تؤكد غالبية التقارير الطبية والتي أجريت لمعرفة أسباب وفاة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ان مادة سامة كانت السبب في المرض المفاجئ الذي آلم بالزعيم الفلسطيني أواخر العام 2004م وتدهور صحته بشكل سريع، ومن ثم وفاته في مستشفى /بريسي دو كلامار/ العسكري الفرنسي بباريس في 11 نوفمبر 2004م . ولعل ابرز التقارير التي أكدت ذلك، التقرير السويسري حول أسباب وفاة عرفات والذي أكد وجود نسبة عالية من مادة البلوتونيوم السامة في عينات رفات وملابس عرفات، رغم عدم ذهابه إلى حد التأكيد بأن الوفاة كانت بسبب عملية تسمم بالبلوتونيوم. وفي خلاصة التقرير الذي توصل إليه الخبراء والذين سهروا على إعداده، أوضح مدير المركز الجامعي الرومندي للطب الشرعي البروفسور باتريس مانجان في ندوة صحفية عقدها يوم الخميس الماضي في مدينة لوزان بسويسرا "أن النتائج التي تم التوصل إليها تدعم بشكل منطقي أن الوفاة كانت نتيجة لتسمم بمادة البلوتونيوم 210". وأضاف البروفيسور مانجان في الندوة والتي نظمها مع مدير معهد الفيزياء الإشعاعية التطبيقية السويسري البروفسور فرانسوا بوشو "أن النتائج التي تم التوصل إليها، أكثر تلاؤما مع هذا الاحتمال، بدل الاحتمال المعاكس". فيما اكد البروفسور فرانسوا بوشو والذي شارك في تحليل العينات المأخوذة من رفات وملابس الزعيم الفلسطيني، ان اسباب الوفاة من منظور علمي، كانت التسمم، على الرغم من عدم امكانية التأكيد بأن الوفاة كانت بسبب مادة البلوتونيوم. وجاء التقرير الروسي والذي أعدته الوكالة الفدرالية الروسية للتحليلات البيولوجية بطلب من السلطات الفلسطينية، ليؤكد بان مادة سامة كانت وراء وفاة الزعيم الراحل، وذلك على الرغم من ان التقرير الروسي أفاد بأن التحاليل لا تعطي دلائل كافية يعتمد عليها لتحدد بأن /البلوتونيوم 210/ هو فعلاً سبب الوفاة. ويرجع الخبراء سبب التباين في التقييم رغم اعتماد المختبرين الروسي والسويسري على نفس العينات، الى استخدام كل مختبر لتقنيات تقييم مختلفة . وعلى الرغم من تشديد الخبراء على أن هناك عوامل كثيرة عقدت عملية التحليل كإتلاف المستشفى الفرنسي للعينات البيولوجية التي تم أخذها أثناء إقامة عرفات به في آخر أيام حياته، ومرور أكثر من 8 سنوات ما بين وفاة الزعيم الفلسطيني وإعادة أخذ عينات جديدة من رفاته وملابسه، وهو ما يؤدي علمياً إلى تلاشي نسبة تركيز مادة البلوتونيوم بشكل كبير، على الرغم من ذلك كله، يجمع كل من الخبراء الروس والسويسريين على أن العينات التي تم فحصها أكدت تواجد نسبة عالية من مادة البلوتونيوم. وقد أكد ذلك البروفيسور السويسري بوشو في الندوة الصحفية والتي قال فيها "إننا فوجئنا بارتفاع نسبة تركيز البلوتونيوم بشكل مهم أكثر مما كنا نتوقع" .. مشيراً الى ان ذلك ذكر في التقرير بشكل مفصل، حيث وان التقرير السويسري لفت الى وجود نسبة تفوق بعشرين مرة نسبة تركيز مادة /البلوتونيوم 210/ في ملابس الرئيس عرفات، وبحوالي 18 مرة في عظامه، عما من المفترض وجوده في الحالات العادية . وخلاصة التقرير أن الخبيرين السويسريين يتفقان من خلال ما تم التوصل إليه، أن "الاحتمال الأكثر مصداقية في سبب وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، هو التسمم بمادة البلوتونيوم". حيث أنهم يستبعدون إمكانية تناول جرعة بلوتونيوم عن طريق الخطأ، وهو ما اكد الطبيب البريطاني ديف باركلي الذي شارك في إعداد قسم من التقرير بانه /سلاح الجريمة/ قائلاً في تصريح لبعض