أكد عضو هيئة العلماء في ساحل حضرموت العلامة سامي محمد باشكيل أن دفع الزكاة تعود المسلم على الكرم والبذل وتجنبه الشح وعوامل البخل وتقوي أواصر الاخوة بين المسلمين قال تعالى " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ". واستعرض العلامة باشكيل الايات القرآنية الدالة على وجوب الزكاة .. لافتا إلى أحكام الزكاة المتمثلة في زكاة المال الواجبةٌ وجوباً عينيّاً بالإجماع والمستند إلى نصوص كثيرة من الكتاب والسُّنَّة" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ " وقوله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ . وأشار إلى الحكمة من وجوب الزكاة في المال وفي مقدمتها تعوِّد المعطيَ على الكَرَم والبذل ونبذ الشُّح والبخل، كما أنّ دفعها تقوِّي أَوَاصِرَ الأُخُوَّة بين المسلمين وتعزز المحبَّة بينهم ، وتُسَاهم في القضاء على الفقر والقضاء على عوامل البطالة وأسبابها ، وتُسَاهِم في تزكية النفوس وتطهير القلوب من الأحقاد بين فئات المجتمع بالإضافة إلى أنها تساعد على تنمية اقتصاد الأُمَّة وتنظيمه وإجبار الأغنياء على رَصدِ أموالهم وضَبطها . وبخصوص حُكم مانعِ زكاة المال أوضح باشكيل أن مانعها جحوداً لوجوبها يكفر ويخرج من ملَّة المسلمين؛ لأنَّهُ جَحَدَ أمراً معلوماً من الدين بالضرورة ، ومَنْ جَحَدَ أمراً معلوماً بالدِّين بالضرورة فإنَّهُ يَكفُر ؛ لأنَّه مُكَذِّبٌ بالدِّين ، والتكذيب بالدِّين كفرٌ أكبر مخرج من الملَّة لا مِريَةَ فيه . وبين أنه لا يجب تكفير مانع دافع الزكاة الذي منع دفعها شُحّاً وبُخلاً مع إقراره بوجوب الزَّكَاة في المال ، لكنَّه واقع في معصيةٍ عظيمةٍ وكبيرةٍ من كبائر الذنوب قال تعالى "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ، يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ"، وأخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قال: " مَنْ آتاه الله مالاً فلم يُؤَدِّ زكاتَه مُثِّلَ له يوم القيامة شُجاعاً أقرعَ له زبيبتان يُطَوّقه يوم القيامة ثم يأخذ بلَهزِمَتَيه، يعني شِدقَيه ،ثم يقول: أنا مالُكَ أنا كَنزُكَ، ثم تلا "وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ". وأشار إلى الأموال التي تجب فيها الزكاة والتي ذكرت وجوبها كتب السنة وهي المواشي "الإبل والبقر والغنم " والنقدان "الذهب والفضَّة وما حَلَّ محلَّهما من العُملَات البنكيَّة اليوم ، والزروع ": الحبوب المقتاتة المدَّخرة "، والثمار "ثمرة النخل وثمرة العنب " وعروض التجارة " السِّلَع" والبضائع التي تُقَلَّب للرِّبح "تُعَدُّ للبيع والشِّرَاء " وما دونها لا تجب فيها زكاة. واستعرض شروط وجوب الزَّكاة في الأموال الزَّكَوِيَّة الخمسة المذكورة قرَّرها الفقهاء بناءً على الأدلَّة الصحيحة الصريحة التي دلَّت على اشتراطها حيث اشترط الفقها في المواشي أربعة النصاب ؛ وهو في الإبل خمسٌ ، وفي البقر ثلاثونَ ، وفي الغنم أربعونَ والثاني الحول ، بأَنْ يدور على امتلاكها وهي نصاب سنةٌ كاملة والثالث إسامتُها كلَّ الحول ، بأَنْ يكون أكلُها في كلِّ السَّنَة من الكلأ المباح في المراعي والجبال والوديان ، لا معلوفة والرابع كونها غيرَ عاملة. وأورد عضو هيئة العلماء في ساحل حضرموت شروط وجوب زكاة النقدينِ والتي تشمل الحول ؛ ولا ينقطعُ بقرضِ نصابِهِ غيرَهُ أثناءَ الحولِ ، ولا بشرائه به عرضَ تجارةٍ ، بل يبنى على ما مضى والنصاب وهو عشرون مثقالاً "خمسة وثمانون جراماً في الذهب"، ومائتا درهم "خمسمائة وخمسة وتسعون جراماً في الفضة " ولو نقص في ميزان وتمَّ في آخر فلا زكاة والثالث كونها غيرَ حليٍّ مباحٍ ، عَلِمَهُ مالكُه ، ولم يقصد كَنزَه ، سواء اتخذَه بلا قَصدٍ أو بقصدِ استعمالٍ مباح ، أو بقصد إجارته أو إعارته لمنْ يحل له ؛ لكن تجب في أجرته إنْ بلغت نصاباً وحالَ عليها الحول . كما أن الواجب إخراجُه في زكاة الذهب والفضَّة "ربع العُشر "حاصل قِسمَة كاملِ الذهب الذي بلغ نصاباً أو زاد عليه وحاصل كامل الفضة التي بلغت نصاباً أو زادت عليه على أربعين ". ولفت إلى شروط وجوب الزكاة في الزروع والثمار فشرط واحد؛ وهو النصاب ، وهو خمسة أوسق ؛ أي "سبعمائة وعشرون كيلو جرام "والواجب إخراجه في زكاة الزروع والثمار هو العُشر فيما سُقِيَ منهما بغير مشقَّة كأَنْ سُقِيَ بماء المطر أو النهر أو السيل ، ونصف العُشر فيما سُقِيَ منها بمشقَّة بأنْ سُقِيَ بالنضح أوالنزح أوالمواطير ونحوها . وأوضح شروط وجوب الزكاة في عروض التِّجَارة وهي ثمانية الأوَّل : كونها عروضاً ؛ فلا تجب في التجارة بالنقد وإنْ بادل بجنسه والثاني نية التجارة بها والثالث كون النيَّة مقرونةً بالتملُّك أو في مجلس العقد والرابع : كون التملُّك بمعاوضة والخامس أنْ لا تَنِضَّ بنقدها الذي تُقَوَّم به آخرَ الحول ناقصةً عن النصاب والسادس أنْ لا تقصد للقُنيَة؛ ولا يضرّ مجرَّد استعمال لا بقصد القُنيَة والسابع النصاب ، وهو نصاب الذهب السابق ، فمتى ما بلغت قيمة العرض ما يساوي قيمة خمسة وثمانين جراماً من الذهب وجبت فيها الزَّكاة . وذكر أن زكاة المال تُصَرَف لثمانية أصناف ذَكَرَهُم الله سبحانه وتعالى في قوله "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " .