تتعدد صفات سقطرى في كتب التاريخ، ففيما وصفها الملوك ب"جزيرة السعادة والنعيم "، عرفها المؤرخون بأنها "جزيرة الأساطير "،وعرفت عند رجال الدين ب"جزيرة الطيوب والبركة" وعند الفراعنة ب"جزيرة السحر والجمال"، وأطلق عليها المستثمرون صفة العذراء.. وفي العصر الحديث باتت سقطرى الملاذ الآمن للسياسيين والسياح وجنة أحلام المولعين بالجمال. وسقطرى بزرقة بحارها وسمرة أبنائها وخضرة أشجارها النادرة تبدو كلوحة فنية لرسام بديع، جمعت التأريخ والعلم والتراث واختزلت العصور كما اختصرت الوقت والزمان لتعطي في النهاية دافعاً قوياً للإثارة بمكامن الجمال في ثنايا الروح التواقة الى معرفة الطبيعة الخلابة التي خص الله بها أرض اليمن السعيد. - الموقع تقع سقطرى في خليج عدن قبالة القرن الأفريقي في امتداد يقابل الساحل الجنوبي الشرقي لمحافظة حضرموت وتتبعها أربع جزر صغيرة هي (عبدالكوري وصمحة ودرسة وكعول فرعون) و تقدر المساحة الإجمالية للأرخبيل ( 3682)كيلو متر مربع تمتد من الشرق إلى الغرب بطول 135 كيلو متر وعرض أقصاه 33كيلومتر وعلى بعد ( 450)كيلومتر من مدينة عدن . - غياب الاهتمام قبل الوحدة ورغم الأهمية الاقتصادية والإستراتيجية للجزيرة فقد ظلت حتى بعد استقلال جنوب الوطن عن الاستعمار البريطاني في العام 1967م بعيدة عن الاهتمام الرسمي للدولة الأمر الذي جعل أبناؤها يعانون غياب الخدمات الأساسية اللازمة ما أدى إلى تدهور أوضاعهم المعيشية والصحية داخل الجزيرة. - طبيعة قاسية وزاد صعوبة الأمر لدى أبناء سقطرى العزلة التي كانت تفرض عليهم نتيجة الظروف الطبيعية القاسية التي تمر بها الجزيرة خلال الفترة من يونيو حتى أواخر شهر أغسطس من كل عام حيث يسود الجزيرة مناخ بحري حار بسبب الرياح الموسمية والأعاصير التي تهب من المحيط الهندي وتتعدى سرعتها في بعض الأجزاء عقدة ترافقها حالة اضطراب شديد للبحر وارتفاع درجات الحرارة إلى 30درجة.. - رب ضارة نافقة يقول عبدالرحمن فضل الأرياني وزير المياه والبيئة أن ذلك المناخ لعب دوراً أساسياً في التصدي للغزاة من دخول الجزيرة .. مشيراً إلى أن الاستعمار البرتغالي لم يستمر في الجزيزة أمام تلك الطبيعة القاسية أكثر من أربعة أعوم ( 1508- 1512م ) .. وأضاف أن التجار والمستثمرين هم أيضاً لم يساعدهم ذلك المناخ في الإستفادة من الثروات الكبيرة التي تزخر بها جزيرة سقطرى ما جعلها تحافظ على عذريتها حتى اليوم. - بداية الاهتمام وبعد قيام الوحدة المباركة في ال22من مايو عام 1990م أدركت الدولة القيمة الحقيقية لما تكتنزه الجزيرة من ثروات طبيعية مذهلة فجعلت عملية التنمية في سقطرى في سلم أولويتها وخططها وتم تشييد عدد من المشروعات الإنمائية والإستراتيجية التي لعبت دوراً كبيراً في تحسين مستوى معيشة المواطنين وكسر العزلة التي ظلت حتى وقت قريب مفروضة على الجزيرة.. - كسر العزلة ويمثل مطار سقطرى الذي افتتح في العام 2001م بتوجيهات من فخامة الأخ الرئيس / علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية إحدى المعالم الإستراتيجية البارزة داخل الجزيرة وكثمرة طبية من ثمار الوحدة المباركة على أبناء سقطرى..