تنطلق اليوم في بروكسل القمة الأوروبية-الإفريقية الرابعة التي تستغرق يومين تحت شعار (الاستثمار في الموارد البشرية والازدهار والسلام). وسيناقش المشاركون في القمة آفاق التعاون في تسوية الأزمات الإقليمية بما في ذلك النزاع في جمهورية إفريقيا الوسطى وسياسة الهجرة والاستثمار وكذلك قضية تغير المناخ. ويتوقع أن يشارك في هذه القمة رؤساء ورؤساء حكومات من نحو 70 دولة وكذلك رؤساء الهيئات التابعة للاتحادين الأوروبي والإفريقي . وذكر الاتحاد الاوروبي في بيان ان رئيس المجلس الاوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروسو سيمثلان الاتحاد الاوروبي في القمة. واشار البيان الى ان القمة تضم رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي والقارة الافريقية الى جانب قادة مؤسسات الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي بالاضافة الى مجموعة من المراقبين الدوليين رفيعي المستوى. ونقل البيان عن فان رومبوي قوله ان "الاتحادين الاوروبي والافريقي سيجتمعان معا للتصدي للتحديات التي تواجه قارتينا وتلك التي تواجه العالم ككل" معربا عن تطلعه للقمة "التي ستزيد من تعزيز شراكتنا وتساهم في رفع آمال شعوبنا". يذكر ان رؤساء الاتحادين الاوروبي والافريقي اعتمدوا عام 2007 الاستراتيجية الأوروبية - الافريقية المشتركة كاطار للسياسة الرئيسية التي تحدد التعاون بين القارتين استنادا على رؤية ومبادئ مشتركة. وتتولى موريتانيا رئاسة القمة عن الجانب الافريقي، نظرا لكون الرئيس محمد ولد عبد العزيز هو رئيس الاتحاد الافريقي قي الدورة الحالية. ويتوقع أن تطغى على جدول أعمال القمة الأوروبية الافريقية الرابعة الأوضاع المتدهورة في افريقيا الوسطى حيث استؤنفت أعمال العنف, وسبل مكافحة الهجرة غير القانونية القادمة من القارة الافريقية. وينتظر أن يشارك في هذه القمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وأعلن رئيس جمهورية جنوب إفريقيا جاكوب زوما قبل أيام من افتتاح القمة أنه لن يأتي إلى بروكسل احتجاجا على اتخاذ الاتحاد الأوروبي قرارا حول قائمة ضيوف القمة من جانب واحد وعبّر زوما عن استيائه من دعوة الاتحاد الأوروبي إلى القمة ممثلين عن المغرب التي ليست عضوا في الاتحاد الإفريقي وعن مصر التي تم تجميد عضويتها في المنظم. من جانبه أكد رئيس زيمبابوي روبرت موغابي عدم مشاركته في القمة أيضا، وذلك بعد رفض الاتحاد الأوروبي منح زوجته تأشيرة دخول. وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات على موغابي وزوجته لا تزال سارية المفعول، لكنها لا تخص المشاركة في المؤتمرات الدولية الكبيرة. وسيطرح التحدي الذي يمثله انعدام الاستقرار في افريقيا اعتبارا من اليوم الأربعاء عبر عقد قمة مصغرة حول افريقيا الوسطى ستجمع حوالي ثلاثين دولة, من الدول المعنية أكثر من غيرها بتلك الأزمة. وترى فرنسا التي سيشارك رئيسها فرنسوا هولاند في رئاسة اجتماع الاتحادين الاوروبي والافريقي, أن الهدف هو "تقديم الدعم في العديد من المجالات" وتقييم المسائل الأمنية والانسانية. وأفاد مصدر دبلوماسي أن هذه القمة ستكون فرصة "للانتهاء من المشاورات واطلاق العملية" العسكرية الاوروبية في افريقيا الوسطى (يوفور-افريقيا الوسطى) المعطلة حتى الآن بسبب قلة الحماس الاوروبي. وبفضل المساهمات الجديدة خاصة في المجال اللوجستي من ايطاليا والمانيا وبريطانيا وتعزيزات فرنسية بالرجال، باشر قائد هذه القوة منذ السبت بتهميد الطريق و أوصى ببدء عملية الانتشار لدعم الوحدات الافريقية والفرنسية المنتشرة هناك. كما يفترض ان تكون هذه القمة فرصة أيضا لتغذية صندوق دعم السلام في افريقيا عبر جمع تبرعات بقيمة 750 مليون يورو بين العام الحالي و2016. ويهدف هذا الصندوق الذي استثمر فيه الاتحاد الأوروبي 1,2 مليار يورو منذ عشر سنوات الى مساعدة افريقيا على تسوية وتفادي الأزمات التي ما زالت تزعزع استقرارها، من مالي إلى الصومال. وهناك قضية حساسة اخرى وهي الهجرة غير الشرعية التي يدعو الاتحاد الاوروبي افريقيا إلى وقفها بالاشارة إلى "مأساة" غرق المهاجرين بالمئات في أكتوبر الماضي قبالة جزيرة لامبيدوزا الايطالية. ويدرك الأوروبيون قلة حماسة الدول الافريقية لكنهم يأملون في المصادقة على خطة عمل تنص على مزيد من الانفتاح على الهجرة القانونية ومزيد من الأموال مقابل تشديد المراقبة على الحدود وتحسين ظروف استقبال اللاجئين الافارقة. وتصب في الاتجاه نفسه إعادة توظيف الاتحاد الأوروبي مساعدته للتنمية نحو التأهيل وتوظيف الشباب -65% من الأفارقة تقل أعمارهم عن 35 سنة, وتشكل مساعدة الاتحاد الأوروبي التي تمثل ما معدله عشرين مليار يورو في السنة, 45% من مجمل المساعدة التي تتلقاها افريقيا. ويتوقع أن يضع الاتحاد الأوروبي اللمسات الأخيرة على منحة بقيمة ثلاثة مليارات يورو لدعم الزراعة الافريقية خلال السنوات السبع القادمة. وفي مجال المبادلات التجارية والاقتصادية تعمل أوروبا على الحفاظ على مرتبتها في القارة الافريقية التي تتجاوز فيها نسبة النمو الخمسة في المائة, أمام تزايد نفوذ الصين التي انتزعت منها المرتبة الأولى في 2009. واضاف المصدر الأوروبي "سنلح على اننا خلافا للصين التي تستورد خصوصا مواد اولية, نحن نستورد المنتوجات المصنعة ذات القيمة المضافة". ويفتخر الاتحاد الاوروبي بأنه حقق تقدما على طريق تنفيذ اتفاقات الشراكة الاقتصادية مع كتل إقليمية، لا سيما الدول ال16 في غرب افريقيا لكن وضع اللمسات الأخيرة على تلك الاتفاقات "ليس بالسهل" كما أقر مصدر أوروبي.