تصطف على جانبي شارع القيادة في وسط العاصمة صنعاء، أكثر من غيره، دكاكين تجعل من بيع وصيانة الهاتف النقال ولوازمه نشاطا يوميا ورزقا وافرا لا ينقطع لأصحابها. وهناك، أي في "سوق القيادة" كما يحلو للبعض تسميته, المعقل الرئيس للهواتف النقالة من بين الأسواق المنتشرة في المدن اليمنية, أنواع وأحجام مختلفة من أجهزة الهاتف المحمول. في حين أصبح المستهلك في اليمن، بثقافته الالكترونية المتواضعة، أمام مهمة عصرية إذا ما أراد اقتناء هاتف جيد أو رديء, دون أن يقع في ملكيته الأردأ من بين الهواتف التي تزين رفوف دكاكين تجار الموبايل. هناك هواتف تباع وتروج بصك ضمان، والذي يكون أحيانا مشكوكا في صحته, حسب ما يرويه بعض مختصي ومهندسي الموبايل ورجال المبيعات. وهناك هواتف صينية تباع في تلك الدكاكين وحتى على قارعة الطريق، فقط بالفحص والتجربة أثناء الشراء، وتنتهي مسؤولية بائعيها بعد 24 ساعة من لحظة خروج المستهلك من الدكان. وتطبق هذه القاعدة على مقتني الهواتف المستعملة والمقلدة في الأغلب. وتنتشر في العالم صناعة الهواتف المقلدة والتي تعرف باسم "استنساخ الهواتف". ورغم أنها مبنية على التزوير وتعتبر غير قانونية، فإنها مشروعة في دول عدة من العالم وخاصة الصين؛ إذ تأتي أطراف، مجموعات أو أفراد، وتصنع نسخا طبق الأصل عن الهواتف التي تطلقها الشركات المعروفة مثل: "نوكيا"، "موتورولا"، "سامسونج"، "سوني"، "اريكسون"... وغيرها. وتعتبر "نوكيا" الشركة الأكثر مبيعاً للهواتف النقالة في العالم، وبالتالي فهي الاكثر تعرضا لتزوير منتجاتها من الهواتف النقالة. وترجع أولى عمليات الاستنساخ أو التزوير إلى التسعينيات. وما زالت ناشطة خاصة في المنطقة الآسيوية. وقد تحولت بعض الجهات إلى شركات رسمية معروفة! وفي الفترة الأخيرة انتشرت هذه الظاهرة في أسواق اليمن، أبرز آثارها السلبية أنها تهدف لابتزاز أموال المستهلك من دون عائد نفعي مستديم وتدخل من وجهات كثيرة أبرزها الصينية. وإليكم قصة هاتف العنكبوت, الذي اقتناه "عاطف"، 28 عاما، بعد رحلة طويلة في مهمة توفير ثمن موضة الشباب (التلفون) خمسة عشر ألف ريال يمني. فهو على حد قوله لم يخالف الوصفة الهندسية، "قمت بشحن العنكبوت ما لا يقل عن ثماني ساعات قبيل الاستخدام"، لكنه بعد ساعات من انقضاء صك الضمان، بعد 24 ساعة, اكتشف صدفة مفاتيح "عنكبوته" ترفض أوامر أنامله الخشنة. يقول عاطف: "عندما قمت بإرجاع التلفون واجهت تعنتا من صاحب المحل". ويقول أحد بائعي الهواتف: "نقوم في المحل ببيع تلفونات غير مضمونة, لكن قبيل البيع نقوم بمعاينة الجهاز بكامله للزبون وتشغيل جميع خدماته ولا نقبل رجوع أي هاتف". وفي أول رد فعل رمى عاطف هاتفه على طاولة الدكان مهددا صاحب المحل, في تلك اللحظة وبينما هو خارج من بوابة دكان صاحب المحل قام الأخير بدعوته للرجوع للتفاوض. والنتيجة بعد مفاوضات شاقة تم خصم جزء من المبلغ "فسخ البيع والشراء". يقول