فكانت سقطرى قبل الوحدة تملك مطاراً ترابياً لا يستقبل سوى الطائرات الصغيرة وبرحلات شهرية وكانت عملية مغادرة الجزيرة أو دخولها من المستحيلات خاصة خلال فترة الاضطراب البحري، الأمر الذي أعاق عملية تنقل السياح والمسافرين والمستثمرين والبضائع وأعاق حركة التنمية داخل الجزيرة بشكل عام. وتبلغ الكلفة الإجمالية للمطار الحديث بحسب تصريحات أحمد حمود طارش - مدير عام المطار مليارين و(400)مليون ريال ويبلغ طول مدرجة 3400متر، يتسع لأربع طائرات في أن واحد ويستقبل وفوداً سياحية من جميع أنحاء العالم بمعدل ثلاثة رحلات في الأسبوع يستفيد منها أكثر من (1000)مسافر أسبوعياً بزيادة سنوية تقدر ب(200) بالمائة ويحوي المطار سبعة أقسام إدارية هي الحركة الجوية والأرصاد الجوي والإطفاء والإنقاذ والقسم الفني والحسابات والخدمات والإيرادات ، تستوعب هذه الأقسام 44موظفاً يعملون حالياً في المطار.. ويقول مدير عام المطار : لدينا مشروع بدأنا العمل به قبل خمسة أشهر لتحسين المطار وترميم صالاته، تقدر كلفته ب 152مليون ريال.. مشيراً إلى أن هذه التحسينات تهدف إلى جعل المطار أكثر قدرة على استقبالالمزيد من الرحلات. - خطر بحري وبعد أن نجحت دولة الوحدة في إنهاء الحظر الجوي الذي كان مفروضاً على أبناء جزيرة سقطرى من خلال إنشاء المطار الحديث ، حرصت الدولة على إنهاء الحظر البحري واستغلال الشريط الساحلي الذي يطوق الجزيرة بمسافة (300)كيل ، فتم إنشاء لسان بحري بطول( 3590)متراً وعرض (15)متر يستوعب أكثر من (1500)طناً من الأسماك ، إضافة إلى اعتماد ميناء للجزيرة بمنطقة ديحمض بكلفة ملياري ريال. - الطرقات وبعد أن كانت عملية التنقل بين قرى الجزيرة المتباعدة تتم بصعوبة ومشقة كبيرة قبل الوحدة نظراً لغياب الطرقة المسفلتة وحتى المعبدة منها التي تربط بين هذه المناطق، اعتمدت دولة الوحدة أكثر من (518)كيلو متر من الطرقات الرئيسية والفرعية نفذمنها (270 ) كيلو متر شكلت شرياناً هاماً لربوا ما يزيد عن(100 ) قرية ببعضها ورافداً من روافد التنمية البشرية والاقتصادية في الجزيرة.. يقول المهندس/ ناصر إقبال المدير الفني لشركة بن جريبة والمخزوم المنفذة لمشروعات الطرقات داخل جزيرة سقطرى انه يجري حالياً عملية سفلته لأكثر من 248كيلو متر من الطرقات التي تربط بين حوالي 70قرية وتجمع سكاني داخل الجزيرة.. منوها أن الكلفة الإجمالي لهذه الطرقات بلغت 15مليار ريال. - البيئة وكان لزيادة وتيرة النمو الاقتصادي والسكاني في الجزيرة خاصة بعد اعادة تحقيق الوحدة المباركة أثراً بالغاً في دق جرس الإنذار المبكر على مسامع الحكومة ، تنبيهاً بخطورة تلك التطورات على بيئة الجزيرة الهشة التي لا تتحمل التدخل الإنساني غير المنظم والمبرمج الذي يراعي التنوع الحيوي داخل الجزيرة. واستجابة لذلك سارعت الحكومة في إعداد الدراسات العلمية للكائنات الحية النباتية والحيوانية المستوطنة داخل الجزيرة بهدف الحفاظ على المنظومة البيئية فيها . وتزامن ذلك مع إصدار قرار في العام 1996م لحماية التنوع البيولوجي في أرخبيل سقطرى وأنشأت مكتباً حديثاً لحماية البيئة داخل الجزيرة ومكتباً آخر للمختبرات العالمية وذلك بهدف تجنب أي تدهور في البيئة