عادت الأزمة بين السودان وجنوبه إلى نقطة الصفر، وذلك بعد أن أعلنت الخرطوم اليوم الأحد إلغاء كافة الاتفاقيات الأمنية والنفطية مع جنوب السودان تنفيذا للتوجيهات التي أصدرها الرئيس السوداني عمر البشير أمس . وكان الرئيس السوداني أمر أمس بوقف مرور نفط دولة الجنوب عبر أراضي السودان إبتداء من اليوم بعد أن اتهم جوبا بالاستمرار في دعم متمردي الجبهة الثورية التي تقاتل في مناطق جنوب كردفان والنيل الازرق المتاخمة لدولة الجنوب. وقال وزير الإعلام السوداني أحمد بلال في مؤتمر صحفي اليوم إن قرار الرئيس عمر البشير بوقف تصدير نفط الجنوب عبر أراضيه يعني عملياً إلغاء الاتفاقات ال9 المدرجة في بروتوكول التعاون بين البلدين. ولفت إلى أن أبرز تلك الإتفاقيات - بجانب الاتفاق النفطي - اتفاق لتأمين الحدود يمنع أي طرف من دعم المتمردين على الطرف الآخر، واتفاق متصل بالتجارة الحدودية، حيث يستورد الجنوب غالبية احتياجاته من الشمال. وقال "ان الرئيس البشير ابلغ رئيس الجنوب في أديس ابابا أن السودان سيضطر إلي وقف تنفيذ إتفاقية التعاون مع جوبا وعلي رأسها النفط إذا استمرت حكومة جنوب السودان في تقديم الدعم لمتمردي ما يسمي الجبهة الثورية وقطاع الشمال" . واضاف " ان البشير اعطي مهلة لجوبا للتوصل إلي حل حول هذا الأمر وابان انه بدلا من التوقف ومراجعة هذه الإجراءات تسارعت خطي الدعم للمتمردين لتحقيق هدفهم المشترك وهو اسقاط النظام في الخرطوم بدلا عن التعاون كما جاء في المصفوفة".مؤكدا أن السودان مازال علي ذات المنهج وعلي ذات الإصرار وعلي ذات التوجه في إقامة علاقات طيبة ومتقدمة مع دولة الجنوب اذا كانت هي حريصة علي ذلك وبخلاف ذلك يكون خيارهم هذا الطريق ولم يختار السودان هذا الطريق منوها الى قدرة السودان علي حماية مصالحه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ووحدة البلاد . وقال وزير الاعلام إن السودان لم يعتد ولم يتجن ولايريد تصدير المشاكل بل حسن الجوار والتعاون ولكنه لن يسمح للمتمردين بتحقيق أحلامهم . وفي الوقت نفسه شدد المسؤول السوداني على أن بلاده مستعدة للتراجع "عن قرار منع مرور نفط دولة جنوب السودان حال توقف جوبا عن دعم المتردين السودانيين". بدوره أكد مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني خرق دولة جنوب السودان لاتفاق الترتيبات الأمنية الموقع بين البلدين. وأوضح أن دعم جوبا مستمر وممنهج للجماعات المتمردة، وأكد وجود وثائق وأدلة تم تسليمها لجوبا تؤكد تورطها في استمرار الدعم والإيواء في عدد من المناطق بداخل دولة الجنوب . وأضاف أن هذا الدعم شمل الذخائر والأسلحة والوقود وقطع الغيار للسيارات ذات الدفع الرباعي بجانب علاج جرحى المتمردين في مستشفيات الجنوب وتسهيل السفر والتدريب. من جانبه وصف وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان بنجامين برنابا قرار الرئيس السوداني عمر البشير وقف نقل نفط الجنوب بأنه "غير حكيم". وحذر برنابا من كارثة بيئية تنعكس آثارها على تلويث نهر النيل، مما يؤثر على السودان ومصر. ونفى برنابا في مقابلة مع راديو /بي بي سي/ دعم جوبا للمتمردين في السودان، مؤكدا على أن جوبا ستلجأ للأمم المتحدة ومجلس الامن والاتحاد الافريقي. وكانت الخرطوموجوبا اتفقتا على ضخ نفط الجنوب عبر الشمال اعتبارا من الأسبوع المقبل غير أن الحكومة السودانية اتهمت حكومة الجنوب بدعم متمردي الجبهة الثورية الذين يشنون هجمات متفرقة في عدد من الولايات السودانية وهو الأمر الذي دعا الخرطوم إلى اتخاذ الإجراءات الأخيرة. وعمليا استأنفت حقول النفط الجنوبية إنتاجها في إبريل الماضي، وحاليا يتدفق النفط في أنابيب السودان، وكان مقررا وصوله منتصف شهر يونيو الجاري إلى ميناء بورتسودان على البحر الأحمر، إذ يبلغ طول خط الأنابيب من دولة الجنوب وحتى الميناء 1610 كيلو. واستحوذ جنوب السودان، الذي لا منفذ بحري له، على 75 % من حقول النفط عند الانفصال كانت تمثل أكثر من 50 % من الإيرادات العامة للسودان، بينما استحوذ الشمال على البنية التحتية اللازمة لعمليات النقل والتكرير والتصدير. وأوقفت جوبا إنتاجها النفطي البالغ 300 ألف برميل يوميا تمثل 98 % من إيراداتها في يناير 2012 بسبب خلافها مع الخرطوم حول الرسوم التي يتوجب عليها دفعها مقابل خدمات التصدير قبل أن يتفقا على قيمة تتراوح ما بين 9 – 11 دولار للبرميل، بحسب الحقل المنتج منه. وانفصل جنوب السودان عن السودان في يوليو عام 2011 بعد استفتاء جاءت نتيجته حاسمة لصالح الاستقلال بموجب اتفاق سلام أنهى عقدين من حرب أهلية طويلة.