اصبح توجيه ضربة عسكرية لسوريا، مسألة أيام، ويمكن ان تكون مسألة ساعات، خاصة بعدما اعلن الرئيس الأمريكي باراك اوباما السبت اتخاذ ما اسماه "قراراً مبدئياً" بشأن ضرب سوريا، على الرغم من تحذيرات العديد من الخبراء الامريكيين من النتائج العكسية للضربة المرتقبة والتي يتوقع ان تكون اهدافها محدودة، ان لم يكن تفتيت هذا البلد . ففيما أكد اوباما بان بلاده اصبحت " مستعدة لتوجيه ضربه " عسكرية لسوريا في الوقت الذي تراه ملائماً، وان ما ينقصه هو موافقة الكونغرس الامريكي، قال خبراء امريكيون أن هذه الخطوة، قد تكثف تورط الولاياتالمتحدة في هذا البلد الغارق في الفوضى، وانه لا يوجد ما يضمن نجاح القوات الأمريكية في تحديد مواقع الأسلحة الكيماوية المزعومة، والتي ستكون الهدف الرئيس للضربة العسكرية . ورجح الخبراء أن يقع مدنيون أبرياء في مرمى النيران الامريكية، ما سيدفع النقاد إلى توجيه اللوم والانتقادات لواشنطن، خاصة وان الشعب السوري يأن من اوجاعه، وقد تجرع من ويلات المعارك بين الجيش والسوري والمعارضة المسلحة على مدى اكثر من عامين، ما يكفي بان يكون شعباً منكوباً، بكل ما تعنيه الكلمة . كما ويرى الخبراء أيضاً إن الولاياتالمتحدة ليست في وضع يمكنها من شن حرب ثالثة في 12 عاماً، وان هجوماً على سوريا سوف يكون مختلفاً تماماً عن هجوم 2011م الذي أطاح بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي، خاصة وان ليبيا كانت شبه معزولة دولياً ولم يكن لديها جيشاً بالمعني المفهوم . ويضيفون ان الجيش السوري على النقيض من ذلك، ويعتبر جيش قوي نسبياً وقادر على القتال لسنوات قادمة، فضلاً عن استمرار تزويده بالسلاح الروسي عبر العقود التي ابرمها، فضلاً عن انه يستند الى ايران وحزب الله اللبناني، اضافة الى روسيا . ويرسم عدداً من المحللين سيناريو ما يمكن أن تكون عليه الضربة العسكرية المرتقبة، اهم نقاطه ان الهجمات ستقتصر على صواريخ /كروز/ والقذائف بعيدة المدى من الطائرات، وربما بعض مقاتلات الشبح القادرة على شق طريقها في الدفاعات الجوية السورية . ففي تحليل لمساعد مدير مكتب استخبارات الشرق الأوسط السابق في وزارة الخارجية الأمريكية واين وايت، فان الضربة ستقتصر على الصواريخ البعيدة المدى، نظراً لرغبة الولاياتالمتحدة في عدم فقدان أي طائرات أو أطقم جوية فوق الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة السورية . كما أن أهداف الضربة، وفقاً للمسئول الامريكي السابق، قد تتراوح ما بين أهداف كبيرة، مثل وزارة الدفاع، وصغيرة مثل مقار الوحدات الهامة للافراد وخاصة المرتبطة بالفرقة المكيانيكية الرابعة وفرقة الحرس الجمهوري . فيما يرى محلل الشرق الأوسط في مجموعة راند للأبحاث السياسية جيفري مارتيني، إن التحرك الأمريكي مرتبط بالاساس باستعادة مصداقيتها عالمياً، وذلك بعد تأكيد الرئيس أوباما ان أي استخدام للأسلحة الكيماوية في سوريا سيكسر " الخط الأحمر" الذي قد يدفع الى التدخل العسكري . وفيما يحدد هذا السيناريو الهدف باضعاف النظام السوري واجباره على الرضوخ، للدخول في تسوية سياسية تنهي الأزمة في البلاد، بما يعني رضوخ النظام إلى ما يطلبه المجتمع الدولي، والذهاب إلى اجتماع /جنيف 2/ بغية تسليم السلطة، وتشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة، يحدد سيناريو اخر مختلف تماماً، اهدافاً اخرى . وتشمل هذه الاهداف القيام بعملية عسكرية محددة، تستهدف فقط مواقع تخزين السلاح الكيميائي، ومعدات استخدامها، وهو أمر لا يتوقع أن يؤثر بشكل كبير على مجرى الحرب التي يشنها النظام على قوات المعارضة، لكن الضربة العسكرية المتوقعة، مهما كانت، ستضغف قدرات النظام العسكرية، الأمر الذي ربما يسمح لقوات المعارضة من التقدم، وإحراز تغيير في موازين القوى . ويرجح ان يكون هو الهدف الرئيس من الضربة العسكرية، خاصة وان الحديث الذي يدور خلف الكواليس بشأن الأهداف الإستراتيجية والأمنية والسياسية، هو ضرب مراكز القوة لدى الجيش السوري ولا سيما الدفاعات الجوية وإخراج سلاح الطائرات من معادلة الصراع مع المعارضة المسلحة . ويضيفون ان النتيجة ستكون إضعاف القوة السورية وتغيير موازين القوى على الأرض، بعدما تقدم الجيش السوري بنحو لافت بانتصاره في معركة القصير، وبالتالي تفتح أبواب جنيف وغيرها لفرض الشروط الغربية على الحكومة السورية لإيجاد تسوية على مقاس المعارضة . ويمكن التكهن بان هذا السيناريو سيكون مشابهاً مشابه لما حدث في كوسوفو، عندما بدأت قوات حلف الشمال الأطلسي (الناتو) في 24 مارس عام 1999م بقصف يوغوسلافيا، وتواصلت الهجمات الجوية على مدى 78 يوماً إلى أن تمّ التوصل بعدها إلى اتفاق، قضى بالسماح للقوات الصربية بالانسحاب من كوسوفو في 9 يونيو من العام ذاته، وأعطيت مهلة 11 يوماً، وكان من ضمن شروط الاتفاق نشر قوات دولية لحفظ السلام . الا ان هدفاً اخر قد لا يكون بعيداً عن المخططات الأميركية، ويشمل إنشاء حزام جغرافي أمني على الحدود مع فلسطينالمحتلة وعلى الحدود مع تركيا، خاصة وان الإدارة الأميركية تحاول حماية إسرائيل القلقه من سوريا، اضافة الى تأمين منطقة شمالية للمعارضة المسلحة تكون منطلقاً لعمليات عسكرية في الوسط والجنوب . وبين هذا السيناريو وذاك، يرى العديد من المراقبين ان هدفاً رئيسياً واحداً، هو تفتيت سوريا، فمن خلال تصريحات المسئولين الامريكيين بأن إسقاط النظام غير وارد وان بقائه قوياً متماسكاً غير وارد، يبرز الهدف الحقيقي في لعبة البيضة والحجر الأمريكية، وهو تفتيت سوريا الداعمة للمقاومة وإخراجها من المعادلة في منطقة الشرق الاوسط .