صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    صنعاء .. الافراج عن موظف في منظمة دولية اغاثية    لماذا تظل عدن حقل تجارب في خدمة الكهرباء؟!    ميناء الحديدة يستأنف أعماله    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    إتلاف 600 لغم وعبوة ناسفة من مخلفات مليشيا الحوثي الإرهابية بشبوة    قالوا : رجاءً توقفوا !    ناطق الحكومة : اتفاق وقف العدوان الأمريكي انتصار كبير لأحرار اليمن    الامارات تقود مصالحة سورية صهيونية    توقف الرحلات يكلف الملايين يوميا..انخفاضٌ بنسبة 43% في مطار اللد    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    التفاهم بين الحوثيين وأمريكا يضع مسألة فك إرتباط الجنوب أمر واقع    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    الكهرباء أداة حصار.. معاناة الجنوب في زمن الابتزاز السياسي    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    باجل حرق..!    الذكرى الثانية للتوقيع على الميثاق الوطني الجنوبي    عدن تنظر حل مشكلة الكهرباء وبن بريك يبحث عن بعاسيس بن دغر    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    استشهاد امرأة وطفلها بقصف مرتزقة العدوان في الحديدة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    حادث غامض جديد على متن حاملة الطائرات الأمريكية ترومان بالبحر الأحمر    الجيش الباكستاني يعلن تعرض البلاد لهجوم هندي بعدة صواريخ ويتعهد بالرد    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيناريوهات الأمريكية إزاء السلاح الكيميائي في سوريا
نشر في عدن الغد يوم 06 - 05 - 2013


كتب/ إيمان أحمد عبد الحليم

أقرت واشنطن بشكل رسمي ولأول مرة في 25 أبريل 2013، بأن قوات نظام بشار الأسد ربما تكون استخدمت الأسلحة الكيميائية في سوريا ضد قوات المعارضة الساعية لإسقاطه، وجاء هذا الإقرار في رسالة موجهة من البيت الأبيض إلى زعماء مجلسي النواب والشيوخ بالكونجرس، وجاء فيها إن "أجهزة الاستخبارات لديها ثقة -لكن بدرجات متفاوتة- من أن نظام الأسد استخدم السلاح الكيميائي على نطاق ضيق في سوريا"، وذلك مع الاعتقاد بأن النظام قد يكون استخدم غاز الأعصاب "السارين" ضد مقاتلين معارضين، مع مخاوف من أن يتم استخدام مثل هذه الأسلحة على نطاق واسع في حال استطالة أمد الصراع.

تحديات أربعة أمام أمريكا

يطرح استخدام قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد أسلحة كيماوية ضد معارضي النظام أربعة تحديات أمام إدارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" تتمثل في:

أولا: لو ثبت استخدام بشار الأسد السلاح الكيميائي، فإن ذلك يطرح تحديًا يتعلق بمصداقية الولايات المتحدة، لا سيما وأن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" كان قد اعتبر أن استخدام النظام السوري هذا السلاح "خط أحمر".

ثانيًا: أن ضبط النفس الأمريكي وعدم اتخاذ موقف صارم مع اجتياز النظام السوري هذا "الخط الأحمر" قد يجعل استعمال السلاح غير التقليدي أمرًا معتادًا وخصوصًا في الشرق الأوسط، ولربما من جانب الجماعات الإرهابية في المنطقة.

ثالثًا: إذا كان النظام في سوريا قادرًا على استخدام السلاح الكيميائي ضد مواطنيه، فهو قادر -بدرجة أكبر- على استخدامه ضد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وجيرانه في إسرائيل أو الأردن أو تركيا أو حتى العراق.