الطبيعية للجزيرة وحماية للأنواع والمواقع الحساسة بيئياً بما يكفل استدامة التنمية فيها بشكل متوازن في ظل معادلة صعبة للحفاظ على مناطق المحميات الطبيعية حيث يشكل الإنسان داخل الجزيرة (سواء كان مقيماً أو وافداً) أهم عناصر تلك المعادلة. - سقطرى محمية طبيعية وتتويجاً لتك الجهود أعلنت الحكومة في العام 2000م جزيرة سقطرى محمية طبيعية ، مستقلة بتلك الطبيعة الساحرة والتنوع الحيوي الفريد الذي وضعها على قائمة مستودعات الطبيعية البكر على وجه المعمورة حسب مرفق البيئة العالمي ( جي . إف . أي) . - اعتراف دولي بجهود الحكومة وقد مثل تسلم وزارة المياه والبيئة مؤخراً شهادة إدراج أرخبيل سقطرى ضمن الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي الذي تم إقراره من قبل برنامج الإنسان والمحيط الحيوي (ام.بي .ايه) التابع لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) ، اعترافا صريحاً بالجهود الطيبة التي بذلتها الحكومة لحماية جزيرة سقطرى وخطوة جيدة للوصول إلى قائمة التراث العالمي إلى جانب (490) موقعاً تكون الشبكة العالمية لمحميات المحيط الحيوي. وأوضح محمد عامر أحمد مدير مكتب البيئة في سقطرى أن الحكومة اعتمدت (33) محمية طبيعية داخل سقطرى تم استكمال خمس محميات هي (محمية دطوح وديحمري وحومهل وسكان ودعبلهن) وبقية المحميات في طور التجهيز .. مؤكداً أن كلفة المرحلتين الأولى والثانية لإنشاء هذه المحميات بلغت (10)ملايين دولار مقدمة من مرفق البيئة العالمي ( جي . إف . أي ) التابع للأمم المتحدة. - قبلة سياحية منذ إعلانها محمية طبيعية قبل أكثر من ست سنوات وسقطرى تعد الوجهة السياحية الأولى في البلاد ، حيث تجتذب 70بالمائة من حركة السياحة الدولية القادمة إلى اليمن ، ساعد على ذلك سهولة الوصول إلى الجزيرة بحراً وجواً إضافة إلى وجود قدر كبير من الخدمات التي لم تكن متاحة قبل قيام الوحدة ، بعد أن ظلت سقطرى تعيش في عزلة عن العالم لظروف عديدة .. حيث تشير إحصاءات الهيئة العامة للتنمية السياحية إلى أن(986 )سائحاً زاروا سقطرى خلال العام 2005م من مختلف الجنسيات بزيادة 459 عن العام 2004م. - تنوع حيوي وتستمد جزيرة سقطرى التي أنفصلت عن الجزيرة العربية قبل حوالي (15 )مليون سنة أهميتها السياحية من وفرة نباتاتها العطرية والطبية التي انقرضت في كثير من البيئات الأخرى، إضافة إلى كونها موئلاً طبيعياً لعدد من أنواع الطيور والحشرات والأحياء البحرية والبرية النادرة حيث تشير الدراسات إلى أن الجزيرة تحتضن أكبر تجمع للنباتات المستوطنة ، فمن بين (800) نوع هناك (270 ) تعد مستوطنة، وتوجد( 179) نوعاً من الطيور تعيش في (32)موقعاً على الجزيرة، منها (41) نوعاً تقيم وتتكاثر ستة أنواع مستوطنة ، كما يوجد في الجزيرة (15 ) نوعاً من فراشات النهار المستوطنة و(60)نوعاً من فراشات الليل ، إلى جانب (100) نوع أخرى من الحشرات (80 ) منها خاصة بسقطرى كما يوضح ذلك الدكتور/ ميشيل كوت/ الباحث في مجال الطيور. - التعليم وبعد أن ظل أبناء سقطرى يعانون الحرمان من الحصول على التعليم الجامعي وحتى الثانوي نظراً لغياب العدد الكافي من المدارس داخل الجزيرة