تحتفل دولة الكويت الشقيقة اليوم بالذكرىال46 للعيد الوطني وسط انجازات عظيمة شملت كافة مجالات الحياة منذ 19 يونيو عام 1962 م . وبقدر ماتمثله هذه المناسبة كمحطة هامة للأشقاء في دولة الكويت للإبتهاج بما تحقق لهم من إنجازات رائدة وتحولات نوعية خلال ال46 عاما الماضية في مسار التنمية الشاملة وتحقيق الرفاهية والإزدهار للكويت أرضا وإنسانا.. بقدر ماهي مبعث فخر وإعتزاز لكل إنسان عربي بما حققته الكويت من نهضة ورفاهية سيما اليمنيين إنطلاقا من عمق الروابط الأخوية المتينة التي تجمع الشعبين الشقيقين من الأزل . والمتتبع لتاريخ العلاقات اليمنية الكويتية سيجد خصوصية متفردة لهذه العلاقات المستندة إلى جذور متينة وراسخة من عوامل الإخاء والتعاون البناء والمثمر والمدعومة برعاية وحرص مشترك من قبل قيادتي وشعبي البلدين على ديمومتها ونموها وإزدهارها مامكنها من أن تسير بخطى متسارعة نحو الأمام حتى وأن واجهتا عوائق بين الحين والأخر فسرعان ماتتعلب عليها وتصد الأبواب أمام كل الأصوات النشاز التي تحاول تعكير صفوها. وإذا كانت العلاقات بين البلدين تمتد جذورها في اعماق التاريخ, فإن مطلع الستينات من القرن المنصرم كان نقطة إنطلاق وتجدد هذه العلاقات وساعد على نموها وتجذرها التقارب الزمني في تحرر اليمن وإستقلال الكويت، حيث نالت الكويت استقلالها في 19 حزيران 1961،تلى ذلك قيام الثورة اليمنية المباركة (26 سبتمبر 1962م ، 14 أكتوبر 1963 م) التي قضت على حكم الأمامه الكهنوتي وطردت الإستعمار من جزء غال من الوطن .. لتكون الكويت ليس من أوائل الدول العربية التي سارعت في التأييد والاعتراف بالنظام الجمهوري في اليمن فحسب بل من أوائل الدول التي باشرت وأستمرت في تقديم كافة أوجه الدعم السياسي والمادي بسخاء وسجلت مواقف مشرفها في وقوفها إلى جانب اليمن شعبه في السراء والضراء خلال العقود الأربعة والنصف المنصرمة ماجعل تلك المواقف محفورة في ذاكرة ووجدان الإنسان اليمن . ولعل العلاقات الاقتصادية شكلت منذ منتصف الستينات وصولا الى السبعينيات والثمانينيات ركيزة أساسية لنمو وتوسع المصالح المشتركة بين اليمن والكويت، عزز ذلك الإكتشاف المبكر للنفط في الكويت مامكنها من مضاعفة حجم مساعداتها للتنمية في اليمن من خلال تمويل إنشاء العديد من المشاريع الهامة والحيوية . ومثلت زيارة المغفور له بإذن الله تعالى سمو الشيخ جابر الاحمد الصباح امير دولة الكويت الراحل إلى صنعاء وعدن عام 1981 م والتي تعتبر أول زيارة لأمير كويتي إلى اليمن نقطة تحول هامة في تاريخ علاقات البلدين وأعطت دفعة قوية لفتح آفاقاً رحبة من التعاون والشراكة بين شعبيهما .. كما أنعكس ذلك في تنامي الدعم الكويتي لجهود التنمية في اليمن من خلال القروض الميسرة، والمساعدات المجانية، سواء المقدمة من الحكومة الكويتية مباشرة أو عبر الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي وعبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية والتي كان لها أسهام كبير في انشاء الكثير من المشاريع الإنمائية والخدمية وتعزيز مسيرة التنمية في اليمن. ومازال اليمنيون ينظرون بمزيد من الوفاء والعرفان إلى الجهود الحثيثة والمساعي النبيلة التي قام بها سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح من أجل تعزيز خطوات إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بدء من مؤتمر وزراء خارجية الدول العربية المنعقد في القاهرة في 1 سبتمبر 1972م، الذي اتخذ قرارا بتشكيل لجنة عربية للمصالحة بين شطري اليمن ( سابقا)، وكانت دولة الكويت من ضمن الدول الفاعلة في اللجنة التي ترأسها الامين العام المساعد للجامعة العربية, من خلال قيام وفد كويتي برئاسة وزير الخارجية في سبتمبر 1972م بزيارة الى كل من صنعاء وعدن، هدفت الى تعزيز التقارب مرورا بإستضافة الكويت برعاية الأميرالراحل خلال الفترة 28-30 مارس 1979م مؤتمر القمة بين رئيسي الشطرين حينها، بهدف المضي قدما في مشروع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، وتمخض عنه أول اتفاقية وحدوية وقع عليها رئيسا الشطران ( سابقا) ومثلت لبنة قوية لتسارع الخطوات الوحدوية وصولا إلى تحقيق المنجز