رابعًا: أن عدم التزام واشنطن ب"الخطوط الحمراء" التي كانت قد وضعتها للنظام السوري سيكون مؤشرًا بالنسبة لإيران أيضًا على مرونة "الخطوط الحمراء" التي أعلنتها الولايات المتحدة والقوى الغربية فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

إعادة النظر في الخيارات الأمريكية تجاه سوريا

في ظل المخاوف والتحديات السابق الإشارة إليها، أعلن الرئيس الأمريكي -في تصريحات له في 30 أبريل- أنه إذا ما ثبت استخدام السلاح الكيميائي فإن ذلك سيدفع بواشنطن إلى إعادة التفكير في نطاق خياراتها بشأن التحرك في سوريا، مشيرًا إلى سيناريوهات وخيارات مختلفة قدمتها وزارة الدفاع الأمريكية للبيت الأبيض خلال عام 2012. غير أنه حذر في الوقت ذاته من اتخاذ قرارات متسرعة بشأن التدخل في سوريا في غياب وقائع محددة وملموسة، فقال: "يجب أن أكون متأكدًا من وجود كل العناصر، وهو ما ينتظره الشعب الأمريكي حاليًّا"، مشددًا على الحاجة إلى إجراء تحقيقات بالتعاون مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة.

ومردّ هذا التردد الذي تبديه الإدارة الأمريكية تجاه الخطوة التي ينبغي اتخاذها حيال سوريا إنما يعود إلى تجربة التدخل العسكري الأمريكي في العراق، والذي استند إلى معلومات تم تفنيدها لاحقًا بشأن امتلاك نظام صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل، وهو الأمر الذي يسعى أوباما إلى تلافيه، خصوصًا وأنه كان قد اعتمد جزئيًّا في انتخابات عام 2008 على معارضته للحرب على العراق. ومن هنا جاءت تأكيدات الإدارة الأمريكية أنها في حاجة إلى دليل مؤكد لا لبس فيه حتى يتسنى للولايات المتحدة التدخل في الصراع السوري.

وتعتقد الإدارة الأمريكية أن تحقيقًا للأمم المتحدة يتمتع بالمصداقية هو أفضل وسيلة للتحقق من استخدام الأسلحة الكيميائية، وفي هذا السياق قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي "كيتلين هايدن" إن بلادها "تضغط حاليًّا من أجل القيام بتحقيقات شاملة تقودها الأمم المتحدة لإعطاء تقييم ذي مصداقية، وتوفير أدلة حول ما جرى هناك. مضيفة "نحن نعمل مع أصدقائنا وحلفائنا والمعارضة السورية للحصول على المعلومات الإضافية المرتبطة بالتقارير التي تتحدث عن استخدام الأسلحة الكيميائية، حتى نتمكن من إثبات هذه الوقائع".

والأمم المتحدة مهتمة بالفعل بدراسة هذا الموضوع، إذ سبق أن شكلت، بناء على طلب سوري أعقبه مطلب فرنسي-بريطاني مشترك، لجنة من خبراء برئاسة السويدي آكي سيلستروم، لمعاينة ثلاث مناطق يعتقد أن السلاح الكيميائي استخدم فيها. لكن هذا المسعى، وإن كان مفضلا لدى الإدارة الأمريكية في الوقت الحالي، فهو يصطدم بعقبتين رئيسيتين تتمثلان في:

العقبة الأولى: عدم التعاون السوري؛ فبعد نحو ستة أسابيع من طلب سوريا إجراء مثل هذا التحقيق لم يتمكن المحققون بعد من دخول البلاد، ذلك أن الحكومة والمعارضة السورية تتبادلان الاتهامات في هجمات مزعومة بأسلحة كيميائية، أحدها وقع في مارس في مدينة حلب، وآخر وقع في حمص في ديسمبر من العام الماضي، وتريد سوريا أن يحقق فريق الأمم المتحدة في هجوم حلب فقط، لكن الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون يريد التحقيق في الحادثين، وهو ما تعيقه دمشق.

العقبة الثانية: رغبة المشرعين الأمريكيين في مجلسي النواب والشيوخ في إنهاء الأزمة السورية، وكان البارز في هذا الشأن دعوة المرشح الرئاسي السابق للانتخابات الرئاسية لعام 2008 والعضو الجمهوري البارز بمجلس الشيوخ الأمريكي "جون ماكين" إلى أهمية التدخل في سوريا لتأمين الأسلحة الكيميائية، والحيلولة دون وقوعها في أيدي الجماعات المتطرفة، على أن يكون ذلك من خلال تشكيل قوة دولية تشارك فيها مجموعة من الدول، وهو توجه سائد داخل أروقة الكونجرس الأمريكي.

