أكد المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية شاعر اليمن الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح أن الراحل والشاعر والكاتب والروائي والمسرحي والناقد على احمد باكثير الذي انتقل إلى رحمة الله في 10 نوفمبر 1969م كان مبدعا عظيما وجديراً بمهرجان أو ندوة تتزامن مع مرور أربعة عقود على وفاته التي أحدثت صدمة في أوساط الحياة الأدبية وما يزال غيابه يشكل حتى اليوم خسارة لا تعوض. وأشار المقالح في ندوة نظمها اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع صنعاء اليوم في بيت الثقافة بمناسبة مرور مائة عام على ميلاد الأديب الكبير على احمد باكثير ضمن فعاليات مهرجان صنعاء الثقافي الثاني إلى ان باكثير كان قد بدأ حياته الأدبية يهفو لكتابة الشعر باعتباره الفن اللغوي القريب إلى نفسه والمعبر عن عواطفه ثم تحول عنه تماماً إلا من استثناءات نادرة إلى كتابة الرواية والمسرحية. وقال " ولا استبعد في هذا الصدد ان تكون علاقته الوثيقة والحميمية ومنذ وقت مبكر بعدد من الروائيين في مصر أمثال نجيب محفوظ وعبد الحميد جودة السحار ومحمد عبد الحليم عبد الله وغيرهم من الروائيين غير المتعلقين بالشعر قد أبعدته عن حبة الأدبي الأول وان ذلك المناخ قد وضعه في هذا الأفق الجديد ودفعه إلى العناية بالأعمال الدرامية في شكلها الروائي والمسرحي. وأضاف" لم يكن خافياً ان كثيرين من الشعراء والمجددين منهم بخاصة كانوا يتوقعون على يده فتحاً شعرياً يضعه في طليعة شعراء عصره لا سيما بعد أن اثبت موهبته في ريادة تحديث القصيدة والخروج بها من قبضة القالب العمودي الموروث. ونوه الدكتور المقالح بما اسماه الدوائر الموضوعية الثلاث في تجربة باكثير الأدبية تمثلت الأولي في الدائرة المحلية اليمنية حيث كان محب لوطنه إلى أقصى حدود وكان حلمه ان يتحرر من الاستعمار في الجنوب ومن الطغيان في الشمال وان ينفتح على العالم، اما الدائرة الثانية فقد كانت العروبة حيث باكثير في ثورة 23 يوليو بعد قيامها حلمه القومي الذي أعاد اليه الأمل وأعطاه من إبداعاته الروائية والمسرحية الكثير رغم ما قوبلت به انجازاته من منافسات واحباطات جعلته دائم الشكوى في جلساته الخاصة وفي نماذج لم تنشر من كتاباته. وتابع المقالح: اما الدائرة الأخيرة التي تحرك فيها إبداع باكثير فتقوم على كتاباته الإسلامية وحلمه الكبير بظهور الوجود والتكتل الإسلامي الحديث المتطور الذي يثبت وجوده العلمي والحضاري والروحي في مواجهة القوى العالمية المتسيدة والنافذة في هذا العصر. وأضاف " وحلمه هذا بقيام كتلة إيمانه إسلامية لا تتعدى على احد نموذجها الحب والتسامح والتسامي والانتصار للعدل والحق والحرية. وقال الشاعر المقالح: ويمكن لقارئ المنجز الأدبي لباكثير ان يرى هذه الدوائر الثلاث بوضوح وان يقدر الدور الكبير الذي قام به هذا المبدع الكبير في حياته من خلال تجربته الأدبية متعددة المناحي في نسق متين الرؤى متماسك الأهداف. من جانبه قال رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الدكتور عبدالله البار": إن أدب باكثير لم يحظى حتى الآن بالتقييم العلمي الدقيق وانه لا يزال مجالاً مفتوحاً للدراسة والنقد المنهجي والتقييم"... منوهاً بقدرات وإبداعات الراحل باكثير في المسرح والرواية واستطاعته رغم وجوده مع من سبقوه بهذا المجال أن يشق له طريقاً بين كثير من القامات الأدبية، وانه وضع في موازنات من أبناء عصره في الرواية يذكر مع نجيب محفوظ وفي المسرح يذكر مع توفيق الحكيم. مشيراً إلى ان هناك الكثير من أعمال باكثير الإبداعية روائية ومسرحية ما تجعل منه العالم القاص،وفيها ايضاً الضعيفة والركيكة التي لا يستطيع المرى ان يقول انها لصاحب تلك الأعمال الكبيرة. وقال البار " لقد أصيب باكثير بآفة النقد فهناك نقاد يدافعون عنه وكأنه لا مبدع سواه وهؤلاء هم من ينسبونه إلى ما يسمى بالأدب الإسلامي ويجعلون أنفسهم أوصياء على أدب هذا الرجل ،ومنهم من يأخذون الأعمال الضعيفة من أعمال باكثير ويسلطون عليها الضوء ويوهمون الناس أن ليس لهذا الأديب الا مثل هذه الأعمال ". وأضاف " هذا تقييم عاطفي وليس تقويماً علمياً ومنهجياً يجعلنا نميز هذا الرجل من مكانة وماله من قدرات إبداعية. هذا وتخللت الندوة التي أدارها وكيل الهيئة العامة للكتاب الشاعر الأديب احمد العواضي مداخلة نقدية للأديبة نبيلة خبزان قدمت فيها ورقة نقدية حول جدلية الثنائيات المتناقضة ودلالاتها في رواية(سلامة القس)لعلي احمد باكثير.. تناولت من خلالها خصوصية ومميزات هذه الرواية من حيث طرق المعالجة والطرح والأسلوب الذي قامت عليه الرواية والتي بحسب الأديبة قيامة على بنية الثنائيات المتناقضة في ظاهرها والمنسجمة باطناً لتعبر بذلك ليس عن موقف الروائي من واقعه فحسب وإنما تمتد لتشمل رؤيته وموقفه وفلسفته للحياة التي صاغها بطريقته الخاصة.