صنعاء – سبانت : عبدالودود الغيلي - عبدالسلام الدعيس تجاوز الإقتصاد الوطني منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وبالتحديد منذ إعادة تحقيق الوحدة وإعلان الجمهورية اليمنية في ال22 من مايو 1990 العديد من المحطات والمنعرجات التي تعرض لها سواء من خلال الإلتزامات الكبيرة التي فرضتها نفقات إعلان الوحدة وترتيب أوضاع المؤسسات والوزارات وإرتفاع فاتورة الدين الخارجي إضافة إلى الأضرار التي أحدثتها حرب صيف 94 م . حيث اتسمت الفترة 1990 1994م بضعف النمو الإقتصادي بسبب تفاقم الاختلالات المالية والنقدية نتيجة المماحكات السياسية التي سادت الفترة الإنتقالية وتأثيرات حرب الخليج الثانية وما ترتب عليها من عودة ما يربو على مليون مغترب من دول الخليج وحرمان اليمن من تحويلاتهم التي كانت تساعد في فترات سابقة على تحقيق الاستقرار الاقتصادي وانتعاش النشاط التجاري. ونتيجة لهذه الاوضاع تراوح عجز الموازنة خلال هذه الفترة ما بين 17-22 بالمائة, والتضخم بين 73 - 100 بالمائة, فضلا عن عدم استقرار سعر الصرف، وارتفاع المديونية الخارجية من 2ر8 مليار دولار في عام 1990 الى 9ر9مليار في عام 1995 , وقفزت نسبتها من 114 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي الى 176 بالمائة, وارتفاع عجز الميزان الكلي للمدفوعات الى 7ر709 مليون دولار في عام 1994. ولتجاوز ذلك كان لابد من إتخاذ إجراءات حازمة, حيث شرعت الحكومة منذ العام 1995م بتنفيذ حزمة من السياسات الإصلاحية في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري, ومنها تحرير سعر الصرف والتدرج في رفع الدعم وتحرير التجارة الخارجية, وانتهاج آلية السوق الحر ومنح القطاع الخاص دورا رئيسيا في النشاط الاقتصادي. وكان لهذه الإجراءات في مرحلتها الاولى (1995-2000م) ثمار إيجابية على صعيد السياسة النقدية تمثلت في السيطرة على التضخم واستقرار سعر الصرف بما أسهم في تشجيع الاستثمار والدفع بعجلة النمو الاقتصادي. ( الإصلاحات المصرفية) ويؤكد محافظ البنك المركزي اليمني احمد عبدالرحمن السماوي ان ماتضمنه برنامج الإصلاح من سياسات وإجراءات تعلقت بالقطاع المصرفي اسهمت في تقويته وتفعيل دورة التمويلي عبر تعزيز الرقابة عليه ورفع الحد الادنى لرأس المال المدفوع للبنوك من 750 مليون ريال الى 6 مليارات ريال , وادخال نظام تقييم المخاطر للبنوك وتفعيل اداة الاحتياطي الالزامي لادارة السيولة , وادخال اذونات الخزانة وعمليات السوق المفتوحة والتدخل الفاعل في سوق الصرف. وقال" إن من أهم الإجراءات التي تم إتخاذها لتعزيز الإنجازات التي تحققت في إطار تنفيذ برنامج اصلاح القطاع المصرفي اصدار بنية تشريعية متكاملة تنظم انشطة العمل المصرفي, الى جانب تعديل العديد من القوانين بما يتناسب ومعطيات العصر كقانون المصارف الاسلامية وقانون مكافحة غسيل الاموال ". واشار السماوي الى أن من ابرز النتائج التي حققها إصلاح القطاع المصرفي منذ بدء برنامج الإصلاحات في العام 95 وحتى الوقت الراهن, تمثل في ارتفاع رؤوس الأموال مع الاحتياطيات الى اكثر من 119 مليار ريال بنهاية العام 2008 مقارنة ب ثلاثة مليارات ريال في عام 94م، كما تجاوز متوسط كفاية رأس مال القطاع المصرفي خلال هذه الفترة 13 بالمائة بعد ان كان سالبا. كما ارتفعت ودائع القطاع المصرفي من 50 مليار ريال بنهاية عام 94م الى تريليون و233 مليار ريال نهاية العام 2008، فيما إرتفعت القروض والتسهيلات من 17 مليار ريال الى 424 مليار ريال.. واكد السماوي ان من نتائج السياسة النقدية تحقيق استقلالية تامة للبنك المركزي، وتحرير سعر الصرف وعدم فرض قيود على المدفوعات والتحويلات الخارجية الجارية اوممارسة