دعا المشاركون في مؤتمر "التصوف.. منهج أصيل للإصلاح" الأمة العربية والإسلامية إلي التوحد والتوافق وإزالة العقبات من طريقها في ظل الثورات العربية الشريفة لاستئناف صناعة حضارة الامة وتاريخها المجيد والمشاركة في نهضتها من أجل إسعاد البشرية بوسطية وسماحة الإسلام. وأكد د. حسن الشافعي، مستشار الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن التصوف ضرورة إنسانية وصحوة فاعلة ويقظة دائمة ترنو إلي الإحسان وتدعو إلي البناء والجهاد والفداء والتضحية في كل حين وفي خدمة الخلق أجمعين. وأضاف أن مهمة التصوف العمارة وبناء الحضارة والدفاع عن مقدسات الأمة؛ حيث إنه لا يعيق عن الجهاد لكنه الدافع الرئيسي لبذل النفوس في سبيل تحرير أراضي المسلمين من المغتصبين، مشيرًا إلي أن التصوف منهج أهل السنة والجماعة في العالم كله. وقال إن الفكرة الإسلامية التي يتبناها الأزهر الشريف تجسد هدي السلف الصحيح والسلوك الصوفي المنضبط في كل مكان. وطالب د. عبد الفضيل القوصي، وزير الأوقاف بتجديد الخطاب الصوفي المعاصر وتغيير مصطلحاته ومن أهمها مصطلح المجاهدة؛ حيث يجب أن يتحول إلي منهج عملي محدد السمات ويلامس الحياة في سائر المنحنيات وكل الدروب ومواجهة الفساد والطغيان في كل مواطنها حتي لا يصبح الخطاب الصوفي منكفئًا علي ذاته. وأكد أهمية التوافق بين المادة والروح حتي تتجسد الصوفية بمعناها الحقيقي وتقوم بتمتين علاقة الإنسان بربه، ويسهم في إيجاد روح ناهضة بالحيوية ورؤية فاعلة تنطلق من المفاهيم الأصيلة للإسلام. وقال د. علي جمعة مفتي الديار المصرية: إن الصوفية تصلح ولا تفسد وتوحد ولا تفرق وتوجه الناس إلي الإخلاص لله تعالي في كل أعمالها، وتعمل علي تحقيق العدل وتنشئة الأجيال علي طاعة الله، وتجسد الحب في الله بين الناس وتسيد التقوي علي النفوس للتحلي بالعفاف والحياء والسعي إلي الخيرات. وأكد محمد عصام الدين، رائد العشيرة المحمدية، أن التصوف إيمان وعقيدة وعلم وعمل ودعوة وريادة وسلوك تطبيقي؛ حيث إنها عقيدة جمهور المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، موضحًا أن شباب مصر هم أمل الأمة وصناع حضارتها وتاريخها، ويجب أن يتحلوا بالخلق القويم والسلوك الرباني والعلم المتين والإخلاص لرب العالمين. ودعا إلي إنشاء أول اتحاد صوفي عالمي يضم كل الطرق والهيئات والجماعات والمؤسسات والمنظمات؛ بهدف توحيد الصف والكلمة والنهضة والرقي روحيًّا بالمسلمين حتي يكونوا أدوات للصلاح والإصلاح في العالم. وأضاف يونس باجوري، ممثل وفد علماء فرنسا، أن الأمة تواجه أزمة أخلاقية وأزمات كبيرة في كل المجالات، فإما أن يبقي التصوف متغيبًا ومنعزلاً إما أن يتدخل في ميدان الحياة اليومية؛ حيث إنه علم وعمل وذوق وفكر وذكر ويجب تفعيله بالمجتمعات، لأنه إذا لم يكن حاضرًا فستنحرف العقول والسلوكيات. وقال د. عبد الناصر الجبري، إن التصوف منهج إصلاحي يواجه الفساد في كل المجالات، ويهدف إلي توحيد الأمة وتحرير أراضيها كاملة من اغتصاب الصهاينة والمجرمين، موضحًا أن أعداء الأمة يحاولون تفتيت الأمة وتقسيمها من خلال إثارة الفوضي الخلاقة حتي تظل الصهيونية الأقوي. ودعا علماء الأزهر والأمة إلي التوحد لتحرير القدس الشريف وتطهيره من دنس الصهاينة الغاصبين من خلال تربية جيل زاهد في الدنيا ومطلق لزخارفها ومشترٍ لرضي الله تعالي والجنة وناشر للحق والمحبة والسلام والصلاح والإصلاح. وأوضح د. محمود الشريف أن المؤتمر أقيم في توقيت مهم جدًّا تحتاج فيه الأمة إلي الهمم في ظل ظروف دقيقة تموج فيها الأمة بثورات تدعو إلي الإصلاح؛ حيث يجب علي كل المؤسسات القيام بدور وطني لدعم مسيرة الإصلاح والصلاح ومواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه الأمة. وشدد علي ضرورة توحيد الصفوف وتوافق الكلمة مصداقًا لقوله تعالي: 'وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا' 'آل عمران: من الآية 103'، مناشدًا كل العلماء في كل مكان تفعيل دور الأمة الريادي في العالم نحو تربية المجتمعات علي السير علي هدي النبي صلي الله عليه وسلم ومكارم الأخلاق وفق المفاهيم الإسلامية الأصيلة ومواجهة الفتن بما يمكننا من إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وإعطاء ظهورنا للمفاوضات وحماية الثوابت الوطنية. ودعا د. عبد الهادي القصبي كل التيارات والقوي الوطنية والإسلامية إلي التوحد والتوافق في هذه اللحظات التاريخية في مصر والعالم من أجل مصلحة البلاد والعباد والتصدي لمحاولات التعدي علي إرادات الشعوب في اليمن وسوريا ولبيبا وغيرها، موضحًا أن إصلاح الفرد هو رسالة أهل التصوف.