تمثل مراكز رعاية الشباب والجوائز التحفيزية للمبدعين إحدى الوسائل الهامة التي من شأنها تشجيع الإبتكار ورعاية المواهب الشبابية وتحفيزها نحو تنمية قدراتها العلمية في مختلف ميادين العلم والمعرفة الإنسانية بما يصب في خدمة أهداف التنمية ويمكن الشباب من الإضطلاع بمسئولياتهم الوطنية بإعتبارهم بناة الحاضر والمستقبل. لذا أولت الدولة اهتماما خاصا بالشباب المبدع في البلاد, انعكس من خلال تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية التي تستهدف تنمية ورعاية قدراتهم الابداعية واكتشاف المبدعين والمخترعين, واستقطاب الموهوبين لرعاية مشاريعهم الإبداعية وتطويرها بما يخدم أغراض التنمية الشاملة في الوطن، بالإضافة الى مساعدتهم في صقل مواهبهم وإنجاز مشاريعهم الإبداعية من خلال توفير البنية التحتية والظروف المناسبة لإنجاز هذه المشاريع وإخراجها من الإطار النظري إلى ارض الواقع والمساعدة في تطويرها، وكذا إنشاء الجوائز التنافسية التي تعمل على تحفيز ملكات الإبداع وتنمية قدراتهم ومواهبهم. وفي هذا الصدد خصصت الدولة جوائز تشجيعية لتحفيز المبدعين ومنها جوائز رئيس الجمهورية للشباب في عدد من المجالات العلمية والفكرية والثقافية والدينية عن طريق وزارة الشباب والرياضة التي مضت منها ست دورات،وينتظر إعلان نتائج الدورة السابعة خلال يونيو القادم, وكذا إنشاء مركز تنمية المبدعين بمدينة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات الذي يساهم في تحويل فكرة إبداعية إلى مشروع صناعي او تجاري، بالإضافة إلى تطوير عقلية إنشاء الشركات عند الشباب والبحث عن الطاقات الكامنة لديهم ومساعدة أصحاب المشاريع في الحصول على التمويل والدعم اللازمين ومتابعةالشركات في السنوات الأولى منذ إنشاء المشروع. وتهدف جوائز رئيس الجمهورية للشباب التي أنشئت بموجب القرار الجمهوري رقم 182 لسنة 1998م إلى تكريم المبدعين من الشباب تحت سن الثلاثين عاما في ثلاثة مجالات رئيسية تشمل تسعة فروع هي: مجال تلاوة القرآن الكريم وحفظه، ومجال الآداب والفنون الذي يشمل(الشعر، القصة، النص المسرحي، الفنون التشكيلية، الغناء والموسيقى) والعلوم الطبيعية والعلوم التطبيقية. كما تهدف إلى تشجيع هؤلاء المبدعين من الشباب على تقديم المزيد من العطاء وإطلاق ملكاتهم الإبداعية. وقد توسعت هذه الجائزة لتصبح على مستوى كل محافظة على حدة في المرحلة الأولى, ثم التنافس على مستوى محافظات الجمهورية بشكل عام, بعد أن كان يتوجب على المتنافسين الحضور الى صنعاء لتقديم ابداعاتهم، وبطريقة مرة واحدة فقط . يقول مدير عام صندوق رعاية النشئ والشباب بوزارة الشباب والرياضة أمين عام مجلس أمناء الجائزة عادل وادي "إن جوائز رئيس الجمهورية للشباب صفحة جديدة من صفحات تطوير وتنمية إبداعات الشباب اليمني التي تعمل على تعزيز ملكات الإبداع, وقد حققت العديد من النتائج الإيجابية في ربط الشباب بأهداف التنمية الوطنية المناسبة. مضيفا"أن من شأن هذه الجوائز تطوير مهارات الشباب المبدعين وتنمية قدراتهم , والفوز ليس نهاية المطاف بقدر ما هو بداية صفحة جديدة من الإبداع والمهارة في المجال الذي يجري التنافس فيه." وأكد وادي، أن جوائز رئيس الجمهورية للشباب أصبحت اليوم عملا مؤسسيا يستند إلى مرجعية قانونية وينفذ بآلية محكومة بالنظم واللوائح والضوابط التي تحدد القيمة العلمية واستحقاقاتها من خلال مجلس الأمناء الذي يعنى باختيار رؤساء وأعضاء اللجان التحكيمية المتخصصة من ذوي الكفاءات والقدرات المشهود لها, سواء على مستوى المحافظة الواحدة أو على مستوى الجمهورية ككل. وقال الأخ أمين عام مجلس الأمناء "إن مسئولية رعاية الشباب وتعليمهم وتربيتهم وتنمية قدراتهم ومهاراتهم لاستيعاب معطيات وتطورات