تزايدت وتيرة الإقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى المبارك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، وذلك بهدف فرض السيادة الكلية عليه وتقسيمه زمانياً ومكانياً بين المسلمين واليهود، وكذلك بناء الهيكل المزعوم. واقتحم عشرات المستوطنين المتطرفين، اليوم الأحد، المسجد الأقصى المبارك برفقة حاخامات وحراسة أمنية مشدّدة من قبل قوات شرطة الاحتلال الإسرائيلي. وقالت مؤسسة "الأقصى للوقف والتراث" في بيان لها، اليوم الأحد، إن حوالي 55 مستوطناً يهودياً اقتحموا باحات المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة برفقة حاخامات يهود قاموا بتقديم شروحات توراتية عن "الهيكل المزعوم". وأشارت إلى أن المسجد الأقصى شهد حالة من التوتر الشديد بسبب الاقتحامات المتواصلة والأعمال الاستفزازية التي يقوم بها المستوطنون بحق المصلين المرابطين وطلبة العلم المتواجدين في المسجد. ولفتت المؤسسة، إلى أن الأقصى بات يشهد بشكل شبه يومي عمليات اقتحام وانتهاك من قبل المستوطنين اليهود وأذرع الاحتلال المختلفة، في محاولة لبسط السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليه وتقسيمه زمانياً ومكانياً بين المسلمين واليهود. وقاد الحاخام المتطرف "يهودا غليك" اقتحام اليوم للأقصى المبارك على رأس مجموعة من المستوطنين اليهود، من جهة باب المغاربة.. وتولى تقديم شروحات حول رواية وأسطورة الهيكل المزعوم مكان الاقصى المبارك، في حين توالت اقتحامات المستوطنين "عبر مجموعات صغيرة ومتلاحقة" للمسجد وتنفيذ جولات استفزازية في العديد من مرافق وباحات المسجد. وكانت لجنة الداخلية في الكنيست الإسرائيلية قد أقرت رسميا الأربعاء الماضي إقامة لجنة فرعية تخصصية مهمتها تنفيذ قرارات الحكومة الإسرائيلية بشأن اقتحامات اليهود للمسجد الأقصى وفحص إمكانية "صعودهم" إليه بشكل يومي ولمدة ثلاث ساعات ونصف، فضلا عن تهيئة المناخ للاقتحامات التي تتزامن مع المناسبات اليهودية مثل عيد الفصح العبري القريب. وحذرت مؤسسة الأقصى من تبعات وتداعيات الدعوات التي أطلقتها "منظمات الهيكل المزعوم" لتكثيف وزيادة اقتحامات وتدنيس المسجد الأقصى. واعتبرت هذه الدعوة تصعيدًا وتحريضًا إضافيًا لاستهداف الأقصى، ودليل واضح على ما يُدبر له في الأيام القادمة، مؤكدة أن مطلب الوقت هو مزيد من تكثيف شدّ الرحال إلى المسجد، ومزيد من التواصل والتواجد اليومي والباكر، لتشكيل حماية بشرية متواصلة تدافع وتحمي حرمته. كما حذر مفتي القدس والديار الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ محمد حسين من قرار لجنة الداخلية في "الكنيست" الإسرائيلي القاضي بتشكيل لجنة تتولى تنظيم مواعيد وبرامج اقتحامات وصلوات المتطرفين اليهود في المسجد الأقصى، ولا سيما في فترة "عيد الفصح" اليهودي ، والتي تهدف لتقسيم الأقصى. وكانت منظمات الهيكل المزعوم قد أطلقت دعواتها بداية مارس الجاري "لتكثيف وزيادة اقتحامات وتدنيس المسجد الاقصى، مشفوعة بإيراد عدد من "الفتاوى الدينية" اليهودية، التي تحض وتشجع اقتحامات الاقصى، مرفقة بخارطة وتعليمات تفصيلية بهذا الخصوص، وقد وردت هذه الدعوات ضمن مجلة خاصة وزعت السبت الأخير في جميع الكنس اليهودية في أنحاء إسرائيل. كما دعت "منظمات الهيكل المزعوم" اليوم الأحد إلى المشاركة الثلاثاء المقبل في مؤتمر تعقده غربي القدسالمحتلة بعنوان "فرض السيادة على المسجد الأقصى"، بحضور نائب رئيس الكنيست "موشيه فيجلن"، وعدد من الحاخامات اليهود. ووفق ما أعلنته تلك المنظمات فإن المؤتمر سيتناول ما طرح داخل الكنيست الشهر الماضي بشأن مشروع قانون لفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على المسجد الأقصى بدلًا من الأردنية. يذكر أن المسجد الأقصى شهد منذ مطلع العام الحالي عدداً كبيراً من اقتحامات المستوطنين اليهود له، كما شهد خلال الأيام الفائتة إعلان أربع حالات زفاف صهيونية من داخل المسجد، وجولات تلمودية شبه يومية داخل المسجد قام بها معهد هليبا الصهيوني الذي أسسه الراب المتطرف "يهودا غليك" في شهر اكتوبر 2013. وقال مركز حقوقي فلسطيني إن أكثر من 1600 إسرائيلي اقتحموا المسجد الأقصى خلال الشهرين الماضيين فقط وعلى رأسهم وزير الإسكان الإسرائيلي "أوري آرئي"، ونائب رئيس الكنيست "موشيه فيغلين". وشهد مارس الجاري المزيد من الاقتحامات للأقصى.. ففي 2 مارس اقتحم نحو 75 مستوطنا برفقة "غليك" الاقصى، ونظموا جولة في أنحاء متفرقة من باحاته، تلقوا خلالها