في السبعين من عمره ولكنه يطارد حشرة طائرة كانت تتقفز من مكان الى اخر وهو مصر على الامساك بها بمساعدة عكازه وبقايا بصره . ورغم تعثره كثيرا إلا ان المسن عبدالله السنفي تمكن أخيرا من الامساك بها بواسطة قطعة القماش التي كان يلفها على عنقه. تصرفه لفت انتباه كثير من المارة واثار دهشة وفضول الاطفال حينما قام السنفي بفصل رأس وارجل الطائر عن جسده و التهامها قبل ن يعرفوا أن تلك الحشرة هي عبارة عن جرادة. انتشر مؤخرا الجراد الصحراوي في كثير من المناطق اليمنية ونزلت فرق للمسح تمهيدا لبدء مكافحتها، وما يشتهر به اليمنيون أنهم يأكلون الجراد. * الأكثر لذة في الجراد: يتذكر المزارع محمد غيلان (60عاما ) موجة الجراد التي غطت سماء بعض المناطق في إب قبل عشر سنوات, ويقول " الجميع يقوم بتعبئتها الى (شوالات ) ويتم شويها في النار ومن ثم أكلها بطعم والجميع كان لا يخافها غير ان بقاءها معناه دمار لجميع ما قام به المزارع اليمني لأنها تؤكل الأخضر واليابس ". .فيما يبدي خالد الأغبري 20عاما استغرابه من الذين يأكلون الجراد وكيف تتم عملية الهضم لتلك الحشرة التي لا يشجع شكلها للأكل او حتى الأمساك بها . الحاجة فاطمة كأفأت حفيدها عبدالله بنقود مقابل تخليه عن الجرادة التي يلعب بها لتبدا أكلها, ويصطدم الطفل الذي سارع لإعلام أسرته أن جدته تاكل الحشرات. تقول الحاجة فاطمة وهي في ال60 من عمرها " أحب الجراد كثيرا وبطن الجراد توجد فيه الغذاء الحقيقي اما منطقة الصدر فهي المكان الأكثر لذة ". * الجراد يأكل كعشرة أفيال: الحقائق العلمية تؤكد أن الحشرة الواحدة من الجراد تستطيع أن تلتهم طعاماً بمقدار حجمها كل يوم، أو ما يعادل 2 جم لكل يوم؛ فسرب صغير يُقدر ب1 طن متري (ألف كجم) يستطيع أن يأكل كعشرة أفيال أو 25 جملا أوالفان وخمسمائة إنسان في يوم واحد. ورغم أن بعض أنواعه تلتهم نوعا معينا من النباتات فإن غالبية الأنواع تلتهم كل شيء يقابلها.. فتستطيع أن تنهي محاصيل كاملة من القطن والذرة والقمح والأرز والشعير وأشجار الموز والبلح وغيرها، وتأكل كل شيء في النبات: ورقه، جزعه، ساقه، ثماره، فواكهه. ويمكن لأسراب الجراد أن تطير لمسافة تصل إلى 200 كم في اليوم الواحد، كما يمكن لإناث الجراد أن تضع كتل البيض في ما لا يزيد عن أربع مراتٍ في حياتها وتحتوي كل كتلة قرابة 70 بيضة طول حشرة الجراد الناضجة يتراوح بين 3 إلى 13 سم. ويقسم جسد الجرادة إلى رأس وصدر وبطن (مقسم 11 قطعة)، كما أن لها 6 أرجل تستخدمها في المشي. يغطي جسمها طبقة من الكيتين وتتمتع بأسنان حادة، كما تحمل قرنين قصيرين متميزين للاستشعار ، وتتميز بما تصدره من أصوات موسيقية تصدرها من خلال كحت الأرجل الخلفية أو الأجنحة الأمامية مع الجسم. * خطورة الجراد: يقول سعيد المعمري رئيس قسم المعلومات بالمركز الوطني لمراقبة ومكافحة الجراد الصحراوي ان مصادر الجراد - يقوم الفريق الميداني بمسح المناطق التي هاجمتها مكون من 11فريق - جاءت من الصومال والسعودية و ارتيريا . واشار المعمري إلى ان الظروف البيئية تتحكم بوجود وانتشار الجراد فعندما يبدأ الغطاء النباتي يجف في المناطق الصحراوية تبد أالجراد تهاجم المزارع حيث ترتبط الرياح والامطار بحركة الجراد. وحدد المناطق التي يتم المسح فيها وهي وادي حرز بحضرموت ومنطقة زمخ في حضرموت ومنطقة منوخ في ثمود بحضرموت ايضا ومنطقة مأربالجوف في محافظة مأرب ومناطق في شبوة من بينها العاصمة عتق والعبر وكذلك بيحان السوم في وادي حضرموت بالمهرة . اما بالنسبة للصعوبات التي يواجهها الفريق أثناء مكافحة الجراد فيشير المعمري إلى انها تتمثل بالكثبان الرملية تتواجد فرق ارضية لا تستطيع تخطيها ووجود مناحل( مناحل العسل) كما تثار بعض الإشكاليات بسبب وجود البدو الذين ينزعج كثير منهم بسبب رش المبيدات حيث يتم مكافحتها بالطائرات بالتعاون مع الفاو منوها الى ان عمل المركز شهريا حيث يتم نزول ومراقبة الغطاء النباتي والاماكن التي نزل فيها الامطار وذلك بالتنسيق مع الارصاد . تضع أنثى الجراد بيضها في حفر تحت الأرض، وتغطيه بسائل يشبه العجين؛ لتحميه من البرد، وبعدما يخرج الطور الانتقالي عند الفقس يأخذ من 40 إلى 60 يوما ليدخل إلى طور النضوج، وأعداؤه الطبيعيون هم الخنافس، الطيور، الفئران، الثعابين والعناكب وخاصة تلك الحشرات الطائرة التي تضع بيضها بجانب الجراد ليتغذى صغارها على بيض الجراد. الجراد يتكيف مع بيئات متفاوتة؛ فهو يستطيع العيش في كل مكان على وجه الأرض.. لم ينجُ منه إلا القطبان: الشمالي والجنوبي، كما أن لديه القدرة على تحويل سلوكه - تحت الظروف البيئية الصعبة- من الحالة الفردية إلي الحالة الجماعية؛ فيكوّن أسرابا حاشدة تطير إلى مسافات طويلة جداً قد تصل إلى مئات الكيلومترات المربعة، كل كيلومتر مربع من تلك الحشود يحتوي على 40 إلى 80 مليون جرادة. وقد احتوى أكبر حشد شهده القرن الماضي على 40 بليون حشرة، غطت مساحة تُقدر ب1.036كم2.ويستطيع الجراد الطيران لمدد طويلة بدون توقف.. مثل أسراب الجراد التي تقطع البحر الأحمر (300 كم) طيرانا متواصلا، والجراد الصحراوي الذي قطع في عام 1988 مسافة تقدر ب5 آلاف كم في 10 أيام، كما يستطيع هذا النوع من الجراد الانتشار في مساحة 25 مليون كم2 - أي ما يقرب من 20% من حجم الأرض. ويأكل في مثل هذه الحالة طعام ما يقرب من 10% من سكان الأرض.يزيد من خطورة أوبئة الجراد أنه لا يوجد لها وقت دوري معروف على مستوى العالم، ولا تستطيع ال FAO أو هيئات الإغاثة التنبؤ بدقة عن وقت ظهوره.. فرغم أن هذه الأوبئة عُرفت منذ عهد قدماء المصريين فإنه حتى الأقمار الصناعية العادية لا تستطيع رصده ، وقد تستطيع بعض أنواع الأقمار عالية الكفاءة أن تصوره، لكن حتى الآن لا توجد مثل هذه الصور. * أنواع الجراد.. حول العالم أهم نوع على الإطلاق هو الجراد الصحراوي ؛ لأنه يستطيع السفر لمسافات طويلة، ويتناسل بدرجة كبيرة؛ حيث يضع من 95 إلى 158 بيضة، وتضع الأنثى 3 مرات على الأقل في حياتها، كما أنه يتواجد على امتداد منطقة شاسعة من البيئة الصحراوية الجافة في أفريقيا، وجنوب غرب آسيا حيث الأمطار، ومن المناطق المفضلة لديه موريتانيا والمغرب والسودان وشبه الجزيرة العربية واليمن وعمان، كما يتجه إلى غرب الهند والحدود الباكستانية.