التي لم تكن تتعدى ال 17مدرسة معظمها ابتدائية، إلى جانب غياب المدرسين والوسائل التعليمية المكملة.. أصبحت سقطرى بعد قيام الوحدة - حسب أحمد جون العواضي مدير عام مديرية حديبو- تحوي (53) مدرسة أساسية وثانوية مجهزة بالوسائل التعليمية والمدرسين، يدرس فيها أكثر من عشرة ألاف طالب منهم 50بالمائة فتيات ، كما أنشئت في حديبو عدد من معاهد اللغة والكمبيوتر ومكتب للتربية والتعليم بالاضافة الى كلية التربية . - الصحة وانطلاقة من اهتمام الدولة بصحة أبناء سقطرى شيدت الدولة بعد قيام الوحدة اليمنية المباركة مستشفى 22مايو داخل سقطرى بسعة (100) سرير ومجهز بفرقة عمليات حديثة ، ويؤكد الدكتور/ سعد القدومي مدير مكتب الصحة العامة والسكان بسقطرى أن كلفة المستشفى الإجمالي بغلت( 500 ) مليون ريال ، إضافة إلى إعادة تحديث مستشفى حديبو وتزويده بأحداث المعدات الطبية والأطباء المتخصصين. وقال القدومي إن الستة عشر الماضية من عمر الوحدة شهدت إنشاء مركزين صحيين داخل الجزيرة بكلفة (95)مليون ريال ، كما أنشئت (13) وحدة صحية موزعة على جميع مناطق الجزيرة بعد أن كان عدد الوحدات الصحية لا تتجاوز الثلاث وحدات قبل الوحدة .. مضيفاً أن الكلفة الإجمالي لتك الوحدات بلغت (127 )مليون ريال.. ويعمل حالياً في مجال الصحة بسقطرى أكثر من (221)كادراً وظيفياً منهم 7أطباء و5 مساعدين و 47ممرضاً و22قابلة و10مرشدات وفنيين . - النشاط السكاني ويعمل معظم أبناء سقطرى في الاصطياد البحري حيث يتم تبادل أكثر من 200مليون ريال سنوياً بين الصيادين ومستثمرين الأحياء البحرية، وتوجد جمعيات سمكية وفرع للإتحاد السمكي في عاصمة الجزيرة حديبو إلى جانب مصنعي تعليب أسماك. ونظراً عما تمتاز به الجزيرة من ثروة حيوانية تقدر بمئات الآلاف من الأبقار والأغنام والجمال ، فإن عدد كبير من السقطريين يعملون في مجال الرعي خاصة في المناطق الداخلية من الجزيرة، فيما يعمل البعض الأخر من الأهالي في زراعة النخيل وزراعة بعض الخضروات كالطماطم والبصل وقليل منهم يعملون في التجارة وصناعة التحف وبعض المشغولات اليدوية الأخرى. - مياه الشرب وتتمتع الجزيرة بوجود عدد من مكائن تحلية المياه التي وجه فخامة رئيس الجمهورية بإنشائها كما يؤكد ذلك الأخ/ محمد سعد الغيثي مديرعام مديرية قلنسية الذي يشير كذلك إلى وجود شبكة اتصالات ثابتة تعم أرجاء الجزيرة إضافة إلى خدمة الهاتف المحمول( يمن موبايل). - قرصنة وبعد أن ظل سكان جزيرة عبد الكوري التابعة لجزيرة سقطرى يتعرضون بين الحين والأخر لعلميات القرصنة من قبل القراصنة الصومالين وكان أخرها ما حدث في شهر مارس الماضي.. سعت الحكومة إلى توفير الحماية لأبناء الجزيرة من خلال إستحداث كتيبة عسكرية في جزيرة عبد الكوري من القوات المسلحة التابعة للواء الأول مشاه بحري المرابطون في مدرية حديبو عاصمة الجزيرة بحسب محمد سعد الغيثي مدير عام مديرية قلنسية. ورغم التحسن الملموس في الأوضاع العامة لجزيرة سقطرى وبنيتها التحتية ،سيما في مجال النقل والخدمات الصحية والتعليمية والتنموية فإن الصحة البيئية النادرة للجزيرة وأرخبيلها تحتم على الحكومة إيلاءها مزيداً من الجهد والاهتمام. سبانت