على الرغم من معاناتها والقيود التي فرضها الاحتلال الصهيوني على شعبهاإلا انها تجاوزت كل ذلك لتقارع الاحتلال والاضطهاد بالفكر والفن من خلال مسيرتها الفنية مع المسرح منذ انضمامها الى فرقة الحكواتي الفلسطينية في العام1984م حتى تأسيسها لمسرح عشتار مطلع العقد الاخير من القرن الماضي مع شريكها ادوارد معلم ليكون اول برنامج تدريبي للمسرح للفئات الشابة بفلسطين. انها الممثلة والمخرجة والمدربة المسرحية ايمان عون التي عملت على ادخال مسرح المضطهدين الى فلسطين في العام 1997م ليصبح تخصصاً متميزاً لمسرح عشتار استطاع من خلاله الوصول الى كافة شرائح المجتمع والتحاور مع جمهوره في اعماله المسرحية التي تتناول همومه وقضاياه بهدف ايجاد انسان قادر على التعبير والتواصل مع محيطه والعالم . وكالة الانباء اليمنية (سبأ) التقت الفنانة عون لدى زيارتها مؤخراً لليمن ضمن برنامج تدريبي يشمل اربع مراحل تستهدف من خلاله تدريب فريق مسرحي من كلية الفنون الجميلة بمحافظة الحديدة على اسلوب مسرح المضطهدين "لعبة الحوار" وخرجت بهذه الحصيلة . *برنامج تدريبي تقول عون انها وضعت برنامج تدريبي على مدار العام الحالي خلال زيارتهاالاولى لليمن في اكتوبر الماضي بالتنسيق مع المؤسسة العامة للمسرح والسينما والتي استمرت اسبوع تم فيها اختيار الفريق المتدرب 20 متدربومتدربه والمكان الذي سيتم فيه التدريب . مشيرةً الى ان المرحلة الاولى من البرنامج التدريبي التي تبدأ مطلع فبرايرالقادم وعلى مدى شهر تخرج بعمل مسرحي يتم عرضه بأسلوب مسرح المنبر التفاعلي، الذي اسسه المخرج البرازيلي اوغوستو بوال ، و الذي يهدف الى نشر الحوارالفعال والالتزام بالتغيير في المجتمع . هذا النمط المسرحي بحسب حديث ايمان يدفع الجمهور للتفاعل مع الممثلين على خشبة المسرح حول قضاياه الاجتماعية والسياسية الهامة محولا الجمهور من صفته كمتلقي الى دوره كمشارك . وتضيف قائلا " ثم تستمر المجموعة التي تدربت في العروض داخل المجتمع المحلي والمدارس حتى عودتي لليمن في مايو لتدريبهم بشكل اعمق " . يشهد العرض المسرحي الذي يقدمه الفريق المتدرب نهاية المرحلة الثانيةإنتشاراً اوسع ليخرج من الحديدة الى محافظات اخرى كما يعمل الفريق بعد هذه المرحلة بحث ميداني للوقوف على المواضيع الاساسية التي سيطرحوها باسلوب مسرح المنبر اما في المرحلة الثالثة في سبتمبر فيتعمق التدريب بشكل اكبر حيث سيتم التدريب على كيفية اخراج الاعمال المسرحية من هذا النوع . لافتة الى امكانية ان يكون اكثر من عمل في نفس الوقت يتناول مواضيع مختلفة وينتشر في محافظات متعددة في نفس الوقت ، فيما المرحلة الرابعة في نوفمبر فستشهد تدريب الفريق حول كيفية نقل التجربة مع شباب في المدارس يعملوا معهم اعمال مسرحية منبرية تتناول مواضيع الشباب . وحول المسرح اليمني تقول عون : من سوء حظي اني لم اشاهد المسرح اليمني لكن لابد ان هناك تجارب، اعرف ان هناك اكاديميين جيدين واصحاب مشاريع فنية مهمة، مضيفةً "لكن من خلال هذا التعاون والجسر الثقافي ستكون فرصة لمشاهدة اعمال زملائي اليمنيين " . موضحةً مقدرة مسرح المضطهدين على التحدي والتأثير في محيطه بقولها : هذا المسرح القادم من منطقة صعبة من بلد محتل قادر على التحدي نظراً لإيمانه بذاته ومواصلته الدؤوبة للوقوف مواقف نقدية صارمة نابعة من وعيه الكبير لما يدور حوله من اجل صناعة التغيير الحقيقي . مؤكدة مقدرة المسرحيين اليمنيين على صناعة التغيير اذا ماتوفرت لديهم الرغبة في ذلك . وتستعرض عون في حديثها آلية عمل مسرح المضطهدين وتناوله لقضايا وهموم المجتمع الفلسطيني تحت وطاءة الاحتلال بقولها : نعمل اعمال تهم الشارع الفلسطيني، تخاطب الانسان داخل فلسطين، تتناول ما يؤرقه من مواضيع وقضايا ملحة لمساعدته في إيجاد اجوبة عليها ولكي ينتقل من مرحلة الاضطهاد الى مرحلة التوازن والمواجهة والتغيير نحو الافضل. وتؤكد ان مسرح عشتار اخذ على عاتقه نقل فلسطين القضية والانسان الى مسارح العالم منذ بداية عمله في المسرح المحترف عام 1995م كون اعماله المسرحية نابعة من حياة وذاكرة الشعب