صدر حديثا تحقيق كتاب"الإعلان بنعم الله الواهب الكريم المنان في الفقه عماد الإيمان بترجيعات في العروض والنحو والتصريف والمنطق وتجويد القران " لمؤلفه العلامة صفي الدين احمد بن عبدالله السلمي (الوصابي) الشهير ب"السانه" المتوفي سنة 1122 هجرية وهو الكتاب الذي ستشهد صنعاء حفل توقيعه قريباً. والكتاب صدر في طباعة بيروتية أنيقة وبتمويل من شركة التبغ والكبريت الوطنية ،وحقق مخطوطته كل من : محمد بن محمد العرشي وعلي صالح الجمرة وعبدالخالق حسين المغربي ،وقرضه الشاعر حسن الشرفي ،وقدمه الكاتب والأديب وزير الثقافة السابق عضو مجلس الشورى خالد عبدالله الرويشان ،الذي أضاء تقديمه سماوات هذا الكتاب وكشف عن سمات الخصوصية وأكد على مزايا الفرادة التي جددت اكتشاف مؤلفه كأحد نجوم العبقرية اليمنية وجعلت من هذا الكتاب تحفة فنية وموسوعة ثقافية معرفية وأدبية وعلمية تتباهى بها اليمن و تجدد في مناسبة إصدارها الاحتفاء بصاحبها... وهي مناسبة ننحني فيها تحية للفريق الذي عمل عليه وحققه وقدمه وأصدره في هذه الطبعة الأنيقة التي جاءت في (440) صفحة من القطع الكبير. وحسب تقديم الرويشان فيمكن القول إن هذا الكتاب موسوعة بصرية فقهية فكرية أدبية فنية فقد اشتمل على علوم الفقه والعروض والنحو والصرف والمنطق والتجويد والمواريث والوصايا والأقدار المتناسبة... والحديث وحتى علم الخط أيضا!...كما أن قراءة هذه العلوم في هذا الكتاب فن قائم بذاته افقيا ًوعمودياً وبحيث تتداخل الكلمات والحروف بالمعاني المختلفة والعلوم المتعددة عمودياً وافقياً في كل صفحة. يقول خالد الرويشان:كأن ذهن المؤلف العبقري امتلأ حتى مل وضاقت به وبعقله معارف وعلوم زمانه ومكانه ،وهي المعارف والعلوم التي كانت تُدرّس زهاء الف عام في اليمن وفي العالمين العربي والإسلامي ،ففكر في أن يعرضها بطريقة تصعب مجاراته فيها أو حتى اللحاق به وتقليده.. فيمكن للقارئ الكريم أن يقرأ الصفحة كاملة - بألوانها جميعاً- من اليمين إلى الشمال- افقياً - القراءة العادية لكتاب الفقه ،ويمكنه أن يقرأ كتب أخرى في خمسة علوم مختلفة في نفس الصفحة عمودياً وبنفس الأحرف والكلمات والعروض باللون الأحمر والنحو باللون الأزرق والتصريف باللون الأخضر والمنطق باللون البنفسجي والتجويد باللون الذهبي ،وكل ذلك في الصفحة الواحدة المفترض - حسب الرويشان - انها مجرد صفحة في الفقه.أي أن الصفحة مشفرة إذا صح هذا التعبير ظاهرها الفقه وباطنها خمسة علوم أخرى مع تتماتها. ولفت الرويشان إلى أن ذروة الصعوبة ليست في أسلوب المؤلف الشائق النادر الشاهق فحسب بل في اختيار علوم لا تقبل الخروج على قواعدها وقوانينها ؛فالمؤلف لم يكتب في علم البلاغة أو التاريخ مثلاً ،القابلين لحلول المترادفات وبدائل الكلمات والتصوير والجناس، بل في علوم الفقه والنحو والتجويد والمنطق... ولظرافة روح المؤلف وجماله ..