تعدد اسعار الصرف، وعدم وجود اي قيود على فتح حسابات لدى المصارف بالعملات الأجنبية وفقا للمادة الثامنة من اتفاقية صندوق النقد الدولي . وفي مجال الاقتصاد الكلي بين محافظ البنك المركزي اليمني ان برنامج الاصلاح اثمر في انخفاض التضخم من 73 بالمائة عام 94م الى 11 بالمائة العام الماضي، وارتفاع الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي اليمني من حوالي 300 مليون دولار الى 2ر8 مليار دولار تكفي لاستيراد 12 شهرا, اضافة الى السيطرة على نمو العرض النقدي العريض عند 14 بالمائة بنهاية العام 2008م بعد ان كان 35 بالمائة عام 94م.. لافتا الى انخفاض المديونية الخارجية لليمن من 9ر9 مليار دولار في عام 1995 الى 9ر5 مليارات دولار العام الماضي. وأكد السماوي أن البنك في إطار تنفيذه لبرنامج الإصلاح المالي طبق كافة المعايير الدولية على القطاع المصرفي اليمني، ما جعله بمنأى عن تداعيات الأزمة المالية العالمية. وتركز الإصلاحات المستقبلية في القطاع المصرفي على تعزيز كفاءة الجهاز المصرفي اليمني وتوسيع القنوات التمويلية المتاحة (المقتصرة حاليا على الجهاز المصرفي والموارد الذاتية) وذلك بالاتجاه الجاد والسريع نحو إنشاء سوق للأوراق المالية وتوفير المتطلبات الأساسية اللازمة لإنشاء السوق، علاوة على تشجيع الاندماج بين المصارف، كأحد الأساليب المفيدة لمواجهة التحديات الراهنة وتقوية الجهاز المصرفي، وتعديل قانون البنوك بما يتواكب مع التطورات المحلية والإقليمية والدولية . (الاصلاحات الضريبية ) في حين إستهدفت الإصلاحات الضريبية تحسين وتهيئة ظروف أكثر مواءمة لجذب الإستثمارات من خلال مصفوفات وإجراءات تضمنت تشريعات ضريبية تتسم بالعدالة والدقة والشفافية وتحديث الإدارة الضريبية. حيث تم في هذا الصدد الإنتهاء من إعداد مشروع قانون ضرائب الدخل الجديد والذي يرتكز على توسيع قاعدة المجتمع الضريبي وتخفيض الضريبية إلى 20 بالمائة بدلا من 30 بالمائة وإلغاء بعض الإعفاءات الضريبية التي تتمتع بها المشروعات الإستثمارية وفقا لقانون الإستثمار, الى جانب تخفيض ضريبة المرتبات والأجور من 20 بالمائة الى 10 بالمائة وتخفيض الضريبة على المبيعات والتصرفات العقارية إلى 1 بالمائة بدلا من 3 بالمائة وإعتماد إجراءات مبسطة وواضحة لربط وتحصيل الضريبة على ريع العقارات من خلال ربط الضريبة بواقع 10 بالمائة من الدخل السنوي. كما يركز المشروع على تعزيز إجراءات الامتثال الطوعي للمكلفين لدعم مستوى الشراكة معهم على أساس من الوضوح والشفافية من خلال إعتماد نظام التقييم الذاتي ونظام تحليل المخاطر والفحص بالعينة وإلزام كبار ومتوسطي المكلفين بمسك الحسابات والدفاتر المنتظمة وتقديم الإقرارات بالإستناد إليها فضلا عن توحيد إجراءات التقاضي في ضرائب الدخل والضريبة العامة على المبيعات وإلغاء نظام الربط بالنسبة للمقطوعة وإعتماد نظام مبسط لشريحة صغار وأصغر المكلفين . فيما تضمن تحديث الإدارة الضريبية إعادة هيكلة مصلحة الضرائب وأتمتة العمليات الضريبية وتبسيط الإجراءات الضريبية وتأهيل المجتمع الضريبي . إستهدفت الإصلاحات الإقتصادية في القطاع الجمركي زيادة النشاط الإقتصادي وتهيئة المناخ الملائم لزيادة تنافسية المنتجات الوطنية وجذب المزيد من الاستثمارات الحقيقية في المجالات الإنتاجية في مختلف القطاعات فضلاً عن تسهيل وتبسيط الإجراءات الجمركية والحد من التهرب والتهريب الجمركي والضريبي وبالتالي رفد الخزينة العامة للدولة بمليارات الريالات خاصةً تلك التي كانت تخسرها الدولة بسبب التهريب بذريعة إرتفاع فئة الرسوم مقارنةً بالفئة الحالية. وقد تضمنت الإصلاحات الجمركية جانبين هامين جانب تشريعي وأخر إداري،تركزت في