السيناريوهات الأمريكية إزاء التدخل في سوريا

في حال قررت واشنطن التدخل في النزاع السوري، فإن التساؤل يثار عن السيناريوهات المحتملة لذلك التدخل، في ظل حرص الولايات المتحدة على ضمان عدم تجاوز "الخطوط الحمراء" بشأن استخدام السلاح الكيميائي في سوريا من جهة، والعوامل التي تدفعها إلى التأني قبل اتخاذ أي عمل عسكري مباشر من جهة أخرى.

وفي ضوء ذلك، يمكن التعرض لثلاثة سيناريوهات رئيسية بشأن الخيارات الأمريكية الممكنة إزاء الصراع السوري، وما يواجهه كل خيار من تحديات.

السيناريو الأول: إرسال قوات برية إلى سوريا:

فقد ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن الولايات المتحدة تستعد لسيناريو إدخال قوات برية إلى سوريا للسيطرة على مخازن الأسلحة الكيميائية المتواجدة هناك، والحيلولة دون وقوعها في أيدي الجماعات الإرهابية، ونقلت عن مسئولين أمريكيين قولهم إن القيام بحملة واسعة النطاق لمعالجة التهديد الكيميائي في سوريا يتطلب إدخال قوات برية على نطاق واسع يشارك فيها ما لا يقل عن 75 ألف جندي من الولايات المتحدة ودول أخرى، وعلى أن تشتمل تلك القوات على وحدات "كوماندوز" خاصة، وقوى استخباراتية، وخبراء في مجال الأسلحة الكيميائية.

ويؤكد احتمالية هذا السيناريو الإعلان عن نشر 200 جندي أمريكي من "الفرقة المدرعة الأولى" في الأردن، بجانب 300 جندي متواجدين بالفعل هناك، بهدف التحضير لإقامة مركز قيادي بالقرب من الحدود السورية-الأردنية، والتخطيط لحشد سريع يشمل 20 ألفًا من القوات الأمريكية أو أكثر بانتظار الأوامر من البيت الأبيض لإمكانية التدخل العسكري المباشر في سوريا. وسيكون من بين هذه القوة وحدات من "القوات الخاصة" والوحدات النظامية التي تحضر لعمليات داخل سوريا، بالإضافة إلى وحدات الدفاع الجوي لصد أي هجمات جوية سورية انتقامية ضد الأردن.

ولكن على الجانب الآخر، فإن المؤشرات على إمكانية التدخل العسكري الأمريكي المباشر في سوريا تبقى ضعيفة للغاية، وذلك في ضوء ما يلي:

أولا: عدد الجنود الأمريكيين الذين أُعلن إرسالهم إلى الأردن هو عدد صغير جدًّا ربما يعزز الاعتقاد بأن تلك القوات ستنفذ فقط عمليات محدودة في سوريا، كأن يتم مثلا توجيه ضربات انتقائية لمخازن الأسلحة الكيميائية أو شنّ هجمات على مواقع المدفعية الثقيلة أو الطائرات القتالية السورية. وذلك مع الإشارة إلى أن الحكومات الأمريكية السابقة كانت قد أرسلت 178 ألف جندي إلى العراق في ذروة الحرب هناك، وأكثر من 30 ألف جندي إلى أفغانستان.

ثانيًا: وفق ما جاء في بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، فإن الجنود الأمريكيين المائتين الذين أعلنت الولايات المتحدة أنها سترسلهم إلى الأردن لا علاقة لهم بما يجري في سوريا، حيث تم التأكيد على أن "هؤلاء الجنود يشكلون المجموعة الأولى من مجموعات أخرى ستشارك إلى جانب قوات من 15 دولة في مناورات "الأسد المتأهب" خلال الأسابيع المقبلة". مع الإشارة إلى أن العاصمة الأردنية عمّان ومدن أخرى تشهد احتجاجات ضد تعزيز الحضور الأمريكي في البلاد.

