أوصى المشاركون في اختتام ندوة "نحو إطلاق حملة وطنية ودولية ثانية لإنقاذ صنعاء القديمة " اليوم بإعادة تشكيل مجلس الأمناء واللجنة العليا للمحافظة على مدينة صنعاء القديمة في مجلس أعلى وتفعيل دوره واختصاصاته وانتظام انعقاد جلساته بما يسهم في دعم ورعاية كل الأنشطة الفنية والإدارية والخدمية. ودعا المشاركون في الندوة التي نظمتها على مدى يومين مؤسسة اليمن للثقافة والتراث إلى دعم الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية لتمكينها من تقديم الخدمات الفنية والإدارية وكذا تقييم الوضع المؤسسي والتشريعات الخاصة بالجهات المتداخلة في اختصاصاتها مع الهيئة وتقديم الدعم لإنشاء جهاز فني وأداري كفرع للهيئة العامة بأمانة العاصمة لإدارة الأنشطة الفنية والخدمية لمدينة صنعاء القديمة وحل الإشكاليات الخاصة بالتداخل في الاختصاصات مع السلطة المحلية وإعطاء فرع الهيئة كل الصلاحيات اللازمة لتطبيق الأنظمة والقوانين. وأكد المشاركون أهمية تدريب كادر الهيئة أو انتداب كادر فني متخصص بمستوى متميز يكون قادر على التعامل مع قضايا التراث بصورة أكثر ايجابية وتوفير المخصصات المناسبة لهم. كما أوصى المشاركون بإشراك كل الجهات ذات العلاقة بالأنشطة الإدارية والفنية والخدمات والبني التحتية كإدارات ضمن إطار تشكيل فرع الهيئة لضمان وجود إدارة كاملة لكل الأنشطة وفق رؤية موحدة وتوفير الدعم المالي للمشاريع الاستثمارية والنفقات التشغيلية لفرع الهيئة عبر تقديم دعم أمانة العاصمة من إيرادات التمويل المحلي والدعم الحكومي والمساعدات والهبات والقروض من التمويل الخارجي بالإضافة إلى دراسة تحديد موارد خاصة بصندوق دعم مدينة صنعاء القديمة وضم مجموعة من المصادر الايرادية المحلية ورفع مشروع قرار بهذا الشأن للجهات المختصة. ودعا المشاركون أمانة العاصمة والصندوق الاجتماعي والهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية بضرورة توفير التمويل اللازم خلال العام الحالي لاستكمال المرحلة الثانية لمخطط الحفاظ على مدينة صنعاء القديمة وكذا وضع تشريع واضح أو لائحة يحدد فيها حجم المساعدة المالية والدعم الفني للمواطنين في أعمال ترميم المباني والمنازل التي أصبحت بحالة سيئة أو الآيلة للسقوط. كما دعا المشاركون إلى ضرورة تنظيم النمو الاقتصادي والاجتماعي وتنظيم الوظائف الثقافية لمباني ومعالم المدينة والمحافظة عليها من خلال توظيف اكبر عدد ممكن منها كمتاحف ومعارض لكافة عبر وضع دراسة تخصصية متكاملة بالإضافة إلى العمل على استكمال جهود الجهات ذات العلاقة " أمانة العاصمة ، المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي، الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية ، الصندوق الاجتماعي برعاية وزارة التخطيط والتعاون الدولي لتوفير التمويل اللازم لإعداد الدراسات والوثائق الفنية الخاصة بتأهيل شبكة المياه والصرف الصحي وطرحها على الجهات الممولة لتوفير الدعم اللازم في اقرب فرصة ممكنة . وشددوا على ضرورة إجراء دراسة لتقييم النجاحات والإخفاقات التي صاحبت دراسات تنفيذ الخطة المرورية للمركبات بمدينة صنعاء القديمة ووضع خطة نهائية لتنفيذها و دعمها من كل الجهات المختصة لضمان تطبيقها وإنجاحها بالإضافة إلى وضع برنامج متكامل لتنفيذ الدراسات التخصصية من ذوي الخبرات الاستشارية والفنية أو تحديثهما. وطالب المشاركون الهيئة العامة وأمانة العاصمة سرعة إعداد مسودة للدراسة الفنية لكافة المخالفات والتعديات في المباني والمنشآت ووضعها ضمن أهم أولويات وبرامج التمويل المتاحة وبدعم محلي وحكومي لإزالتها أو لمعالجتها وذلك إلى حين استكمال الإجراءات الخاصة بإنشاء فرع الهيئة بصنعاء القديمة، لافتين إلى ضرورة قيام اللجنة العليا للحفاظ على صنعاء القديمة بمتابعة ما بدأت به بخصوص الدليل الإرشادي للمدينة ليكون دليلاً منضم للترميم وإعادة البناء فيها. وشدد