اعلنت روسيا عن رغبتها في التوصل لحل دبلوماسي للأزمة الأوكرانية، غير أنها أكد أن سلطات شبه جزيرة القرم شرعية، فيما اعربت العديد من الدول الغربية -بينها أميركا وألمانيا وفرنسا- عن رفضها إجراء استفتاء في شبه جزيرة القرم الأوكرانية الذي يُرجح أن يفضي إلى ضمها لروسيا. وذكرت رئاسة الحكومة البريطانية أمس الأحد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال اتصال هاتفي برغبته في التوصل إلى حل دبلوماسي لأزمة أوكرانيا، وأكد أن استقرار هذا البلد من مصلحة الجميع. ووفقا لذات المصدر، فإن بوتين سيناقش اليوم الاثنين مع وزير خارجيته سيرغي لافروف اقتراح إنشاء مجموعة اتصال دولية بخصوص هذه الأزمة. وفي مقابل خطاب التهدئة الذي تبناه الرئيس الروسي مع كاميرون، أكد بوتين في مكالمة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن السلطة في شبه جزيرة القرم جنوبيأوكرانيا شرعية. وأوضح الرئيس الروسي أن الإجراءات التي اتخذتها تلك السلطات تستند إلى معايير القانون الدولي، في إشارة إلى الاستفتاء على مصير شبه الجزيرة. يذكرا ن شبه جزيرة القرم في أوكرانيا اصبحت محور أسوأ مواجهة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة. ففي أواخر القرن الثامن عشر ضمت الامبراطورة كاثرين شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود في جنوبأوكرانيا إلى الامبراطورية الروسية مع بقية أراضي أوكرانيا. وسرعان ما تأسست القاعدة البحرية الروسية في البحر الأسود في سيفاستوبول في أعقاب ذلك. وسقط أكثر من نصف مليون قتيل في حرب القرم بين عامي 1853 و1856 بين روسيا والامبراطورية العثمانية التي كانت تحظى بتأييد بريطانياوفرنسا. وأعادت هذه الحرب تشكيل أوروبا ومهدت الطريق للحرب العالمية الأولى. وفي عام 1921 أصبحت شبه الجزيرة جزءا من الاتحاد السوفيتي وكان أغلب سكانها في ذلك الوقت من التتار المسلمين. وقام الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين في نهاية الحرب العالمية الثانية بترحيل التتار بأعداد كبيرة بدعوى تعاونهم مع النازي. وأصبحت القرم جزءا من روسيا داخل الاتحاد السوفيتي حتى عام 1954 عندما تنازل عنها نيكيتا خروشوف الأوكراني خليفة ستالين لاوكرانيا إحدى الجمهوريات السوفيتية. ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 حدثت بعض المشاحنات السياسية بين موسكو وكييف حول وضع القرم. وتمنح قاعدة البحر الأسود في سيفاستوبول موسكو منفذا على البحر المتوسط كما أن المنطقة قاعدة للأسطول الأوكراني الذي تألف من بعض وحدات الاسطول السوفيتي مثل أسطول روسيا . وتستأجر روسيا القاعدة في سيفاستوبول من أوكرانيا وتم عام 2010 ابرام اتفاق جديد يهدف لاستمرار الوضع الحالي حتى عام 2042 وذلك مقابل تخفيضات في أسعار امدادات الغاز الروسية. وفرضت الحكومة الأوكرانية قيودا في إطار الاتفاق ومنذ ذلك الحين عززت روسيا ميناء نوفوروسيسك المطل أيضا على البحر الأسود ليستوعب سفنا حربية. وتتصل شبه الجزيرة الجبلية ببقية أوكرانيا عن طريق شريط ضيق من الارض في شمال القرم. وإلى الشرق يفصلها عن روسيا مضيق كيرش. وتنوي