ثالثًا: على الرغم من حثّ نواب الجمهوريين والديمقراطيين بالكونجرس الأمريكي إدارة أوباما على التدخل فيما يجري في سوريا، فقد أكدوا اتفاقهم على عدم جواز الزج بقوات برية هناك، خصوصًا وأن تلك العملية ستعتبر حال تنفيذها ضخمة جدا وتستغرق أشهرًا طويلة، ولن يحدث هذا من دون خسائر، وهذا ما لا يريد الرئيس أوباما التورط فيه، فضلا عن خشيته من نشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط.

رابعًا: على الرغم من اعتبار الحكومة البريطانية أن "الأدلة المتزايدة" على استخدام النظام السوري لأسلحة كيميائية تعد تصعيدًا "خطيرًا وجريمة حرب"، فقد أعلنت تحفظها على إرسال قوات بريطانية إلى سوريا، فيما تبدي باريس وبرلين حذرًا بشأن المؤشرات على استخدام النظام السوري لتلك الأسلحة؛ إذ تفضل باريس تمكين اللجنة التي عينها بان كي مون، من الذهاب إلى سوريا، والتنقل بحرية من أجل جمع الشهادات والعينات التي من شأنها وحدها تأكيد أو نفي استخدام أسلحة كيميائية، في حين تطالب برلين واشنطن بتوفير معلومات حول أي استخدام للأسلحة الكيميائية في سوريا.

خامسًا: لا شك أن إدخال قوات برية أجنبية إلى سوريا سيواجه بمقاومة عسكرية سورية من جانب نظام الأسد، سواء للدفاع عن المواقع التي يُعتقد تخزين الأسلحة الكيميائية بها، أو لإظهار الحرب على أنها مؤامرة من جانب الغرب، الأمر الذي قد يخدم النظام الذي يتمتع بدعم عسكري ولوجستي واسعين من جانب إيران و"حزب الله"، حتى إن الأمين العام للحزب حسن نصر الله قد توعد صراحة بالتدخل العسكري في هذا الصراع "لنصرة دمشق"، وقال في كلمة بثتها قناة "المنار" اللبنانية التابعة لحزب الله: "إن لسوريا في المنطقة والعالم أصدقاء حقيقيين لن يسمحوا لسوريا أن تسقط في يد أمريكا أو يد إسرائيل أو يد الجماعات التكفيرية"، مشددًا على أنهم "لن يسمحوا بذلك".

ونظرًا للصعوبات السابق الإشارة إليها، فقد أعلن الرئيس أوباما بوضوح خلال مؤتمر صحفي عقده بكوستاريكا في 3 مايو، استبعاد إرسال قوات برية أمريكية إلى سوريا، وقال: "لا أتوقع سيناريو يشمل قوات برية على الأرض في سوريا، إذ إن تواجد الجنود الأمريكيين على الأرض لن يكون جيدًا لأمريكا فحسب، بل بالنسبة إلى سوريا أيضًا".

السيناريو الثاني: إمكانية فرض حظر جوي على سوريا:

أثارت المزاعم بشأن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا الحديث حول إمكانية فرض منطقة حظر طيران فوق سوريا كتلك التي تم فرضها على ليبيا قبيل سقوط نظام معمر القذافي، لا سيما وأن ذلك يمكن معه تلافي إرسال قوات برية إلى سوريا، ولكنه يتطلب اتفاق واشنطن مع حلفائها في الناتو على اتخاذ خطوات موحدة في اتجاه فرض منطقة حظر الطيران، والحصول على موافقة من جانب مجلس الأمن للتدخل في سوريا، الأمر الذي يواجه أيضًا بتحديات من بينها الآتي:

أولا: أن الإقدام على فرض منطقة حظر طيران فوق سوريا عبر قرار من الأمم المتحدة أمر سيواجه بفيتو متوقع من جانب كل من روسيا والصين، وحتى إن قررت واشنطن التدخل عبر مظلة حلف الناتو، فإن الأمين العام للحلف "أندرس فوغ راسموسن" جدد خلال اجتماع وزراء خارجية الناتو في بروكسل في 23 أبريل، رفض الحلف "التدخل في النزاع السوري"، وذلك في حين حذرت شخصيات رفيعة في وزارة الخارجية البريطانية من أن إقامة منطقة آمنة قد يجر إلى حرب شاملة، ذلك أن القوات البريطانية قد تجد نفسها مضطرة للدفاع عن المنطقة الآمنة في حال وقوع هجوم سوري.