العصر وتحولاته مسئولية مشتركة لا تنحصر على الدولة فقط بل هي مسئولية كل أبناء الوطن بتكويناتهم المختلفة الرسمية والشعبية والحزبية والأهلية. مبيناً أن من أهداف هذه الجوائز, العمل على تفجير طاقات المبدعين بنيل هذه الجوائز من خلال استغلال المبدع الفائز للمكافأة المالية في اقامة مشروعه الخاص, ناهيك عن كونها حافزا معنويا للشاب في الانطلاق بإبداعاته نحو فضاءات رحبة وواسعة. وفي ذات الجانب دشن مركز تنمية المبدعين في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات باكورة ثماره بتخرج الدفعة الأولى من المبدعين الشباب بقائمة من المبتكرات والمخترعات. ومن ضمن منجزات هذه الدفعة أربع مبتكرات أنتجها أربعة من المبدعين الشباب في مجال المعلوماتية وتقنية الاتصالات تمثلت في 4 أنظمة، هي مشروع التعليم عن بعد للباحث خالد سليمان النعيمي ومشروع التحكم بالأنظمة الكهربائية(أنظمة التحكم والأمان) للباحث طاهر حسين بن يحيى ومشروع الشبكة الموحدة للاتصالات للباحث سامي عبده الشوافي وأخيراً مشروع التحكم بالآلات بواسطة الحاسوب للباحث محمد عبدالله المقرمي. وفي هذا الصدد يقول الباحث خالد سليمان النعمي: أن مشروع التعليم عن بعد يعد من أحدث أدوات التعليم عن بعد المتوفرة اليوم والتي تمكن الجهات التعليمية المتخصصة من استغلال الإنترنت كأداة تعليمية ووسيلة لإيصال المعرفة إلى أكبر عدد ممكن من الناس وفي أي مكان وأينما توفر جهاز كمبيوتر. ويوفر هذا المشروع الأدوات المناسبة لتعليم الطلاب عن بعد باللغة العربية وإدارة العملية التعليمية عن بعد مثل تقديم المادة العلمية وإجراء الامتحانات ومتابعة مستوى تحصيل الطلاب وتوفير وسائل الاتصال التفاعلية بين المدارس. وأضاف النعمي " إن المدرس وطلابه يمكنهم من خلال هذا المشروع التعامل مع الأدوات التعليمية من خلال استخدام أي متصفح من أي مكان في العالم وعلى مدار 24 ساعة، كما يمكنهم من دمج الأدوات التعليمية مع أي موقع على شبكة الإنترنت." ويتميز هذا النظام بإيصال المعلومة إلى الطلاب المتدربين من غير الحاجة إلى حضورهم إلى المدارس أو الكليات أو مراكز التدريب وانخفاض كلفة رفع مستوى مهارات الموظفين, كما يوفر إمكانية استضافة مدرسين من خارج الحدود في كافة المجالات التعليمية وإجراء الامتحانات ونيل الشهادات في التخصصات المختلفة وغيرها من الميزات. أما الباحث طاهر حسن يحيى مبتكر مشروع التحكم بالأنظمة الكهربائية وأنظمة الحماية والأمان يتحدث عن مشروعه قائلا "إن فكرة المشروع تقوم على أساس إتاحة إمكانية استخدام الكمبيوتر في التحكم بالأنظمة الكهربائية، فمن الوظائف التي يقوم بها هذا النظام هي تيسير التحكم في تشغيل المنظومات الكهربائية المتواجدة على مساحات شاسعة أو متباعدة أو في الأماكن التي يصعب الوصول إليها، وكذا المساعدة في عملية التحكم بهذه المنظومات ومراقبتها أمنياً والتحكم في الاختراقات الأمنية من خلال نظام إدخال الشفرة الذي يتحكم في إعطاء أذن الدخول أو غلق المنافذ الحساسة والتحكم في الآلات والأجهزة الإنتاجية مع بعض الدوائر الإلكترونية المساعدة لغرض دراستها ومراقبة الإنتاج فيها . ويتابع الباحث طاهر، يتميز هذا النظام في قدرته التحكمية على تشغيل عدد كبير من البوابات الأمنية وسهولة دمجه مع نظام آخر، كما يتميز النظام باحتوائه على نظامين للتحكم في التشغيل والاختراقات الأمنية واحتوائه على تقنيات أمان وحماية عالية واتسامه بالموثوقية والدقة وسهولة دمجه مع أي نظام آخر, علاوة على تكلفته المنخفضة وسهولة الاستخدام والصيانة والتحديث. وعن المشروع الثالث الخاص بالتحكم بالآلات بواسطة الحاسب يقول الباحث محمد عبدالله المقرمي صاحب المشروع "إن مجالات استخدام هذا النظام تتوزع بين