المشاركون على ضرورة متابعة تنفيذ توصيات الندوة والعمل على عقد مؤتمر دولي من قبل مؤسسة اليمن للثقافة والتراث مع الجهات ذات العلاقة، مشيرين إلى تبني مؤسسة اليمن للثقافة والتراث عقد ندوات وورش عمل مماثلة لبعض المدن التاريخية الهامة مثل " زبيد ، سقطرى ، شبام حضرموت وغيرها ". وعقب تلاوة التوصيات من قبل الأمين العام لمؤسسة اليمن للثقافة والتراث مطهر تقي، تحدث المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور عبد الكريم الارياني - رئيس جلسات العمل الثانية - عن أهمية ما شهدته الندوة من مداولات خلال يومين متتاليين أماط فيها اللثام كوكبة من الباحثين والدارسين عن أريج صنعاء القديمة التي يفوح في أجوائها عبق التاريخ والشعر والعلم والأساطير. وتابع الدكتور عبد الكريم الارياني في سياق وصفه لفرادة وسحر المدينة وخصوصيتها مستشهدا بما قاله فيها بعض الرحالة والمؤرخين :" كنا نظنها اسماء ابتدعها الشعراء لعرائس الجن والخيال ولكنها الحقيقة في أعلى مكان، أجل ان صنعاء في محاسنها لا تجيب للزائر املاً وكلما دنوت منها ،وهو عكس الحقيقة في أكثر المدن، ازداد رونقها وأزداد إعجابك بها ...هي في مقامها الطبيعي فريدة عجيبة فيها الهواء أعذب من الماء والماء أصفى من السماء و السماء أجمل من حلم الشعراء. و أضاف الدكتور الارياني " أناشدكم جميعاً... ماذا نحن فاعلون ليبقى لهذه المدينة رونقها وجمالها وسحرها فقد استمعنا خلال هذين اليومين إلى ثمانية أبحاث عميقة وممتعة وتعليقات دقيقة حول صنعاء وأحوالها اليوم وما هي التحديات الجسام التي يجب علينا جميعاً ان نواجهها .. وأشار إلى الجهود التي بذلت في السنوات الماضية منذ ربع قرن من قبل الأمانة العامة للحفاظ على المدينة. وأكد أن مشكلة المدينة اليوم أنها " أصبحت مليئة بالسكان والدكاكين مزدحمة بالمارة ملوث هوائها بعوادم السيارات الدراجات النارية، فأصبحت أخشى أن يجني عليها أهلها لذا فلا مناص من حملة مكثفة لتوعية الناس بحتمية حماية هذا الارث العظيم و إلا فإن ما حذر منه المشاركين في الندوة الذين دقوا نواقيس الخطر آت لا محالة ويومها لا تنفع قصيدة و لا مقالة ". هذا وكانت جلسة العمل الثانية من أعمال الندوة برئاسة المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور عبد الكريم الارياني، قد استعرضت اليوم عدد من أوراق العمل في مقدمتها ورقة عمل حول رؤية الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية في المحافظة على صنعاء قدمها رئيس الهيئة الدكتور عبدالله زيد عيسى ولخصت المشاكل والمعوقات التي تعوق جهود الحفاظ على المدينة. كما استعرضت الجلسة ورقة عمل حول شبكة المياه والصرف الصحي لصنعاء القديمة (المشاكل والحلول) قدمها مهندس إبراهيم احمد المهدي، فيما ركزت ورقة العمل الثالثة المقدمة من وزارة الأوقاف والإرشاد على "دور وزارة الأوقاف في الحفاظ على صنعاء " قدمها وكيل الوزارة حميد المطري. فيما تناولت ورقة العمل الرابعة "هموم المواطنين في صنعاء وتحديد متطلبات الحفاظ على المدينة" قدمها محمد عبد العزيز يسر أما الورقة الأخيرة فُخصصت لمساهمة الصندوق الاجتماعي للتنمية في الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري في المدينة. أثريت الأوراق بتعقيبات ونقاشات المشاركين من الأكاديميين والخبراء والمتخصصين ركزت على الخطوات العملية التي تضمن تنفيذ و متابعة قرارات وتوصيات الندوة. عقب انتهاء أعمال الندوة افتتح المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور عبد الكريم الارياني ومعه رئيس مجلس أمناء مؤسسة اليمن للثقافة والتراث الدكتور حسين العمري وأمين عام المؤسسة مطهر تقي معرضي الرسوم التشكيلية والصور الفوتوغرافية، تتحدث محتوياتهما عن أنماط الحياة في المدينة وخصوصيتها تاريخيا وحضاريا وثقافيا. بالإضافة إلى نماذج من بعض المخالفات التي تتعرض لها المدينة بصورها المختلفة.