تعمل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تنسيق سياستها المالية والنقدية والمصرفية وزيادة التعاون بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية فيها بما في ذلك العمل على توحيد العملة لتكون متممة للتكامل الاقتصادي المنشود بين الدول الأعضاء . ومع انطلاق القمة الخليجية السابعة والعشرين برئاسة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبدالعزيز غدا السبت في الرياض تبرز على السطح مرة اخرى طموحات مواطني دول المجلس في تحقيق تكامل اقتصادي يلمسون آثاره كمواطنين في بلدانهم باعتبار ان الخطط الاقتصادية هي اكثر ماشغل الخبراء والناس في دول المجلس ربما لانها الاكثر وضوحا والاشد ملامسة لهموم الناس فيما يتعلق بشؤون حياتهم اليومية. واكد المسئولون الخليجيون ان دول مجلس التعاون الخليجي مهيأة لإقامة السوق المشتركة والاتحاد النقدي . ويرى الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية ان المجلس بثقله الاقتصادي والمالي ووزنه الإقليمي والدولي وما يحققه من تقدم يزيد من مناعة الجسد العربي ويشكل عنصراً ورافداً هاماً وداعماً لمنطقة انتمائه العربية وقضاياها وان كان البعض يرى أن إنجازات المجلس ما زالت دون طموحات وآمال شعوب المنطقة وقد يقلل البعض الآخر من أهمية هذه الإنجازات ربما لعدم إدراك قيمتها أومن قبيل المزايدة فإن الإنجازات المشهودة التي تحققت فرضت نفسها على أرض الواقع الخليجي ولنتذكر أن العمل الخليجي المشترك – كماهو معروف يدخل ضمن حسابات الأجل الطويل والإضافات التراكمية. وتكفي الإشارة بإيجاز شديد إلى أن الطريق أصبح مهيأ ، بفضل ما تم إحرازه من تقدم في المرحلة السابقة لإنجاز هدفين غاية في الأهمية وهما السعي لتحقيق السوق الخليجية المشتركة والعملة الخليجية الموحدة. ومن جانبة اكد الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ان اطلاق العملة الخليجية الموحدة في موعدها يحتاج الى ارادة سياسية خليجية مشتركة. ويؤكد الدكتور ناصر القعود مدير ادارة المالية والنقد في الشؤون الاقتصادية لمجلس التعاون الخليجي انه يجري العمل نحو الاتحاد النقدي المشترك وفق جدول زمني مفصل وتسير الخطوات بشكل مرضٍ. واشار الى ان الامانة العامة لمجلس التعاون لم تتلق أي طلبات بالتأجيل من الدول الاعضاء للسلطة النقدية وان كافة التفاصيل الفنية اللازمة لاصدار العملة الخليجية الموحدة في الموعد المحدد ستنتهي عام 2010م وسيبقى لاصدارها قرار المجلس الاعلى لدول الخليج ,مؤكدا في الوقت ذاته ان مقر السلطة النقدية المشتركة لن تشكل عقبة للوصول للهدف وان دور البنوك المركزية الخليجية لن ينتهي وسيبقى دورها على المستوى المحلي في كل دولة للاشراف والرقابة على المصارف. واضاف ان تشريعات السلطة النقدية المشتركة والاتفاق على مسمى العملة ستنتهي العام القادم والمسألة ليست تقديم تنازلات من قبل الدول الاعضاء بقدر ماهي تفويض من الدول الاعضاء لممارسة السلطة لدورها بوجود محافظي البنوك المركزية الخليجية كممثلين للدول في السلطة النقدية المشتركة ويقضي التعامل بعملة خليجية واحدة على المخاطر المتعلقة بأسعار صرف العملات الخليجية ويعمق مفهوم السوق الواحدة ويسهم بشكل فعال في تطوير وتكامل الأسواق المالية الخليجية خاصة سوق السندات ويساعد على تطوير أسواق الأسهم ويؤثر فيها تأثيرا ملحوظا من حيث الحجم والعمق والسيولة. كما تزيد العملة الموحدة في قدرة الشركات الخليجية على الاندماج أو الاستحواذ على شركات أخرى في مختلف دول المجلس الأمر الذي سيكون له آثار إيجابية على صعيد الاقتصاد الكلي والكفاءة الاقتصادية. ومن شأن إطلاق عملة خليجية واحدة تشجيع المنافسة الإقليمية في مجال الخدمات المصرفية والمالية وجودة خدماتها مما ينعكس إيجابيا على عملائها في دول المجلس ويخفض من تكاليفها ويؤدي إلى تنويع خدماتها وقد يؤدي كذلك إلى تشجيع الاندماج بين هذه المؤسسات على الصعيد الإقليمي