روسيا بناء جسر عبر المضيق. وتبلغ مساحة القرم 27 ألف كيلومتر مربع وتقل قليلا عن مساحة بلجيكا. والقرم هي المنطقة الوحيدة في أوكرانيا التي تتمتع رسميا بالحكم الذاتي وعاصمتها سيمفروبول. ولسيفاستوبول وضع خاص في أوكرانيا. فيما يبلغ تعداد سكانها حوالي مليوني نسمة. وقد أظهر إحصاء سكاني عام 2001 أن نحو 58 في المئة من السكان من أصول روسية و24 في المئة من أصل أوكراني و12 في المئة من التتار الذين يؤيدون الحكومة الجديدة المؤيدة للغرب في كييف. وامام الاصرار الروسي على انضمام القرم قالت المستشارة الألمانية إن الاستفتاء المقرر في شبه الجزيرة غير شرعي، ويتنافى مع الدستور الأوكراني والقانون الدولي.من جانبه، أبلغ الرئيس الصيني جي جين بينغ نظيره الأميركي باراك اوباما والمستشارة الألمانية أنه يتعين على كل الأطراف العمل بهدوء والتزام ضبط النفس في الأزمة الأوكرانية لتجنب التصعيد، ودعا إلى حل سياسي.من جانبه، أبلغ الرئيس الصيني جي جين بينغ نظيره الأميركي باراك اوباما والمستشارة الألمانية أنه يتعين على كل الأطراف العمل بهدوء والتزام ضبط النفس في الأزمة الأوكرانية لتجنب التصعيد، ودعا إلى حل سياسي.وأعلن البيت الأبيض الأميركي أن أوباما سيلتقي الأربعاء رئيس وزراء أوكرانيا ارسيني ياتسينيوك للتعبير عن تأييد واشنطن للسيادة الأوكرانية. وأعلنت فرنسا أن الرئيس فرانسوا هولاند اتفق مع نظيره الأميركي -خلال اتصال هاتفي- على اتخاذ إجراءات جديدة في حال عدم تحقيق تقدم نحو حل الأزمة الأوكرانية. وطالب الرئيسان بسحب روسيا لقواتها التي أرسلتها إلى القرم الشهر الماضي، وعلى ضرورة القيام بكل ما هو ممكن لنشر مراقبين دوليين في أوكرانيا. من جهة ثانية، قال رئيس الوزراء الأوكراني إن بلاده لن تفرط في سنتيمتر واحد من ترابها. وأوضح أن الرئيس الروسي يعرف ذلك، وأن أوكرانيا بلد مسالم وسيسعى لحل الأزمة بالطرق الدبلوماسية. وفي القرم، دعا رئيس وزراء شبه الجزيرة سيرغي أكسيونوف سكان مدينة أوديسا جنوبيأوكرانيا إلى تشكيل مجموعات للدفاع الذاتي، كما دعا سكانها لأن يحذوا حذو شبه جزيرة القرم، وقال إن شبه جزيرة القرم مستعدة لتقديم المساعدة لسكان أوديسا عند الضرورة. وفي خطوة جديدة باتجاه فك الارتباط بكييف، قررت سلطات القرم وقف بث كافة القنوات التلفزيونية الأوكرانية وبث القنوات الروسية الرئيسية بدلا منها. ونقلت وسائل إعلام روسية عن وزير الإعلام بحكومة القرم دميتري بولونسكي قوله إن السلطات قررت وقف بث القنوات الأوكرانية لأسباب قانونية وأخلاقية، وأوضح أن المجلس الأعلى للقرم (البرلمان) قرر الانضمام لروسيا الاتحادية ومن المتوقع تأكيد ذلك في استفتاء الأحد المقبل، وبالتالي فإن القوانين الأوكرانية لم تعد سارية المفعول في القرم. من جانبهم، نظم سكان مدينة لوغانسك شرقي أوكرانيا مظاهرة منددة بسلطة كييف شارك فيها نحو ثلاثة آلاف شخص. وقد تمكن الناشطون من السيطرة على مبنى المحافظة وقاموا بإقالة المحافظ الذي عينته كييف، كما طالب المحتجون بإجراء استفتاء بشأن تحويل أوكرانيا إلى فدرالية ومنح الروسية صفة اللغة الرسمية الثانية في البلاد.