انطلقت في بكين اليوم الاثنين أعمال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (آبيك) بحضور كبار قادة المنطقة من بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ في ظل أجواء من التوترات الجيوسياسية والتجارية. وسيكون الاقتصاد والتجارة واحد من أهم الموضوعات المطروحة على جدول أعمال القمة التي تستمر يومين، إذ يتوقع أن تضغط كل من الصينوالولاياتالمتحدة من أجل تحقيق تقدم نحو اتفاقيات متنافسة لتحرير التجارة. وأشاد أوباما بالعلاقات الاقتصادية المتينة بين الولاياتالمتحدةوالصين، داعيا إلى توسيع نطاقها وذلك بالرغم من الخلافات المتشعبة بين البلدين. وقال أوباما خلال القمة التي افتتحت أعمالها اليوم الاثنين ، إن الولاياتالمتحدة تؤيد قيام صين مزدهرة ومسالمة ومستقرة، مشيرا إلى أنه يرى زخما كبيرا لاتفاقية التجارة الحرة المدعومة من واشنطن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وشدد أوباما على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين واشنطنوبكين، داعيا الحكومة الصينية إلى تحرير أسواقها وسعر صرف عملتها. وعلى الصعيد الاقتصادي أيضا، طلب أوباما من الصين إعطاء ضمانات من أجل معاملة أكثر إنصافا للشركات الأجنبية على أراضيها، في وقت أطلقت فيه السلطات الصينية عدة تحقيقات ضد الاحتكار استهدفت شركات متعددة الجنسيات. ويشارك في القمة أيضا رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، إضافة إلى رئيس الوزراء الأسترالي توني آبوت وعدد آخر من قادة دول منطقة آسيا والمحيط الهادي. ويضم منتدى "ابيك" 21 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادي ويستهدف تعزيز النمو والتكامل الاقتصادي المستدام وتقليل الحواجز التجارية في المنطقة. وعلى هامش القمة، عقد رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي والرئيس الصيني شي جينبينغ اول قمة ثنائية بينهما كانت مرتقبة جدا في خطوة اعتبرت الاشارة الاولى نحو حلحلة العلاقات المتوترة بين البلدين منذ عامين. وصرح ابي اثر اللقاء الذي استمر نصف ساعة ان "العديد من الدول كانت تنتظر هذه القمة بين اليابانالصين وليس فقط الدول الاسيوية. واعتقد اننا قمنا بخطوة اولى نحو تحسن العلاقات الثنائية". وصرح شي ان "الصين تامل بان تستمر اليابان على طريق التنمية السلمية" وان "تتبنى اجراءات عسكرية وامنية حذرة"، حسبما نقلت عنه وكالة انباء الصين الجديدة. وطالب ابي الصين باقامة الية للاتصال البحري لتفادي اي حوادث. في المقابل، ذكر شي بالموقف الصيني عندما دعا اليابان الى "العودة الى التاريخ كمراة للتطلع نحو المستقبل". ودعا الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يستضيف الحدث الدولي الابرز له منذ توليه منصبه قبل عامين، المشاركين في القمة الى "تحقيق حلم اسيا المحيط الهادئ بالنسبة الى سكان المنطقة"، مما يستعيد "الحلم الصيني" بالعظمة. وسيلتقي اوباما الذي وصل الى بكين صباح الاثنين، نظيره الصيني الثلاثاء والاربعاء على هامش القمة. وستتناول القمة السنوية لمنتدى التعاون الاقتصادي لدول اسيا المحيط الهادئ مشاريع متضاربة احيانا لتوسيع وتعزيز التبادل الحر في المنطقة. كما يشكل هذا الملتقى فرصة لعقد عدة لقاءات ثنائية حول المسائل والمشاكل بين الشركاء في هذه المنطقة. ويعتزم رئيس الوزراء الاسترالي توني ابوت مطالبة بوتين بتقديم توضيحات حول تحطم طائرة الرحلة ام اتش 17 التابعة للخطوط الجوية الماليزية فوق اوكرانيا في يوليو الماضي ما ادى الى مقتل 298 شخصا كانوا على متنها بينهم 38 استراليا. ويحمل الغربيون المسلحين الموالين لموسكو مسؤولية تحطم الطائرة ويتهمون موسكو بعرقلة التحقيق وهو ما ينفيه الكرملين. وتعهد شي وبوتين اللذان التقيا الاحد للمرة العاشرة منذ عامين على تعزيز التعاون بينهما قبل توقيع عدة اتفاقات احدها في مجال الطاقة بين العملاقين الروسي روسنفط والصيني سي ان بي سي. ووصل الرئيس الاميركي باراك اوباما صباح اليوم الاثنين الى بكين التي سبق أن توجه اليها نظيره الروسي فلاديمير بوتين الموجود في بكين منذ الاحد والذي تعاني بلاده من عقوبات غربية فرضت بسبب الازمة الاوكرانية. ولدى كل من الصينوالولاياتالمتحدة مشاريع متنافسه حول الاندماج الاقتصادي في منطقة اسيا والمحيط الهادئ، كما لا تخفي واشنطن خلافها مع بكين حول مسائل حقوق الانسان والقرصنة المعلوماتية والعلاقات التجارية والخلافات الحدودية البحرية بين الصين وجيرانها. وتشهد العلاقات بين الصينواليابان فتورا وتتعثر منذ عامين حول مسالة السيادة على جزر دياويو (سينكاكو باليابانية) في بحر شرق الصين والتي تطالب بها بكين لكنها تخضع لادارة طوكيو. كما تشهد علاقات الصين توترا ايضا مع فيتنام والفلبين بسبب مطالبتها بسيادة شبه كاملة على بحر جنوبالصين الذي يعتبر احد الممرات الاستراتيجية للبحرية التجارية . وبما ان الاجماع ضروري في قمم ابيك، من النادر ابراز الخلافات بين الدول، وهي تنتهي عادة ب"صورة جماعية" للقادة في الزي المحلي. واتخذت العاصمة الصينية التي تعاني من مستويات عالية من التلوث اجراءات مشددة لتبديد الضباب الملوث قبل استضافة القمة. وشدد شي الاحد على ان بلاده تقدم "وعودا غير محدودة" على صعيد النمو الدولي. وحرص على الطمانة لجهة تباطؤ النمو الصيني مؤكدا ان المخاطر الناجمة عن ذلك "لا تثير القلق الى هذه الدرجة". وتشكل اقتصادات الدول الاعضاء في المنتدى 40% تقريبا من التعداد السكاني العالمي و57% من اجمالي الناتج الداخلي في العالم و44% من المبادرات التجارية الدولية. وتلي هذه القمة قمة اخرى لدول جنوب شرق اسيا في بورما وقمة مجموعة الدول العشرين في بريزبين في استراليا بنهاية الاسبوع. وقد حذر المدير العام لمنظمة التجارة العالمية من أن منظمة آبيك المشلولة بسبب تعطيل الهند اتفاقا تاريخيا تم التوصل إليه في بالي الإندونيسية في ديسمبر 2013، تواجه "أخطر أزمة" منذ تأسيسها. وعبر روبرتو أزيفيدو على هامش المنتدى عن أسفه لهذا الوضع، وقال "إن المفاوضات المتعددة الأطراف داخل المنظمة مشلولة عمليا بسبب هذا المأزق". وخلال الاجتماع الوزاري لدول آبيك يوم السبت الماضي، اتفقت الدول على المضي قدما نحو عقد اتفاقية للتجارة الحرة لدول آسيا والمحيط الهادي، وهي الاتفاقية التي تدعمها الصين.