يوضح الرويشان... "فقد أفرغ الأعمدة الملونة بعد ذلك مجموعةً كي تسهل قراءتها وسماها بذكاء : الترجيعات وكأننا أمام معزوفة موسيقية متنوعة اسطورية تعزفها أصابع فنان ماهر ساحر أسطوري هو الاخر". أي أن المؤلف الموسوعي ،واسمه صفي الدين احمد بن عبدالله السلمي والملقب ب"السانه" نسبة إلى حصن السانه في "وصاب" قد تفوق في كتابه هذا على نفسه و زمانه ومكانه فقد بذل فيه من الجهد والعناية والتأمل ما يمكن أن يقسم إلى العشرات من الكتب من حيث الدقة والتنوع والفن ...وهنا يؤكد الرويشان إن شعور المؤلف المرهف بالدقة قد يفوق كل تصور لأن الخطأ الصغير في كتابه أو رسم حرف واحد كفيل بان يجعله يغير كتابه ورسم الصفحة كاملة ! "فالله وحده يعلم كم أعاد رسمها لمجرد خطأ في حرف أو بعض حرف في عمود أفقي أو رأسي". ويخلص الرويشان إلى أن المتأمل في هذا التحفة النادرة سيشعر أن اليمن في أحسن تجلياتها تتجلى في هذا الكتاب النادر ولدى هذا الكاتب الاندر!. وأشاد الرويشان بجهود محققيه ومدققيه الذين احتشدوا بكل طاقاتهم للانتهاء من تحقيق كتاب" الإعلان" وإعداده تزامناً مع ذكرى وفاة المؤلف الثلاثمائة ؛إذ أن وفاته كانت في ابريل 1710م. معتبراً أن انجازهم هذا هو أحسن ما يُهدى إلى المؤلف في ذكراه، ويهدى إلى اليمن وأمته العربية، ولعله أن يكون إعلانا عن مرحلة جديدة وإيذانا بزمان جديد ابتداعا وعلماً وتقدماً... وحسب ما جاء في ترجمة المحققين للمؤلف فانه الإمام الفقيه العالم البارع في الفرائض والحساب والجبر والتفسير والمقابلة والمساحة ومشاركات الفقة والفروع والأصول والحديث والتفسير والعروض والقوافي ... تولي التدريس والإفتاء في زبيد كما تولي (نظارة الأوقاف فيها). هاجر من وصاب إلى زبيد عام 1077 ه كما حكاه في مؤلفه هذا وأكمل حفظ القران وتجويده ثم بدأ بالفقه وتدرج في الدرس لسائر العلوم اللغوية والفقهية والتفسير والحديث وقرأ على الشيخ العلامة عبدالله بن محمد باقي المزجاجي وعلى غيره من علماء زبيد كافة العلوم السابق ذكرها حيث صار محققاً في هذه العلوم. له العديد من المؤلفات تصل إلى 12 مؤلفا أخرها هذا الكتاب" الإعلان بنعم الله الواهب الكريم المنان في الفقة عماد الإيمان بترجيعات في العروض والنحو والتصريف والمنطق وتجويد القران وتتمات تروق الطالب والذاكر والكاتب والشاعر والمثابر على نصح الرعية والسلطان". ويحتوي الكتاب على مؤلف في الفقة على مذهب الأمام الشافعي ثم ترجيعات لخمسة علوم أساسية إضافة إلى الفقة وهي : العروض والنحو والتصريف والمنطق والتجويد .. كما أضاف إلى تلك العلوم تتمات في: علم القوافي وعلم المواريث قسمة التركات وعلم الأقدار المتناسبة والوصايا وتستخرج بعد ترجيعات علم العروض.. وأضاف المؤلف إلى ترجيعات علم النحو معلومات عن فضائله وبيان أول من وضعه وسبعة وثلاثين حديثا نبويا مرتبطا بموضوع (إفصاح اللسان وتقويم الكلام مع الاستشهاد بالحكم والأشعار وأحاديث عن تكريم المعلمين ومكانتهم العظيمة عند الله وعند خلقه )...وغيرها من التتمات التي يكون المؤلف في مجموع العلوم التي ضمتها ترجيعاته وتتماته قد تناول نحو أحد عشر علما.