في خطوة تهدد بتقويض شرعية الانتخابات أعلنت المعارضة الموريتانية مقاطعتها للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 21 يونيو القادم. وجاء الإعلان على لسان ناطق باسم المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة بعد اجتماع للتحالف أمس السبت، وسط خلافات بشأن توقيت إجراء الانتخابات في يونيو القادم ومطالبة المعارضة بإصلاح النظام الانتخابي. وقال بيان صادر باسم منتدى الديمقراطية والوحدة إنه "تم تحديد موعد الانتخابات بطريقة أحادية لا تقدم أي ضمان بالشفافية والأمانة والمصداقية". واتهم المنتدى الحكومة بعدم الحصول على موافقته قبل تحديد موعد الانتخابات الرئاسية. من جانبه قال زعيم المعارضة الموريتانية أحمد ولد دادا، في تصريحات صحفية، إن قرار المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة بمقاطعة الانتخابات جاء نتيجة لعدم التوصل لاتفاق بين المعارضة والحكومة للخروج من الأزمة. وحمل ولد دادا الحكومة والسلطة التنفيذية في نواكشوط مسؤولية فشل التوصل لاتفاق، مشيراً إلى أن المعارضة مستعدة لأي حوار جاد لحل المشكلة والخروج من الأزمة السياسية، ومشدداً على أن المنتدى من أجل الديمقراطية والوحدة مصر على لعب دور توافقي في موريتانيا. وقال ولد دادا إن المطلوب هو إجراء انتخابات توافقية يجد فيها كل ذي حق حقه بهدف أساسي يقوم على دعم الديمقراطية. واتهم دادا النظام الموريتاني بالإخلال بالتوافق والإصرار على المواقف الأحادية "غير المقبولة" وبوضع "خطوط حمراء"من خلال قوله إنه "لا يقبل أي نقاش في الأجندة ولا أي تأخير في موعد الانتخابات، فوجدنا أنفسنا أمام باب مغلق"، مبدياً استعداد المعارضة "للحوار والاستماع إلى مقترحات النظام". فيما قال رئيس الوزراء الموريتاني السابق يحيى ولد أحمد الواقف المفاوض الرئيسي باسم التحالف في الحوار مع السلطة الحاكمة "كل الأحزاب المرتبطة بالمنتدى قررت بالإجماع مقاطعة الانتخابات". وأضاف إن قرار المنتدى يحظى بدعم من النقابات وجماعات المجتمع المدني التي تشعر بأنها استبعدت من عملية الانتخابات "التي لم تكن بالتراضي ولم تتسم بالشفافية". بالمقابل أعلن سيدي محمد ولد محم وزير الاتصال الموريتاني ورئيس الوفد الحكومي المفاوض أمس في تصريحات للصحافة ‘"ن المعارضة غير جاهزة للانتخابات لذا اختلقت واقعا للمقاطعة". وأضاف الوزير"الانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها وستجد مشاركين جادين فيها واهتمام المواطنين بالمشاركة فيها اهتمام كبير للغاية حيث ازداد تسجيل الناخبين على القائمة الانتخابية بأكثر من 80 ألف ناخب إضافي خلال فترة التمديد التي لم تتجاوز أسبوعا والتسجيل والإقبال متواصل". وفي إعلان متوقع قال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الشهر الماضي إنه سيخوض سباق الانتخابات الرئاسية للفوز بدورة رئاسية جديدة. وتولى عبد العزيز، وهو جنرال سابق، السلطة في انقلاب عسكري عام 2008، ثم فاز في الانتخابات التي اجريت العام التالي لدورة رئاسية تستمر لخمسة أعوام. وأمام المرشحين مهلة تنتهي في السابع من مايو للتقدم بطلبات الترشح في الانتخابات الرئاسية. وستجري الحملات الانتخابية في الفترة بين6 إلى 19 يونيو. ويتألف تحالف منتدى الديمقراطية والوحدة من حركة تواصل الإسلامية (التجمع الوطني لللاصلاح والتنمية) وعشرة أحزاب متحالفة معها، وسبق أن قاطعت الانتخابات البرلمانية والبلدية العام الماضي . وقاطعت عشرة أحزاب معارضة الانتخابات التشريعية والبلدية في ديسمبر واتهمت الحكومة بالتلاعب في الانتخابات التي فاز بها الاتحاد من أجل الجمهورية بقيادة عبد العزيز. وفي محاولة لتأمين مشاركتهم في انتخابات الرئاسة، أجرى حلفاء عبد العزيز محادثات مع المنتدى من أجل الديمقراطية والوحدة الشهر الماضي لكنهم لم يستطيعوا التوصل لاتفاق. وقال أحد حلفاء الرئيس الذين شاركوا في المحادثات وطلب عدم نشر اسمه "نأسف لموقف المعارضة... يظل كل شيء قابلا للتفاوض.لا توجد موضوعات محظورة او خطوط حمراء ونحن مستعدون لاستئناف الحوار في اي لحظة". وبإعلان المعارضة عن موقفها المقاطع للانتخابات تكون الصورة قد اتضحت بالفعل حيث ستتجه موريتانيا نحو انتخابات من نوع خاص. وحسب ما يؤكده متابعون لهذا الملف فإن التنافس في الانتخابات القادمة، سيكون بين الرئيس محمد ولد عبد العزيز المنتهية ولايته وشخص آخر يعتقد أنه سيكون السياسي المخضرم والنقابي المجرب بيجل ولد هميد وهو من شريحة الحراطين ويرأس حزب الوئام الذي يضم كبار مسؤولي نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع. وقد بدأ حزب الوئام يعد العدة أمس لعقد مؤتمر طارىء عاجل لترشيح رئيسه ولد هميد الذي يعتقد البعض أنه ‘سيكون علي بن فليس الانتخابات المقبلة'. وكان ولد هميد قد تخلى عن المعارضة الجادة عام 2011 ودخل هو ومجموعة أحزاب صغيرة، في حوار مع نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز واستطاع ولد هميد أن ينتزع من هذا الحوار إصلاحات معتبرة للمنظومة الانتخابية والسياسية. هذا وقد بدأت الانشقاقات تظهر في صفوف أحزاب المعارضة حيث أعلن محمد يحظيه ولد المختار الحسن نائب حزب الوئام أمس عن استقالته في خطوة فسرها الكثيرون بأنها "اعتراض منه على ترشح بيجل ولد هميد رئيس الحزب للانتخابات المقبلة ليشرع للنظام مسرحيته". كما أعلن با آداما موسى القيادي الزنجي الكبير في حزب اتحاد قوى التقدم المعارض والمقاطع أمس عن استقالته من الحزب وانضمامه لصفوف داعمي الرئيس محمد ولد عبد العزيز. ويؤكد عارفون بالساحة الموريتانية أن الانتخابات الرئاسية ستضطر الكثيرين لتغيير مواقعهم السياسية والتحول للصف الداعم للرئيس، لأن حماية مصالحهم ومصالح مجموعاتهم القبلية خلال السنوات الخمس المقبلة لا يمكن أن تضمن خارج هذا الاصطفاف.