شروحات عن الهيكل المزعوم وذلك وسط حراسة مشددة لقوات شرطة الاحتلال والوحدات الخاصة.. وأدوا صلوات ورقصات تلمودية خارج الأقصى قبالة باب السلسلة. في حين شارك مئات المستوطنين وأفراد الجماعات اليهودية في مسيرة تهويدية حول أبواب المسجد الأقصى في 3 مارس يتقدمهم عدد من الحاخامات، وذلك بما أسموه "مسيرة الأبواب" الدورية بمناسبة بداية الشهر العبري.. وتمت المسيرة بحراسة مشددة من قوات الاحتلال، التي كانت قد أغلقت الشوارع المذكورة ومنعت المقدسيين من الاقتراب من مسارها. وفي نفس اليوم اعتقلت شرطة الاحتلال أحد طلاب مصاطب العلم في المسجد الأقصى المبارك أثناء اقتحام نحو 11 من المستوطنين باحات المسجد. وفي 4 مارس اقتحم نحو 46 مستوطنًا وضابط مخابرات إسرائيلي المسجد من جهة باب المغاربة بحماية مشددة من شرطة الاحتلال الخاصة، ونظموا جولة مشبوهة في باحاته. وفي5 مارس قام نحو 75 طالبًا يهوديًا و47 مستوطنا متطرفا باقتحام المسجد الأقصى، ونفذوا جولات مشبوهة في باحاته وسط حراسة مشددة من شرطة الاحتلال الخاصة. أما في 6 مارس فقد تم الاعتداء بالضرب على طالب في مشروع "مصاطب العلم" من مدينة القدس، واصابته بعد أن اقتحم 64 عنصرا احتلاليا "مستوطنين وطلاب مدارس يهود" المسجد الاقصى وقاموا بجولة في أرجائه برفقة حاخامات وقوات معززة من الشرطة، وتلقوا شروحات حول تاريخ ومعالم الهيكل المزعوم. هذا وكانت مؤسسة الأقصى قد ذكرت في إحصاءات توثيقية نشرتها الشهر الماضي "أن عدد المقتحمين للأقصى من عناصر الاحتلال في يناير الماضي، بلغ 1061 مقتحماً، فيما بلغ عددهم خلال فبراير نحو 659 مقتحماً". وتعد اقتحامات العام الماضي للمسجد الأقصى المبارك هي الأكبر في تاريخه منذ احتلاله.. حيث أشارت إحصائية أصدرتها شرطة الاحتلال الصهيوني العاملة في المسجد الأقصى المبارك إلى تصاعُد اقتحامات المستوطنين إلى المسجد المبارك في العام الماضي. وأوضحت الإحصائية أنه خلال عام 2010 اقتحم المسجد الأقصى نحو 5,792 مستوطن يهودي، و401,872 سائح صهيوني. وفي العام 2012 اقتحم المسجد الأقصى 7,724 مستوطن يهودي، و312,302 سائح صهيوني. لكن في العام 2013 اقتحم المسجد الأقصى 8,528 مستوطن يهودي، و282,012 سائح صهيوني وهو ما يشير إلى تصاعدٍ كبير في الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى. من جهة أخرى، أضاف معهد هليبا الصهيوني "حرية اليهود في جبل الهيكل" أرقاما إضافية لهذه الإحصائيات. وقال مدير المعهد الحاخام المتطرف "يهودا غليك" في هذا السياق، إن عدد الذين اقتحموا المسجد الأقصى من اليهود خلال عام 2013 بإضافة الجنود الصهاينة لهم واليهود العلمانيين والمتدينين بحسب إحصائيات منظمات المعبد بلغ أكثر من 20000 يهودي. ويعتبر هذا الرقم وهذه الأعداد هي الأكبر في تاريخ المسجد الأقصى منذ احتلاله عام 1967م. ولفت مركز هليبا الصهيوني إلى أنه يعدّ خلال هذا العام 2014 برنامجا لتمكين كل اليهود من اقتحام الأقصى، وتحفيزهم على ذلك بكل الوسائل. وكشفت صحيفة عبرية في استطلاع للرأي من معهد متخصص يفيد بأن 78 المائة من أتباع التيار الديني الصهيوني يؤيدون اقتحام الأقصى أو ما سموه "الصعود الى جبل الهيكل" "المسمى الاحتلالي الباطل للمسجد الاقصى"، وأن 73 في المائة من هذا التيار قالوا بأنهم كانوا سيؤدون الصلوات اليهودية في الاقصى إن سنحت لهم الفرصة. هذا وتجري جهود وتحركات عربية وإسلامية لإيقاف التجاوزات الإسرائيلية في القدس عبر آليات الأممالمتحدة ومجلس الأمن، وتقارير رسمية تظهر أرقام ضخمة لنسب الاستيطان ولمرات اقتحام ساحات المسجد الأقصى. وعبرت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" في بريطانيا الخميس الماضي عن قلقها من استمرار الاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين على المسجد الأقصى ومحاولات الاحتلال السيطرة عليه خلال فترات الصباح. ودعت المنظمة صناع القرار في العالم وأمين عام الاممالمتحدة لوضع حد لهذه الإنتهاكات التي تمثل جرائم حرب إذ أن المساس بالمسجد الأقصى يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين. وأعربت لجنة الأممالمتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، عن إدانتها لتأجيج التوترات في القدسالمحتلة، وخصوصاً تزايد دخول المتطرفين وقادة الاحتلال، بما في ذلك المسؤولون الحكوميون، إلى باحات المسجد الأقصى. ودانت مجموعات إقليمية في الأممالمتحدة بينها منظمة التعاون الإسلامي الاعتداءات "الإسرائيلية" على المسجد الأقصى المبارك.