليمن إلى دعم هذه البعثة، بالإضافة إلى دعم إرسال شخص بصفة استشاري لمتابعة أوضاع حقوق الإنسان، وهو الأمر الذي قالت بأنه يدور حوله النقاش في الوقت الحالي. وأكد التقرير بأن الغارات الجوية الحكومية ضد الحوثيين لم تمييز بين المقاتلين والمدنيين، و تسببت في أضرار غير متناسبة لحقت بأرواح المدنيين وممتلكاتهم، وهو ما اعتبرته رايتس خرقاً لقوانين الحرب. وقال التقرير بأن المنظمات الإنسانية واجهت لمعوقات أكبر في محاولة مساعدة 218 ألف نازح لجئوا إلى عائلات مضيفة و بنايات عامة و أقاموا في المساحات المفتوحة، بسبب المخاطر في مناطق النزاع وإعاقة الحكومة للمساعدات خارج المخيمات الرسمية، متهما السعودية في السياق ذاته بخرق القانون الدولي من خلال منعها النازحين اليمنيين من التماس اللجوء عبر الحدود في الأراضي السعودية وبإجبارها بعض اللاجئين على العودة عبر الحدود إلى اليمن، الأمر الذي تسبب في مفاقمت معاناة النازحين، وفقاً ل"هيومن رايتس". وفيما قال جو ستورك بأن "قلة من النازحين جراء النزاع ينالون ما يستحقونه من مساعدات". طالب "الحكومات المعنية أن تضغط على اليمن من أجل السماح للمنظمات الإنسانية ببلوغ النازحين في شتى أنحاء المناطق الريفية". واتهم التقرير الحوثيين بتعريض حياة المدنيين لخطر لا ضرورة له بانتشار عناصرها في قرى مزدحمة بالسكان. ونقلت عن نازحين بأن القوات الحوثية ارتكبت جرائم إعدام بمعزل عن القضاء، واستخدمت بشكل غير قانوني ضباط جيش أسرى من أجل درء الهجمات عنها. وأشارت في تقريرها إن الحكومة اليمنية لم تستجب لمطالب الأممالمتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين طالبا اليمن قبل الهدنة الأخيرة بوضع حد للقتال، وفتح تحقيق عاجل في غارة جوية حكومية واحدة تناقلت التقارير أنها أسفرت عن مقتل 80 مدنياً في سبتمبر/أيلول 2009. وقالت الحكومة خلال أيام إنها بدأت التحقيق في ذلك الحادث، لكنها لم تعلن عن أية نتائج. مؤكدة في السياق ذاته بأن المتمردين الحوثيين لم يجروا أية تحقيقات في مزاعم جرائم الحرب.