تفاقمت الأزمة السياسية في أوكرانيا وذلك بعد موافقة المجلس الاتحادي الروسي /البرلمان/ على استخدام القوات المسلحة في أوكرانيا، بينما توالت ردود الفعل الدولية الرافضة للخطوة الروسية، داعية إلى تغليب الحوار لحل الأزمة. وأيد المجلس الاتحادي الروسي طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إستخدام القوات المسلحة الروسية على أراضي أوكرانيا حتى عودة الإستقرار السياسي والإجتماعي إلى هذا البلد. وكلفت رئيسة مجلس الإتحاد الروسي فالينتينا ماتفيينكو لجنة الشؤون الدولية في المجلس بإعداد رسالة للرئيس بوتين تتضمن طلبا بإستدعاء السفير الروسي من واشنطن. وطالب نائب رئيس مجلس الإتحاد يوري فوروبيوف في كلمة ألقاها قبل التصويت بسحب السفير الروسي من واشنطن معتبرا خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي ألقاه مساء امس الجمعة حول الأوضاع في أوكرانيا بأنه إهانة لشعب روسيا. وحذر العضو الأقدم في مجلس الإتحاد نيكولاي ريجكوف الذي كان رئيسا للوزراء في الفترة السوفيتية من أن وصول " المتشددين" الذين إستولوا على السلطة في كييف إلى المناطق الشرقية لأوكرانيا سيتسبب في سفك دماء كثيرة . وكان سيرغي اكسيونوف رئيس حكومة منطقة القرم الاوكرانية قد دعا اليوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى المساعدة لاعادة "السلام والهدوء" الى شبه الجزيرة الواقعة على البحر الاسود، في اوج مواجهة مع السلطات في كييف. وقال اكسيونوف في خطاب بثه التلفزيون الروسي "نظرا لمسؤوليتي عن حياة وامن المواطنين، اطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المساعدة على ضمان السلام والهدوء على ارض القرم". يذكر أن منطقة القرم ، وهي جمهورية ذاتية الحكم تقع تحت السلطة القضائية لأوكرانيا ، اقترحت الخميس إجراء استفتاء لتحديد مستقبلها . ورغم هذا القرار فإن رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك عبر عن قناعته بأن روسيا لن تبدأ تدخلا عسكريا في بلاده "لأن ذلك سيشكل انتهاكا لكل الاتفاقات الدولية، وسيعني الحرب ونهاية أي علاقة بين البلدين. وأوضح ياتسينيوك أنه أجرى اتصالا هاتفيا بنظيره الروسي ديمتري مدفيدف طلب خلاله أن "تعيد روسيا قوات البحر الأسود إلى ثكناتها لخفض التوتر". كما دعا أحد أبرز القادة السياسيين الأوكرانيين، فيتالي كليتشكو اليوم البرلمان إلى إعلان "التعبئة العامة" في مواجهة ما اعتبره "عدوانا روسيا" في أوكرانيا.. داعيا أيضا إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي. وفي تصعيد جديد نقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن مصدر عسكري أوكراني قوله إن سفينتين حربيتين روسيتين مضادتين للغواصات ظهرتا قبالة ساحل منطقة القرم الأوكرانية، واعتبر ذلك "انتهاكا" للاتفاقية التي تنظم تأجير موسكو للقاعدة البحرية. وأوضح المصدر أن السفينتين -وهما من قطع أسطول بحر البلطيق الروسي- شوهدتا في خليج بمدينة سيفاستوبول حيث توجد قاعدة أسطول البحر الأسود الروسي. وسيطرت قوات روسية السبت على ثاني مطار عسكري في الإقليم وفقا لمصدر عسكري أوكراني, بينما أعلن مطار سيمفروبول الدولي عن إغلاق المجال الجوي وإلغاء الرحلات. كما أعلن عن اتفاق حكومة القرم والأسطول الروسي في البحر الأسود على أن يحرسا معا المقار السيادية بالإقليم. وخلف القرار الروسي المتعلق باستخدام القوة في أوكرانيا ردود فعل غربية واسعة، فقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى تهدئة فورية واعتماد الحوار لمعالجة الأزمة بأوكرانيا. وصرح مارتن نسيركي المتحدث باسم الأمين العام للصحفيين أن بان "شديد القلق" إزاء الوضع في أوكرانيا، وأنه "يدعو إلى عودة فورية للهدوء وإلى حوار مباشر بين كل الأطراف لمعالجة الأزمة الراهنة". وأعلن موفد الأممالمتحدة إلى أوكرانيا روبرت سيري أنه ألغى مهمته في منطقة القرم التي كان طلبها بان بسبب التوترات التي جعلت من أي زيارة لهذه المنطقة أمرا مستحيلا. وبدأ سفراء الدول ال15 الأعضاء بمجلس الأمن الدولي السبت مشاوراتهم المغلقة في نيويورك حول الوضع في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم. وجاء هذا الاجتماع -وهو الثاني الذي يعقد في يومين حول هذا الملف- بناء على طلب بريطانيا. من جانبها طالبت مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون روسيا بالعدول عن قرارها واحترام القوانين الدولية، ودعت في بيان موسكو إلى "التعبير عن وجهة نظرها بوسائل سلمية". وأضافت "ينبغي على الجميع احترام وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها بشكل دائم"، واعتبرت أن "أي انتهاك لهذه المبادئ مرفوض، ومن الضروري التحلي بضبط النفس والشعور بالمسؤولية أكثر من أي وقت مضى". ودعت أشتون إلى اجتماع طارئ الاثنين المقبل لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في ضوء تسارع الأحداث بأوكرانيا، وقالت إنها ستتوجه الأربعاء المقبل إلى كييف. بدوره اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما أن أي تدخل عسكري في المنطقة سيؤدي إلى زعزعة الوضع بشكل كبير وسيكون له ثمن. وترأس أوباما اجتماعا لفريقه للأمن القومي لبحث التطورات في أوكرانيا. أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فقالت إن ما يحدث في شبه جزيرة القرم مُقلق، وإن الوحدة الترابية لأوكرانيا يجب أن تصان، في حين دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الاتحاد الأوروبي إلى تبني نهج عمل سريع ومنسق بشأن الأزمة الأوكرانية. من جانبه أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون أن لا مبرر لتدخل عسكري روسي في أوكرانيا، بينما دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أندرس فوغ راسموسن روسيا إلى احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها وحدودها، وطالب بوقف التصعيد في القرم، مؤكدا أن سفراء الحلف سيجتمعون اليوم لبحث الوضع بأوكرانيا.