لا يختلف اثنان على ان عمليات اطلاق الصواريخ التي بادرت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس بشنها اليوم تحمل في طياتها الكثير من الاشارات السياسية المهمة. فمن الصعب الافتراض على سبيل المثال ان اسرائيل ستوافق على عمل الحكومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس في اطار يسمح للأخيرة بتنفيذ ما اعتادت على التعهد به بعدم المس بفصائل المقاومة. ولا شك ان هذا الامر يدشن لمرحلة جديدة من العلاقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين الذين ضاقوا ذرعا بمجموعهم بالسياسات الاسرائيلية التي تدير الصراع معهم لكنها لا تبحث عن حل مرض لهم. وفى هذا الاطار اعلنت كتائب القسام صباح اليوم انها اطلقت اكثر من 30 صاروخا ونحو 60 قذيفة هاون باتجاه عدد من المواقع العسكرية الاسرائيلية اضافة الى مستوطنات مقامة في محيط قطاع غزة. وجاءت عمليات القصف هذه بعد هدنة طويلة التزمت بها كتائب القسام الى حد بعيد خلال الشهور الخمسة الاخيرة التي اعقبت الاعلان عن هدنة غير موقعة مع اسرائيل. وجاءت هذه الهجمات بينما يحتفل الاسرائيليون هذه الايام بذكرى قيام دولتهم في العام 1948 وهو ما يعتبره الفلسطينيون ذكرى ايام النكبة التي القت بالملايين منهم في مخيمات الشتات والغربة. ويبدو واضحا ان الاوضاع في قطاع غزة الذي يعصف به الفلتان الامني الداخلي تتجه نحو مزيد من التصعيد في ظل حديث جيش الاحتلال وتهديداته باجتياح هذه المنطقة لوقف اطلاق الصواريخ نحو بلداته. ورغم هذه التهديدات فان الفصائل الفلسطينية على اختلافها لا تلقي بالا كما يبدو لهذه التهديدات التي انطلقت قبل ايام على لسان اكثر من مسؤول اسرائيلي أكدوا انهم مستعدون لمواجهة أي عدوان. واعتبر الناطق الرسمي باسم حركة حماس فوزي برهوم في تصريحات صحفية اليوم ان حركته وفصائل المقاومة "دخلت مرحلة جديدة مع الاحتلال الاسرائيلي لردعه بكافة اشكال المقاومة لوضع حد لتغوله واجرامه". وقال برهوم "ان حماس مستعدة لأن تدفع الثمن الباهظ من اجل فلسطين ومن اجل الاسرى والشهداء خاصة وان هناك صمتا عربيا وتواطؤا دوليا ودعما امريكيا للاحتلال الاسرائيلي". واتهم برهوم الاحتلال الاسرائيلي بأنه "وضع حدا للتهدئة من خلال جرائمه المتواصلة" .. مؤكدا في الوقت نفسه ان رد حماس الميداني قد يصعد الموقف وان اسرائيل قد تكثف هجماتها ضد الفلسطينيين. وحول ما اذا تم تحديد توقيت لوقف اطلاق الصواريخ قال برهوم "نحن الآن توحدنا في الميدان وسنظل ندافع عن فلسطين حتى نضع العالم كله امام مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني". وعلى الجانب الرسمى دعت الحكومة الفلسطينية لاستئناف الهدنة في قطاع غزة بعد أن أطلقت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) صواريخ على إسرائيل ردا على استشهاد تسعة فلسطينيين بداية هذا الأسبوع. وقال الناطق باسم الحكومة غازي حمد في بيان إن الحكومة تؤكد رغبتها في استمرار الهدوء والحفاظ عليه على النحو الذي يحقق المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني. أمّا رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية فقال إن الموقف الإيجابي للفصائل الفلسطينية بالتهدئة جُوبهَ بتصعيد إسرائيلي..مشيرا إلى أن الأراضي الفلسطينية تتعرض لعدوان شامل من قبل إسرائيل. جاء ذلك بعد ساعات من إعلان كتائب القسام انتهاء التهدئة مع إسرائيل بعد نحو خمسة أشهر من إعلانها، وحَمَّلت حكومة الاحتلال المسؤولية بسبب استمرار جرائمها ضد الشعب الفلسطيني. وقال أبو عبيدة -الناطق باسم كتائب القسام- إن التهدئة باتت غير موجودة وبحكم المنتهية بسبب عدم التزام إسرائيل بها.. مشددا على أن كل الخيارات باتت مفتوحة في المواجهة معها. ولم يستبعد أبو عبيدة استئناف إسرائيل استهداف القيادات الفلسطينية، .. مشددا على أنه "من حق المقاومة الرد لأن التهدئة كانت متبادلة ومشروطة ومؤقتة لكن العدو لم يلتزم". وكانت كتائب القسام تبنت إطلاق أكثر من ثمانين صاروخا وقذيفة هاون على إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة صباح اليوم، واعتبرت في بيان لها أن هذه الصواريخ تأتي ردا على الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني خلال اليومين الماضيين. كما أعلنت سرايا القدس وألوية الناصر صلاح الدين وكتائب شهداء الأقصى مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ محلية الصنع وقذائف هاون على أهداف إسرائيلية متاخمة لقطاع غزة. الى ذلك دعا الناطق باسم الحكومة الفلسطينية ووزير الإعلام مصطفى البرغوثي لإيقاف ما سماها دائرة العنف في المنطقة، وكشف عن وجود مقترح من الحكومة الفلسطينية لتهدئة شاملة ومتبادلة مع إسرائيل. واعتبر أن ما يجري من تصعيد هو نتيجة مباشرة لسياسة إسرائيل التي قامت ب128 اجتياحا للأراضي الفلسطينية خلال الأشهر الماضية. أما كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات فقال إن التهدئة مصلحة وطنية فلسطينية عليا ويحب الحفاظ عليها وتثبيتها لكي تصبح متبادلة ومتزامنة، ودعا العالم لإلزام إسرائيل بها أيضا.