وقعت أوكرانيا، أمس، في بروكسل اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي يبعدها عن دائرة نفوذ روسيا التي حذرت من "عواقب خطيرة" ستترتب على الاتفاق. ووقع الاتحاد الأوروبي اتفاق الشراكة مع أوكرانياوجورجيا ومولدافيا الجمهوريات السوفياتية السابقة الثلاث التي تسعى إلى التقرب من أوروبا الغربية رغم ضغوط موسكو. وتم التوقيع رسمياً على الاتفاق في بروكسل بين رؤساء دول وحكومات البلدان ال28 في الاتحاد الأوروبي وكل من الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو ورئيسي حكومتي جورجيا إيراكلي غاريباشفيلي ومولدافيا يوري ليانكا. وقال بوروشنكو "إنه يوم عظيم بالنسبة للبلاد, بل ربما الأهم منذ الاستقلال ولا مفر من التطور في التاريخ" ، مشدداً على أن الاتفاق يشمل "أوكرانيا كلها بما فيها القرم". من جهته, قال رئيس مجلس أوروبا هرمان فان رومبوي "إنه يوم عظيم لأوروبا والاتحاد الأوروبي يقف إلى جانبكم اليوم أكثر من أي وقت مضى"، في إشارة إلى الجمهوريات الثلاث التي وقعت الاتفاق. في غضون ذلك، أمهل قادة الاتحاد الأوروبي روسيا ثلاثة أيام للقيام بأعمال ملموسة من أجل خفض التوتر في شرق أوكرانيا تحت طائلة فرض عقوبات جديدة, فيما مدد بوروشنكو وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين للروس في شرق أوكرانيا، بعد أن انتهى موعد الاتفاق، أمس. وقال مصدر ديبلوماسي أوروبي إن "بوروشنكو اقترح تمديد وقف إطلاق النار 72 ساعة، على أن تسمح المهلة بتوفير بعض الشروط" مثل "الإفراج عن الرهائن" بمن فيهم مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وضبط الحدود الروسية الأوكرانية. في المقابل، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن إرغام أوكرانيا على الاختيار بين روسيا والاتحاد الأوروبي دفع بها إلى "الانقسام". وقال بوتين في تصريحات صحفية إن "الانقلاب غير الدستوري في كييف ومحاولات فرض خيار مصطنع على الشعب بين أوروبا وروسيا دفع بالمجتمع نحو الانقسام ومواجهة داخلية مؤلمة". من جهته، حذر نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين من أن الاتفاق سيكون له "عواقب خطيرة". وتم توقيع الشق الأول من الاتفاق ويشمل الجانب السياسي في مارس الماضي من قبل رئيس الحكومة الأوكراني أرسين ياتسينيوك. وكان من المقرر أن يتم توقيع الاتفاق في نوفمبر الماضي قبل أن يفضل الرئيس آنذاك فيكتور يانوكوفيتش أن يطلب مساعدة اقتصادية من روسيا، فيما تعاني بلاده من ركود شبه دائم منذ نحو عامين. وبتوقيع الاتفاق في بروكسل تتبدد آمال بوتين بانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الاقتصادي الذي أقامه مع دول أخرى من الاتحاد السوفياتي السابق مع بيلاروس وكزاخستان، فيما يسعى إلى إعادة نفوذ موسكو في المنطقة. وسبق أن حذرت روسيا الأربعاء الماضي من أنها ستتخذ "إجراءات وقائية" في حال تبين أن الاتفاق الموقع بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا ومولدافيا وجورجيا, يضر باقتصادها. وردت روسيا على محاولات جيرانها التقرب إلى الاتحاد الأوروبي بإجراءات عقابية تجارية. ويخشى مسؤولو الاتحاد تكرار هذا. ويقول مسؤولو الاتحاد أن روسيا هددت خلال محادثات دبلوماسية بإلغاء إعفاء جمركي تستفيد منه أوكرانيا حاليا بصفتها عضوا في اتفاقية التجارة الحرة لكومنولث الدول المستقلة. ووصف مسؤول أوروبي كبير التهديد الروسي بأنه "صادم للغاية" وقال آخر إن هذه الخطوة تمثل انتهاكا لاتفاقية كومنولث الدول المستقلة وقواعد منظمة التجارة العالمية. وتخشى موسكو أن تعيد أوكرانيا تصدير منتجات الاتحاد الأوروبي إلى روسيا متفادية الجمارك التي تفرضها روسيا لحماية منتجاتها. وقطعت شركة جازبروم الروسية العملاقة للطاقة إمدادات الغاز عن كييف الأسبوع الماضي بعدما لم تدفع أوكرانيا ديونها المستحقة. وتظهر بيانات الاتحاد الأوروبي أنه صدر بضائع لأوكرانيا بقيمة 23.9 مليار يورو (33 مليار دولار) في عام 2013 وبلغت قيمة وارداته منها 13.8 مليار يورو. وسيصر الاتحاد الأوروبي في إطار الاتفاقية على أن تطبق أوكرانيا معاييره لحقوق الإنسان والديمقراطية وتكافح الفساد وتعزز سيادة القانون وتجري إصلاحات لاقتصادها.