- الرياض/سبأ/ تقرير / عارف الدوش .. تبدأ في العاصمة السعودية الرياض بعد غداً السبت اعمال القمة الخليجية ال27 برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وعلى جدول أعمالها العديد من القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية. ويدخل مجلس التعاون الخليجي منعطفا اقتصاديا مهما في قمة قادته ال27 التي من المتوقع أن يتصدر الشأن الاقتصادي أجندة مواضيعها للأهمية التي يوليها المجلس لتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء. وسوف تنظر القمة التي تستمر يومين في العديد من المواضيع التي تهم المواطن الخليجي في كافة المجالات وخاصة الاقتصادية، منها الاتحاد الجمركي، وتنفيذ البرنامج الزمني للاتحاد النقدي واعتماد مشروع حول معايير الأداء الاقتصادي، واعتماد مشروع السياسة التجارية الموحدة لدول مجلس التعاون. كما ستنظر القمة في تقارير سير العمل في عدة مواضيع تهم دول المجلس من بينها الربط المائي، والتركيبة السكانية، وإصدار بطاقة موحدة لدول مجلس التعاون،وإنشاء سكة حديد. ويجري العمل حالياً على تطبيق الجدول الزمني الذي سبق أن أقرته القمة الخليجية ال22 في ديسمبر2001 لتحقيق متطلبات الاتحاد النقدي وتحقيق مستوى عال من التقارب بين الدول الأعضاء في كافة السياسات الاقتصادية المالية والنقدية والتشريعات المصرفية. فقد حددت المادة الرابعة من النظام الأساسي لمجلس التعاون الأهداف الرئيسة لدول المجلس في المجال الاقتصادي في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها، تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات. وكذلك وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك الشؤون الاقتصادية والمالية،والتجارية والجمارك والمواصلات، وغيرها من المجالات. ورسمت الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لعام 1981 خطة العمل الاقتصادي المشترك ومراحل التكامل والتعاون الاقتصادي بين دول المجلس، ولتشكل نواة البرامج التكاملية التي تم وضعها بشكل مفصل على مدى السنوات العشرين الأولى من قيام المجلس، لتشمل على وجه الخصوص، تحقيق المواطنة الاقتصادية لمواطني دول المجلس،وتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وفق خطوات متدرجة، بدءاً بإقامة منطقة التجارة الحرة، ثم الاتحاد الجمركي، ثم استكمال السوق الخليجية المشتركة،وانتهاءً بالاتحاد النقدي والاقتصادي. وإقامة المؤسسات المشتركة اللازمة لذلك. وجاءت الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001 التي نقلت أسلوب العمل المشترك من طور التنسيق إلى طور التكامل وفق آليات وبرامج محددة، كما أنها أكثر شمولية بمعالجتها موضوعات الاتحاد الجمركي لدول المجلس، والعلاقات الاقتصادية الدولية لدول المجلس مع الدول والمجموعات الاقتصادية الأخرى والمنظمات الدولية والإقليمية، وتقديم المعونات الدولية والإقليمية، والسوق الخليجية المشتركة،حيث تشمل تحديد مجالات المواطنة الاقتصادية، والاتحاد النقدي الاقتصادي،وتحسين البيئة الاستثمارية في دول المجلس، وغيرها من مجالات التكامل. وبدأت هذه الخطوات في ظهور النتائج والإنجازات لتشمل المواطنة الاقتصادية،حيث وضع برنامج زمني محدد للوصول إلى السوق الخليجية المشتركة في عام 2007وفق خطوات متدرجة حددتها قرارات المجلس الأعلى. وتشجيع التبادل التجاري ضمن مرحلتين تعتمد الأولى على إقامة منطقة تجارة حرة بين دول المجلس، فيما تعتمد الثانية على إقامة الاتحاد الجمركي لدول المجلس.وفي ضوء ذلك تم خلال عام 2005 الاتفاق على معايير التقارب الاقتصادي اللازمة لقيام الاتحاد النقدي، بالإضافة إلى الانتهاء من الشروط المرجعية لمسودة التشريعات والأنظمة الخاصة بالسلطة النقدية المشتركة التي ستتولى مهام إصدارالعملة ووضع وإدارة السياسة النقدية الموحدة. ويتوقع أن تستكمل اللجان المعنية تفاصيل ذلك خلال الفترة المقبلة، وذلك تمهيداً لقيام الاتحاد النقدي لدول المجلس وتوحيد العملة في موعد أقصاه الأول من يناير 2010م ومن الإنجازات أيضا تبني برنامج زمني محدد لتحقيق الاتحاد النقدي والوصول إلى العملة الموحدة في عام 2010م.. وحققت دول مجلس التعاون خطوة مهمة بتطبيقها الاتحاد الجمركي في الأول من يناير 2003، حيث تم تطبيق قانون موحد للجمارك في يناير 2002، وتم الاتفاق على تعرفة جمركية موحدة للاتحاد الجمركي لدول المجلس بواقع 5 في المائة على جميع السلع الأجنبية المستوردة من خارج الاتحادالجمركي