للاستفادة من اقتصاديات الحجم. ومن الآثار الإيجابية لإصدار العملة الخليجية الموحدة على القطاع المصرفي وعلى تكامل الأسواق المالية بدول المجلس مقرونة بآثاره الإيجابية على صعيد السياسة النقدية والسياسة المالية والالتزام بمعايير التقارب المالي /حدود لنسب العجز في المالية العامة ونسب الدين العام / ستعزز من الشفافية والانضباط المالي على الصعيد الإقليمي وتنعكس إيجابا على الاستقرار النقدي والمالي في المنطقة وهذه كلها عوامل مساعدة لجذب مزيد من الاستثمارات الوطنية والإقليمية والدولية إلى دول مجلس التعاون. ويقول عبد الرحمن حمد العطية الامين العام لمجلس التعاون الخليجي / لقد قطعنا مرحلة هامة على طريق تحقيق متطلبات المواطنة الخليجية على مستوى التطبيق العملي التي تعزز التقارب وتنمي المصالح المشتركة بين أبناء دول المجلس وتضيف زخماً شعبياً لمسيرته مشددا على الوعي بأن المنطقة هي منطقة التقاء مصالح حيوية وإستراتيجية إقليمية وأخرى دولية وأن هناك علاقة ارتباط وثيقة بين استمرار الازدهار الاقتصادي العالمي وضمان الاستقرار والأمن في المنطقة وانطلاقاً من هذا الواقع فهم في المجلس يعملون لصون هذه المصالح في مواجهة أي محاولة لإعادة المنطقة إلى بوتقة الصراع ومن هنا أيضاً تنبع مسئولية المجتمع الدولي في مواجهة أي تطورات تخل بالتوازن الحرج فيها تؤدي لعدم الاستقرار فيها. واعتبر العطية ان الخريطة المستقبلية لمجلس التعاون الخليجي تحددت بعض معالمها إلى حدٍ كبيرفي ضوء ما حدده قادتها له من أهداف في المستقبل المنظورأي حتى نهاية العقد الحالي بالسعي إلى إنجاز السوق الخليجية المشتركة والوحدة النقدية وهدفها الارتقاء بالعلاقات بين الدول الست والانتقال بها من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاندماج الاقتصادي ، الأمر الذي سيمنح دول مجلس التعاون الخليجي وزناً اقتصادياً أفضل ويعطيهاترتيباً إقليمياً ودولياً متقدماً على خريطة العالم. وبالعودة الى البدايات الاولى لفكرة إصدار عملة موحدة لدول مجلس التعاون الخليجي انها بدات مع نشأ مجلس التعاون الخليجي فقد أشارت الوثيقتان الرئيسيتان للمجلس النظام الأساسي والاتفاقية الاقتصادية الموحدة لعام 1981م إلى الخطوط العريضة والمعالم الأساسية والعامة لبرنامج تعاون وتكامل اقتصادي لدول مجلس التعاون. وضمن مجالات التعاون الأخرى التي استهدفها إنشاء المجلس فقد تناولت الاتفاقية الاقتصادية الموحدة مراحل التكامل الاقتصادي حيث تحدثت بالتفصيل عن منطقة تجارة حرة وتوحيد التعرفة الجمركية وتناولت متطلبات السوق المشتركة والاتحاد الاقتصادي والنقدي بما في ذلك مانصت عليه المادة / 22 / من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بأن تقوم الدول الأعضاء بتنسيق سياستها المالية والنقدية والمصرفية وزيادة التعاون بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية بما في ذلك العمل على توحيد العملة لتكون متممة للتكامل الاقتصادي المنشود فيما بينها. ومنذ ذلك الوقت بدأ العمل لتحقيق التكامل بين دول المجلس فقد أنشئت في إطار المجلس عام 1983م لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية في دول المجلس وتفرع عن لجنة المحافظين لجان متخصصة لدراسة الجوانب الفنية للتعاون والتكامل في مجالات الإشراف والرقابة والتدريب المصرفي ونظم المدفوعات وفي عام 2002م أنشئت لجنة الاتحاد النقدي وخلال الفترة مابين 1985 الى 1987 أجرت لجنة المحافظين مشاورات مكثفة بين الدول الأعضاء للتوصل كخطوة أولى نحو العملة الخليجية الموحدة إلى مثبت مشترك لعملات دول المجلس وطرحت حقوق السحب الخاصة / اس دي ار / كمثبت مشترك غير أنها لم تحصل على الإجماع. وبنهاية عقد التسعينات ونظرا لتحقيق تقدم فيما يتعلق بالاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي ولنجاح الاتحاد الأوربي في موضوع اليورو وانطلاقا من توجه دول المجلس لتعزيز العمل الاقتصادي