تستطيع نفض ذرات الغبار من على هندامك الخارجي واقتصار اثرها على الجسد الخارجي بشحوب على الوجه واصفرار بسيط على الشفاه لكنك ستعجز عن منع هذه الجزيئات الدقيقة والمكونة من الطفيليات والبكتيريا ومخلفات الاظافر وجزيئات الزجاج والصمغ وشعر وقشور من الانسان والحيوان ...من اختراق جهازك التنفسي مخلفة اعراض صحية تجهلها وكثيرون مثلك ،ولا تستطيع تحاليل المعامل في العادة ان تعرف سببا لها .. وتؤكد الدراسات البيئية الحديثة ان اقل من 20% من سكان المدن على مستوى العالم يتنفسون هواء ذا نوعية مقبولة في حين يعيش 1250مليون نسمة في مناطق وتجمعات سكانية تجاوزت بها تراكيز جسيمات الغبار الحدود التي يمكن للانسان ان يتحملها دون اضرار . الغبار من حولنا يبذل احمد صاحب محل الخضروات والمعروف بالعديني جهدا مضاعفا في تنظيف خضرواته المعروضة للبيع من الغبار كل ساعة تقريبا ويقول انه سئم رش هذه الخضرة بالماء بين اللحظة والاخرى بسبب الاتربة التي تجلبها الرياح كل قليل. يجاور محل احمد محل صغير فيه ماكينة خياطة وعامل بسيط ما ان تطئ قدما زبون على المحل حتى يسارع في اغلاق بابه من الغبار الذي يتطاير الى الاقمشة التي يحضرها الزبون للخياطة او تلك التي يعرضها لزبائنه .. نبيل صاحب الماكينة والمحل لا يكاد يبعد اصابعة من عينية لشدة التحسس التي يعاني منها وبالاخص عندما تجرف الرياح كمية لا بأس بها من الغبار لتغطي ملامحه وملامح اقمشته الملونة لتكتسب اللون الترابي .. تحدث الينا نبيل بلهجة سخط ابحث الان عن محل اخر يكون في شارع اسفلتي لان الغبار تسبب في تطفيش زبائني حتى عيناي لم تسلم من الاتربة التي كلما حصلت على مبلغ من المال ادفع فيه ايجار المحل واسارع في معالجتها من الحساسية ولا فائدة . ويجهل نبيل ان الغبار المنبعث من الطرق الازفلتيه كما يقول خبراء البيئة اكثر خطرا من ذلك المنبعث من الشوارع الترابية فالاول يضاف اليه قليل من الرصاص والغازيات المنبعثة من السيارات وذرات من مواد مختلفة وسمية ناتجة عن احتكاك المطاط (عجلات السيارات بالازفلت ) وكثير من العجلات لم تعد تحتوي على المطاط فقط لقد دخل فيها الكثير من المواد الصناعية الخطرة على البيئة بالاضافه الى ان عجلات السيارات تعمل عمل طاحونة جيدة لذرات الغبار وجعلها اكثر دقه ونعومه وتأثيرا على الجهاز التنفسي بل واكثر فتكا به كما يؤكد ذلك الباحث البيئي جميل محمد السر يحي . ما هو الغبار ؟ الغبار هو جزيئات دقيقة من المواد العضوية وغير العضوية العالقة في الجو وهو يحتوي على مواد عديدة كالألياف الحيوانية والنباتية واللقاحات والبكتيريا والطفيليات والاتربة الناعمة الغنية بالمواد العضوية ويحتوي ايضا على مواد احتراق ورماد وصوف وقطن وحرير وورق ومخلفات الاظافر وشعر وقشور من الانسان والحيوان وبذور جرثومية وفطريات وغيرها . وتتراوح جزيئات الاتربة بين نصف ميكرو متر الى اضعاف هذا الرقم وهي تبقى معلقة في الجو لفترات طويلة وتنتقل لمسافات شاسعة . وبينما تقل نسبتها فوق الجبال وعند منتصف البحار حيث تبلغ عدة الاف في السنتيمتر الواحد فأنها تبلغ اقصى نسبة لها في المدن الصناعية حيث يحتوي الهواء في تلك المدن على ثلاثة ملايين جزئ في السنتيمتر ويحمل أعدادا كبيرة من جزيئات الدخان والقطران المتناثر وتركيزات من جزيئات مشتعلة تشكل خطرا انفجاريا فوق مطاحن السكر والدقيق ومناجم الفحم إضافة لجزيئات السيليكا التي تتسبب في خشونة ماكينات المصانع وتسبب اضرارا بالغة على الصحة حين استنشاقها ويقول الباحثون في جامعة (اريزونا ) الأمريكية ان هذه المخاطر لا تهدد بلادا بعينها بل ان العواصف البعيدة في الصين وأفريقيا قد تقطع المحيطات الى شمال أمريكا وتحمل معها البكتيريا والفطريات والمعادن الثقيلة وغيرها من الملوثات . الغبار العدو الأول لربات البيوت أصبحت الأتربة المستقرة على ارفف المكتبات والطاولات وتحت الاسرة وكذا على الأجهزة الالكترونية داخل المنزل