(السياسية) - حوار: غمدان الشوكاني - تصوير: وديع محمد قال وكيل وزارة الثقافة لقطاع المخطوطات، سام الأحمر، إن قلة وضعف الفهارس الموجودة في دار المخطوطات والتي لا تعكس العدد الحقيقي لمحتويات الدار أدت إلى عدم توفر الإحصائيات الدقيقة بما تمتلكه الدار، وهو ما توجب بالبدء بعملية الحصر والتوثيق. وفي حوار مع صحيفة "السياسية" أوضح بأن الفائدة من ذلك إعطاء كل مخطوط رقما وطنياً يسمح بحفظه وإثبات ملكية البلد له إلى جانب إفشال أي محاولة لتهريبه. كما أشار إلى أن هناك اتفاقيات مع ألمانيا والولايات المتحدة تقضي الأولى بتقديم دراسة وتقييم دار المخطوطات من حيث وسائل الحفظ والصيانة للمخطوطات والأخرى تنص على تزويد الدار بعدد من الأجهزة بالإضافة إلى تمويل وتصميم وبناء النظام الالكتروني المتكامل الخاص بالدار والموقع الالكتروني أيضا. وأشار الأحمر إلى انه تم حصر 8 آلاف و906 مخطوطات، وتوثيقها يدوياً وآلياً حتى أواخر الشهر الماضي، كما تم صيانة 11 ألف مخطوطة. وتطرق إلى مشروع خاص بالآثار رفع واستثنيت المخطوطات منه معتبراً ذلك وضع خطير يسهم في زيادة ضياعها وتسربها. وأضاف أن المخطوطات لم تحظ بالأهمية القانونية اللازمة، حيث نجدها ملحقة بقانون الآثار وهي ملحقة ببعض المواد ولا يوجد مواد مستقلة تناقش أوضاعها والعقوبات الخاصة بالعبث بها أو تسريبها. وفيما يخص بيوت العلم التي تحتفظ بالكثير من المخطوطات أوضح أن هناك تسهيلا وتشجيعا للمواطنين على تسجيل مخطوطاتهم في سجلات رسمية مع إبقاء حقهم في الاحتفاظ بها، مساعدتهم على ترميمها والحفاظ عليها. وعن الصعوبات التي يواجهها في الحفاظ على المخطوطات اعتبر تعدد الجهات المسؤولة عن المخطوطات ما يسمح بتسربها وتهريبها، إلى جانب قلة الاستفادة منها من قبل الباحثين؛ كونها تشتت في مكتبات عدة وبنظم إدارية مختلفة. * هل لكم أن تحدثونا عن المخطوطات اليمنية واقتنائها؟ - الحديث عن المخطوطات اليمنية لا نستطيع أن نوجزه في هذه المقابلة؛ لأننا نتحدث عن ثروة معرفية وتراثنا شاملاً للأمة العربية والإسلامية، بل تراثنا إنسانياً؛ لأنه يشمل أيضا جميع العلوم النظرية والتطبيقية وعلوم الفلك والطب والفيزياء والنظر في واقع المخطوطات اليمنية الإجابة على ذلك على شقين: الشق الأول مركز فخر واعتزاز وثروة لا تقدر بثمن وذلك لما تملكه بلادنا من مخزون من هذا التراث العلمي والمعرفي، ويمكننا أن نقول إن اليمن تعد أهم دولة في العالم لديها هذا الكم الهائل من المخطوطات النادرة التي تؤرخ لحقب عديدة وخصوصاً منذ فجر التاريخ الإسلامي وهذا الإرث من هذه المخطوطات هي بمثابة هوية الأمة وذاكرتها وهي نتاج فكري عظيم ومخزون لقواعد علمية ومعارف نظرية وهي تلك المؤلفات التي تحمل مادة التراث العربي الإسلامي وتتمثل في ما قدمه السابقون من العلماء والمفكرون والفلاسفة والأطباء وما ورثوه للأجيال من معارف وعلوم في شتى بحور المعرفة. الشق الثاني وهو حال ما تتعرض له المخطوطات اليمنية من نهب وتهريب وعبث، بل وتغريب من قبل البعض ممن يتاجرون بهذه الثروة المعرفية وتراث هوية اليمن بل وذاكرته المدونة على