في خطوة من شأنها تخفيف حدة السجال السياسي الذي تشهده تركيا اثر فضيحة الفساد المالي التي اطاحت بثلاثة وزراء من الحكومة اعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان تغييرا وزاريا واسعا طال 10 وزراء . وجاء اعلان اسماء الوزراء الجدد بعد تصديق الرئيس عبدالله غول على التشكيلة الجديدة اثر اجتماعه باردوغان الليلة الماضية على وقع فضيحة الفساد المالي والاحتيال التي تعصف بالحكومة اثر تورط ابناء ثلاثة وزراء مستقلين وكبار المسؤولين ورجال اعمال بعمليات رشى وتزوير واحتيال. ودخل الحكومة تسعة وزراء جدد من بينهم امراة في ما اسند منصب وزير العدل الذي شغر بعد ترشح سعدالله ارغين للانتخابات البلدية المقررة بعد ثلاثة اشهر الى نائب رئيس الوزراء الحالي بكير بوزداغ. وجاء في منصب نائب رئيس الوزراء ضمن التعديل الجديد امر الله ايشلر الذي يتقن التحدث باللغة العربية بطلاقة كما جاء نهاد زيابكجي وزيرا للاقتصاد بدلا من المستقيل ظفر جاغلايان فيما دخل افكان علا وزيرا للداخلية بدلا من معمر غولار الذي استقال امس بسبب تورط ابنه في فضيحة الرشى والاحتيال. ودخل ادريس غولوجي وزيرا للبيئة والتخطيط العمراني بدلا اردوغان بيرقدار الذي استقال ايضا امس لورود اسم ابنه وكبار المسؤولين في وزارته ضمن قائمة المتهمين بفضيحة الرشى بينما عينت عايشة اسلام وزيرة للسياسات الاجتماعية والاسرة وعين مولود جاوز اوغلو وزيرا لشؤون الاتحاد الاوروبي. واسند منصب وزير العلوم والصناعة والتكنولوجيا الى فكري اشيق الذي كان يتراس لجنة التعليم والثقافة في البرلمان في حين اسند منصب وزارة الشباب والرياضة الى عاكف تشاقتاي. ولم يتم استحداث اي منصب وزاري جديد في التعديل الذي صدقه الرئيس لتحافظ بذلك الحكومة على تركيبتها المكونة من 21 وزيرا اضافة الى اربعة نواب لرئيس الوزراء. وياتي التعديل الوزاري الذي كان متوقعا قبل الكشف عن قضية الفساد المالي لمواجهة استحقاقات ترشح وزيرين للانتخابات المحلية المقرر اجراؤها في مارس المقبل ولضخ دماء شابة في الحكومة لكن فضيحة الفساد التي اجبرت ثلاثة وزراء على الاستقالة دفعت اردوغان الى اجراء تغيير واسع من اجل امتصاص حدة الانتقادات الشعبية والنيابية لتورط اطراف في الحزب الحاكم بالفضيحة. وندد اردوغان الذي كان يتحدث امام كوادر حزبه العدالة والتنمية ب "مؤامرة واسعة النطاق" لزعزعة استقرار البلاد واقتصادها. وقال "هناك بعد دولي لكل هذه المؤامرة، انها قضية تم تقديمها على شكل عملية قضائية ولكنها في الواقع تهدف الى تقويض مستقبل تركيا". وكان اردوغان الذي استقبله الالاف من انصاره في المطار مساء الثلاثاء اكد امام مستقبليه في المطار "عندما يواصلون وضع الافخاخ ( ... ) فهذا لن يؤثر علينا، نحن سنواصل طريقنا الذي نعتقد انه الاتجاه الصحيح". وبدأت الأزمة في 17 ديسمبر عندما ألقي القبض على عشرات الأشخاص، من بينهم رئيس بنك خلق المملوك للدولة بتهم فساد. ووضعت الأزمة اردوغان في مواجهة مع السلطة القضائية وأشعلت مجدداً المشاعر المناهضة للحكومة التي تجيش بها صدور معارضين منذ احتجاجات حاشدة في الشوارع في منتصف 2013. وجاء توقيت الاستقالات الوزارية في يوم عيد الميلاد ليخفف من تأثيرها على تركيا في الأسواق الدولية المتوقفة بسبب العطلة، لكن مؤشر البورصة التركية أغلق منخفضا 4.2 في المائة في حين تراجعت الليرة إلى 2.0862 أمام الدولار. في هذه الأثناء فتح مدعون أتراك تحقيقا في شبهات بوجود فساد في طلبات عروض أجرتها الإدارة العامة للسكك الحديدية بالتزامن مع الفضيحة السياسية والمالية التي تهز الحكومة التركية وتهدد بسقوطها. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان لنيابة أنقرة قوله "إن مكتب النائب العام في انقرة بدأ تحقيقا في معلومات بشأن بعض طلبات العروض للشركة العامة للسكك الحديدية". بدورها تحدثت صحيفة جمهوريت التركية أمس عن عمليات اختلاس كبيرة واكبت العديد من العقود التي وقعتها هذه الشركة التي يعين حزب العدالة والتنمية الحاكم كوادرها. من جانب آخر استخدمت الشرطة التركية الغاز المسيل للدموع أمس في مدينة اسطنبول لتفريق آلاف المتظاهرين الذين خرجوا مطالبين باستقالة أردوغان. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الشرطة التركية استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في حي كاديكوي على الضفة الآسيوية للمدينة التركية. وتجمع المتظاهرون بدعوة من عشرة أحزاب ومنظمات قريبة من المعارضة وأطلقوا شعارات مناهضة لأردوغان . وهتف المتظاهرون "الفساد في كل مكان" و"المقاومة في كل مكان" مستعيدين شعارات استخدمت خلال المظاهرات الحاشدة المناهضة للحكومة والتي شهدتها تركيا في يونيو الماضي. وقالت وسائل الاعلام التركية إن تجمعات أخرى مناهضة للحكومة نظمت أمس في حي بيسيكتاس في اسطنبول على مقربة من مقر رئيس الوزراء على الضفة الاوروبية للمدينة وكذلك في العاصمة انقرة ومدينة ازمير في غرب البلاد. ووجهت دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي لتنظيم مظاهرة أخرى ضد الفساد وأردوغان الجمعة المقبل في ساحة تقسيم مركز الحركة الاحتجاجية في يونيو الماضي.