مصدر للإزعاج ومهمة مرهقة ومملة بالنسبة لام سمير التي تؤكد ان الجهد الذي تبذله في مسح وتنظيف هذه ألاماكن ضعف ما تقوم به لبقية الأعمال المنزلية وتضيف ام سمير انها تضطر أحيانا إلى إغلاق نوافذ المنزل بشكل متواصل لان كثير من الأحيان تهب عواصف ترابية لا تعلم مصدرها وتتسبب في تغطية جميع أرجاء المنزل باللون الترابي . ام أنور تجاور ام سمير في المكان ومشكلتها مع الغبار ليس سببها التذمر من التنظيف والمسح ولكن طفلها الوحيد يعاني من مرض الربو منذ ثلاث سنوات والأتربة المتواجدة في الحي الذي تسكن فيه تضاعف من الأزمة التي يعاني منها انور لذلك تقول والدته انه يظل داخل المنزل طوال الوقت لان خروجه يعرض الجميع لنكسة صحية ومادية في نفس الوقت . الغبار وجيران لا نراهم يجهل الكثير بأن تجنبهم للعواصف والأتربة في الخارج سيعفيهم من صحبتها في داخل المنزل فعناكب الغبار تعيش في داخل المنازل لان فرش الأسرة والوسائد المحشوة بريش الطيور والسجاجيد بأنواعها خاصة الممتدة بطول المكان كالموكيت عليها عدد هائل من الحشرات الصغيرة التي تسمى بالعث Mites والتي تنتمي إلى فصيلة العناكب ولا ترى بالعين المجردة وتحتوي السجادة الصغيرة على عشرات الآلاف منها .هذه الحشرات ذات الارجل الثمانية يوجد منها ثلاثين الف نوع غالبيتها مفيدة للإنسان وتتغذى على المواد العضوية او مخلفات النباتات او الحيوانات إلا ان النوع الموجود مع الغبار يسبب تفاعلات الحساسية عند كثير من الناس سواء في الأنف او العين وهو ما يؤدي الى زيادة إفراز الدموع والعطس المتقطع والمتواصل لفترات طويلة . وتتسبب في حالات الهرش وحك الجلد خاصة عند الاطفال وقد يصاب الإنسان بالربو الشعبي في الحالات المزمنة وتمتص هذه العناكب الماء من الجو المحيط لذا فان انسب بيئة لها هي البيئة الرطبة التي تصل نسبة الرطوبة فيها الى 70% _90% لذلك تتركز في الاماكن الدافئة كالوسائد والمراتب والسجاجيد وغيرها وهي لاتتغذى على الانسان او الحيوانات المنزلية الأليفة مباشرة ولكنها تتغذى على جزيئات الجلد الميتة المنثورة . التخلص النهائي من الغبار مستحيل ام كمال يصاحبها عطس متواصل في جميع فصول السنة وهي تعاني من حساسية شديدة في الأنف تتضاعف عندما تقوم ام كمال بتنظيف المنزل او استنشاق هواء ملوث بالأتربة الناعمة التي تخترق نوافذ وأبواب منزلها رغم إغلاقها المحكم لهذه النوافذ والأبواب وتقول ام كمال انها عجزت عن التخلص نهائيا من هذه الأتربة وهذا مااكدته الدراسات انه بالامكان تقليل المخاطر عن طريق الحفاظ على الرطوبة اقل من 70% ، والكنس الدائم بالمكانس الكهربائية . تنظيف الموبيليا وتنشيف الحمامات والمطابخ باستمرار استخدام التنظيف الجاف كل فترة من الزمن استخدام السجاجيد الصغيرة التي يسهل حملها وتنظيفها تجنب الالياف الصوفية في الموبيليا لانها مرتع خصب لها . صنعاء ومشكلة الغبار يقول الباحث السريحي في رسالة علمية يعدها لنيل درجة الماجستير حول المشاكل البيئية في العاصمة صنعاء وعلى رأسها الغبار :ان مشكلة هذه المدينة مع الغبار والمخلفات المتطايرة تكمن في عدة نواحي أهمها ان المدينة تقع في محيط من الجبال يشكل سورا كاملا عليها مما يجعل تحرك الغبار وخروجه منها قليل ومنخفظ جدا ومرتبط بحركة الرياح القوية ومواسم الأمطار الغزيرة ويضيف السريحي ان انخفاض المساحات الخضراء والرطبة في العاصمة يزيد من مخاطر الغبار الملوث على المدينة وساكنيها ويزيد من تراكمه في أجوائها ..انها مدينه شديدة الجفاف كثيرة الغبار وعلينا ان نفكر بجد في حلول علمية وعملية لحل تلك المشاكل .. لقد اختفت عادات جميله ومفيدة لكل بيت منها تلك الاصايص التي كانت تزرع فيها الرياحين والشذاب على البلكونات والنوافذ والأسطح والبساتين الصغيرة الملحقة بالمنازل التي كانت تقدم الكثير من الفوائد الصحية والبيئية للهواء المحيط بنا ..اننا نغير الكثير من جوانب حياتنا سلبا وايجابا وعلينا تحمل النتائج .