مدى ألاف السنين وهذا نتاج لعدد من الأسباب التي سنتطرق لها لاحقاً سوى كانت الأسباب غياب الوعي والجشع من قبل البعض أو لأسباب تتعلق بجوانب الدعم المالي وعدم المبالاة والاهتمام من قبل الجهات المعنية في المالية والتخطيط والثقافة على مدى السنوات الماضية وهذه الأسباب جعلت المخطوطات اليمنية ودور المخطوطات الكثيرة المتعددة بين خيارين فقط وهي أن تبقى حبيسة الإدراج وتتعرض للأرضة والتلف دون الاستفادة من محتواها وتحقيقها وفهرستها وتوثيقها ومن ثم نشرها، أو أن تكون في أيدي المتاجرين بها ومافيا التهريب والتغريب والمتاجرة بهذه الثروة العظيمة. * هل عملتم على فهرسة المخطوطات وتصنيفها آليا؟ وما هي الطريقة للتوثيق والفهرسة المتبعة؟ - نعم، فبعد أن تسلمنا مهام العمل في القطاع وجدنا أن أهم معضلة تقف أمام الاستفادة من ثروة اليمن المخطوطة هو في قلة وضعف الفهارس الموجودة والتي لا تعكس العدد الحقيقي لمحتويات دار المخطوطات فتلك الفهارس كانت تعمل على انتقاء بعض العناوين -في المجاميع- وإهمال البقية، وهذا أدى إلى عدم توفر الإحصائيات الدقيقة بما تمتلكه الدار، ومن هنا كانت الأهمية بالبدء بعملية الحصر والتوثيق، فبدون توثيق محتوياتها وفهرستها تعد هذه المحتويات في حكم العدم ويسهل ضياعها دون أمل في عودتها. وعملية التوثيق تتم على مرحلتين هما: أولاً: التوثيق اليدوي (الفهرسة) للمخطوطات. وتتم هذه العملية حسب قواعد محددة وخطة مرسومة منظمة ودقيقة، وهي عملية تدوين بيانات المخطوط والمتمثلة في عنوان الكتاب، واسم المؤلف، بدايته ونهايته، وعدد الأوراق والمقاسات وعدد الأسطر في الصفحة ولون المداد، ثم تاريخ النسخ واسم الناسخ ومكان النسخ إن وجد، بالإضافة إلى تسجيل حالته واهم الملاحظات المميزة فيه مثل ما إذا كانت النسخة بيد المؤلف أو منقولة عن نسخة المؤلف أو بخط أحد العلماء. ويشار إلى ما إذا كانت النسخة مذهبة أو بها منمنمات، وحالة الجلد، وفي حالة احتواء المخطوط على أكثر من علم أما (المجاميع) فيتم اعتبار كل رسالة أو علم مخطوط بعينه ويفرد له استمارة خاصة. وفي حال وجود مخطوطات مجهولة المؤلف أو العنوان فيبذل المفهرس جهداً كبيراً لمحاولة التعرف على المؤلف أو العنوان من خلال قراءة النص بتمعن لاحتمال ورود ما يوحي إلى المؤلف أو العنوان والرجوع إلى كتب التراجم والفهارس والمراجع وفي هذه الحالة لابد من الإشارة إلى المصدر الذي استند إليها المفهرس للتأكد من صحة ما توصل إليه و دونه. بعد عملية التوثيق تخضع استمارة التوثيق للمراجعة الأولية ومن ثم المراجعة اللغوية وأخيراً المراجعة النهائية. ثانياً: التوثيق والفهرسة الإلكترونية. فبعد مراجعة النهائية لاستمارة التوثيق والفهرسة تذهب إلى قسم التوثيق الالكتروني الذي يتم فيه إدخال البيانات الخاصة بكل مخطوط في برنامج الكتروني صمم خصيصاً لفهرسة وتوثيق وتصنيف المخطوطات وفقاً لاستمارة التوثيق اليدوي وحفظ هذه البيانات في قاعدة بيانات خاصة ومن ثم معالجتها مما يسهم في خروجها على شكل بطاقات فهرسة مزودة بكافة الكشافات اللازمة لعملية البحث من قبل المستفيدين على اختلاف أنواعهم سواء كانوا باحثين أو دارسين أو حتى مهتمين ومحققين. وعملية التوثيق الالكتروني أيضا تخضع للمراجعة الالكترونية كون البيانات الالكترونية هذه هي التي ستظهر في هذه الفهارس وهذا يعطي قدراً كبيراً من الجودة و التميز. * وما هي الفائدة من هذا الحصر للمخطوطات؟ - تنبع أهمية عملية الحصر للمخطوطات والتي تسبق عمليتي التوثيق والفهرسة من إعطاء كل مخطوط رقم وطنياً يسمح بحفظه وإثبات ملكية البلد له إلى جانب إفشال أي محاولة لتهريبه طالما وقد وثق وأعطي رقماً وطنياً كما هو الحاصل مع كل الدول التي تهتم بتراثها وتاريخها. أيضاً تسمح هذه العملية بمعرفة العدد الفعلي والحقيقي لما يملكه اليمن من كنز معرفي مخطوط بعيداً عن التخرصات والاحتمالات التي نجدها في بعض المؤلفات سواء المحلية أو العربية والعالمية. * هل هناك اتفاقيات تعاون لحفظ وجمع المخطوطات؟ - نعم وقع القطاع اتفاقية تعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية وجامعة صنعاء ممثلة بكلية الآداب عام 2009 تسمح بتدريب 60 طالبا وطالبة من طلاب الأقسام ذات العلاقة بالمخطوطات، وهي: المكتبات، التاريخ، والآثار، بدار المخطوطات على جميع العمليات التي تخضع لها المخطوطات في الدار من حصر وتوثيق وفهرسة يدوية وآلية، وكذا تصوير رقمي ومصغر، بالإضافة إلى الترميم والصيانة والحفظ، ومن ثم انخراط المتميزين منهم في العمل بالدار ضمن الكادر الأساسي للدار. كما أن هذه الاتفاقية نصت أيضا على تزويد الدار بعدد من الأجهزة والأدوات اللازمة للعمل بالإضافة إلى استقدام بعض الخبراء من الخارج لعمل دورات تدريبية قصيرة متخصصة في الدار، وقد جددنا هذه الاتفاقية هذا العام ، كما أن الوزارة وقعت اتفاقية مع السفارة الأميركية أيضا تنص على تزويد الدار بعدد من الأجهزة بالإضافة إلى تمويل تصميم وبناء النظام الالكتروني المتكامل الخاص بالدار والموقع الالكتروني أيضا. كما أن السفارة الألمانية قامت بدراسة وتقييم دار المخطوطات من حيث وسائل الحفظ والصيانة للمخطوطات، وبناء على ذلك سيتم اعتماد مشروع خاص بحفظ المخطوطات بالدار، سواء من حيث التوثيق أو التصوير وكذا الترميم وذلك من خلال تزويد الدار بعدد من الأجهزة والمواد اللازمة لهذه العمليات بالإضافة إلى تدريب كوادر الدار إلى جانب الإشراف المباشر على المشروع. * ما الإجراءات التي تتخذونها للحد من تعرض المخطوطات للسرقة والنهب والتهريب؟ - القطاع ليس جهة ضبطية ولكن استشعاراً منا بما تتعرض له المخطوطات من عمليات سطو وتهريب قمنا بالتنسيق مع الجهات الأمنية سواء نيابة الآثار أو الجهات الأمنية على الحدود البرية والجوية والبحرية للحد من عمليات التهريب ومصادرة أي مخطوطات يتم إفشال عملية تهريبها وبيعها للخارج وتسليمها إلى دار المخطوطات بصنعاء بمحاضر رسمية، كما أن القطاع يقوم بعمل بعض الفلاشات والرسائل التوعية وبثها في القنوات الفضائية اليمنية والصحف، كما أن القطاع يسعى لصياغة قانون خاص بالمخطوطات يعالج هذه القضية يتضمن عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه تهريب وبيع هذه الثروة الفكرية إلى الخارج. * ما هي الخطوات الأخرى التي تقومون بمعالجتها للحفاظ على هذه الثروة التاريخية؟ - يسعى القطاع بالدرجة الأساسية إلى المحافظة على المخطوطات من الاندثار و الإهمال أو التهريب ومن هنا جاءت فكرة تدريب طلاب الأقسام ذات العلاقة بالمخطوطات في الجامعات اليمنية والبداية كانت مع جامعة صنعاء، وبعد أن نوجد جيل من المتخصصين الذين يؤمنون بأهمية العمل في هذا المجال والمحافظة عليه ليس فقط في صنعاء ودار المخطوطات وحسب ولكن في جميع المناطق التي تمتلك مخطوطات وهي كثيرة وممتدة على مستوى الوطن، وفي خطوة موازية لما سبق يسعى القطاع إلى خلق حالة من الوعي لدى المواطنين بأهمية هذا التراث الفكري الذي تفتقده كثير من الدول والتي تبذل في سبيل الحصول عليه كل غال ونفيس ومن أهم الوسائل التي يسعى القطاع إليها هي: الفلاشات التلفزيونية ، الأفلام الوثائقية ، البرامج التسجيلية ، الندوات التوعوية ، معارض المخطوطات الجماهيرية، بالإضافة إلى تسهيل وتشجيع المواطنين على تسجيل مخطوطاتهم في سجلات رسمية مع إبقاء حقهم في الاحتفاظ بها، مساعدتهم على ترميمها والحفاظ عليها. * هل يوجد قانون رادع لمهربي المخطوطات ؟ وهل يطبق في حق من كشف من المهربين أو إمساك بهم؟ - من الملاحظ أن المخطوطات لم تحظ بالأهمية القانونية اللازمة حيث نجدها ملحقة بقانون الآثار وهي ملحقة ببعض المواد فيه ولا يوجد مواد مستقلة تناقش أوضاعها والعقوبات الخاصة بالعبث بها أو تسريبها، فنجد هذه العقوبات غير رادعة إنما مخففة تسهم في إجتراء البعض في تكرار تهريبها كون العقوبة تنص على غرامة مالية بسيطة تصل إلى 10.000 ريال يمني والسجن لمدة لا تزيد عن ستة أشهر. وحالياً تم رفع مشروع خاص بالآثار واستثنيت المخطوطات منه وهذا وضع خطير يسهم في زيادة ضياعها وتسربها خصوصاً مع وجود عصابات منظمة تعمل على تهريبها إلى دول الجوار. ونحن نعكف على آداب قانون للمخطوطات مستقل بالاستعانة بالقوانين والجهات ذات العلاقة. * ماذا عن آخر إحصائية لهذا المشروع ؟ - أولاً في مجال حصر وتوثيق المخطوطات يدوياً وآلياً 8906 مخطوطات بداية من 13/ 9/ 2008 وحتى 29/ 11/ 2010، كما تم صيانة بعض المخطوطات حيث تم إنجاز 11.000 مخطوطة، أما الفائدة من هذا المشروع فهي عديدة، أهمها حفظ وصيانة هذا التراث الكبير ومن ثم تقديمه للباحثين والمهتمين بصورة مبسطة وعدم الإخلال بهذه المخطوطات تجليدها بطرق علمية حديثة وكذلك فهرسة هذه المخطوطات وتصنفيها ومثل هكذا مشروع هو لحفظ وصيانة هذه المخطوطات من الضياع والتلف ومنحها أرقاماً وطنية ومعرفة محتوياتها اقتناء المخطوطات من المواطنين للحد من تهريبها ومنحهم مكافآت تشجيعية ورفع الوعي بأهمية هذه المخطوطات. * هناك تصريحات لمسؤولين عرب وإسلاميين ومستشرقين تتحدث عن أن المخطوطات اليمنية من أهم المخطوطات الأثرية في العالم، ما تعليقكم على ذلك؟ وما القيمة للمخطوطات اليمنية كتراث إنساني؟ - هذا الكلام صحيح تماماً، فالمخطوطات اليمنية تمثل ثروة من التراث الفكري والعلمي والأدبي في شتى مجالات العلم والمعرفة، وأحد مصادر النتاج الفكري الشاهد على الحياة العلمية والفكرية التي وصلت إليها اليمن في القرون السابقة. ويعد اليمن إحدى أكبر خزائن المخطوطات في الوطن العربي حيث تملك الآلاف من المخطوطات النادرة التي تتميز بتنوع مواضيعها في شتى مناحي المعرفة البشرية. * البروفسور الألماني ويلفرد مادلونك, تحدث سابقاً عن خصوصية تراث اليمن من المخطوطات وجدارته بالاهتمام توثيقاً وبحثاً ودراسة وترجمة ونشره ليستفيد منه العالم ألا يوجد توجه يصب في هذا الجانب من قبلكم كجهة معنية؟ - هناك الكثير من الجهود البحثية التي تقوم بها المؤسسات والأفراد فيما يتعلق بتحقيق وترجمة ونشر المخطوطات وهي ليست جديدة ولدينا من المحققين الذين اثروا المكتبة اليمنية كثيرا مثل القاضي الأكوع الحوالي، أ. عبد السلام الوجيه، أ. عبد الله الحبشي، ونحن إذا نشجع كثيرا مثل هذه الجهود.. إلا أننا لن نكتفي بها وإنما نسعى لتوحيد جهود هذه المؤسسات والأفراد والتنسيق فيما بينها من خلال إنشاء شبكة معلومات تضم قواعد بيانات خاصة بالمخطوطات اليمنية المحققة وأسماء المحققين تشرف عليها الإدارة العامة للتحقيق والنشر بقطاع المخطوطات وستسهم هذه الشبكة بالإضافة إلى تنسيق الجهود وتبادل الخبرات إلى تجنب التكرار أو العشوائية في التحقيق بالإضافة إلى إتباع نفس الأسس المنهجية والعلمية في التحقيق ولا تكون العملية مجرد نشر فقط بدون تحقيق وتنقيح. كما أن الإدارة العامة للتحقيق والنشر تقوم حالياً بإعداد الببليوغرافية الخاصة بالمخطوطات المحققة والتي من المتوقع أن تصدر بداية العام القادم. * هناك مخطوطات هربت من قبل مستشرقين وتجار إلى أماكن متفرقة في العالم مثل ايطاليا ولندن واكبر مجموعة من الكتب و المخطوطات في مكتبة "الإمبرزيان" بايطاليا هل سعيتم لاسترجاع هذه المخطوطات ؟ وهل هناك إحصائيات لعدد المخطوطات اليمنية المهربة وأماكن تواجدها في العالم لاستعادتها؟ - للأسف الشديد لا توجد أي إحصاءات خاصة بالمخطوطات اليمنية في الخارج وأماكن تواجدها ولكن من غير المجهول أن معظم المكتبات والمتاحف العالمية الكبرى تمتلك عدداً من المخطوطات اليمنية والتي تظهرها على قوائمها وفهارسها، وهذه المخطوطات قد خرجت بطرق عدة معظمها كانت مملوكة لأفراد أو مساجد وبالتالي غير مسجلة أو موثقة رسمياً في سجلات تشهد بملكية اليمن لها والمعمول به في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بعملية استعادة الآثار –ومنها المخطوطات- أن تثبت الدولة ملكيتها لهذه الآثار ومن ثم تلتزم المنظمات الدولية كاليونسكو بإعادتها. وكما أخبرتك فإن معظم هذه المخطوطات غير مسجلة، وبالتالي لا يمكن إلزام أي جهة بإعادتها ولكن يمكن ذلك من خلال اتفاقيات التعاون بين اليمن وهذه الدول وذلك بالحصول على أصول المخطوطات أو صور منها على أقل تقدير. وهذه خطوة لاحقة يخطط لها القطاع، ولكن بعد استكمال حصر وتوثيق المخطوطات التي لا تزال هنا في اليمن ومنحها رقماً وطنياً يثبت ملكية الوطن لها ويمنع تهريبها إلى الخارج. * ما هي أقدم واهم المخطوطات التي تحتويها الدار؟ - دار المخطوطات كغيرها من مكتبات ودور المخطوطات في اليمن سواء الحكومية أو الخاصة تمتلك قدر كبير من المخطوطات والرقوق القرآنية الهامة والنادرة، منها: كتاب الأحكام للإمام الهادي يعود إلى سنة 366ه، ويعتبر من أقدم المخطوطات الورقية في الدار. رسالة في الطب، للعلامة محمد بن عمر بحرق المولود في سيئون بحضرموت والذي أجمع المؤرخون أنه كان من كبار العلماء الراسخين والأئمة المتبحرين. نسخة خزائنية من مقامات الحريري كتبها محمد بن دغيش سنة 1121ه. ترجع شهرتها إلى رسماتها الإبداعية الجميلة الملونة. نسخة قديمة من كتاب شمس العلوم لنشوان بن سعيد الحميري. كتاب المصابيح الصادعة الأنوار، للعلامة عبد الله بن أسد بن إبراهيم بن علي بن محمد الجزار المتوفى سنة 943ه. كتاب مختصر عن الإكليل، وهي نسخة نادرة ووحيدة. كتاب نادر وهو كتاب "الأسباب الكاشف لفروع الفقه المأخوذ من السنة والكتاب المحيط بما حواه الأزهار" للعلامة أحمد بن عثمان الآنسي العلوي. * وماذا عن مشروع حصر وتوثيق المخطوطات في مكتبتي تريم وزبيد؟ - نظراً لأهمية توثيق وحصر تراثنا الفكري المخطوط والجدوى الملاحظة من خلال مشروع حصر وتوثيق المخطوطات بدار المخطوطات بصنعاء فقد أصبح لزاماً نقل تجربة المشروع إلى كل من مكتبتي الأحقاف بتريم ومكتبة المخطوطات بزبيد؛ وذلك لأن هذه الخطوات جاءت متأخرة كثيراً ولكن لا بأس من تلافي كل ما سبق وعليه نؤكد على ضرورة البدء في المشروعين الذين تم الإعداد لهما منذ وقت سابق إلا أن الإمكانات المادية تقف حائلا دون تنفيذه. * هل هناك خطط مستقبلية لجمع وحصر المخطوطات في أماكن متفرقة من الوطن؟ - للأسف لا يوجد حصر كامل وشامل لأعدادها أو أمكان وجودها وكل ما نملكه هو مجرد معلومات يتم استقائها من بعض الكتب والمراجع مثل: "كتاب هجر العلم ومعاقله في اليمن" للقاضي إسماعيل الأكوع، كتاب "مصادر التاريخ الإسلامي في اليمن" للدكتور أيمن فؤاد السيد، كتاب "مصادر الفكر العربي والإسلامي في اليمن" للأستاذ عبد الله الحبشي، وهذه الكتب إذ تمثل إضاءات على طريق رصد ومسح هذه الثروة الخطية إلا أنها تعد غير كافية إذ لا بد من إعداد فرق للنزول الميداني ومسح هذه المناطق سواءً كانت هذه المخطوطات في ملكية الدولة أو لدى المكتبات الخاصة مع التشديد والتأكيد على بقاء هذه المخطوطات لدى مالكيها وعدم مصادرتها منهم ، إنما الغرض هو منحها رقماً وطنياً والتعرف على أمكان تواجدها واقتناء ما يمكن اقتنائه سواءً عن طريق الإهداء أو رصد مكافئات مجزية للمواطنين الذين يرغبون في تسليم مخطوطاتهم للدولة. * هل هناك تنسيق مع بيوت العلماء للحفاظ على المخطوطات التي يملكونها في دار المخطوطات؟ - بعد أن نستكمل عملية حصر وتوثيق المخطوطات التابعة لوزارة الثقافة يسعى القطاع إلى القيام بحملة وطنية تهدف إلى تسهيل وتشجيع المواطنين للقيام بتسجيل مخطوطاتهم في سجلات رسمية مع إبقاء حقهم في الاحتفاظ بها، ومساعدتهم على ترميمها والحفاظ عليها. وكما نعلم جميعاً أن هناك الكثير من الأسر التي ورثت مكتبات كبيرة من المخطوطات كون احد أفرادها كان عالماً أو مهتماً بالعلم وبالتالي فإن هؤلاء الورثة يجهلون طرق حفظ وصيانة هذه الثروة من الضياع، ونحن من خلال