الجانب التشريعي على مراجعة وتعديل قانون الجمارك وقانون التعرفة الجمركية وتصحيح عدداً من الإجراءات الجمركية في إعادة صياغة بعض القرارات والتعليمات التي تترجم القوانين وتضمن صحة سير التنفيذ والإنتهاء من مسودة قانون الجمارك المعدل وتسليمه إلى مجلس الوزراء. أما في الجانب الإداري فقد تمثل في تنفيذ مشروع دراسة بناء وإعادة الهيكلة وتنفيذ مشاريع تحتية من مباني وإدخال أنظمة آلية حديثة إلى جانب التحسينات والترميمات والتوسعات التي شهدتها المنافذ والدوائر الجمركية المختلفة. وفي هذا الصدد قال رئيس مصلحة الجمارك الدكتور علي الزبيدي" أن الإصلاحات الجمركية أسهمت على المدى القصير في الحد من التهريب المباشر وغير المباشر للعديد من السلع الهامة ومكافحة أوجه الفساد". وأضاف .. من خلال النظر إلى تلك الإصلاحات نجد أن الحكومة عمدت إلى تخفيض التعرفة الجمركية وحصرها في ثلاث حزم 5بالمائة و 10بالمائة و 25بالمائة وإعفاء عدد من السلع الإيرادية من الرسوم الجمركية وإلغاء ضريبة الإستهلاك والإنتاج وإحلال ضريبة المبيعات المخفضة محلها وقد بلغ نسبة البنود السلعية 70بالمائة من مواد التعريفة التي خصصت لفئة 5بالمائة و22بالمائة خصصت لفئة 10بالمائة وعدد محدود يقدر ب 73 بنداً تعريفياً خصص لفئة 25 بالمائة وما تبقى في حدود 8بالمائة ما بين معفي او ممنوع. وأكد حتمية أن تحقق الإصلاحات الجمركية على المدى المتوسط والطويل العديد من النتائج الاقتصادية الايجابية والتي من أبرزها الأثر الإيجابي على الإستثمار الإجمالي نتيجة التخفيضات والإعفاءات الضريبية التي كفلها قانون التعرفة الجمركية الجديد إضافةً إلى تخفيض ضريبة المبيعات من 10بالمائة إلى 5 بالمائة والغاء ضريبة الإنتاج والإستهلاك مما سيعزز هامش الربح لدى القطاع الخاص وبالتالي يزيد في فرص الإستثمار الخاص. وأشار الزبيدي إلى أن المصلحة وضمن برنامج الإصلاحات الإقتصادية إستحداثت أنظمة آلية جمركية جديدة في سبيل تبسيط الإجراءات الجمركية ومن أهم تلك الأنظمة النظام الآلي اسيكودا و نظام الفحص بالأشعة السينية، ونظام إرسال المنافست اليكترونيا. ولفت إلى أن النظام الآلي اسيكودا أسهم بشكل ملموس في اختصار زمن المعاملات وخفض التوقيعات إلى حدها الأدنى حيث جعل زمن المعاملة ( في حال اكتمال المستندات وحسم القيمة) إلى 4 ساعات في المسار الأحمر، و2 ساعتين في المسار الأصفر،1ساعة في المسار الأخضر كما تم اختصار التوقيعات إلى خمسة توقيعات لتسهيل إجراءات إعداد البيانات الجمركية. وأضاف أن المصلحة وفيما يتعلق بنظام إرسال المنافست اليكترونيا تدرس حاليا إعطاء صلاحية تسجيل المنافست للشركات الملاحية آليا وكذلك تسجيل البيان الجمركي كخطوة أساسية لاعتماد نظام الشركاء المتميزون. ونوه رئيس مصلحة الجمارك إلى أن المصلحة تسعى خلال الفترة القادمة إلى رفع المقدرة في مجال الأتمتة من خلال إعدادها لمجموعة من البرامج الملحقة ببرنامج أسيكودا تعمل في إطاره كبرنامج المنافست الإليكتروني، ودليل القيمة للسيارات، قاعدة بيانات القيمة للأغراض الجمركية،وبرنامج السيارات الزائرة لليمن بما فيها سيارات الداخلة بنظام دفتر المرور الدولي التريبتك. إضافة إلى برنامج الاعفاءات والإدخال المؤقت،وبرنامج المستودعات والمبيعات،ودمج إعمال إدارات المعاينة في رصيف المواني واجراءات المسافرين في صالات المسافرين بالمطارات والمنافذ الجمركية البرية وذلك في النظام الآلي الجمركي ،وإدخال برنامج الإفراج اليكتروني ،وبرنامج الإفراج بضمانات،وبرنامج التخليص الجمركي،وبرنامج الضبط الجمركي فضلا عن ربط النظام الآلي اسيكودا مع المتعاملين مع الجمارك كالمخلصين وأصحاب الشأن لإدخال بياناتهم من مكاتبهم.