المشترك وتبني آليات وبرامج زمنية لتحقيقه أعيد بحث موضوع العملة الخليجية الموحدة وقرر المجلس الأعلى في قمته التي عقدت في مملكة البحرين في ديسمبر 2000م تبني الدولار الأمريكي مثبتا مشتركا لعملات دول المجلس في المرحلة الحالية ووجه وزراء المالية والمحافظين بإعداد برنامج زمني لإقامة الاتحاد النقدي واصدر العملة الخليجية الموحدة. وفيما يتصل بالبرنامج الزمني للاتحاد النقدي فقد وافق المجلس الأعلى في ديسمبر2001م على البرنامج الزمني لإقامة الاتحاد النقدي الذي يقضي بتطبيق الدولار الأمريكي مثبتا مشتركا لعملات دول المجلس في المرحلة الحالية قبل نهاية 2002م، وهو ما تم تطبيقه بالفعل من قبل جميع دول المجلس في الموعد المحدد كما يقضي البرنامج بأن تتفق الدول الأعضاء على معايير تقارب الأداء الاقتصادي ذات العلاقة بالاستقرار المالي والنقدي اللازمة لنجاح الاتحاد النقدي قبل نهاية 2005م تمهيدا لإطلاق العملة في موعد لا يتجاوز الأول من يناير2010م، وذلك ما تناولته متطلبات الاتحاد النقدي والاقتصادي التي نصت على أنه بهدف تحقيق الاتحاد النقدي والاقتصادي بين دول مجلس التعاون بما في ذلك توحيد العملة تقوم الدول الأعضاء وفق جدول زمني محدد بتحقيق متطلبات هذا الاتحاد بما في ذلك أحراز مستوى عال من التقارب بين الدول الأعضاء في كافة السياسات الاقتصادية لاسيما السياسات المالية والنقدية والتشريعات المصرفية ووضع معاييرلتقريب معدلات الأداء الاقتصادي ذات الأهمية لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي مثل معدلات العجز والمديونية والأسعار. وخلال السنوات الأربع الماضية عكفت اللجان المعنية في مجلس التعاون على تنفيذ هذه الفقرة واستكملت بحث معايير التقارب الاقتصادي وتحديد مكوناتها وطريقة حسابها والنسب والحدود المقبولة للتقارب الاقتصادي وذلك من خلال الدراسات المقدمة من الدول الأعضاء والأمانة العامة، مع الاستفادة من الدراسات التي أعدها البنك المركزي الأوربي وصندوق النقد الدولي لهذا الغرض. وأقرّت القمة الخليجية السادسة والعشرين في ديسمبر 2005 في ابو ظبي المعايير الخاصة لتحقيق تقارب الأداء الاقتصادي والاستقرار المالي والنقدي ومنها معايير التقارب النقدي وتتمثل في معدلات التضخم ومعدلات الفائدة ومدى كفاية احتياطات السلطة النقدية من النقد الأجنبي. ومعايير التقارب المالي وتتمثل في نسبة العجز السنوي في المالية الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي. وناقشت اللجان المختصة في عام 2005م وفي عام 2006م طريقة حساب وقياس تلك المعايير وتحديد نسب العجز والمديونية القصوى المسموح بها .. كما ناقشت البدائل المقترحة للسلطة النقدية المشتركة التي ستتولى مهام أصدر العملة الخليجية الموحدة وإدارة السياسة النقدية الموحدة وتوصلت اللجنة إلى توصيات محددة حول هذه المواضيع وبناء على توجيه المجلس الأعلى ، سيكتمل هذا العام مناقشتها والاتفاق عليها تمهيدا لرفعها واعتمادها من القمة القادمة. وتوقعت الأمانة العامة للمجلس أن يتم بنهاية هذا العام 2006 م الاتفاق على تفاصيل معايير التقارب الاقتصادي وعلى التشريعات والأنظمة المتعلقة بإنشاء السلطة النقدية المشتركة / مجلس نقدي يتحول إلى بنك مركزي خليجي / وتحديد مهامها وعملها وعلاقتها بالسلطات النقدية الوطنية في دول المجلس. كما يتوقع أن يتم الاتفاق عام 2007م على مواصفات العملة الخليجية الموحدة ومسماها وأسلوب طرحها للتداول. ويعد الوصول إلى العملة الخليجية الموحدة وإقامة الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي تتويجا لما تم إنجازه من مراحل التكامل الاقتصادي وسيزيد من إيجابياتها ويقوي مكاسب الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة حيث سيترتب على قيام هذا الاتحاد وإصدار العملة الخليجية الموحدة آثار متعددة على مختلف القطاعات الاقتصادية لاسيما التجارة البنية والسياحة والاستثمارات. سبأ نت