يجري أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشرة اليوم التصويت النهائي بين المتنافسين الستة على شغل منصب السكرتير العام الثامن للأمم المتحدة , خلفا للغاني كوفي عنان الذي تنتهي فترة ولايته في 31 ديسمبر المقبل , بعد عشرة أعوام أمضاها في المنصب. ويحظى "بان كي مون" وزير الخارجية والتجارة بكوريا الجنوبية، بدعم ترشيحه من الدول الخمس دائمة العضوية المسلحة بحق النقض وهي الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا، كما فاز بأربعة تصويتات غير رسمية على شغل المنصب، وحصل في أحدث تصويت على 14 صوتاً مع إمتناع صوت واحد عن التصويت. ومن المتوقع أن الاعضاء العشرة الآخرين في المجلس وهم الأرجنتين واليونان واليابان وتنزانيا والكونغو وغانا وبيرو وقطر وسلوفاكيا والدانمرك، سوف يصوتون لصالح "بان" ثم يرفع المجلس بعدئذ توصيته كما هو متبع في إختيار السكرتير العام للأمم المتحدة للجمعية العامة التي يبلغ عدد أعضائها 192 عضواً. وخلافاً لعنان فإن "بان" لم يترك إنطباعاً طويل الأمد في المنظمة الدولية حتى عندما كان يتولى العمل في بعثة بلاده في الأممالمتحدة، وإذا كان عنان قد خرج من صفوف الأممالمتحدة بعد عمل إستمر أكثر من ثلاثين عاماً قبل توليه منصب السكرتير العام في عام 1997 فإن "بان" أمضي 37 عاما في حكومته ولم يتولى على الإطلاق منصباً عن طريق الإنتخاب، وقد عمل في منصب وزير الشئون الخارجية والتجارة في كوريا الجنوبية منذ يناير عام 2004م. وتوضح سيرته الرسمية أنه لعب دورا مهما في ارساء السلام في شبه الجزيرة الكورية , الامر الذي اسهم في استقرار السلام والرخاء في المنطقة والعالم، وتولى "بان" مناصب دبلوماسية في كل من نيودلهي وواشنطن وترأس إدارة الشئون الأمريكية في وزارة الشئون الخارجية الكورية الجنوبية، وعين مستشاراً للأمن القومي للرئيس الكوري الجنوبي عام 1996 ثم نائباً لرئيس الوزراء في عام 2000 وقام بنشاط كبير في الشئون الآسيوية ونزع السلاح. هذا ويصف ميثاق الاممالمتحدة الأمين العام بأنه "المسؤول الإداري الأول" للمنظمة، وهو بطبيعة الحال أكثر من ذلك بكثير، فالأمين العام الذي يتساوى في كونه دبلوماسيا وناشطا، مع كونه مُوفّقا ومشجّعا، يُعتبر لدى المجتمع العالمي رمزاً للأمم المتحدة ذاتها. والمهمة تحتاج إلى قدر كبير من النشاط والحساسية والخيال، وهي صفات يجب أن يضيف إليها الأمين العام إحساسا بالتفاؤل لا يتزعزع، أي الإيمان بأن المُثُل العليا المُعبّر عنها في الميثاق يمكن أن تتحول إلى واقع ملموس. وينطوي العمل الذي يضطلع به الأمين العام على قدر من التوتر الطبيعي الخلاق الذي ينبع من تعريف الميثاق لوظيفته، فالميثاق يخول له أن ينبه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد السلام والأمن الدوليين، كما يطلب إليه أن يقوم "بالوظائف الأخرى" التي يكلها إليه مجلس الأمن والجمعية العامة وهيئات الأممالمتحدة الرئيسية الأخرى. وعلى هذا فإن الأمين العام يعمل بوصفه متحدثا باسم المجتمع الدولي وخادما للدول الأعضاء، وهما مهمتان يبدو أنه لا مفر من وجود شيء من التعارض بينهما. بيد أنه بفضل هذه الخطوط العريضة لا ينحصر عمل الأمين العام في نطاق ضيق، لأنها تمنحه ولاية للتصرف تتسم باتساع غير عادي. ومعلوم تماماً لدى عامة الناس أن الأمين العام يستخدم مكانته هذه وحياده، اللذين يترجمان إلى ما يطلق عليه "مساعيه الحميدة" لصالح "الدبلوماسية الوقائية".. ويشير هذا المصطلح إلى الخطوات التي يتخذها الأمين العام أو كبار موظفيه، علناً أو سراً، لمنع نشوء المنازعات الدولية أو تصاعدها أو انتشارها، بل إنه في الوقت الذي تنتشر فيه الأحداث والأزمات على نطاق الكرة الأرضية بأكملها، فإن من الممكن أن يكون لأقوال الأمين العام وأفعاله أثر بالغ. ومهمة الأمين العام تقتضي منه أيضا إجراء مشاورات يومية إعتيادية مع زعماء العالم وأفراد آخرين، وحضور دورات مختلف هيئات الأممالمتحدة، والسفر إلى جميع أنحاء العالم في إطار سعيه العام إلى تحسين الأوضاع الدولية. ويُصدر الأمين العام كل عام تقريرا يُقيّم فيه أعمال المنظمة ويعرض فيه آراءه المتعلقة بأولوياتها مستقبلا. ويحدد كل أمين عام ملامح الوظيفة الموكولة إليه بصورة تناسب عصره وسنه، كما تُنتظَر منه مبادرات على نفس القدر من الجرأة من الأمين العام الحالي والأمناء العامين المقبلين. وكما يدخل المجتمع العالمي حاليا في مجالات مجهولة إلى حد كبير، فكذلك أيضا تُعطى مهمة الأمين العام دفعة نشاط جديدة واتجاهاً جديداً. *الأمناء العامون السابقون: 1- النرويجي تريغف لي أول أمين عام للأمم المتحدة واستمر في الخدمة من عام 1945 إلى عام 1953. 2- السويدي داغ همرشولد وشغل المنصب من عام 1953 حتى وفاته في حادث تحطم طائرة في أفريقيا في عام 1961. 3- يوثانت من بورما "ميانمار حالياً" الذي استمرت مدة خدمته من عام 1961 إلى عام 1971. 4- كورت فالدهايم من النمسا وشغل منصبه من عام 1972 إلى عام 1981. 5- خافيير بيريز دي كوييار من بيرو واستمر في منصبه من عام 1982 إلى عام 1991. 6- بطرس بطرس غالى من مصر وشغل ذلك المنصب من عام 1992 إلى عام 1996. 7- كوفي عنان من غانا وشغل المنصب من عام 1997 وتنتهي ولايته رسمياً في 31 ديسمبر 2006م.