لا يزال الغموض يكتنف المحادثات الجارية بشأن تشكيل الحكومة اللبنانية مع دخولها أسبوعها الثامن على وقع تقديرات توحي بصعوبة إنجازها في المدى القريب، وذلك وسط تصاعد الحملات والاتهامات المتبادلة بعرقلة إنجاز التركيبة الحكومية. وفي هذا الإطار ذكرت مصادر صحفية لبنانية أن الاتصالات والمواقف الهادفة لتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة لم تحمل أي مؤشرات لقرب ولادتها. وأشارت إلى أن الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بعيدا عن الأضواء توقفت عند عقبة توزير جبران باسيل وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال الحالية, الذي يصر عليه رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الأمر الذي يخالف مبدأ اعتمده الحريري بمؤازرة واسعة من الأكثرية بعدم توزير الراسبين في الانتخابات النيابية الأخيرة. ونسبت المصادر الصحيفة إلى مسؤول مواكب لجهود التأليف قوله: إن هذه العقدة أدت إلى اعتراض جميع الجهود المبذولة لإطلاق قطار التأليف المتوقف أمامها. وأرجع المصدر التأزم في جهود التأليف إلى مواقف حزب الله الذي يتمسك بتوزير باسيل, مشيرا إلى أن عملية تشكيل الحكومة كانت بلغت قبل الاصطدام بعقدة توزير باسيل مربع الأسماء والحقائب. من جهته, قال عضو كتلة حزب الله البرلمانية النائب علي فياض: إن الحوار هو الوسيلة المثلي لمعالجة التعقيدات المتبقية. ونقلت صحيفة السفير اللبنانية عن مصادر مقربة من الرئيس المكلف قوله: إن الساعات الماضية لم تحمل أي خرق يمكن أن يضاف إلى جانب تثبيت الصيغة التي سبق الاتفاق عليها. وأشارت إلى أن العقدة لا تزال ماثلة في موقف عون وحده ولا توجد مشكلة مع الأطراف الأخرى فيما يخص الحقائب سواء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولا مع حزب الله، ولا مع رئيس الجمهورية أو أقطاب الأغلبية. وأرجع القيادي في التيار الوطني الحر انطوان الخوري حرب تأخر تشكيل الحكومة بسبب تغيير المعادلة بين الأكثرية والأقلية بعد انسحاب كتلة جنبلاط من الأكثرية، مستبعدا أن يتم تشكيل التوليفة الوزارية في الوقت القريب. وقال الخوري: إن تصريحات الحريري الأخيرة حول نيته تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة تدل على تعثر جهوده لتوليف الحكومة بعد انسحاب كتلة وليد جنبلاط من فريق الأكثرية. وأضاف الخوري حرب: إن فريق الأكثرية يتهم التيار الوطني الحر بعرقلة تشكيل الحكومة من خلال التمسك بمواقفه حول الأشخاص الذين يريد توزيرهم في الحكومة المقبلة، معتبرا ذلك ضربا من الوهم، وأنه ليست هناك أي مشكلة مع أي من الأشخاص في الحكومة. من جانبه دعا النائب بطرس حرب إلى تقديم تنازلات معتبرا أن مصلحة البلد أهم من مصالح الأحزاب والأطراف والمصالح الشخصية. ورأي حرب أن المشكلة تكمن عند عون الذي يطرح شروطا غير منطقية ومستغربة. وإزاء هذه المواقف التصعيدية التي تزيد عملية تأليف الحكومة صعوبة، كان اللافت أمس عدم قيام رئيس البرلمان نبيه بري بزيارته الأسبوعية المعتادة إلى القصر الجمهوري وتبريره ذلك لعدم وجود أي جديد يستدعي صعوده إلى بعبدا. واعتبرت أوساط سياسية مطلعة موقف بري رسالة احتجاج بالغة الوضوح إلى من يعنيهم الأمر بتشكيل الحكومة خصوصًا رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على ما وصل إليه موضوع التأليف من تعقيد بعد إضاعة الفرصة تلو الأخرى، حتى وصل إلى أفق مسدود في الوقت الراهن.