والعمل بها من الأول يناير 2003، مع إعفاء 417 سلعة ضرورية من الرسوم الجمركية، إضافة للإعفاءات الجمركية الواردة في نظام القانون الموحد للجمارك. وتم تطبيق جميع الإجراءات على جميع السلع الأجنبية في نقطة الدخول الأولى في أي من دول المجلس بحيث يقوم المنفذ الأول الذي دخلت عن طريقه البضاعة بإجراءات التفتيش والمعاينة على البضائع الأجنبية الواردة إليه والتأكد من مطابقتها للمستندات المطلوبة وخلوها من الممنوعات واستيفاء الرسوم الجمركية المستحقة عليها، وتتحرك السلعة فيما بعد بحرية داخل دول المجلس، وتم بموجب ذلك إلغاء التعامل بالنقل بالعبور (الترانزيت) للبضائع الأجنبية فيما بين دول المجلس باعتبارها منطقة جمركية واحدة. ويتبقى ثلاث سنوات عن الموعد الذي حدده قادة دول مجلس التعاون الخليجي من أجل إقرار العملة الخليجية الموحدة في عام 2010، وتكمن إيجابية العملة الموحدة كونها ستؤدي إلى تكوين سوق خليجية واحدة مما سيسهل عملية التجارة البينية ويسّرع حركة الرساميل فيما بينها وسيؤدي هذا بالتالي إلى توسيع السوق بالنسبة إلى كل المنتجين في دول المجلس ، كما أنها من الناحية العملية تمهد الطريق نحو خلق البيئة والبنية اللازمة لتكوين سوق خليجية واحدة ، ومن الفوائد المحققة من توحيد العملة الخليجية تحقيق ميزة تفاوضية لتثبيت سعرالصرف للعملات الخليجية في الإيرادات المالية ، وهو ما من شأنه تقليل الهدرالذي ينشأ نتيجة فرق السعر بين عملة خليجية وأخرى. ومن المعروف أن تعدد العملات يمثل عامل ضعف لأي تكتل أو مجموعة وتعتبر تجربة الاتحاد الأوروبي في توحيد العملة ماثلة أمام الكثيرين كشاهد لتحقيق القوة الاقتصادية من خلال الاندماج الاقتصادي وتجاوز مشاكل الكساد التي مر بها العالم ، وأصبح اليورو الآن ثاني أهم عملة على مستوى النظام النقدي الدولي، وتتداوله اكثر من 18 دولة ، ودول مجلس التعاون لا ينقصها أبداً مقومات تحقيق هذا الحلم بالنظر إلى الظروف المتشابهة التي تجمع بينها والتي تعد نموذجاً مثالياً لتكتل اقتصادي قوي ، فدول الخليج تمتاز بتاريخ مشترك وتركيبة اجتماعية متوائمة ، وأهداف سياسية وتنموية تكاد تكون موحدة إضافة إلى تقاربها وتشابهها في الهيكلية الاقتصادية والاعتماد على مداخيل مالية واحدة. وهذا التشابه الكبير إلى حد التطابق بينها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية يجعل من عملية المضي في الوحدة المالية وتشكيل كيانات اقتصادية قوية أمرا من السهولة بمكان ولاسيما في ظل عدم وجود ما يمنع مثل هذه التوجهات الاقتصادية سواء من قبل أنظمة الحكم أو شعوب المنطقة أو حتى السياسات والأنظمة الإدارية المطبقة في دول الخليج. ويمثل العام القادم ( 2007 ) تحديداً أبرز مراحل الوصول إلى العملة الخليجية الموحدة وعقد خطواتها حيث سيتم فيه إقرار الجهة التي ستتولى إصدار مهام العملة,والاتفاق على مسماها وفئاتها ومواصفاتها وأسلوب طرحها للتداول وآلية سعر صرفها ، ووضع وإدارة السياسات النقدية الموحدة ، بالتالي فإن قمة الرياض هي بوابة العبور لهذه المرحلة المهمة في طريق الوصول إلى العمل الموحد ،وهو ما يحمل هذه القمة أهمية كبرى على صعيد اتخاذ قرارات تسهل هذه المرحلة وتزيل تعقيداتها ، فالعملة الموحدة تعد واحدة من أرقى أشكال التعاون والتكامل الاقتصادي لابد أن تسبقها خطوات كثيرة للتكامل أهمها إقامة منطقة تجارة حرة لاتوجد فيها قيود جمركية ولاعوائق أمام انتقال البضائع بين الدول، وتقليل التفاوت في الأوضاع الاقتصادية ، وتحقيق التقارب المالي في نسبة العجز السنوي، ونسبة الدين العام إلى الناتج الإجمالي ، فمن المفترض ان توحيد العملة يأتي في نهاية مسيرة التعاون الاقتصادي فالسوق الأوروبية المشتركة استغرقت في نموها عدة عقود قبل أن تصل إلى حلم العملة الأوروبية الموحدة اليورو. لا شك أنه لو نجحت دول المجلس في إقرار العملة الموحدة حسب الموعد المقرر فإن دول المجلس سوف تصبح كتلة اقتصادية ذات ثقل نسبي في العالم، وسوف تتعامل ككتلة واحدة حيال التفاوض على قضاياها مع شركائها الاقتصاديين والتجاريين،الأمر الذي يعني المزيد من القدرة على تنسيق السياسات تجنبا لإهدار الموارد مع الحصول على شروط سعرية وكمية افضل ،إضافة إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول الخليج بما ينمي اقتصاداتها النامية ويدفعها نحو المزيد من القوة والنشاط، فضلا عن تجنيب الاقتصاد الخليجي الكثير من المشاكل التي قد تنشأ نتيجة الأزمات النقدية في العالم.