بائع آخر: "نتعامل مع الزبائن عندما نبيع أي هاتف بمصداقية ووضوح ونقوم بشرح مميزات أي هاتف يختاره والأفضل للزبون، وكل هاتف بسعر، ولا نبيع أي هاتف بميزات تلفون آخر". ويعتبر تجار الموبايل أن هذه الظاهرة موجودة بحسب الزبائن فقط وأن لكل مهندس أو بائع معاملة خاصة في أمانته وإخلاصه في عملية البيع والشراء والصيانة. ولا تعتبر تجارة مثل هذه الهواتف المقلدة أمراً غير قانوني فلا ملاحقة رسمية للبائع ولا للزبون. في حين أنها تكون سببا لاستنزاف أموال المستهلك. فيما يؤكد عصام (مساعد صاحب محل هواتف) أن المشكلة موجودة عند بعض أصحاب المحلات ويقول: "هذا يعتمد على ضمير صاحب المحل". يؤكد بائع آخر أيضا: "أغلب الزبائن يطلبون هواتف رخيصة الثمن, لا يهتم بجودة الجهاز". ويضيف: "تعرضنا في السابق لعدة إشكاليات". وتباع أنواع من الهواتف الرديئة من دون ضمان يذكر. في حين يؤكد آخرون أنهم لا يبيعون في محلاتهم جهازا واحدا بدون ضمان، فهم يرون في أسلوبهم حفاظا على سمعة تجارتهم وكسبا لزبائن جدد. فيما يصف آخرون من أصحاب محلات الهواتف كرت الضمان بأنهن "خبر فاضي، فقط لتسيير البضاعة ليس إلا. كما يعتبرون ورقة الضمان فقط ورقة ترويجية وتأكيدا لإقناع المشتري حتى الضمان. وهنا حقيقة هامة خرجت من أفواه باعة الموبايل تقول: "الزبون لديه عادة، حيث أنه إذا ما أعطي هاتف مضمون بسعر مرتفع لا يقتنع به, لكنه يرغب دائما بشراء هواتف رخيصة الثمن ورديئة الخدمة". قصة أخرى لمستهلك اقتنى هاتفا مقلدا، قال إنه لا يزال بحث لمدة شهر عن بطارية ولم يجدها. ويرجع مختصو مبيعات الهواتف أسباب تقليد الهواتف إلى تشويه سمعة الشركة، تعديل في خصائص الهاتف عبر الزيادة أو الحذف، وتشجيع البيع بسعر زهيد. وتحمل جمعية حماية المستهلك المسؤولية وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات كونها الجهة المختصة. وقال رئيس الدائرة الفنية بجمعية حماية المستهلك اليمنية، المهندس صالح غيلان، في تصريح إلى "السياسية": يفترض أن تكون هذه من مهام وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات كونها الجهة المخولة قانونا بالتصريح وفحص الأجهزة عند دخولها للبلاد". وبحسب غيلان فإن الجمعية تقوم بالتواصل مع الجهات المختصة وبتوعية المستهلك بعدم شراء الأجهزة المقلدة. وأضاف: "قمنا بإبلاغ الوزارة المختصة لكن لا حياة لمن تنادي". وبحسب المسؤول الفني في الجمعية فإن آخر بلاغ كان قبل أسبوعين فقط وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وجهات بحثية وأكاديمية أخرى. وتتمثل أشكال التقليد بالشكل، أو المحتوى، أو الاثنين معاً وهي الأكثر شيوعاً مع إدخال التعديلات طبعاً. واليوم يتم وعلناً إطلاق هواتف في السوق تحمل اسم الشركات الكبرى أو أسماء مشابهة لها، بسعر أقل وشكل شبيه، ووجودها في السوق ليس سراً، فهي لا تخبأ في درج جانبي في المتاجر، إنما تعرض في الواجهات.