المنازل والمكاتب والمحلات العامة والمنشآت الخدمية والصناعية، وأنه يتميز ببساطة شديدة من حيث تقنية البرامج التي يعمل بها وسهولة التحكم بجميع الأجهزة الكهربائية والتوافقية مع جميع الأنظمة. ويوضح المقرمي مكونات مشروعه التي هي عبارة عن برنامج يحتوي على نافذة تحكم يمكن تحميله في جميع أجهزة الكمبيوتر التي تعمل في بيئة ويندوز ودائرة الوسيط ودائرة المرحلات والتي تحتوي على دوائر إلكترونية سهلة يمكن التعامل معها تركيباً وصيانة ومرحلات ميكانيكية صغيرة تمثل مفاتيح للآلات المراد تشغيلها. ويؤكد المقرمي أن هذا النظام هو أول منتج وطني يطرح في السوق الالكترونية منافساً المنتجات العالمية في السعر والجودة. وفيما يتعلق بمشروع شبكة الاتصالات الموحدة للباحث سامي عبده الشوافي أوضح الباحث أنه عبارة عن نظام يقوم بفحص الشبكات وجودتها من ناحية إرسال البيانات واستقبالها، ويقول الباحث "إن طريقة عمل هذا النظام تستند على أساس استخدام تكنولوجيا بروتوكول الإنترنت (VOIB) داخل نطاق الشبكات التابعة للجهات المستفيدة سواء كانت مؤسسات حكومية أو شركات خاصة. ويعتمد النظام في الأساس على وجود شبكة معلومات محلية( LAN) مرتبطة ببعضها عن طريق مجموعة من الكروت وموزع خاص.. وفي حال رغبة الجهة المعنية في استخدام نظام الاتصال عبر شبكتها الحاسوبية, يقوم النظام بتسيير هذه المهمة من خلال برنامج فحص متعدد الأغراض والمنافع تم إعداده وتوليفه خصيصاً لتحقيق فكرة النظام بأفضل الوسائل وأسرعها وأقلها كلفة. وأضاف الشوافي"مهمة النظام هي إجراء الفحوصات الفنية والاختبارية الأولية على الشبكات الحاسوبية وتقديم المعلومات الفنية المطلوبة والاستشارات التقنية اللازمة للجهات المستفيدة." ويوضح الباحث أن النظام يتميز بالكفاءة في تقييم مستوى جودة الاتصال المتوقعة من الشبكة الموحدة وإمكانية تشغيله على أي نظام تشغيل ومستوى الحماية الأمنية العالية علاوة على رخص ثمنه وتعدد مجالات استخدامه في مجتمع الشركات التجارية الخاصة والمؤسسات والهيئات الحكومية والمنشآت التعليمة. وحول الآلية المتبعة لاختيار الشباب المبدع قال الأخ نجم الدين الرفاعي مدير مركز تنمية المبدعين "إن هناك لجنة من خبراء متخصصين في المجالات التي يطلقها المركز عبر مسابقات تنشر عبر وسائل الإعلام المختلفة، تقوم بإخضاع المشاريع الإبداعية المتقدمة للمسابقة للدراسة والقياس ووفقا لمعايير توضع لاختيار أفضل المشاريع الإبداعية. وقال "إن من أهم هذه المعايير معرفة مدى جدة الموضوع ودرجة الاحتياج له وإمكانية تنفيذ المشروع الإبداعي وتحويله إلى منتج، بالإضافة إلى فرص المشروع في التسويق." وأفاد أنه بعد اختيار المشاريع الفائزة بالمسابقة يتم توفير مكاتب لهؤلاء الشباب المبدعين وتوفير احتياجات تنفيذ مشروعاتهم والسكن الملائم لهم بجانب المركز وإعطاؤهم منحة مالية تساعدهم على تفرغهم الذهني والنفسي لتنفيذ مشاريعهم الإبداعية وتحويلها إلى منتج يمكن الاستفادة منه. وأشار الرفاعي إلى أن هناك لجنة متخصصة بمجالات المشاريع التي يتم اختيارها تقوم بمتابعة وتقييم مراحل الإنجاز والتقدم التي يحققها المبدع ومدى سيره وفق خطة التنفيذ التي يضعها المبدع لمشروعه وتحديد جوانب القصور التي تحتاج إلى تصحيح ومساعدة سواء بالتدريب أو الإطلاع على تجارب الآخرين يستفيد منها المبدع في استكمال مشروعه ". وأشاد الأخ مدير مركز تنمية المبدعين بجهود الدولة ووزارة الاتصالات سواء عن طريق مدينة تكنولوجيا أو الجوائز التي ترصد لدعم المبدعين في جميع المجالات.داعياً القطاع الخاص والمنظمات وغيرها من الفعاليات الاجتماعية إلى المساهمة في دعم هذا التوجه وهذه التجربة الرائدة، من خلال التمويل او التبني للمبدعين كلا في إطار اهتمامه.