اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن العقوبات التي تفرضها واشنطن ضد روسيا تتعارض والمصالح القومية الأميركية، مشيرا إلى أن واشنطن تدفع باتجاه تصعيد النزاع الأوكراني. وقالت وسائل إعلام روسية إن تصريح بوتين جاء تعليقا على العقوبات الجديدة التي فرضتها الإدارة الأميركية أمس الأربعاء بحق عدد من الشخصيات السياسية الروسية والبنوك والمؤسسات العاملة في قطاعي الطاقة والدفاع الروسيين. وقال بوتين في مؤتمر صحفي بالعاصمة البرازيلية في ختام جولته اللاتينية أمس الأربعاء "الإجراءات التي تتخذها الإدارة الأميركية بحق روسيا تتعارض برأيي مع المصالح القومية للولايات المتحدة نفسها"، موضحا أن شركات الطاقة الأمريكية الكبرى التي تود الاستثمار في روسيا ستصطدم جراء هذه الإجراءات بقيود معينة، وستفقد بالتالي شيئا من قدرتها التنافسية مع باقي الشركات. واعتبر بوتين أن مثل هذه الطريقة في التعامل، إن دلت على شيء، فإنما تدل على عدم المهنية على الأقل، وقال:" من يخططون للسياسة الحالية في الولاياتالمتحدة الأميركية ينتهجون سياسة خارجية عدوانية بما فيه الكفاية وغير مهنية بما في الكفاية، وهذا ما لاحظناه على مدى السنوات العشر الأخيرة". وفرض الرئيس الأمريكي باراك أوباما أشد عقوبات على روسيا حتى الآن واستهداف الشركات المقربة من الرئيس بوتين بسبب ما تقول واشنطن إنه تقاعس من موسكو عن كبح جماح العنف في أوكرانيا. وبفرض عقوبات على شركة روسنفت أكبر شركة روسية منتجة للنفط وشركة نوفاتك ثاني أكبر شركات روسيا لانتاج الغاز وبنك جازبروم ثالث أكبر بنوكها استهدفت واشنطن حلفاء بوتين الذين أصبح كثيرون منهم أثرياء في عهده. ولم تجمد العقوبات أصول الشركات الكبرى ولم توقف القروض قصيرة الأجل التي تحتاجها لعملياتها اليومية كما لم تمنع الشركات الأمريكية من التعامل معها. وسارعت بعض الشركات للقول إن العمل يسير كالمعتاد لكن أسواق الأسهم المتداولة بالروبل وسعر الروبل نفسه تراجعت في جلسة الفتح. وبعد الاستقرار ظلت أسهم شركة روسنفت ونوفاتك منخفضة بنحو خمسة في المئة. وهبط مؤشر ميسكس للأسهم المتداولة بالروبل باكثر من اثنين في المئة. وتعني الاجراءات أن واشنطن خطت خطوات أبعد من حلفائها الأوروبيين لمعاقبة روسيا. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين كل دول الاتحاد الأوروبي وبين روسيا عشرة أمثال التبادل التجاري بين واشنطنوموسكو كما يعتمد الاتحاد على موسكو في الحصول على الغاز الطبيعي. لكن الاتحاد الأوروبي قال أيضا انه سيفرض عقوبات جديدة ويعكف حاليا على وضع قائمة بالأهداف ستصدر بحلول نهاية الشهر الجاري. وستوقف أوروبا القروض الجديدة لروسيا عبر بنكين للتنمية. وقالت موسكو إن الاتحاد الأوروبي "خضع لابتزاز الإدارة الأمريكية" بالسير على خطى واشنطن في فرض عقوبات. وتظهر العقوبات استعدادا جديدا من الدول الغربية للتحرك بشأن الأزمة التي تصاعدت في الأسابيع الأخيرة. ولاقى مئات حتفهم في القتال بين القوات الأوكرانية والانفصاليين المؤيديين لروسيا المدججين بأسلحة والذين أعلنوا "جمهوريات شعبية" مستقلة في اقليمين. وتنفي موسكو دعم التمرد لكن الكثير من مقاتلي الانفصاليين وزعمائهم الكبار من روسيا. وتقول كييف إنهم يسمحون بدخول الأسلحة الثقيلة عبر الحدود وإن روسيا أسقطت إحدى طائراتها يوم الاثنين. وبدا بوتين - الذي ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية للاراضي الروسية في مارس وأشار إلى جنوب وشرق أوكرانيا باعتبارهما "روسيا جديدة" - حريصا في الأسابيع الأخيرة على تقليل حدة أسوأ مواجهة مع الغرب منذ الحرب الباردة فسحب عشرات الالاف من الجنود من الحدود مع أوكرانيا. لكن في الأيام الأخيرة تقول واشنطن وبروكسل انه أرسل نحو 12 الف جندي إلى الحدود وأبقى الحدود مفتوحة لدخول المقاتلين المتمردين والأسلحة. وقال أوباما الذي حذر من مزيد من العقوبات إذا لم تتخذ روسيا إجراءات ملموسة لتخفيف حدة الصراع إن بوتين فشل حتى الآن في اتخاذ التحركات الضرورية لحل الأزمة بشكل سلمي. وقال "شددنا على أننا نفضل حل هذه المسألة بالطرق الدبلوماسية لكن علينا أن نرى تحركات ملموسة وليس أقوالا فحسب من روسيا بأنها ملتزمة بالفعل بمحاولة انهاء هذا الصراع على الحدود الروسية الأوكرانية.