وسائل الإعلام "بأن سلاح الجريمة تم العثور عليه. وأن ما لا نعلمه هو من استخدم ذلك السلاح". ونظراً للتعقيدات التي واجهتها لجان التحقيق، تتجه الأنظار حالياً إلى نتائج تحليل العينات التي أخذها المستشفى الفرنسي أثناء علاج الرئيس عرفات في بيرسي عام 2004م، بعدما طلبت الحكومة الفلسطينية من السلطات الفرنسية تحليل تلك العينات. ويأتي هذا الطلب بعدما كان الأطباء الفرنسيين قد أكدوا في تقرير لهم، عدم إمكانية تسجيل تطور للمرض الذي أصيب به الرئيس الفلسطيني الراحل بهذه السرعة، وهو ما يعني أنه كانت هناك مادة سمية . وقد تعالت على اثر تلك التقارير، عدة أصوات إسرائيلية تنفي تورط إسرائيل في وفاة الزعيم الفلسطيني، وقال وزير الطاقة في حكومة الاحتلال الاسرائيلي سيلفان شالوم والذي كان يشغل في عام 2004م منصب وزير الخارجية وعضو مجلس الأمن الداخلي " لم نتخذ أبداً أي قرار بالتعرض جسدياً لعرفات". أما رعنان غيسين مستشار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي آنذاك آرييل شارون الذي كان قد عبر عن أسفه "لرؤية أن عرفات لا يزال على قيد الحياة" فقد أوضح، ان شارون كان قد اصدر تعليمات باتخاذ كل التدابير لكي لا تُتهم إسرائيل بوفاة عرفات، وكان من بينها السماح بنقل عرفات الى مستشفى بيرسي الفرنسي عندما علم بأنه يحتضر . وفيما يلي التسلسل الزمني لوفاة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات : 11 نوفمبر 2004م : وفاة عرفات في مستشفى /بيرسي دو كلامارت/ بالقرب من باريس، عن عمر يناهز 75 عاماً، بعد أن تم نقله من مقر قيادته في رام الله بالضفة الغربية، حيث كان يعيش محاصراً من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ ديسمبر 2001م. 14 نوفمبر 2004م : وزير الصحة الفرنسي ينفي احتمال تسمم الرئيس الفلسطيني الراحل في أعقاب ظهور اتهامات تشير إلى تورط إسرائيل. 22 نوفمبر 2004م : حفيد عرفات ناصر القدوة، وعلى الرغم من معارضة أرملة عرفات السيدة سهى عرفات، يحصل على نسخة من التقرير الطبي الذي لا يشير إلى أية آثار تسمم. ولكنه رفض التسليم بذلك. 30 مارس 2009م : شرعت لجنة تحقيق فلسطينية في بحث ظروف وفاة الرئيس عرفات. 3 يوليو 2012م : ظهور نظرية التسمم من جديد بعد نشر وسائل اعلام فيلم وثائقي يتحدث عن توصل معهد الفيزياء الإشعاعية بمدينة لوزان السويسرية إلى تحديد نسبة غير عادية من مادة البولونيوم في أغراض الرئيس عرفات التي تسلمتها من المستشفى. 31 يوليو 2012م : تقدمت السيدة سهى عرفات بشكوى قضائية ضد مجهول بتهمة القتل أمام محكمة نانتير في ضواحي باريس . 28 أغسطس 2012م: فتح المحاكمة والكشف عن تفاصيل التقرير الطبي الذي حرّر في 14 نوفمبر 2004م، والذي يشير إلى التهاب معوي، وصعوبة تجلط الدم، ولكن بدون تحديد طبيعة أسباب الوفاة. 24 نوفمبر 2012م : تم فتح قبر الرئيس عرفات وأخد حوالي 60 عينة، وتوزيعها على ثلاثة مختبرات في فرنسا وسويسرا وروسيا. 14 أكتوبر 2013م: أكد الخبراء السويسريون في مقال بمجلة /لانسيت/ الطبية البريطانية إمكانية الوفاة "بسبب مادة مشعة". 6 نوفمبر 2013م : أكدت تحقيقات المختبر السويسري "الدعم بشكل متوسط احتمال وقوع الوفاة بسبب تسمم بمادة البولونيوم 210" . 7 نوفمبر 2013م: الخبراء السويسريون يؤكدون في ندوة صحفية في لوزان بأن "نظرية التسمم بالبولونيوم هي أكثر انسجاماً مع النتائج التي توصلوا إليها، ولو أنهم غير قادرين على التأكيد بأن هذه المادة هي التي تسببت في الوفاة".