ثانيًا: وفقًا لمصادر استخبارية، تعتبر منظومة الدفاع الجوي السورية التي أقيمت بمساعدة روسية من المنظومات المتطورة في العالم، وسوريا تمتلك أيضًا الصواريخ القادرة على حمل رءوس كيميائية، وربما تمتلك مخزونات من القذائف المدفعية الثقيلة المزودة بمواد كيميائية، ولن يحول فرض منطقة حظر طيران دون استخدام القوات البرية السورية لتلك الأسلحة. وقد أوضح رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة "مارتن ديمبسي" أن إمكانية إنشاء منطقة حظر جوي في سوريا ستكون عملية معقدة، وقد تؤدي إلى نتائج سلبية، ووفقًا لأقواله فإن الطائرات الحكومية السورية ليست المشكلة الرئيسية التي تواجه المتمردين، فلا تسبب القوات الجوية سوى 10% من الخسائر التي تلحق بقوات المعارضة، وأضاف أن على الولايات المتحدة في هذه الحالة التحسب من رد فعل حلفاء سوريا في المنطقة، لا سيما إيران و"حزب الله"، والتي قد يأتي ردها في شكل هجمات صاروخية ومدفعية، فضلا عن الهجمات الإلكترونية والأعمال الإرهابية.

السيناريو الثالث: دعم المعارضة عسكريًّا:

يبدو أن تقديم واشنطن الدعم العسكري للمعارضة السورية هو الأرجح، وخصوصًا بعد أن وصلت بالفعل أول شحنة عسكرية أمريكية إلى "الجيش السوري الحر" في الثاني من مايو، وعلى الرغم من أن الدفعة الأولى للمساعدات الأمريكية إلى المعارضة، والتي بلغت قيمتها 250 مليون دولار، اقتصرت على مواد طبية ومناظير الرؤية الليلية ودروع واقية وغذاء، فإن مسألة تسليح المعارضة أضحت من الخيارات التي تدرسها الإدارة الأمريكية جيدًا بعد رفضها هذه الفكرة في السابق، وذلك بحسب وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل.

وأيضًا تشير مصادر في الإدارة الأمريكية، إلى أن أوباما يميل إلى خطة إرسال أسلحة "فتاكة" إلى المعارضين السوريين، ولكن شريطة التأكد من أنهم لا ينتمون إلى منظمات إرهابية وجهادية، وأن السلاح لن يشكل خطرًا على الولايات المتحدة وأصدقائها مثل إسرائيل. فلا يزال ثمة قلق من التقدم الذي يحرزه المتطرفون الإسلاميون داخل المعارضة، وخاصة "جبهة النصرة" التي أعلنت مبايعتها للقاعدة مؤخرًا.

وتجدر الإشارة كذلك إلى أن باريس ولندن تبديان حماسة من ناحية تسليح المعارضة، وقد بادرت الأخيرة إلى رفع جزء من الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على توريد السلاح لسوريا بالشكل الذي يتيح إرسال معدات "غير فتاكة" لقيادة الأركان في "الجيش السوري الحر"، وإن كان الموقف الألماني في المقابل يبدو مترددًا حيال هذا الأمر، حيث أعلنت المستشارة أنجيلا ميركل أن موقف بلادها من توريد الأسلحة إلى سوريا لم يتغير، مؤكدة أن ألمانيا ما زالت تقف ضد تزويد المعارضين بالأسلحة.

ونظرًا للصعوبات السابق الإشارة إليها، وحتى مع ترجيح سيناريو دعم المعارضة العسكرية المعتدلة في سوريا، فإن الإدارة الأمريكية لا تزال على محاولاتها التوصل إلى اتفاق سياسي قادر على إنهاء الصراع في سوريا، ووقف الضغوط المتزايدة من الكونجرس ودول الجوار لتدخل أمريكي أكبر في الصراع، وهو ما يتطلب تشاورًا خاصًّا مع موسكو، وذلك مع محاولة إقناع مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، بالبقاء في مهمته، والعدول عن نيته الاستقالة، في إطار محاولة التوصل إلى حل سياسي للصراع.
عن/ المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.