يؤكد الشيخ خالد سعد عبيد إمام وخطيب جامع الدولة في لحج أن الإسلام عندما فرض الزكاة على المسلمين كعبادة يتقربون بها إلى خالقهم كان له حكمة ربانية تتمثل في إشاعة التكافل الاجتماعي في المجتمع المسلم . ويوضح الشيخ عبيد في هذا الحوار إن الإسلام أوكل جباية الزكاة إلى الدولة باعتبارها ممثلا لولي الأمر وهي المعنية بإخراج أموال الزكاة إلى مصارفها الشرعية والتي تأتي في إطارها المصلحة العامة للمجتمع المسلم كعمارة المساجد وبناء المدارس وكفالة الأيتام ومساعدة الفقراء والمعوزين وذوي الإعاقات والحاجات الخاصة وكل الفئات الفقيرة في المجتمع. ويؤكد الشيخ عبيد على أحقية الدولة في جباية أموال الزكاة توجيهها إلى مصارفها معللاً ذلك بأن لا مناص من أن بعض ممن قد يتولون جباية الزكاة قد تموت مائرهم ما يقلل من ضمانات وصول هذه الأموال إلى مستحقيها فيما تشتت جهات الجمع قد يجعل من جباية أمول الزكاة فوضى. هنا نص الحوار . حدثنا بداية عن فريضة الزكاة ودورها في إشاعة التكافل بين أفراد المجتمع المسلم؟ الزكاة فريضة واجبة على كل مسلم ومسلمه امتثالا لقوله تعالى "واقيمو الصلاة واتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين".. ولا يكتمل إسلام المرء إلا بأدائها باعتبارها الركن الثالث في الإسلام وتأتي بعد فريضة الصلاة.. وقد فرضها الله عز وجل في كتابه الكريم بثمانية وعشرين موضعا . الزكاة طهارة لنفس الغني من الشح البغيض وطهارة لنفس الفقير من الحسد والضغن وهي أيضا وسيلة من وسائل الضمان الاجتماعي الذي جاء به الإسلام الذي يأبى أن يوجد في مجتمعه من لا يجد القوت الذي يكفيه والثوب الذي يرتديه والمسكن الذي يؤويه.. والزكاة مورد أساسي لهذه الكفالة الاجتماعية التي فرضهاالإسلام لإعانة العاجزين والمحرومين وكل ذي حاجة. إلى أي مدى يمكن اعتبار أداء المسلم للزكاة عبادة ؟ فرض الله سبحانه وتعالى الزكاة على عبادة لتكون وسيلة لتزكية النفوس المسلمين والزكاة عبادة يثاب المرء على إخراجها ويؤثم على تركها وفيها تثبيت أواصرالمودة بين المسلمين وتطهير للنفوس وتزكيتها من البخل والشح قال تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) وفي إخراج الزكاة استجلاب البركة والزيادة والخلف من الله كما قال تعالى في محكم التنزيل (وما انفقتم من شيء فهو يخلفه). يجري الحديث عن مصارف كثيرة في الزكاة فمن هم المستحقون لها تحديدا ؟ حدد المولى سبحانه وتعالى مصارف الزكاة بقوله تعالى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم )..وهكذا فقد حدد الله سبحانه وتعالى في كتابه مصارف توزيع الزكاة وليس للإنسان ان يحولها عن مصارفها الثمانية إلى مصارف تخدم هواه . وأول مصارف الزكاة هم الفقراء وثانيها المساكين وهم صنفان لنوع واحد من المستحقين من أهل الفاقة والاحتياج لقوله صلى الله عليه وسلم "ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ولا اللقمة واللقمتان إنما المسكين الذي يتعفف " صدق رسول الله وهذا المبدأ يشمل كثيرا من أرباب الأسر المتعففين الذين ضاقت موارد رزقهم على سد حاجاتهم أو كان دخلهم من عملهم لا يكفي مطالبهم المعقولة . والصنف الثالث هم العاملون عليها سواء كانوا العاملين على جمعها من مالكي النصاب وهم الجباة أم عاملين على حفظها وهم الخزنة أو حراستها . والصنف الرابع هم المؤلفة قلوبهم وهم الجماعة الذين يراد تأليف قلوبهم بالاستمالة إلى الإسلام ليسلموا أو لتثبيت إقدامهم فيه أو رجاء نفعهم في الدفاع عن المسلمين أو كف الشر عنهم. والصنف الخامس هو الرقاب أي تحرير رقاب الأرقاء وتخليهم عن الرق أما الصنف السادس فهم الغارمون وهم الذين أثقلتهم ديونهم المرهقة و تعذر عليهم أدائها على أن تكون هذه الديون في غير معصية الله وفي غير سفاهة. و الصنفين السابع والثامن هما " في سبيل الله" ويقصد به الطريق الموصل إلى مرضاته و" أبن السبيل" وهو المنقطع عن ماله وان كان من أهل الغنى واليُسر في بلده فقد قدر الإسلام حاجته وأكرم غربته بفرضه له هذا السهم من الزكاة. ماذا عن توجيه أموال الزكاة إلى المصلحة العامة ؟ هناك من يرى أن الأدلة الشرعية وأعمال الخلفاء الراشدين تؤكد أنها لا تصرف إلا في المصارف الثمانية التي حددها القرآن الكريم لكن العديد من العلماء اجمعوا أن المصرف السابع "في سبيل الله " يشمل كل مصلحة عامة يتحقق بها للمسلمين خيرعام لملتهم وجماعتهم كعمارة المساجد وبناء المدارس ونحو ذلك ومشاريع الشرب وكفالة الأيتام وتقديم المساعدات للفئات الفقيرة في المجتمع المسلم . على تشعب هذه المصارف فمن ترون الجهة التي يحق لها جباية الزكاة ؟ لم يترك الإسلام هذا الأمر الهام للأفراد بل ألقى على عاتق الدولة بوصفها ولي الأمر مسؤولية جبايتها وإعادة توزيع ريعها في المصارف الشرعية .