هناك أنواع أخرى هامة من الجراد تقسم بحسب المناطق مثل: الجراد الأفريقي المهاجر في أفريقيا، الجراد الشرقي المهاجر في جنوب شرق آسيا ، الجراد الأحمر في شرق أفريقيا، الجراد البني في جنوب أفريقيا، الجراد الأسترالي في أستراليا، جراد الشجر في أفريقيا وحوض المتوسط باتجاه الشرق. أما الجراد المغربي الذي كان بطل الوباء الأخير في أفغانستان؛ فهو يتواجد في المناطق شبه الجافة وشبه الصحراوية. يتواجد في جنوب شرق آسيا ووسطها مثل تركيا وإيران والعراق وأفغانستان وبعض جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ويسبب مشكلات أيضا في المغرب والجزائر. وتحاول منظمات الإغاثة جاهدة أن تبحث عن كل جديد لمقاومة هذا البلاء الذي ما زال يُعد من أخطر الأوبئة التي قد يتعرض لها محصول. طرق لمكافحة الجراد: هناك 3 طرق لمكافحة الجراد من بينها الطرق الكيميائية, وتتم برش المبيدات الحشرية بواسطة الطائرات وعربات الرش، أما الطريقة الثانية فهي الميكانيكية ، وتتم بمطاردة الحشرات حديثة الفقس لحرقها في خنادق تُحفر خصيصاً لذلك. وقد استخدمت ال FAO بالتعاون مع الفلاحين الأفغان هاتين الطريقتين لمحاولة التحكم في الوباء هذا العام؛ حيث عالجت 21 ألف هكتار بالطرق الكيميائية، و81 ألفا بالميكانيكية. أما أحدث الطرق وأأمنها فهي الطريقة البيولوجية التي جُربت في أفريقيا عام 1997؛ حيث استُخدم فيها فطر ال Metarhiziuim (على شكل زيوت رُشت من الطائرات) تصيب الجدار الخارجي للحشرة، وتخترق تجويف الجسم؛ فيتسبب الفطر في موت الجرادة خلال (4 - 10) أيام، ومن مميزات هذا الفطر أنه ينتقل من حشرة إلى أخرى سريعاً، ولا يؤذي النباتات والحيوانات والحشرات الأخرى في المنطقة كما تفعل الطريقة الكيميائية. مصائب قوم عند قوم فوائد: الحشرة المسالمة بدت كأنها وحش كاسر ليس له فائدة.. إلا أنها تعتبر أكلة مفضلة عند كثير من الشعوب في آسيا وبعض الدول العربية، كما عاش كثير من الأفغان في الشمال على اكل الجراد فحشرة الجراد غنية بالبروتين الذي يمثل 62% من جسمها زيادة على 17% دهون وعناصر غير عضوية تمثل الباقي مثل: الماغنسيوم، الكالسيوم، والبوتاسيوم، المنجنيز، الصوديوم، الحديد، الفوسفور، وغيرها.وقد ذكر في الصحيحين أن عبد الله بن أبي أوفى قال: غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات نأكل الجراد. وروى أبو داود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئل عن الجراد فقال: "أكثر جنود الله، لا آكله ولا أحرمه". سبأنت