صحيفتكم نعلمهم بإمكانية قيام فريق الترميم بدار المخطوطات بترميمها وصيانتها ومن ثم إعادتها لهم وقد حضر للدار العديد من هؤلاء المالكين وخرجوا بانطباع طيب عما وجدوه من تعاون واهتمام للمحافظة على هذا التراث بعد أن أعيدت لهم مخطوطاتهم مرممه ، وبعض المالكين يأتون للدار رغبة في بيع مخطوطاتهم وتتم هذه العلمية دون وجود وسطاء أو تجار والقانون اليمني لا يمنع مثل هذه العلميات طالما وهي في إطار البلد ولم تخرج خارجه حيث تخضع هذه المخطوطات للجنة التقييم والتي تقدر قيمة هذه المخطوطات تبعا لعدد من الأسس منها قدم المخطوط ، موضوعه، النواحي الجمالية فيه، الشروح والتعقيبات... الخ. * ماذا عن اقتناء المخطوطات؟ - من خلال عمل دار المخطوطات بصنعاء ومكتبة الأحقاف بتريم لوحظ توافد عدد كبير من المواطنين الراغبين في تسليم مخطوطاتهم للجهات المعنية وتسلم المكافئات التشجيعية التي تحددها لجنة التقييم والاقتناء، ورغم تحديد ميزانية للاقتناء سنوية تتمثل في مبلغ خمسة ملايين ريال فقط إلا أن حجم المخطوطات المعروضة للبيع من قبل المواطنين يفوق هذا المبلغ بأضعاف مضاعفة حتى أصبح الشراء بالآجال وقد بلغت مديونية دار المخطوطات فقط في هذا الباب مبلغ ثلاثة وتسعين مليون ريال، وهناك بعض المواطنين يرفضون التعويض الأجل ويسحبون مخطوطاتهم ويصرحون أن هناك جهات أخرى محلية وخارجية تعرض مبالغ أكثر والدفع نقداً، هذا فيما يتعلق بمالكي المخطوطات في مدينتي صنعاء وتريم، أما باقي المناطق والتي تمتلك بحق كميات كبيرة معرضة للتلف؛ بسبب الإهمال وسوء الحفظ والتخزين فللأسف لا توجد ميزانيات خاصة برصدها واقتنائها. وهناك مخطوطات في بعض المدن أصبحت تباع لدول الجوار جهاراً نهاراً دون خوف من مسائلة أو محاسبة ومع بقاء الجهات المعنية مكتوفة الأيدي بسبب عدم رصد مبالغ كافية ومجزية للاقتناء وضعف العقوبات الخاصة بالتهريب. * قضية الرقوق القرآنية هل لكم أن تحدثونا عنها؟ - تمتلك اليمن ثروة كبيرة من الرقوق القرآنية، وتكتسب هذه الثروة أهميتها تاريخياً وعلمياً من حيث أنها تؤصل للمراحل المختلفة لتدوين المصاحف الكريمة في العصور الإسلامية المبكرة بدءاً من القرن الأول حتى الرابع الهجري، من جوانب متعددة أهمها عرض أنواع الخطوط القديمة كالحجازي، والخط الكوفي بأنواعه كما تعني بتطور الرسم القرآني وفقا للقراءات المعروفة والشهيرة (السبع)، والقراءات الثلاث والأربع الشواذ (الأربع عشرة)، ومعرفة ما طرأ من الرموز والفواصل ورؤوس الآي وحركات وعلامات التشكيل ، والتنقيط (المهمل والمعجم). كانت الاكتشافات المبكرة والأولى لهذه الرقوق في سنة 1972، أثناء ترميم الواجهة الغربية للجامع الكبير بصنعاء والرقوق تخضع مثلها مثل المخطوطات لعملية توثيق وفهرسة وتمنح رقماً وطنياً أيضاً. * هل صحيح أن هناك ازدواجية في تعدد الجهات المسؤولة عن المخطوطات؟ - صحيح هناك تعدد للجهات المسئولة عن المخطوطات وهناك أيضاً غياب للتنسيق في ذلك لأنها تشرف عليها جهات عدة وزارة الثقافة ووزارة الأوقاف والإرشاد وكذلك الجامعات والمكتبات الخاصة والمركز الوطني للوثائق. * ما هي الصعوبات التي يواجهها القطاع ودار المخطوطات؟ - مع مرور الزمن أصبحت المخطوطات أكثر عرضة للاندثار أو الفناء أو التلف خاصة في ظل صعوبة حفظها في أماكن مناسبة والافتقار إلى دقة التعامل معها بالأسلوب الأمثل ، وتتجلى اليوم الحاجة الملحة إلى العناية بالمخطوطات أكثر من أي وقت مضى وذلك لما يحفل به المخطوط من عطاء جم وفوائد كثيرة وقاعدة صلبة يرتكز عليها الجيل ليوم لشحذ همته وعزيمته بالوفاء للماضي. ومع شح الإمكانات المادية نرى أن الواقع الراهن للمخطوطات مع وزارة الثقافة لا تستطيع بمفردها القيام بهذه العملية الكبيرة والتي تتطلب الكثير من المراحل حتى تستطيع في النهاية حفظ المخطوط بالطريقة التي تضمن سلامته من التلف، بل لا بد من شحذ التعاون بين الجهات الرسمية المعنية وكذا الجهات الخاصة لتوفير الكثير من الدعم والمساعدة اللازمة لإنقاذ المخطوطات وذلك لشح القدرات المالية سواءً تلك الخاصة بالنفقات التشغيلية أو الاقتناء وكذا إقامة وتنفيذ المشاريع المختلفة، أو حتى النفقات المالية الخاصة بصيانة وترميم المخطوطات المقتناة والمحافظة عليها كما أن المخطوطات تعاني من شحة المعدات والآلات والمعامل والمواد اللازمة لحفظها وصيانة وتوثيقها كأجهزة التصوير الرقمي والميكلروفيلمي وكذا معامل الترميم والفحص والصيانة ، ناهيك عن قدم مبنى دار المخطوطات بصنعاء وتهديدات سقوطه في أية لحظة، وكذا الحال أسوأ وأسوأ في كل من مكتبتي المخطوطات في تريم وزبيد، الأمر الذي يعيق القيام بتنمية متوازية. أضف إلى ذلك قلة الكوادر المتخصصة والمؤهلة في التعامل مع المخطوطات والتي يجب أن تكون مدربة وقادرة على التعامل بشكل مهني مقتدر ومحترف يسهم في الحفاظ عليها، حيث نجد أن دار المخطوطات بصنعاء لديها عدد محدود من المتخصصين في مجال المخطوطات. أما مكتبات المخطوطات الأخرى فلا يوجد بها أي متخصص وإنما جميع العاملين يعملون بناءً على الخبرة المكتسبة من العمل ولا يوجد من يقيّم طريقة عملهم هذه للتأكد من سلامتها وعدم مساهمتها في الإضرار بالمخطوطات. ومن الصعوبات التي نعاني منها تعدد الجهات المسؤولة عن المخطوطات. ومن الملاحظ أن المخطوطات تشرف عليها عدة جهات (وزارة الثقافة، وزارة الأوقاف والإرشاد، المركز الوطني للوثائق، الجامعات) وبالتالي فإن هذا التعدد يسمح بتسربها وتهريبها إلى جانب قلة الاستفادة منها من قبل الباحثين كونها تشتت في مكتبات عدة وبنظم إدارية مختلفة إلى جانب تعدد طرق فهرستها وتصنيفها وإتاحتها. كما أن افتقار المكتبات إلى المباني والمناسبة والملائمة بالإضافة إلى عدم كفاية المواد والأدوات الخاصة بالعمل، بالإضافة إلى بعض المشكلات التي سبق وتناولناها في هذا الحديث مثل تهريب المخطوطات، وضعف العقوبات الخاصة بتهريب المخطوطات، وتأخر القيام بمشروع المسح الميداني لاماكن تواجد المخطوطات، وقلة الوعي بأهميتها وقيمتها العلمية والتاريخية والفكرية. ختاماً نتوجه من خلالكم بالشكر الجزيل لكل من يسهم في الحفاظ على هذا الكنز المعرفي سواء الجهات الأمنية أو المواطنين وأيضا المؤسسات العلمية والتنموية والسفارات المختلفة. السياسية