اليمني والعربي العظيم المتمثل بإعلان قيام الجمهورية اليمنية في ال 22 من مايو1990م . وظلت علاقات البلدين تعيش عصرها الذهبي حتى بداية التسعينات من القرن المنصرم إذ مرت عليها سحابة صيف جراء حالة الإنقسام والتشتت التي شهدتها المنطقة العربية بفعل الآثار السلبية للإحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت الشقيقة في 2 من اغسطس 1990م، الذي مثل فاجعة أليمة للأمة العربية والاسلامية على السواء، الامر الذي انعكس بصورة مباشرة على العلاقات العربية العربية وتسبب في انقسام الدول العربية الى فريقين، نظرا لتباين المواقف فيما بينها تجاه السماح للقوات الأجنبية بالتدخل لإنهاء الإحتلال رغم أتفاقها جميعا على رفض وإدانة الإحتلال العراقي لدولة الكويت الشقيقة ومطالبة القوات العراقية الغازية بسرعة الإنسحاب . ونتيجة لهذا التأثر تراجع مستوى التواصل وحجم التعاون بين البلدين في عقد التسعينيات من القرن الماضي, حت تمكن البلدان من تجاوز تلك المرحلة، وجاءت زيارة الأخ عبد القادر باجمال في مايو 1999م الذي كان يشغل وقتها منصب نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية للكويت لتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الأخوي المثمر بعد ازالة سحابة الصيف التي خيمت على العلاقات بين البلدين، وتم خلالها افتتاح السفارة اليمنية بالكويت، واتفق الجانبان ايضا على رفع مستوى على التمثيل الدبلوماسي بينهما، واعقب تلك الزيارة تبادل الزيارات بين الجانبين على المستوى البرلماني والاقتصادي و السياسي. كما شارك الأشقاء في دولة الكويت في أحتفالات اليمن بالعيد الوطني العاشر للجمهورية اليمنية في22 مايو 2000م بوفد رفيع برئاسة سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية حينها والأمير الحالي لدولة الكويت و كانت أول زيارة يقوم بها مسئول كويتي بهذا المستوى لليمن منذ عام 1990م،ما عكس إستعادة العلاقات بين اليمن والكويت لعافيتها. وكان من ثمار الزيارات المتبادلة والتواصل الأخوي بين مسؤولي البلدين تشكيل لجنة يمنية كويتية مشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين اسهمت بدور فاعل في تفعيل أطر التعاون والشراكة خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية،.. كما أستأنف صندوق التنمية الكويتي نشاطه في تمويل مشاريع التنمية في اليمن . ونظرا للفرص والامكانيات الاستثمارية المتاحة في اليمن خاصة في المنطقة الحرة بعدن وما يوفره قانون الاستثمار اليمني من ضمانات وامتيازات للمستثمرين،وقع بدولة الكويت في فبراير 2000م ، بالاحرف الاولى على محضر اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات ، الذي تعزز بالتوقيع في فبراير 2001م في العاصمة الكويتية على اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين اليمن والكويت،لتتيح الاتفاقية الظروف الملائمة لكلا البلدين لتهيئة التعاون الاقتصادي في الجانب الاستثماري، بالاضافة الى إتفاقية تجنب الازدواج التي وقع عليها في اغسطس 2001،فضلا عن مشاركة الكويت بفعالية في مؤتمر لندن للدول المانحة لليمن وتعهدت بتقديم مساهمات مالية عبر مؤسساتها الاستثمارية وصناديقها المالية لدعم عملية التنمية في اليمن. وبالرغم من أن التبادل التجاري بين البلدين خلال عقد التسعينيات كان في أدنى مستوياته، إلا أن تعزز العلاقات منذ العام 1999م اسهم في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين لتحتل الكويت المركز الثالث في قائمة التبادل التجاري والاقتصادي بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي حاليا. الروابط الأخوة المتينة التي تجمع شعبي وقيادتي البلدين بزعامة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وسمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت ستظل دافعا قويا لنمو وإزدهار هذه العلاقات والإنطلاق بها نحو تحقيق كافة التطلعات المنشودة في الشراكة المثمرة بمايخدم مصالح الشعبين الشقيقين سواء في الإطار الثنائي أو على مستوى التجمعات الإقليمية والدولية.. حتى وأن حاولت أصوات نشاز بين الحين والآخر تعكير صفو هذه العلاقات ستمنى دوما بالفشل. سبأنت