وابداعاتها مع زملائها في المسرح ، مشيرةً الى ان من ابرز تلك الاعمال مسرحية "العشاء الاخير" التي تتكلم عن القدس و مراحل 60 عاماً من الاحتلال ومسرحية "انا القدس" التي تتكلم عن تاريخ القدس عبر 5 الاف عام. مضيفةً " القدس هي المرأة التي تواجه كل الرجال الذين مروا على تاريخها وصنعوا تاريخها سواء بالعنف والقوة او بالحب أوبالرغبة والاثارة او بالاغتصاب وبالتالي هذه وقفات بإستمرار تحسب لمسرح عشتار كونه مسرح يتكلم بلسان البلد ". * فلسفة مسرح المضطهدين ودخوله اليمن تقول عون : تعرفنا وتعمقنا على هذا الشكل المسرحي بجوانبه وتم تدريبنا من اوغستو بوال ومساعديه في البرازيل و فلسطين واخذنا على عاتقنا هذا المسرح بأهمية فكرة الحوار فكرة مساعدة الانسان المضطهد ليقف امام إضطهاده بشكل فعال وايجابي وليس بشكل سلبي او بالعنف حتى لا يكون رد الاضطهاد بإضطهاد اخر وإنما كيف للإنسان ان يكون اكثر انسانية اكثر وعياً وحساسية وقدرة على حل مشاكله هذه هي الفلسفة بالاضافة الى تقنيات مسرحية مبنية على الجسد والفراغ وبقية عناصر المسرح. وتتابع : نحن نمرر التقنية ولا نمرر المفاهيم التي يجب ان يطرحها المسرح اليمني لان اليمنيين هم اصحاب المواضيع وليس أي شخص اخر وممنوع اصلا ان يكون شخص اخر بمعنى نحن فقط نمرر التقنية وبالتالي الفريق الذي سيتدرب هو الذي سيحدد المواضيع المهمة التي سيتناولها . وعما سيضيفة مسرح عشتار للمسرح اليمني تتكهن عون نظراً لعدم اطلاعها على تجربته المسرحية ان الاضافة قد تكون في ان يصبح اكثر تجوالاً وشعبية ومخاطبة للناس ببساطة لغتهم عن مواضيع حياتهم اليومية في مواقعهم بمعنى الا ينتظر المسرح الجمهور حتى يأتي اليه انما يحمل الممثلون المسرح الى الجمهور ، معتبرةً ذلك نقلة جديدة حيث ان المسرح سيذهب الى الجمهور في الشوارع والساحات العامة والبيوت.
واعربت عن شكرها وتقديرها للتجاوب الكبير من الجهات المعنية ممثلة في وزارات الثقافة، التربية والتعليم ، الاعلام والمؤسسة العامة للمسرح والمراكز الثقافية للعمل على تنفيذ البرنامج التدريبي لمسرح المضطهدين في اليمن . موضحةً ان الهدف من دخول مسرح المضطهدين الى المدارس يتمثل في تربية نشء يتعامل مع المسرح ويكون من مفرداته الحياتية الاساسية و باعتباره جمهور المسرح . *تأثر المسرح بالتكنولوجيا والفضائيات غزو الشاشة الصغيرة لكل بيت امر مفروغ منه وكذا التطور التكنولوجي في عالم الاعلام والاتصال وانعكاسات ذلك على المسرح كونه لا يستطيع منافسة التكنولوجيا وانتشارها لكن عون تستدرك قائلة : المسرح الذي اعتاد عليه الناس خلال العقود والقرون الماضية موجود في مكانه وفي العلبة التي تسمى مسرح وللتغلب على تلك التحديات لابد من اعادته للناس اعادة فكرة نقل المسرح الى الجمهور الى الشوارع والاماكن العامة لان التلفزيون لا يمكن ان ينافس هذا التلاقي وجهً لوجه وكذا الاحساس الكلي مع ما يدور على الخشبة والتفاعل معه كما يحدث في مسرح المنبر. مضيفةً " نحن في فلسطين حلينا هذه المعضلة و لدينا معضلة اخرى غياب الحريات المفروض من الاحتلال وعدم امكانية تنقل الناس فنحن نعيش في سجون كل مدينة هي سجن وبالتالي من الصعوبة ان يطلع الناس من مدينة الى اخرى لحضور عمل مسرحي فقمنا بحمل مسرحنا على اكتافنا الى الجمهور . وتفيد ان مسرح عشتار تميز بكونه سباق في الحركة المسرحية بكل معنى الكلمة حيث ادخل الى فلسطين تجارب مسرحية لم تكن موجودة في السابق كمسرح المضطهدين ، مسرح المكان ، المسرح الراقص وغيرها من الاشكال الفنيةالتي لم تكن متداولة وكذا استمرارية بحثه عن سبل تطوير المسرح داخلفلسطين . وقالت الفنانة ايمان " اننا اول مسرح في فلسطين يفتح الى العالم العربي وهذا يحتاج الى التميز والتخصص حيث لدينا خبرة اكثر من 3 عام من العمل . وتنهي عون حديثها بالتعبير عن سعادتها البالغة للاحتضان اليمني لشخصها ومسرحها وتجربتها ، داعيةً المسرحيين العرب للتواصل المسرحي عبر التنقل من دولة الى اخرى للإطلاع على التجارب العربية والبحث عن ارض خصبة للنمو و اختبار الذات خارج بلدها ولإكتساب خبرات جديدة.